المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 15200 لسنة 86 ق، بخضوع السلع الرأسمالية
الجريدة الرسمية – العدد 49 مكرر – السنة الحادية
والستون
30 ربيع الأول سنة 1440هـ ، الموافق 10 ديسمبر سنة 2018م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمـى إسكندر ومحمود محمـد غنيم والدكتور محمـد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي:
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 18 لسنة 40 قضائية " منازعة تنفيذ ".المقامة من:
شركة عبور لاند للصناعات الغذائيةضد
1 – رئـيس مجلس الوزراء2 – وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات ومصلحة الجمارك
3- وزير العـدل
4 – رئيس محكمة النقض
الإجراءات
بتاريخ الثانى عشر من مايو سنة 2018، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بوقف تنفيذ وعدم الاعتداد بحكم محكمة النقض الصادر بجلسة 25/3/2018، فى الطعن رقم 15200 لسنة 86 قضائية، بخضوع السلع الرأسمالية للضريبة العامة على المبيعات، وما يترتب على ذلك من آثار، والاستمرار فى تنفيذ أحكام المحكمة الدستوريـة العليا الصـادرة فى الدعاوى أرقـام 3 لسنة 23 قضائية "دستورية"، 28 لسنة 27 قضائية "دستورية"، 215 لسنة 26 قضائية "دستورية"، والاستمرار فى تنفيذ حكم محكمة استئناف القاهرة "مأمورية شمال" فى الاستئناف رقم 2634 لسنة 17 قضائية.وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 10872 لسنة 62 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، ضد المدعى عليه الثانى، طلبًا للحكم بإلزامه برد مبلغ مائتى ألف جنيه، المسددة منها كضريبة مبيعات على السلع الرأسمالية التى قامت باستيرادها، وبراءة ذمتها من مبلغ مائتى وخمسين ألف جنيه باقى المستحق من تلك الضريبة، وإلزامه بالفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، وذلك على سند من القول بأنها استوردت معدات وآلات لازمة للإنتاج بمصانعها، باعتبارها سلعًا رأسمالية لا تخضع للضريبة العامة على المبيعات، إلا أن مصلحة الجمارك فرضت عليها مبالغ لحساب هذه الضريبة، بالمخالفة للقانون، اضطرت الشركة لسداد جزء منها للإفراج عن الآلات والمعدات، وتم تقسيط باقى المبلغ، وأقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان. وبجلسة 23/2/2010، قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية للاختصاص، حيث قيدت الدعوى برقم 1549 لسنة 2011 مدنى كلى جنوب القاهرة، وقضت فيها تلك المحكمة بجلسة 24/11/2011، بعدم اختصاصها محليًّا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية للاختصاص، وقيدت أمامها الدعوى برقم 160 لسنة 2012 مدنى كلى شمال القاهرة، وقضت فيها المحكمة بجلسة 27/2/2013، برفض الدعوى. ولم يصادف هذا الحكم قبول الشركة المدعية، فطعنت عليه بالاستئناف رقم 2634 لسنة 17 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة "مأمورية شمال"، والتى قضت فيه بجلسة 29/8/2016، بإلغاء حكم محكمة أول درجة، والقضاء مجددًا بإلزام وزير المالية بأن يؤدى للشركة المدعية المبالغ المسددة منها لحساب ضريبة المبيعـات على السلـع التى استوردتهـا، والفوائد القانونيـة بواقع 4% سنويًّا. لم يصادف هذا القضاء قبول وزير المالية، فطعن عليه أمام محكمة النقض، بالطعن رقم 15200 لسنة 86 قضائية، وقضت فيه محكمة النقض بجلسة 25/3/2018، بنقض الحكم المطعون فيه، وفى موضوع الاستئناف المشار إليه برفض الاستئناف، وتأييد حكم محكمة أول درجـة – القاضى برفض الدعوى- وإذ ارتأت الشركة المدعية أن حكم محكمة النقض يشكل عقبة فى تنفيذ الأحكام الصادرة فى الدعاوى أرقـام 3 لسنة 23 قضائية "دستورية"، و28 لسنة 27 قضائية "دستورية"، 215 لسنة 26 قضائية "دستورية"، فيما ورد بها من عدم خضوع السلع الرأسمالية للضريبة العامة على المبيعات، أقامت دعواها المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونيـة هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التى تتوخى فى ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعى، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها فى سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا – وفقًا لنص المادة من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها فى تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعـة التنفيـذ لا تعـد طريقًا للطعـن فـى الأحكـام القضائيـة، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن قضت فى كل من الدعاوى أرقام 3 لسنة 23 قضائية "دستورية"، و28 لسنة 27 قضائية "دستورية"، و215 لسنة 26 قضائية "دستورية" بجلسات 13/5/2007، 2/3/2008، 4/5/2008، على التوالى، بعدم قبول الدعوى، مشيدة هذا القضاء على أسباب حاصلها: إن تعيين الالتزام الضريبى الوارد بالفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، التى تنص على أن "تفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة المحليـة والمستوردة، إلا ما استثنى بنص خاص…"، لا يستقيم منهجًا إلا بالكشف عن جملة دلالات ومفاهيم عناصـر هـذا الالتزام، كماهية المكلف والمستورد. وهو مـا لا يتأتـى إلا بالتعرض وجوبًا لدلالات الألفاظ حسبما أوردها المشرع بالمادة الأولى من هذا القانون، والتى يتضح منها بجلاء اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والمعدات التى يتم استيرادها بغرض الاتجار للضريبة العامة على المبيعات، ولذلك ربط دومًا فى تحديده نطاق الخضوع لها بين الاستيراد والاتجار فيما يتم استيراده. وخلصت المحكمة فى أحكامها الثلاثة المشار إليها إلى عدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، بحسبان الضرر المدعى به فيها ليس مرده إلى النصوص المطعون فيها، وإنما إلى الفهم الخاطئ لها، والتطبيق غير السليم لأحكامها، وأن الشركة المدعية فى كل منها يمكنها بلوغ طلباتها الموضوعية بإعفائها من الخضوع لضريبة المبيعات على السلع والأجهزة والمعدات المستوردة لاستخدامها فى غير غرض الاتجار، وذلك من خلال نجاحها فى إثبات الغرض من الاستيراد أمام محكمة الموضوع.
وحيث كان ما تقدم، وكانت المحكمة الدستورية العليا فى أحكامها المشار إليها قد حددت – بطرق الدلالة المختلفة – معنى معينًا لمضمون نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات، وخلصت من ذلك إلى اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والمعدات التى يتم استيرادها بغرض الاتجار للضريبة العامة على المبيعات المقررة وفقًا لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وبذلك حددت نطاق الخضوع لتلك الضريبة بالنسبة للسلع والمعدات المستوردة، فى تلك التى يتم استيرادها من الخارج بغـرض الاتجـار فيها، فإن هذا المعنى يُعد الدعامة الأساسية التى انبنت عليها كل من الأحكـام المشـار إليها، ولازمًا للنتيجة التى انتهـت إليهـا، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بمنطوق الحكم فى كل منها ويكمله، ليكون معه وحـدة واحدة لا تقبل التجزئة، لتمتد إليه مع المنطوق الحجية المطلقة التى أسبغتهـا المادة من الدستور والمادتان (48، 49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، على أحكامها، وذلك فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، وبحيث تلتزم هذه السلطات – بما فيها الجهات القضائية على اختلافها – باحترام قضائها وتنفيذ مقتضاه على الوجه الصحيح.
وحيث إن الحكم الصادر من محكمـة النقض، بجلسة 25/3/2018، فى الطعن رقم 15200 لسنة 86 قضائية، تأسس على أن مؤدى نصوص المواد (1، 2، 6) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، أن الآلات والمعدات المستوردة من الخارج تخضع جميعها للضريبة العامة على المبيعات، ولو كان مستوردها قد قصد من ذلك إلى إقامة وحدات إنتاجية أو توسيعها أو تطويرها، ومن ثم فإن هذا الحكم، وقد ابتنى على أسباب تناقض قضاء المحكمة الدستورية العليا، يُعد عقبة فى تنفيذ أحكام هذه المحكمة الصادرة فى الدعاوى الدستورية المشار إليها، الأمر الذى يتعين معه القضاء بالاستمرار فى تنفيذ تلك الأحكام، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة النقض، ورفض الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ حكم محكمة النقض المشار إليه، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع فى الدعوى المعروضة، وإذ تهيأ النزاع للفصل فى موضوعه على ما سلف بيانه، فإن مباشرة المحكمة الدستورية العليا اختصاص البت فى طلب وقف التنفيذ، يكون قد بات غير ذى موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 13/5/2007، فى الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية"، وحكمها الصادر بجلسة 2/3/2008، فى الدعوى رقم 28 لسنة 27 قضائية "دستورية"، وحكمها الصادر بجلسة 4/5/2008، فى الدعوى رقم 215 لسنة 26 قضائية "دستورية"، وعـدم الاعتداد بالحكـم الصـادر بجلسة 25/3/2018، من محكمة النقض – الدائـرة المدنية والتجارية – فى الطعن رقم 15200 لسنة 86 قضائية، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.| أمين السر | رئيس المحكمة |
