المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 15058 لسنة 53 ق.
الجريدة الرسمية – العدد 15 (مكرر) – السنة
الثانية والستون
9 شعبان سنة 1440هـ ، الموافق 15 إبريل سنة 2019م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمـد خيرى طه النجار وسعيد مرعـى عمـرو ورجب عبدالحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي:
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 49 لسنة 40 قضائية "منازعة تنفيذ".المقامة من:
هشام محمد يوسف سماحة – الشريك المتضامن والمدير المسئول لشركة سماحة للبلاستيكضد
1- وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك2- رئيس مصلحة الجمارك
الإجراءات
بتاريخ الرابع والعشرين من سبتمبر سنة 2018، أودعت الشركة المدعية، صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبةً الحكم:أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 27/5/2018، فى الطعن رقم 15058 لسنة 53 قضائية.
ثانيًا: بالاستمرار فى تنفيذ الحكـم الصـادر مـن المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/9/2004، فى الدعـوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن الشركة المدعية استوردت بضائع من الخارج، وردت كرسائل جمركية، وإذ قامت مصلحة الجمارك بفرض رسوم إضافية عليها قدرت بمبلغ جنيهًا، استنادًا إلى قراراى وزير المالية رقمى 255 لسنة 1993، و123 لسنة 1994، فقد أقامت الدعوى رقم 6764 لسنة 59 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، طلبًا للحكم بأحقيتها فى استرداد المبالغ التى سددتها عن رسوم الخدمات الإضافية التى فرضتها مصلحة الجمارك، والفوائد القانونية، استنادًا إلى أن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 5/9/2004، فى الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائيـة "دستورية"، بعدم دستورية القرارين، سند هذه الرسوم، وبجلسة 12/4/2007، قضت تلك المحكمة بأحقية الشركة المدعية فى استرداد المبالغ التى حصلتها مصلحة الجمارك منها، كرسوم الخدمات الإضافية على الرسائل المستوردة من الخارج، والفوائد القانونية. وإذ لم يرتض المدعى عليهم هذا القضاء طعنوا عليه، أمام المحكمة الإدارية العليا، بالطعن رقم 15058 لسنة 53 قضائية، فقضت تلك المحكمة، بجلسة 18/3/2018، بإلغاء الحكم المطعون عليه، وفى موضوع الدعوى برفضها، واستندت فى ذلك إلى عدم أحقية الشركة المستوردة فى استرداد هذه المبالغ؛ إذ جرى العرف التجارى على تحميل المستورد للمستهلك قيمة السلعة المستوردة، شاملة ما سدد عنها من ضرائب ورسوم، كما خلت الأوراق مما يثبت تحملها بقيمة هذه الرسوم، وعدم تحميلها للمستهلك عند بيع البضائع، الأمر الذى تنتفى معه أحقية الشركة فى استرداد ما تم تحصيله منها، كرسوم خدمات على البضائع، التى استوردتها، حيث يُعد هذا الاسترداد إثراء بلا سبب على حساب الغير. وإذ ارتأت الشركة المدعية أن حكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه يعد عقبة تحـول دون تنفيذ حكـم المحكمة الدستورية العليـا الصـادر بجلسة 5/9/2004، فى الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، أقامت دعواها المعروضة.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائى لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل، تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ التى تتوخى فى غايتها النهائية إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر فى دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها، والآثار المتولدة عنها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمـان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا – وفقًا لنص المادة من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الكافة، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها فى تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطهـا منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بهـا من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيـذ لا تُعـد طريقًا للطعن فـى الأحكام القضائيـة، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والمستبدلة بالقرار بقانون رقم 168 لسنة 1998 تنص على أنه "يترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبى لا يكون له فى جميع الأحوال إلا أثر مباشر؛ وذلك دون إخلال باستفادة المدعى من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص"، ومفاد نص الفقرة المار ذكرها، أن الأصل أن يكون لأحكام هذه المحكمة بعدم الدستورية أثر رجعى يرتد إلى تاريخ صدور النص المقضى بعـدم دستوريته، ما لم تستقر المراكز القانونية التى نشأت فى ظله بحكم بات، ولا يستثنى مـن ذلك إلا النصوص الضريبية، المحكوم بعدم دستوريتها، فيسرى حكم المحكمة من اليوم التالى لنشره، بما يترتب عليه عدم جواز تطبيقه على الخصوم فى المنازعات الضريبية المتداولة أمام جهات القضاء، حتى ما كان منها قائمًا فى تاريخ سابق على نشر الحكم فى الجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق الضريبية والمراكز القانونية التى ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائى بات، صدر قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا، ولا كذلك الرسوم التى تفرض لقاء خدمة تؤديها جهة الإدارة، ذلك أن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فى تفسيره. وإذا كان النص قد خص بهذا الأثر المباشر الضرائب وحدها، فقد دل بمفهوم المخالفة على عدم سريان هذا الحكم الاستثنائى على الرسوم، ومن ثم يجوز المطالبة بها بأثر رجعى من تاريخ نفاذ النص المخالف للدستور.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 5/9/2004، فى الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية":
"أولاً: بعدم دستورية الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة من قانون الجمـارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963.
ثانياً : بسقوط الفقرة الثانية من المادة من قانون الجمارك سالف البيان.
ثالثاً : بسقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسـنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمـى 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993 ، وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسـنة 1994 والقـرارين المعـدلين له رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997".
ونُشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم 38 تابع (أ) بتاريخ 16/9/2004.
ولما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد خلصت إلى تكييف هذه الفريضـة المالية المقررة بنص المادة من قانون الجمارك وقرارات وزير المالية المنفذة لها، بأنها رسم، وكانت الشركة المدعية قد أقامت دعواها الموضوعية، بغية القضاء برد المبالغ السابق سدادها منها، تحت حساب هذا الرسم، الذى فرض استنادًا للنصوص المقضى بعدم دستوريتها، وكان التزامها، ومسئوليتها، قِبَلْ مصلحة الجمارك بتوريد الرسم، نابعًا من التزامها الأصلى، وعلاقتها بالسلع التى تم فرض الرسم عليها، ليظل عبؤها، بحكم علاقتها بالسلع المستوردة – مناط فرض الرسم – ومسئوليتها القانونية، قِبَلْ مصلحة الجمارك، واقعًا فى ذمتها، ولو جرى العرف على تحميل المستهلكين عبء هذا الرسم، عند طرح السلعة للبيع للجمهور، ومن ثم فإن قضاء المحكمة الإدارية العليا الصادر فى الطعن رقم 15058 لسنة 53 قضائية، بإلغاء الحكم المطعون فيه – القاضى بأحقية الشركة المدعية فى استرداد المبالغ التى حصلتها مصلحة الجمارك منها كرسوم خدمات إضافية على الرسائل التى قامت باستيرادها، وفى الموضوع برفضها – يعد عقبة تحول دون ترتيب آثار حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، متعينًا لذلك القضاء بعدم الاعتداد به، والقضاء بالاستمرار فى تنفيذ حكم هذه المحكمة.
وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا المشار إليه، فإنه يعد فرعًا من أصل النزاع، وإذ انتهت هذه المحكمة، فيما تقدم، إلى الفصل فى موضوعه، بما مؤداه: أن قيام هذه المحكمة – طبقًا لنص المادة من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – بمباشرة اختصاص البت فى هذا الطلب، يكون قد بات غير ذى موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/9/2004، فى الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 27/5/2018، فى الطعن رقم 15058 لسنة 53 قضائية، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .| أمين السر | رئيس المحكمة |
