المحكمة الادارية العليا – الطعن
الجريدة الرسمية – العدد 15 (مكرر) – السنة
الثانية والستون
9 شعبان سنة 1440هـ ، الموافق 15 إبريل سنة 2019م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمـد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمـد سالمان وطارق عبدالعليم أبو العطا. نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي:
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 32 لسنة 39 قضائية "منازعة تنفيذ" .المقامة من:
ورثة المرحومين رضا داود يوسف وجوليا كيرلس غبريال، وهم:1- داود رضـا داود
2- ماجد رضـا داود
3- سامح رضـا داود
4- منى رضـا داود
ضد
وزير الماليــةالإجراءات
بتاريخ العشرين من نوفمبر سنة 2017، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 19673 لسنة 85 قضائية، المؤيد لحكم محكمة استئناف القاهرة فى الاستئناف رقم 6786 لسنة 107 قضائية، والاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية "دستورية"، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادة ملف الطعن رقم 19673 لسنة 85 قضائية إلى محكمة النقض، لتقضى فيه على ضوء المعايير والأسس التى أرستها المحكمة الدستورية العليا فى حكمها السالف ذكره.وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة بجلسة 2/3/2019، إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بإيداع مذكرات فى أسبوع، وفى الأجل المشار إليه أودع المدعون مذكرة صمموا فيها على الطلبات الواردة بصحيفة دعواهم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن مورث المدعين، كان قد أقام أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 5406 لسنة 1987 مدنى كلى جنوب القاهرة، ضد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضى، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، طلبًا للحكم: أولاً: بندب مكتب خبراء وزارة العدل بجنوب القاهرة، ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين، تكون مأموريته الاطلاع على ملفات الاستيلاء على الأطيان المملوكة له، والتى تم الاستيلاء عليها نفاذًا للقوانين أرقام 178 لسنة 1952بشأن الإصلاح الزراعى، 127 لسنة 1961 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعى، 50 لسنة 1969 بشأن تعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد فى الأراضى الزراعية وما فى حكمها، وبيان المبالغ المستحقة له فى ذمة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى ووزارة الزراعة، والفوائـد التـى لم يتـم صرفهـا. ثانيًّا: الحكم بإلزام المدعـى عليهمـا فى تلك الدعوى، متضامنيـن، بـأن يؤديـا لمـورث المدعين، ما يظهره الخبير المنتدب من مبالغ مستحقة، وبتاريخ 6/3/1988، تم إدخال وزير المالية خصمًا فى الدعوى المذكورة، ووجهت إليه الطلبات ذاتها. وبجلسة 24/4/1990، قضت تلك المحكمة، بعدم قبول الدعوى بالنسبة لوزير الزراعة، لرفعهـا على غير ذى صفة، وبإلزام وزير المالية ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بأن يؤديا لمورث المدعين مبلغ 29140,448 جنيهًا، مقابل الأراضى الزراعية التى تم الاستيلاء عليها. وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المحكوم ضدهما، طعن أولهما عليه بالاستئناف المقيد برقم 6786 لسنة 107 قضائية، طلبًا للحكم بإلغاء الحكم المستأنف، وبعدم قبول إدخاله فى الدعوى لانعدام صفته، واحتياطيًا: بسقوط الحق فى الدعوى بالتقادم، ومن باب الاحتياط الكلى: رفضها، كما طعن المحكوم ضده الثانى على الحكم ذاته بالاستئناف المقيد برقم 7378 لسنة 107 قضائية، طلبًا للحكم بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة، بالنسبة للهيئة المذكورة. وبجلسة 25/8/1993، قضت محكمة استئناف القاهرة، أولاً: بعدم قبول الدعوى، لرفعها على غير ذى صفة، بالنسبة للهيئة العامة للإصلاح الزراعى، وبتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به ليصير إلزام وزير المالية بإصدار سندات اسمية للمستأنف ضـده بمبلغ 29,900,904 جنيهات، وأخـرى بمبلغ 16788,680 جنيهًا، وبأن يؤدى إليـه مبلـغ 53021,570 جنيهًا على النحـو المنوه عنه بأسـباب ذلـك الحكـم. وإذ لم يرتض مورث المدعين هذا القضـاء، طعـن عليه بطريق النقض بالطعـن رقم 8253 لسنة 63 قضائية، وبجلسة 24/12/2002، قضت محكمة النقض بنقض الحكم المستأنف، وأعادت الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة لنظرها مجددًا أمام دائرة أخرى. تدوول نظر الاستئناف، وتم تصحيح شكل الاستئناف، لوفاة مورث المدعين وأُدخل ورثته فى الاستئناف المقام من وزير المالية المار بيانه، وبجلسة 19/11/2015، قضت محكمة استئناف القاهرة بتعديل الحكم المستأنف بجعلـه إلـزام وزيـر الماليـة بصفته، بأن يـؤدى للمدعين مبلـغ 32296406,25 جنيهات، ورفض ما عدا ذلك من طلبات. وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المدعين، فقـد طعنوا عليه، أمام محكمة النقض للمـرة الثانية بالطعـن رقم 19673 لسنة 85 قضائية، وبجلسة 21/12/2016، قررت تلك المحكمة – فى غرفة مشورة – عدم قبول الطعن.
وإذ ارتأى المدعون أن قـرار محكمـة النقض – فـى غرفـة مشـورة – فى الطعن رقم 19673 لسنة 85 قضائية، المؤيد لحكم محكمة استئناف القاهـرة فى الاستئناف رقم 6786 لسنة 107 قضائية السالف ذكرهما قد ناقضا حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 6/6/1998، فى الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية "دستورية"، والذى قضى أولاً: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى، من أن يكون لمن استولت الحكومة على أرضه، وفقًا لأحكام هذا القانون الحق فى تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية لهذه الأرض، وأن تقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة بها الأرض، وبسقوط المادة من هذا المرسوم بقانون فى مجال تطبيقها فى شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة العقارية. ثانيًا: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعى من أن يكون لمن استولت الحكومة على أرضه تنفيذًا لأحكام هذا القانون الحق فى تعويض يقدر وفقًا للأحكام الواردة فى هذا الشأن بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه، وبمراعاة الضريبة السارية فى 9 سبتمبر سنة 1952، وبسقوط المادة الخامسة من هذا القرار بقانون فى مجال تطبيقها فى شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة العقارية، كما تساند المدعون – كذلـك – إلى تناقض قـرار محكمة النقص – فى غرفـة مشورة – سالف الإشارة إليه مع أحكام سابقة ولاحقة أصدرتها تلك المحكمة فى دعاوى مماثلة، فقد أقاموا دعواهم المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعـة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التى تتوخى فى ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعى، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها فى سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمـان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا – وفقًا لنص المادة من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها فى تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنُا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعـة التنفيـذ لا تعـد طريقًا للطعـن فـى الأحكـام القضائيـة، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إنه بشأن ما ينعاه المدعون من وجود تناقض بين قرار محكمة النقض – فى غرفة مشـورة – المؤيد لحكم محكمة استئناف القاهـرة السالف ذكرهما، مع أحكام أخرى لمحكمة النقض صدرت فى دعاوى مماثلة لدعواهـم الموضوعية، فإن ذلك النعى مردود: بأنه لا يجوز أن تكون مخالفة حكم صدر من إحدى دوائر محكمة النقض لأحكام صادرة من الدائرة ذاتها بتلك المحكمة أو من دوائر أخرى بالمحكمة المذكورة – بافتراض تحققه – سببًا لإثارة اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر منازعات التنفيذ المعقودة لها بموجب نص المادة من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والذى يدور حول إزالة العوائق التى تعترض تنفيذ أحكامها، دون أن يمتد إلى تصحيح ما لحق الأحكام الصادرة من جهات القضاء الأخرى من عوار، إذ لا تعد المحكمة الدستورية العليا حال ممارستها هذا الاختصاص جهة طعن فى تلك الأحكام، مما يتعين معه الالتفات عما أثاره المدعون فى هذا الشأن.
وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية – وعلى ما استقر عليه قضاؤها – يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التى كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت فى مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضى لا تلحق سوى منطوق الحكم وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً حتميًا لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث إن الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة فى الاستئناف رقم 6786 لسنة 107 قضائية قد عوَّل فى شأن التعويض الذى قضى به على تقرير الخبرة الفنية، بما تضمنه من تقدير سعر فدان الأرض الزراعية المستولى عليها وقت رفع الدعوى بمبلغ ثلاثين ألف جنيه للفدان الواحد، على نحو ارتآه الحكم سالف الذكر "كافيًا لجبر الأضرار عن عدم تقدير التعويض العادل والتأخير فى صرفـه، وما يرتبه من خسارة، محققة قدر انخفاض قيمة العملة نتيجة التضخم، وفوات فرصة استغلال ذلك المبلغ فى الغرض المخصص له"، وكان قرار محكمة النقض فى غرفة مشورة فى الطعن رقم 19673 لسنة 85 قضائية، قد ساق فى أسبابه بشأن عدم الحكم بريع الأراضى المستولى عليها "أن ملكية الأراضى الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى المستولى عليها طبقًا لقوانين الإصلاح الزراعى تؤول للدولة بمجرد صدور القرار الابتدائى بالاستيلاء، ومن ثم تكون ملكية تلك الأطيان قد خرجت من ملك مـورث الطاعنين منذ تاريـخ الاستيلاء عليها، وبالتالى لا يستحق عنها ريع لكونهم غير مالكين لتلك الأطيان".
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/6/1998، فى الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية "دستورية" قد قضى بإبطال النصوص القانونية التى وضعت معايير جزافية لتقدير التعويض، مجحفة بحقوق أصحاب الأراضى الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى المقرر للملكية الزراعية، والتى تم الاستيلاء عليها، فى حين قضى حكم محكمة استئناف القاهرة المار ذكره، حال تقديره للتعويض، بناء على ما لحق المدعين من خسارة وما فاتهم من كسب نتيجة الاستيلاء على الأراضى الخاصة بمورثهم، وأيده قرار محكمة النقض – فى غرفة مشورة – فيما تقدم، دون أن يتخذ أى منهما من عناصر التعويض التى تضمنتها النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها سندًا لما قضى به، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا المشار إليه لم يعرض لمسألة ريع الأراضى الزراعية المستولى عليها، وهى المسألة عينها التى عيب المدعون فى شأنها حكم محكمة الاستئناف، وقرار محكمة النقض السالف ذكرهما، ومن ثم لا يكون الحكمان المشار إليهما مصادمين للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 28 لسنة 6 قضائية "دستورية"، ولا يشكلان عقبة فى تنفيذه، مما تنحل معه المنازعة المعروضة، والحال كذلك، إلى طعن فى ذلك القضاء، لا يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، الأمر الذى تضحى معه الدعوى المعروضة قمينة بعدم القبول برمتها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.| أمين السر | رئيس المحكمة |
