الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 28605 لسنة 86 ق، الذى قضى بعدم سريان القانون رقم

الجريدة الرسمية – العدد 15 (مكرر) – السنة الثانية والستون
9 شعبان سنة 1440هـ ، الموافق 15 إبريل سنة 2019م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من أبريل سنة 2019م، الموافق الثلاثين من رجب سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمـد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمـد سالمان وطارق عبدالعليم أبو العطا. نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي:

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 22 لسنة 39 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من:

محمد مصطفى محمـد عرفات

ضد

1 – رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
2 – وزير العـدل
3 – النائب العـام
4 – وزير الداخليـة
5 – مدير مصلحة السجـون

الإجراءات

بتاريخ الخامس من يوليو سنة 2017، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلـم كتاب المحكمة الدستوريـة العليـا، طلبًا للحكم أولاً: بقبـول المنازعة شكلاً. ثانيًا: وبصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر فى القضية رقم 16850 لسنة 2014 جنايـات مركـز المنصـورة، المقيدة برقـم 781 لسنة 2014 كلى جنـوب المنصورة، والحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعـن رقم 29658 لسنة 86 قضائية. ثالثًا: وفى الموضوع: بعدم الاعتداد بالحكمين المشار إليهما فى البند ثانيًا، والاستمرار فى تنفيذ الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا فى الدعويين رقمى 84 لسنة 17 قضائية "دستورية" و30 لسنة 9 قضائية "دستورية".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى فى الدعوى المعروضة (المتهم الحادى والعشرين) وآخرين، إلى المحاكمة الجنائية فى القضية رقم 16850 لسنة 2014 جنايات مركز المنصورة، المقيدة برقم 781 لسنة 2014 كلى جنوب المنصورة، متهمة إياهم، بأنهم خلال الفترة من شهر يوليو 2013 حتى 2/6/2014، بدائرة قسم أول المنصورة – انضموا لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسـلام الاجتماعـى، مع علمهم بأغراضهـا علـى النحـو المبين بالتحقيقات، وطلبت عقابهم بالمواد (86، 86 مكرر/2، 86 مكرر أ/2) من قانـون العقوبات). وبجلسـة 7/9/2015، قضت المحكمة – حضوريًّا – بمعاقبة المدعى بالسجن المؤبد عما أُسند إليه، فطعن المدعى على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 29658 لسنة 86 قضائية. وبجلسة 7/6/2017، قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وتصحيح الحكم المطعون فيه باستبدال عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات بعقوبة السجن المؤبد ورفض ما عدا ذلك. وإذ ارتأى المدعى أن الحكمين المشار إليهما يمثلان عقبة فى تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا الصادر أولهما بجلسة 7/12/1991، فى الدعوى رقم 30 لسنة 9 قضائية "دستورية"، والصادر ثانيهما بجلسة 15/3/1997، فى الدعوى رقم 84 لسنة 17 قضائية "دستورية"، فقد أقام دعواه المعروضة، على سند من أن الحكم الصادر من محكمة جنايات المنصورة، والحكم الصادر من محكمة النقض السالف ذكرهما، يخالفان حيثيات الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا المشار إليهما، بشأن ما يقتضيه مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، من إنكار الأثر الرجعى للقوانين الجزائية، إلا إذا كانت أكثر فائدة للمركز القانونى للمتهم فى مواجهة سلطة الاتهام، كما خالفا أيضًا الحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 28605 لسنة 86 قضائية، الذى قضى بعدم سريان القانون رقم 11 لسنة 2017 بشأن تعديل قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بأثر فورى من تاريخ العمل به فى 1/5/2017، على الطعون المرفوعة أمام محكمة النقض قبل هذا التاريخ، فضلاً عن أن مدوناتهما تشير إلى الإخلال بضمانات المحاكمة المنصفة التى كفلها الدستور، وبحق الدفاع الذى يعد أحد أهم ضمانات التقاضى، المنصوص عليها فى المادتين (97، 98) من الدستور.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائى لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل، تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ التى تتوخى فى غايتها النهائية إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر فى دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها، والآثار المتولدة عنها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمـان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا – وفقًا لنص المادة من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الكافة، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها فى تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطهـا منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بهـا من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيـذ لا تُعـد طريقًا للطعن فـى الأحكام القضائيـة، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن منازعة التنفيذ تدور، وجودًا وعدمًا، مع نطاق حجية الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، ولا تتعداه إلى غيره من النصوص التشريعية، ولو تشابهت معها، ذلك أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة فى موضوع الدعوى الدستورية، يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التى كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، دون تلك التى لم تكن مطروحة على المحكمة، ولم تفصـل فيها بالفعل، فلا تمتد إليهـا تلك الحجية، هذا ولا يحوز من الحكم تلك الحجية المطلقة سوى منطوقه وما هو متصل بهذا المنطوق من أسباب اتصالاً حتميًّا، بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها، ومن ثم لا يجوز الارتكان إلى تلك الأسباب إلا حال تعلق العقبة التى تحول دون تنفيذ الحكم الدستورى بما يقضى به ذلك الحكم مرتبطًا بأسبابه. وعلى ذلك،
لا يجوز نزع أسباب الحكم من سياقها أو الاعتداد بها بذاتها، دون المنطوق، للقول بأن هناك عقبات تحول دون سريان تلك الأسباب.
حيث كان ما تقدم، وكان الحكم الصادر بجلسة 7/12/1991، من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 30 لسنة 9 قضائية "دستورية" قد انتهى إلى القضاء بعدم دستورية القانون رقم 9 لسنة 1986 بتصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس، تأسيسًا على أن هذا القانون قد انطوى على أثر رجعى، وقد خلت مضابط مجلس الشعب مما يؤكد أن الموافقة على هذا القانون تمت بالأغلبية الخاصة بإقرار الأثر الرجعى للقوانين – فى غير المواد الجنائية – والمنصوص عليها بالمادة من دستور 1971، ولم تتناول المحكمة فى حكمها كيفية إعمال الأثر الرجعى للقوانين الجنائية الأصلح للمتهم، ولم تتطرق لأى من نصوص مواد الاتهام (86، 86 مكرر/2، و86 مكرر أ/2) من قانون العقوبات، ومن ثم فلا يكون للحكم الصادر من محكمة جنايات المنصورة، وكذا الحكم الصادر من محكمة النقض المشار إليهما، صلة بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، ولا يُعدان عقبة فى تنفيذه.
وحيث إن الدعوى رقم 84 لسنة 17 قضائية "دستورية"، قد أقيمت طعنًا على دستورية نصى المادتين (26، 77) من القانون 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجـر والمستأجـر، ونصى المادتين (6، 23) من القانون 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وانتهت المحكمة فى قضائها إلى عدم قبول الدعوى، تأسيسًا على انتفاء مصلحة المدعى فى الطعن، إذ إن الواقعة محل الاتهام لم يعد معاقبًا عليها بموجب القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدنى على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها والأماكن التى انتهت أو تنتهى عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها، باعتباره القانون الأصلح، والواجب تطبيقه على الوقائع المطروحة على محكمة الموضوع، ولم تتعرض المحكمة لأى من نصوص مواد الاتهام سالف الإشارة إليها، ومن ثم فلا يكون الحكم الصادر مـن محكمة جنايات المنصورة أو الحكم الصادر من محكمة النقض المشار إليهما صلة بهذا الحكم، ولا يمثلان عقبة فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا السالف البيان.
وحيث إنه عما أثاره المدعى من مخالفة الحكمين محل المنازعة لحكم محكمة النقض فى الطعن رقم 28605 لسنة 86 قضائية، الذى قضى بعدم سريان القانون رقم 11 لسنة 2017 بشأن تعديل قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض بأثر فورى من تاريخ العمل به، وأن هذين الحكمين أخلا بضمانات المحاكمة المنصفة التى كفلها الدستور، كما أخل بحق الدفاع الذى يعد أحد أهم ضمانات التقاضى المنصوص عليها فى المادتين (97، 98) من الدستور، فإنه – وأيًّا كان وجه الرأى فيه – ينحل إلى طعن فى هذين الحكمين، يخرج الفصل فيه عن ولاية هذه المحكمة، إذ لا تعد هذه المحكمة وهى بصدد ممارسة اختصاصها بالفصل فى منازعات التنفيذ فى أحكامها جهة طعن فى الأحكـام القضائية، ولا تمتد ولايتهـا إلى بحث مطابقتها لأحكام القانون أو تقويم ما قد يشوبها من عوج، متى لم يقم بموجبها ما يعيق تنفيذ أحد الأحكام الصادرة عنها. الأمر الذى يتعين معه، لما تقدم جميعه، القضاء بعدم قبول الدعوى المعروضة برمتها.
وحيث إنه عن طلب المدعى وقف تنفيذ الحكم الصادر فى القضية رقم 16850 لسنة 2014 جنايات مركز المنصورة، المقيدة برقم 781 لسنة 2014 جنايات كلى جنوب المنصورة، والحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 29658 لسنة 86 قضائية، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، بما مؤداه أن قيام هذه المحكمة – طبقًا لنص المادة من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979- بمباشرة اختصاص البت فى هذا الطلب، يكون قد بات غير ذى موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
أمين السر رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات