أصدرت الحكم الآتي:لم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
الجريدة الرسمية – العدد 22 مكرر (ط) – السنة
الحادية والستون
21 رمضان سنة 1439هـ، الموافق 6 يونيو سنة 2018م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمـد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبدالجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالعليم أبوالعطا رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي:
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 20 لسنة 38 قضائية " دستورية ".المقامة من:
1- السيد أحمد راشد السيد شحم2- نجوى فـؤاد عبدالله
3- محمد أميـن أميـن
4- محمد سليمان إبراهيم الأعصر
ضد
1- رئيس مجلس الـوزراء2- وزيـر الماليـة
3- رئيس مصلحة الضرائب العقارية
الإجراءات
بتاريخ 27 فبراير سنة 2016، أقام المدعون هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بعدم دستورية نصوص المواد (8، 12، 28) من قانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008، وسقوط باقى مواده للارتباط.وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وبجلسة 5/ 5/ 2018 قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بتقديم مذكرات فى خلال أسبوع، ولم يقدم أى من الخصوم مذكرات فى الأجل المشار إليه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن المدعين كانوا قد تقدموا بتاريخ 9/ 12/ 2009 إلى وزير المالية بطلب ضمنوه اعتراضهم على اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008، الصادرة بقـرار وزير الماليـة رقم 493 لسنة 2009، فيما تضمنته من إلزامهم بتقديم الإقرار الضريبى حتى نهاية ديسمبر سنة 2009، لما يترتب على فرض هذه الضريبة من نشوء حالة ازدواج ضريبى مع أحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، الذى يفرض ضريبة على العقارات التى تدر دخلاً، ولمخالفة قانون الضريبة على العقارات المبنية لأحكام المواد (4، 34، 38، 39، 61، 64، 65، 119) من الدستور الصـادر سنة 1971، لفرضـه ضريبـة على العقـارات التى لا تدر دخلاً، لتضحى هذه الضريبة مفروضة على الملكية. وبتاريخ 22/ 2/ 2010، أخطر رئيس الإدارة المركزية للشئون الضريبية بمصلحة الضرائب العقارية المدعى الثالث بأن قانـون الضريبة على العقـارات المبنية المشـار إليه لا يفرض ضريبة جديدة، وأن تقديم الإقرارات حتى 31/ 3/ 2010 مرتبط بعملية الحصر العام، وأن ذلك القانـون لا يترتب عليه ازدواج ضريبى، إذ يتم خصـم ما يسدد من الضريبة على العقارات المبنية من الوعاء الضريبى فى مجال تطبيق قانون الضريبة على الدخل المشار إليه، كما أن قانون الضريبة على العقارات المبنية لا يخالف أحكام الدستور بفرضه ضريبة على العقارات المشغولة بعوض أو بغير عوض، إذ يمنح صاحب العقار الخيار فى استغلال ملكه، دون أن يغير طبيعة المال ذاته وما أعد له من أن يكون مصدرًا للدخل، سواء تحقق هذا الدخل فعلاً أو حكمًا. وبتاريخ 28/ 2/ 2010، أقام المدعون أمام محكمة القضاء الإدارى الدعوى رقم 20082 لسنة 64 قضائية، ضد المدعى عليهما الثانى والثالث، طعنًا على قرار رئيس الإدارة المركزية للشئون الضريبية سالف الذكر، بطلب القضاء أصليًّا: بوقف تنفيذ وإلغاء هذا القرار، واحتياطيًّا: دفع المدعون بعدم دستورية المواد (8، 12، 28) من قانون الضريبة على العقارات المبنية المشار إليه، وسقوط باقى مواده للارتباط، وذلك على سند من مخالفة هذا القرار لنص المادة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، لعدم عرض قانون الضريبة على العقارات المبنية المشار إليه على مجلس الدولة، وللخطأ فى تطبيق القانون وإساءة استعمال السلطة، إذ فرض القانون ضريبة على العقارات المبنية بغض النظر عن تحقيقها دخلاً من عدمه، كما أخضع القانون المسكن الخاص للممول وأسرته للضريبة، ومنح وزارة المالية الحق فى تقدير قيمة العقارات وإعادة تقييمها، وهو ما يؤدى إلى الاعتداء على الملكية الخاصة ويؤثر سلبًا على الاستثمارات الداخلية والخارجية فى هذا المجال، فضلاً عن عدم دستورية المواد (8، 12،28) من ذلك القانون لمخالفتها للمواد (4، 34، 38، 39، 61، 64، 65، 119) من الدستور الصادر سنة 1971، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع بعدم الدستورية، وصرحت للمدعين برفع الدعوى الدستورية، أقاموا دعواهم المعروضة.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الدعوى الدستورية ينبغى أن تؤكد – بماهية الخصومة التي تتناولها – التعارض بين المصالح المثارة فيها، بما يعكس حدة التناقض بينها، ويبلور من خلال تصادمها ومجابهتها لبعض، حقيقة المسألة الدستورية التى تدعى المحكمة الدستورية العليا للفصل فيها، فكان لزامًا بالتالى أن يكون للخصم الذى أقامها مصلحة واضحة فى استخلاص الفائدة التى يتوقعها منها باعتبارها الترضية القضائية التي يرد بها عن الحقوق التى يدعيها مضار فعلية أصابتها أو تهددها من جراء إعمال النص التشريعى المطعون عليه، وترتيبه لآثار قانونية بالنسبة إليه، ومرد ذلك أن الحقوق الدستورية ليس لها قيمة مجردة فى ذاتها، ولا يتصور أن تعمل فى فراغ، وإنه أيًّا كان دورها أو وزنها أو أهميتها فى بناء النظام القانونى للدولة ودعم حرياته المنظمة، فإن تقريرها تغيا دومًا توفير الحماية التى تقتضيها مواجهة الأضرار الناشئة عن الإخلال بها، يستوى فى ذلك أن تكون هذه الحقوق من طبيعة موضوعية أو إجرائية. ومن ثم كان شرط المصلحة – وتندمج فيه الصفة – من الشروط الجوهرية التى لا تقبل الدعوى الدستورية فى غيبتها، وهو بعد شرط تقرر بقانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 بما نص عليه فى مادته الثامنة والعشرين من أنه "فيما عدا ما نص عليه فى هذا الفصل، تسرى على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التى تقدم إلى المحكمة، الأحكام المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها". متى كان ذلك، وكان نص المادة الثالثة من قانون المرافعات المدنية والتجارية مؤداه ألا تقبل أية دعوى لا يكون لرافعها فيها مصلحة قائمة يقرها القانون أو مصلحة محتملة بالشروط التى بينها. وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن الدستور الحالى أفرد هذه المحكمة بتنظيم خاص فى الفصل السابع من الباب الخامس الخاص بنظام الحكم، حين ناط بها فى المادة مباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، مستهدفا بذلك أن يفوض المشرع فى أن يحدد القواعد الموضوعية والإجرائية التى تباشر المحكمة الدستورية العليا – من خلالها وعلى ضوئها – الرقابة القضائية على دستورية النصوص التشريعية. وكان قانون هذه المحكمة قد نظم بالمادتين (27 و 29) منه الطرائق التى لا تقبل الدعوى الدستورية إلا بولوجها، وكان البين من هاتين المادتين أن كلتيهما لا تخولان الأشخاص الاعتبارية أو الأشخاص الطبيعيين الطعن فى النصوص التشريعية بالطريق المباشر، ذلك أن أولاهما ترخص للمحكمة الدستورية العليا، حين يعرض لها بمناسبة ممارستها لاختصاصها نص فى قانون أو لائحة يتصل بالنزاع المطروح عليها، أن تحكم بعدم دستوريته بعد اتخاذ الإجراءات المقررة لتحضير الدعاوى الدستورية، وعملا بثانيتهما يجوز لمحكمة الموضوع أن تحيل إلى المحكمة الدستورية العليا من تلقاء نفسها نص تشريعى لازم للفصل فى النزاع المعروض عليها، إذ تراءى لها مخالفته للدستور، ولها كذلك أن ترخص لخصم دفع أمامها بعدم دستورية نص تشريعى لازم للفصل فى النزاع المطروح عليها وقدرت جدية دفعه، بإقامة دعواه الدستورية خلال أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر، وبذلك يكون قانون المحكمة الدستورية العليا قد استبعد بدلالة هاتين المادتـين الطعون المباشرة التى تقدم إليها من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين عن طريق الدعوى الأصلية، التى لا تتصل المسألة الدستورية التى تطرحها بأية منازعة موضوعية بل تستقل تمامًا عنها، هادفة من وراء ذلك إلى إبطال النصوص التشريعية المطعون عليها إبطالاً مجردًا توجبه المصلحة النظرية الصرفة، وهى مصلحة لا يجوز الارتكان إليها لقبول الدعوى الدستورية التى يجب أن تتمثل محصلتها النهائية فى اجتناء منفعة يقرها القانون.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان استبعاد الدعوي الأصلية بعدم الدستورية مؤداه أن شرط المصلحة فى الدعوى الدستورية مازال قائمًا ومتطلبًا لقبولها، وهو يُعد شرطًا لا يناقض طبيعة الرقابة القضائية على الدستورية التى تحركها هذه الدعوى ولا يتعارض والأوضاع المقررة فى شأنها أمام المحكمة الدستورية العليا، بل هو أكثر ما يكون التصاقًا بها استصحابًا للصلة الحتمية التى تقوم بين الدعويين الموضوعية والدستورية، وقوامها أن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو فى شق منها فى الدعوى الموضوعية، فإذا لم يكن قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن صحة أو بطلان النصوص المطعون عليها بذى أثر على النزاع الموضوعى، انتفت المصلحة في الدعوى الدستورية، وهى مصلحة تتحراها المحكمة الدستورية العليا فى سعيها للتثبت من توافر شروط قبول الدعاوى المطروحة عليها، وليس لجهة أخرى أن تنازعها هذا الاختصاص أو أن تحل محلها فيه.
وحيث إنه على مقتضى ما تقدم، لا يجـور قبول الدعـوى الدستورية إلا بتوافر الشروط اللازمة لاتصالها بالمحكمة الدستورية العليا وفقًا للأوضـاع المنصوص عليها فى قانونها، ويندرج تحتها شرط المصلحة التى حددتها المحكمة الدستورية العليا بأنها المصلحة الشخصية المباشرة التى لا يكفى لتحققها أن يكون النص التشريعى المطعون عليه مخالفًا للدستور، بل يجب أن يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعى – قد ألحق به ضررًا مباشرًا، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة ـ- وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – إنما يتحدد على ضوء عنصرين أوليين يحددان مضمونها، ولا يتداخل أحدهما مع الأخر أو يندمج فيه، وإن كان استقلالهما عن بعضهما بعضًا لا ينفى تكاملهمـا، وبدونهما مجتمعين لا يجوز لهذه المحكمة أن تباشر رقابتها على دستورية القوانين واللوائح، أولهما: أن يقيم المدعى – وفى حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعى المطعون عليه – الدليل على أن ضررًا واقعيًّا – اقتصاديًّا أو غيره – قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا مستقلاًّ بعناصره ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً، بما مؤداه أن الرقابة على الدستورية يجب أن تكون موطئًا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها، ثانيهما أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على المدعى أصلاً أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعهـا، ومن ثم يكون زمـام إعمـال هذا الشـرط – بعنصريه – بيد المحكمة الدستورية العليا وحدها، وإليها دون غيرها يعود أمر التحقق من توافره، وليس لجهة أخرى أن تفرض عليها مفهومًا معينًا لمضمونه.
وحيث إنه متي كان ذلك، وكان المدعون قد توخوا بطلباتهم التى ضمنوها صحيفة دعواهم الموضوعية – محددة في الإطار المتقدم – وبحسب التكييف القانونى الصحيح لها، ألا تكون نصوص قانون الضريبة على العقارات المبنية المشار إليه ولائحته التنفيذية نافذة فى حقهم والمخاطبين بها، توقيًا لتحميلهم بضريبة يرون أنها تفتقر إلى مقوماتها الدستورية، فإن دعواهم هذه تنحل إلى نزاع يتناول النصوص المطعون عليها فى ذاتها، بقصد إيقافها دفعًا لإجراء مقتضاها فى حق المشمولين بأحكامها، وليس لها بالتالى من صلة بأية حقوق موضوعية ذاتية وشخصية يدعيها رافعوها، وتستقل فى مضمونها عن مشروعية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، وهو ما يفيد بالضرورة الطعن فى النصوص محل التداعى بالطريق المباشر من خلال الدعوى الأصلية بعـدم الدستوريـة، التى تتوخى الفصل بصفة مجردة ولمصلحة نظرية فى دستوريـة نص تشريعى، بقصد إبطال سريانه إبطالاً مجردًا، ولا يجوز قبولها بالتالى لتعارضها وقانون المحكمة الدستورية العليا والأوضاع المقررة أمامها على ما سلف البيان، وتنقصها الصلة الحتمية بين الدعويين الموضوعية والدستورية، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.| أمين السر | رئيس المحكمة |
