أصدرت الحكم الاتىلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة الإدارية العليا
الدائرة الخامسة- موضوع
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد أحمد
الحسيني عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيـس المحكمـة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / غبريال جاد عبد الملاك نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور / محمد ماجد محمود نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد محمد حامد نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سراج الدين عبد الحافظ عثمان نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار الدكتور / محمد عبد المجيد إسماعيل مفـوض الدولـة
وسكرتارية السيد / سيد سيف محمد أميـن السـر
أصدرت الحكم الاتى
في الطعن رقم 8298 لسنة 45 ق- علياالمقام من
1- محافظ القاهرة. "بصفته"2- رئيس حي مدينة نصر. "بصفته"
3- مدير إسكان حي مدينة نصر. "بصفته"
ضد
محمود محمد عبد المنعمفي الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة
"الدائرة الثالثة" بجلسة 19/ 3/ 2002
في الدعوى رقم 9562 لسنة 54ق.
الإجراءات
في يوم السبت الموافق 18/ 5/ 2003 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائباً عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم المشار إليه بعاليه والذي قضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، إلزام الجهة الإدارية المصروفات.وطلبت هيئة قضايا الدولة للأسباب المبينة بتقرير الطعن بتحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى الصادر فيها، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث أودع المطعون ضده مذكرة دفاع، وبجلسة 14/ 6/ 2004 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) بهذه المحكمة لنظره بجلسة 16/ 10/ 2004 والتي نظرته بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات، حيث أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع، وبجلسة 12/ 2/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 7/ 5/ 2005، حيث مد أجل النطق بالحكم في الطعن لمدة جلسات حتى جلسة اليوم لإتمام المداولة، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.تابع الحكم الصادر في الطعن رقم لسنة45ق0ع:
من حيث أن الطعن أقيم خلال الميعاد المقرر قانوناً، وإذ استوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم فإنه يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث أن عناصر هذا النزاع، تتحصل حسبما يبين من سائر الأوراق والحكم المطعون فيه في أنه بتاريخ 18/ 7/ 2000 أقام المدعي (المطعون ضده) الدعوى رقم 9562 لسنة 54ق وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ضد الطاعنين بصفاتهم طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من حي مدينة نصر بتاريخ 6/ 2/ 2000 برفض الترخيص له ببناء بدروم وأرضى واحد عشر دوراً متكرراً على قطعة الأرض المملوكة له رقم بلوك بالمنطقة الحادية عشر بمدينة نصر مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات… لمخالفة هذا القرار للقانون…. ونظرت المحكمة المذكورة الشق العاجل من الدعوى بجلسة 21/ 11/ 2000 وفيها قررت إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها، حيث أودعت الهيئة المذكورة تقريرها والذي ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار… وعلى أثر ذلك عاودت المحكمة نظر الدعوى بجلساتها وبجلسة 19/ 3/ 2002 أصدرت الحكم المطعون فيه والذي قضي في منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار … وشيدت المحكمة قضاءها عقب استعراضها لنص الفقرة الأخيرة من المادة من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 على أسباب حاصلها أن الثابت من الأوراق أن المدعي تقدم بطلب إلى الجهة الإدارية المختصة بحي مدينة نصر للترخيص له ببناء قطعة الأرض المملوكة له رقم بلوك بالمنطقة الحادية عشر بمدينة نصر وذلك من بدروم وأرضى واحد عشر دوراً متكرراً، وأرفق بطلبه كافة الأوراق والمستندات اللازمة قانوناً للحصول على الترخيص حيث تم قيده لدى الجهة الإدارية برقم 57 لسنة 2000، وقد خلت الأوراق مما يفيد قيام الجهة الإدارية بمطالبة المدعي باستيفاء بعض البيانات أو المستندات اللازمة للحصول على الترخيص المذكور، بل الثابت من الأوراق أن الجهة المذكورة ردت عليه بعدم الموافقة على الترخيص بالارتفاع المطلوب وأفصحت عن السبب في ذلك وهو أن تعليمات هيئة العمليات بالقوات المسلحة لا تسمح بالارتفاع المطلوب بل تسمح فقط بارتفاع بدروم وأرضي وخمسة أدوار متكررة، ولما كان هذا السبب الذي أفصحت عنه الجهة الإدارية يخضع لرقابة المحكمة وكان المشرع لم يخول هيئة العمليات بالقوات المسلحة سلطة تقييد الحد الأقصى المنصوص عليه في القانون لارتفاع المباني وهو في حدود مرة ونصف عرض الشارع وبحد أقصى متراً بل حصر هذه السلطة في رئيس مجلس الوزراء وفقاً لصريح نص المادة فقرة أخيرة السالف ذكرها وطبقاً للضوابط الواردة بها، ومن ثم فإن الإجراء الصادر عن هيئة عمليات القوات المسلحة في هذا الخصوص يكون صادراً من غير مختص بإصداره، وبالتالي فلا يعتد به ولا يجوز للجهة الإدارية الاستناد إليه وإغفال أحكام القانون المتعلقة بهذا الشأن الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه والحال على ما تقدم – غير قائم على سند صحيح متعين الإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار تتمثل في منح المدعي ترخيص البناء بالارتفاع المسموح به قانوناً… وعليه خلصت المحكمة إلى قضائها المتقدم.
ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب المبينة بتقرير الطعن.
ومن حيث إنه عن الموضوع، فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن أمامها يفتح الباب لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وحده لتنزل صحيح حكمه على النزاع غير مقيدة في ذلك بطلبات الطاعن أو الأسباب التي يبديها بتقرير الطعن باعتبار أن المرد في ذلك هو إعمال مبدأ المشروعية وسيادة القانون في روابط القانون العام.
ومن حيث إن المستفاد من استعراض نصوص المواد أرقام (4، 5، 6، 7، 13) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 أن المشرع قد حظر على المخاطبين بأحكامه إقامة أعمال البناء المنصوص عليها فيه أو لائحته التنفيذية إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، وألزم المالك أو من يمثله قانوناً عند التقدم بطلب للحصول على ترخيص البناء أن يرفق به كافة المستندات والأوراق والموافقات والرسومات الهندسية والبيانات التي حددتها اللائحة التنفيذية، وأوجب على الجهة الإدارية المذكورة فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه خلال مدة معينة، فإذا تبين لها مطابقة الأعمال محل الطلب لأحكام القانون ولائحته التنفيذية قامت بإصدار الترخيص، أما إذا رأت وجوب استيفاء بعض المستندات أو البيانات أو إدخال بعض التعديلات أعلنت صاحب الشأن بذلك، وحرصاً من المشرع على مصالح ذوي الشأن المشروعة وعدم تركهم تحت رحمة جهة الإدارة اعتبر انقضاء المدة المحددة للبت في طلب الترخيص دون البت فيه أو إعلان
تابع الحكم الصادر في الطعن رقم لسنة45ق0ع:
صاحب الشأن باستيفاء ما ترى جهة الإدارة لزوم استيفائه بمثابة موافقة على طلب الترخيص ضمناً، بيد أن هذه القرينة التي أقامها المشرع على انقضاء الأجل المعين من تاريخ تقديم طلب الترخيص لا يكتمل كيانها إلا إذا ثبت أن طلب الترخيص كان موافقاً لصحيح حكم القانون مستوفياً لما تتطلبه أحكامه من شرائط والتي من بينها الالتزام بقيود الارتفاع القانوني، ويستوي في هذا الخصوص أن يكون الارتفاع قد ورد في قانون أو لائحة أو ضمن شروط تقسيم عام معتمد طبقاً للقانون، يستوي في ذلك أكان هذا التقسيم معتمد قبل العمل بقانون التخطيط العمراني رقم 3 لسنة 1982 وفي ظله لما يشكله التقسيم المعتمد وفقاً للقانون من قيد عام ينبسط إلى جميع نطاقه مستهدفاً غرضاً معيناً شفع في الالتزام به ابتداءً ودعا إلى عدم التجاوز عن مخالفته انتهاءً.. "الطعن رقم 12373 لسنة 46ق – عليا – جلسة 31/ 5/ 2003 ، الطعن رقم 11428 لسنة 48ق – عليا – جلسة 25/ 6/ 2005".
ومن حيث أن البين من استعراض نص المادة الرابعة من مواد إصدار القانون رقم 3 لسنة 1982 ونصوص المواد (1، 2، 16، 23، 24، 25، 26) من القانون ذاته أن المشرع قد نص صراحة على سريان الاشتراطات البنائية العامة والخاصة والالتزامات المفروضة في شأن التقسيمات التي صدر باعتمادها مرسوم أو قرار تطبيقاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء، وذلك مع عدم الخلال بنص المادة من قانون التخطيط العمراني المشار إليه، وبموجب أحكام القانون الأخير ناط المشرع في المادة الأولى منه بالوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها من خلال لجنة تشكل بقرار من المحافظ المختص من عناصر من ذوي الخبرة وممثلين لوزارتي الزراعة والدفاع، إعداد مشروعات التخطيط العام للمدن والقرى، وأوجب في المادة الثانية من ذات القانون عند إعداد مشروعات التخطيط العام مراعاة وجهة النظر العسكرية ومقتضيات وسلامة الدفاع عن الدولة، كما أوجب المشرع في المادة من ذات القانون ضرورة أن تتضمن عقود التعامل على قطع التقاسيم القرار الصادر باعتماد التقسيم وقائمة الشروط الخاصة به، وأن ينص فيها على سريان هذه القائمة على المشترين وخلفائهم مهما تعاقبوا، واعتبر المشرع هذه القائمة جزءاً من قرار التقسيم، كما اعتبر المشرع في المادة من القانون المشار إليه الشروط الواردة بالقائمة المذكورة شروطاً بنائية ووضعها في مرتبة الأحكام الواردة بقوانين ولوائح المباني وتسري على مناطق التقاسيم التي تناولتها، كما إلزام المشرع الوحدة المحلية المختصة بمراقبة تطبيق هذه الشروط والتمسك بها في مواجهة المقسمين والمشترين واتخاذ كافة الإجراءات والقرارات التي تكفل وضعها موضع التنفيذ وفقاً لأحكام هذا القانون، وحظر إقامة مبان أو تنفيذ أعمال على قطع أراضي التقسيم أو إصدار تراخيص بالبناء إلا بعد استيفاء الشروط السابق بيانها، وأجاز المشرع في المادة من ذات القانون للوزير المختص بالتعمير بعد أخذ رأي المحافظ المختص وموافقة الوحدة المحلية المختصة – تعديل الشروط البنائية الخاصة بالتقاسيم التي تم اعتمادها قبل اعتماد مشروعات التخطيط وفقاً لأحكام قانون التخطيط العمراني المشار إليه وبما يتلاءم مع هذه المشروعات، وفي هذا الخصوص فقد جرى قضاء المحكمة الدستورية – لدى بحثها لدستورية نص المادة من قانون التخطيط العمراني على أن المشرع أخفى على الشروط التي تتضمنها القائمة قوة القواعد القانونية فاعتبرها شروطاً بنائية تأخذ حكم القواعد القانونية التي تتضمنها قوانين ولوائح المباني، وغايته في ذلك هو إعمال هذه الشروط بوصفها شريعة نافذة فلا يتحلل أجد منها، وأنه لا عدوان في ذلك على السلطة التشريعية في مجال إقرار القوانين وفقاً لحكم المادة من الدستور، ذلك أن هذه السلطة ذاتها هي التي تنظم بتشريعاتها قواعد البناء في مصر، وهي قواعد لا يتصور أن تعارضها شروط التقسيم بل تستمد هذه الشروط – في أغلبها – مصدرها المباشر من نص القانون، ومن ثم فإن انقلاب هذه الشروط البنائية بموجب نص المادة من قانون التخطيط العمراني المشار إليه إلى قيود بنائية من نوع القيود التي تتضمنها القوانين واللوائح التي تنظم هذا الموضوع تفيد انسلاخها عن صفتها كحقوق ارتفاع واندراجها تحت القيود القانونية التي يقتضيها التنظيم العام لحق الملكية، فلا يجوز تجاهلها بل يكون الحمل على تنفيذها عيناً – عند مخالفتها – لازماً. "حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 55 لسنة 81ق – دستورية – جلسة 22/ 3/ 1997".
ومن حيث أنه متى كان ما تقدم وكانت الشروط البنائية الواردة بقائمة التقسيم تعتبر بمثابة نصوص خاصة تقيد أي نص عام في أحكام تنظيم المباني، وعليه فإنه إذا كانت تلك الشروط البنائية للتقسيم تتضمن تقيداً لحق الارتفاع أو المساحة المصرح بها للبناء أو تحدي الاستخدام البناء سكني أو تجاري فإن هذه الشروط تكون هي الواجبة الإتباع باعتبارها نص خاص يقيد النص العام أينما ورد في القانون رقم 106 لسنة 1976 أو تطبيقاً له إعمالاً لقاعدة أن الخاص يقيد العام وباعتبار أن الاشتراطات البنائية للتقسيم هي الواجبة التطبيق طالما لم يتم تعديلها على النحو المقرر قانوناً بنص
تابع الحكم الصادر في الطعن رقم لسنة45ق.ع:
المادة من قانون التخطيط العمراني المشار إليه، حيث أجاز المشرع لوزير التعمير تعديل تلك الاشتراطات طبقاً للإجراءات التي حددها ذلك النص لتتفق هذه التقاسيم مع مشروعات التخطيط العمراني متى كانت تلك الاشتراطات قد اعتمدت قبل العمل بقانون التخطيط العمراني على ما سلف البيان، وعليه فإنه وإذ أتى المشرع بموجب حكم المادة الثانية من القانون رقم 101 لسنة 1996 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه – بإضافة فقرة أخيرة إلى المادة من هذا القانون حظر بموجبها زيادة الارتفاع الكلي للبناء إلى مرة ونصف عرض الشارع بحد أقصى 36 متراً وأجاز لرئيس الوزراء في حالة الضرورة القصوى تحقيقاً لغرض قومي أو مصلحة اقتصادية أو مراعاة لظروف العمران تقييد أو إعفاء مدينة أو منطقة أو جزء منها أو مبنى بذاته من الحد الأقصى للارتفاع فإنه ليس معنى ذلك سريان هذا النص على مناطق التقاسيم المعتمدة ذات الاشتراطات البنائية الخاصة، إذ أن ذلك النص إنما هو نص عام وضع حداً أقصى للارتفاع الكلي للبناء لا يجوز تجاوزه، وأن التفويض الوارد بهذا النص لرئيس مجلس الوزراء بتقييد أو إعفاء مدينة أو منطقة أو جزء منها أو مبنى بذاته من هذا الحد الأقصى للارتفاع في حالة الضرورة القصوى وللمبررات الأخرى الواردة به، فإنه عند استخدام ذلك التفويض التشريعي من جانب رئيس مجلس الوزراء فإن تلك القيود لا تمثل اشتراطات بنائية على غرار الاشتراطات البنائية للتقاسيم المعتمدة بقرارات من السلطة المختصة التي خولها القانون وضعها واعتمادها وفقاً للإجراءات التي حددها المشرع ووضعها في مرتبة قوانين ولوائح المباني وأوجب أعمالها وعليه لا تسرى قرارات رئيس مجلس الوزراء بتقييد الارتفاع الكلي للبناء على مناطق التقاسيم ذات الاشتراطات البنائية المعتمدة، إذ لا يتم تعديل تلك الاشتراطات البنائية للتقاسيم إلا وفقاً للإجراءات وبالأداة التي حددها المشرع بنصوص قانون التخطيط العمراني على النحو السالف بيانه.
ومن حيث أن الدائرة المشكلة بالمحكمة الإدارية العليا وفقاً لنص المادة (54 مكرراً) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984ه قد قضت – بأن لكل من قانون التخطيط العمراني وقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء المشار إليهما مجاله في التطبيق على النحو المتقدم، وبالتالي فإنه لا يصح القول بتداخل أحكامهم بحيث يسريان معاً لحكم واقعة محددة أو تنظيم واقع معين، لأنه مما يتأبى مع صحيح فهم القانون ومع مقتضيات التفسير وأصوله العامة ترتيب هذه النتيجة، إذ يتحتم دائماً أن يصدر التفسير عن أصل ثابت قوامه تحقيق التناغم والاتساق بين التشريعات تنزيهاً للمشرع من مغبة الالتباس أو الخلط أو الخطأ، فإذا كان ذلك وكان لكل من القانونين المشار إليهما نطاق أعمال ومجال انطباق فإنه يتعين إعمال أحكام كل منهم على الوقائع التي تحكمها نصوص كل منهما صدقاً وقانوناً، ولا يكون جائزاً القول بتطبيق أحكام أي منهما حسبما يترآى لجهة الإدارة أو أصحاب الشأن إذ في هذا القول إحلال لإرادتهما محل إرادة المشرع، الأمر الذي يتعين أن يهب قاضي المشروعية لتقويمه إعلاءً لكلمة القانون وقاله الحق فيه – "الطعن رقم 724 لسنة 41ق – عليا – جلسة 7/ 6/ 2000".
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق، أن قطعة الأرض رقم بلوك رقم تقسيم المنطقة – مدينة نصر – محافظة القاهرة (محل طلب الترخيص) تقع ضمن أراضي تقسيم شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير، ولما كان لكل تقسيم قائمة شروط بنائية خاصة به والتي لا يجوز تعديلها إلا بقرار من الوزير المختص بعد استكمال الإجراءات الواجبة من الجهات المختصة على النحو السالف بيانه، على نحو ما جرى به إصدار قرار وزير الإسكان والتعمير رقم 165 لسنة 2001 بجواز زيادة مسطح البناء لقطع الأراضي بمناطق شرق وغرب مدينة نصر لتصل إلى (60%) كحد أقصى بشرط عدم المساس بمسافات الارتداد الواردة بالاشتراطات البنائية المعتمدة بقرارات التقاسيم المعتمدة، ومن ثم فإنه يتعين – إعمالاً لما تقدم – الالتزام بالاشتراطات البنائية الواردة بقائمة التقسيم للمنطقة الحادية عشرة وذلك سواء من جانب جهة الإدارة أو أصحاب قطع أراضي المنطقة والتمسك بها إلى أن يتم تعديلها بذات الأداة القانونية التي حددها المشرع بقانون التخطيط العمراني أو بتدخل تشريعي من السلطة القائمة على سن القوانين إذا كانت هناك موجبات لذلك، وعليه لا يجوز تحديد ارتفاعات المباني لقطع أراضي تقسيم المنطقة الحادية عشر – التي تقع بها قطعة الأرض ملك المطعون ضده بناءً على تعليمات وخرائط من جانب هيئة عمليات القوات المسلحة، وموافقة جهة الإدارة الطاعنة على الترخيص للمطعون ضده ببناء بدروم وأرضي وخمسة أدوار متكررة بناء على هذه التعليمات والخرائط المرسلة من الهيئة المذكورة إلى حي مدينة نصر لصدورها من جهة غير مختصة قانوناً بإصدار تعليمات أو قرارات بتعديل الاشتراطات البنائية للتقاسيم، وكذلك عدم الاعتداد بقرارات رئيس مجلس الوزراء بتحديد ارتفاعات المباني بمناطق شرق وغرب مدينة نصر بمحافظة القاهرة على نحو ما ورد بقراره رقم 896 لسنة 2003 بتحديد ارتفاعات المباني بالمناطق المذكورة وذلك لصدور ذلك من جهات غير مختصة قانوناً بتعديل الاشتراطات البنائية
تابع الحكم الصادر في الطعن رقم لسنة45ق.ع:
للتقاسيم، ولما يؤدي إليه ذلك من اغتصاب لسلطة الوزير المختص وإهدار للاختصاص المحدد له قانوناً في هذا الشأن حتى ولو كان صادراً من جهة رئاسية أعلى منها، إذ أن سلطة رئيس مجلس الوزراء في هذا الشأن ليست سلطة وصائية وإنما هي سلطة إشرافية لا تلغى اختصاصات الوزراء المحددة بالقوانين، كما لا يجوز القول بأن سلطته في تقييد ارتفاعات البناء مستمدة من التفويض التشريعي الوارد بنص المادة من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه، إذ أن ذلك وعلى نحو ما تقدم لا يسرى على مناطق التقاسيم المعتمدة، كما لا يجوز للمطعون ضده الاستناد إلى الحد الكلي المقرر لارتفاع المباني الوارد بنص المادة من القانون رقم 106 لسنة 1976 والمعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 وهو مرة ونصف عرض الشارع، إذ أن ذلك لا يسرى أيضاً على مناطق التقاسيم المعتمدة على النحو المتقدم، وإنما يتعين على جهة الإدارة الطاعنة وكذلك على المطعون ضده الالتزام بالارتفاع المحدد بالاشتراطات البنائية المقررة لتقسيم المنطقة الحادية عشر بتقسيمات شركة مدينة نصر دون غيرها، وإذ تقاعست جهة الإدارة الطاعنة وكذلك المطعون ضده عن تقديم الاشتراطات البنائية لهذه المنطقة والتي تعطيها حق الارتفاع الذي يطلبه للبناء على قطعة الأرض ملكه وذلك لفرض في نفس كل منهما، ومن ثم فإنه لا يسع هذه المحكمة سوى القضاء بتطبيق الاشتراطات البنائية للمنطقة المذكورة والكائن بها قطعة الأرض ملك المطعون ضده، دون غيرها من قواعد مخالفة يهرع إليها كل طرف لما يحقق هدفه وغايته ضد الطرف الأخر في خصومة، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا النهج وقضي بإلغاء القرار المطعون فيه على سند من أن الأصل العام لارتفاع المباني المحدد في المادة من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 وهو مرة ونصف عرض الشارع وبحد أقصى متراً، وأن امتناع حي مدينة نصر عن إصدار الترخيص طبقاً للارتفاع الذي حدده القانون قد صدر على غير سبب يبرره، فإن قضاء الحكم المطعون فيه يكون قد جانبه الصواب فيما انتهى إليه، الأمر الذي تقضي معه هذه المحكمة بإلغائه، والقضاء مجدداً بإلغاء القرار السلبي بامتناع حي مدينة نصر عن منح المدعي (المطعون ضده) ترخيص البناء على قطعة الأرض رقم بلوك بالمنطقة الحادية عشر طبقاً للارتفاع المحدد بالاشتراطات البنائية المرفقة بتقسيم شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير الخاصة بالمنطقة المذكورة ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
ومن حيث أنه لا يفوت هذه المحكمة أن تنوه إلى أن ما تستند إليه جهة الإدارة الطاعنة من تمسكها بتعليمات وخرائط هيئة عمليات القوات المسلحة بتحديد ارتفاعات المباني بمناطق مدينة نصر ومنها المنطقة التي تقع بها قطعة الأرض ملك المطعون ضده – والتي هي منطقة تقسيم – إنما يخالف أحكام قانون التخطيط العمراني المشار إليه على النحو سالف البيان، وعليه إذا كانت هناك موجبات عسكرية تقتضي تعديل الاشتراطات البنائية لمناطق التقاسيم بمدينة نصر لتتفق والاحتياجات العسكرية ومقتضياتها وما يكون قد استجد من احتياجات عسكرية وضرورة النزول عليها – فإنه يجب معالجة الأمر بالطريق الذي رسمه القانون لذلك إعمالاً لمبدأ سيادة القانون بحيث ترفعه هيئة عمليات القوات المسلحة للجهات الرئاسية لها لإحالته إلى الجهات المعنية المختصة والتي تملك تعديل الاشتراطات البنائية لمناطق التقسيم الذي تقع به تلك المنطقة لتلبية تلك الاحتياجات ومقتضياتها بما يتفق وأحكام القانون، وذلك بدلاً من ترك الأمر إلى جهات عديدة لتحديد الارتفاعات بالمباني في مناطق التقاسيم المعتمدة بإصدارها تعليمات أو موافقات للجهة المختصة بشئون التنظيم بالحي للالتزام بها عند إصدار تراخيص البناء بمناطق التقسيم، وبما يتفق مع مصالح كل جهة واحتياجاتها، إذ أنه في ظل ذلك الوضع تنشأ مصالح متعارضة وارتفاعات بالمباني متفاوتة مما لا يقف معه الأمر عند حد معين للارتفاع بالمباني في ضوء مصالح واحتياجات كل جهة، ومن شأن ذلك أيضاً أن تقع العديد من الخروجات من جانب أصحاب قطع التقسيم على النحو المستشهد به في الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها بالطعن الماثل، وذلك بالسماح بإقامة مباني قد تجاوز الارتفاع المحدد بالاشتراطات البنائية للتقسيم وذلك سواء بالاستناد إلى موافقة هيئة الطيران المدني، أو بناء على تعليمات هيئة عمليات القوات المسلحة أو بالاستثناء من شركة مدينة نصر للإسكان أو بناء على قرارات رئيس مجلس الوزراء على نحو ما ورد بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 896 لسنة 2003، في حين أن كل هذه الجهات غير مختصة قانوناً بذلك الأمر، وهو ما أدى إلى كثير من التناقص والتضارب بين الجهات الإدارية المتعددة في خصوص تحديد الارتفاعات في مناطق هي أصلاً خاضعة لاشتراطات بنائية لا يجوز تعديلها إلا بالطريق القانوني الصحيح، وهو ما أوقع أيضاً حي مدينة نصر ذاته في كثير من التناقص بشأن التراخيص الصادرة منه على قطع أراضي التقسيم بناء على الموافقات المختلفة الصادرة من جهات متعددة بعيدة عن التطبيق السليم لأحكام القانون في هذا بشأن، الأمر الذي ترى معه هذه المحكمة بضرورة الالتزام بالاشتراطات البنائية للتقسيم والعمل على تعديلها وفقاً للطريق الذي رسمه القانون نزولاً على أحكام القانون.
تابع الحكم الصادر في الطعن رقم لسنة45ق.:
ومن حيث أن كلاً من طرفي الطعن قد خسر بعضاً من طلباته، ومن ثم فإن المحكمة تقضي بإلزامهما بالمصروفات مناصفة بينهما عملاً بحكم المادة من قانون المرافعات.
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإلغاء القرار السلبي بامتناع حي مدينة نصر عن إصدار ترخيص البناء للمطعون ضده طبقاً للارتفاع المحدد بالاشتراطات البنائية لتقسيم شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير على النحو المبين بالأسباب، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة بينهما.صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة اليوم السبت الموافق 29 من ذي الحجة 1426 هجرياً والموافق 28/ 1/ 2006 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
