الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 702 لسنة 34 ق. – جلسة 12 /01 /1965 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة 16 – صـ 58

جلسة 12 من يناير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمد محفوظ، وحسين سامح.


الطعن رقم 702 لسنة 34 القضائية.

(أ) شيك بدون رصيد. قصد جنائي.
استيفاء الورقة الشكل الذي يتطلبه القانون لكي تجري مجرى النقود. اعتبارها شيكاً بالمعنى المقصود في المادة 337 عقوبات.
حمل الشيك تاريخاً واحداً. عدم قبول الادعاء بأنه حرر في تاريخ سابق على التاريخ الذي يحمله.
سوء النية في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. توفره بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق. مثال.
(ب) ارتباط. شيك بدون رصيد.
إصدار الطاعن شيكين لصالح شخصين مختلفين في تاريخين مختلفين وعن معاملتين مختلفتين. دلالة ذلك على أن ما وقع منه لم يكن وليد نشاط إجرامي واحد يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة. لا محل لتطبيق المادة 32 عقوبات.
1 – من المقرر أن الشيك ما دام قد استوفى الشكل الذي يتطلبه القانون لكي تجري الورقة مجرى النقود فإنه يعد شيكاً بالمعنى المقصود في المادة 337 من قانون العقوبات، ومتى كان كل من الشيكين موضوع الدعوى يحمل تاريخاً واحداً وهو لاحق لإنهاء الوكالة عن البنك التي يدعيها الطاعن، فإن مفاد ذلك أنه صدر في هذا التاريخ ولا يقبل منه الإدعاء بأنه حرر في تاريخ سابق على التاريخ الذي يحمله. كما أن سوء النية في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد يتوفر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق. ومن ثم فلا عبرة بما يقوله الطاعن من قيام البنك المسحوب عليه بتجميد الاعتماد المفتوح به ما دام أنه يسلم في تقرير أسباب طعنه بأنه قد سحب الشيكين بعد تجميد هذا الاعتماد على أثر تأميم البنك وهو ما أقر به أيضاً في المذكرة التي قدمها بدفاعه إلى محكمة ثاني درجة.
2 – متى كانت الوقائع كما أثبتها الحكم أن الطاعن أصدر الشيكين لصالح شخصين مختلفين في تاريخين مختلفين وعن معاملتين مختلفتين وهو ما يفيد أن ما وقع منه لم يكن وليد نشاط إجرامي واحد يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين الجريمتين اللتين ارتكبهما مما لا محل معه لإعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية الأول هذه الدعوى بالطريق المباشر أمام محكمة جنح دمياط الجزئية قيدت بجدولها برقم 2716 سنة 1962 ضد الطاعن بوصف أنه في يوم 15 مايو سنة 1962 بدائرة بندر دمياط: أعطاه شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للصرف. وطلب عقابه بالمادة 337 من قانون العقوبات وإلزامه أن يدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية. كما أقام المدعي بالحقوق المدنية الثاني دعوى أخرى بالطريق المباشر أمام المحكمة المذكورة قيدت بجدولها برقم 3341 سنة 1962 ضد الطاعن أيضاً بوصف أنه في يوم 15 يوليه سنة 1962 بدائرة بندر دمياط: أعطاه شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادة السابقة وإلزامه بأن يدفع له قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية ومقابل أتعاب المحاماة. والمحكمة المذكورة قضت في الدعوى الأولى حضورياً اعتبارياً في 4/ 4/ 1963 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم خمسة شهور مع الشغل وكفالة ألف قرش لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني قرشاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية. وبتاريخ 2/ 5/ 1963 قضت في الدعوى الثانية حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة ألف قرش لوقف التنفيذ وبإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني قرشاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية. فاستأنف المتهم هذين الحكمين. ومحكمة دمياط الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بتاريخ 18/ 12/ 1963: أولاً – بقبول الاستئنافين شكلاً. وثانياً – في الدعويين الجنائيتين بتعديل الحكمين المستأنفين والاكتفاء بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل في كل منهما، وفى الدعويين المدنيتين بتأييد الحكمين المستأنفين فيما قضيا به وألزمت المتهم المصروفات المدنية الاستئنافية. فطعن الطاعن في هذا الحكم الأخير بطريق النقض… إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إعطاء شيكين بدون رصيد قد شابه القصور والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أغفل الدفاع الأساسي الذي تمسك به الطاعن من أنه أصدر الشيكين للمدعيين بالحقوق المدنية في خلال مدة وكالته عن البنك المصري العربي في إدارة محلات طاهر سعيد الشربيني التي كان قد نزل عن إدارتها للبنك ضماناً للوفاء بديونه له وللغير مما تفله من ربح وقد كان لهذين الشيكين وقت سحبهما رصيد قائم من الاعتماد الذي فتحه البنك للطاعن متعهداً بتحويل هذه الإدارة في صورة حساب جار ولم يكن للبنك أن يعدل عن التزامه بالتحويل بتجميد الاعتماد والامتناع عن صرف الشيكين المسحوبين عليه من الطاعن في شئون هذه الوكالة ما دامت قائمة. كما أن تأميم البنك وانتقاله إلى الدولة بما له من حقوق وما عليه من التزامات لم يكن ليحول دون بقاء الاعتماد قائماً مما ينتفي معه قيام الجريمة المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات ولا يؤثر في ذلك تأخير تاريخ الشيكين عن وقت تحريرهما نتيجة لتقسيط ثمن البضائع التي اشتراها الطاعن للمحلات التي يديرها طالما أن الثابت من تاريخ فاتورة الشراء أنهما حررا في تاريخ لم تكن وكالته عن البنك قد انتهت – أما استناد الحكم المطعون فيه في مجال إثبات سوء نية الطاعن إلى أن تاريخ كل من الشيكين لا حق على نزوله عن توكيل البنك له فلا يتفق والثابت بالأوراق إذ أن الشيكين قد حررا في واقع الأمر قبل نزول الطاعن عن الوكالة وإن كانا قد أرخا بتاريخ لا حق هو تاريخ استحقاق أقساط ثمن البضاعة على ما هو ثابت من فاتورة الشراء هذا فضلاً عن أن الحكم قد أغفل تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات على الرغم من ارتباط الجريمتين المسندتين إلى الطاعن ووقوعهما لغرض واحد مما كان يقتضي توقيع عقوبة واحدة عنهما.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما يخلص في أن كلا من الممثل القانوني للجمعية التعاونية لصناعة الأحذية بدمياط والسيد السيد الزيدي قد أقام دعواه بالطريق المباشر ضد الطاعن ونسب إليه الأول أنه أصدر إليه شيكاً بمبلغ ثمانين جنيهاً على البنك العربي فرع دمياط يستحق الدفع في 15/ 5/ 1962 ولما توجه لصرف قيمته أفاد بالرجوع على الساحب. كما نسب إليه الثاني أنه أصدر له بتاريخ 15/ 7/ 1962 شيكاً بمبلغ مائة جنيه على هذا البنك وبتقديمه إليه أفاد أيضاً بالرجوع على الساحب. وقدم المدعيان بالحق المدني أمام المحكمة الشيكين وإفادتي البنك – بينما دفع الطاعن الاتهام المنسوب إليه بأنه إنما كان وكيلاً للبنك المسحوب عليه في إدارة محلات أحد عملائه (طاهر سيد الشربيني) بغرض استيفاء البنك لديونه قبل هذا العميل وأن البنك هو الذي أخل بالتزاماته وجمد الاعتماد المفتوح لديه لتمويل العملية ورد الشيكات التي سحبت لصالح التجار الذين تعامل معهم – وقد عرض الحكم لدفاع الطاعن بأنه كان حسن النية حين سحب الشيكين موضوع الاتهام وأطرحه بما محصله أن الغرض الذي هدف إليه المشرع من نص المادة 337 من قانون العقوبات هو حماية الصالح العام والاقتصاد من عبث المتلاعبين بالشيك حماية ترقى إلى اعتباره في مرتبة التعامل بالنقود بحيث إذا أخل الساحب بهذه الثقة أثم وتعين عقابه وأن الشيكين موضوع الاتهام قد استوفيا الشكل الذي إستلزمه القانون لهما وحقت حمايتهما في التداول كأداة وفاء تقوم مقام النقود – وأنه لا محل لما أثاره الطاعن عن العلاقة التي تربطه بالبنك المسحوب عليه والتي أنكرها الأخير إذ أن هذه العلاقة على فرض قيامها لا تخل بالحماية المفروضة للشيك ولا تفصح عن مظاهر حسن النية بل على العكس من ذلك فإن تاريخ استحقاق الشيكين تال لإنهاء عقد الوكالة فهما يستحقان الدفع في 15/ 5/ 1962، 15/ 7/ 1962 في حين أن إنذار المتهم الذي وجهه إلى البنك المسحوب عليه بإنهاء هذه الوكالة قد تم في 10/ 5/ 1962 وفضلاً عن ذلك فإن المستفيد من الشيكين لم يكن يعلم بحسب ظاهرهما حقيقة العلاقة بين المتهم والبنك. وخلص الحكم إلى أن الدفاع الذي أبداه الطاعن لا يؤثر في مسئوليته الجنائية حيال إخلاله بالوفاء بالشيكين – وهذا الذي أورده الحكم صحيح في القانون إذ أنه من المقرر أن الشيك ما دام قد استوفى الشكل الذي يتطلبه القانون لكي تجري الورقة مجرى النقود فإنه يعد شيكاً بالمعنى المقصود في المادة 337 من قانون العقوبات، ومتى كان كل من الشيكين موضوع الدعوى يحمل تاريخاً واحداً وهو لاحق لإنهاء الوكالة عن البنك التي يدعيها الطاعن – فإن مفاد ذلك أنه صدر في هذا التاريخ ولا يقبل منه الادعاء بأنه حرر في تاريخ سابق على التاريخ الذي يحمله. كما أن سوء النية في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد يتوفر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق وترتيباً على ما تقدم فلا عبرة بما يقوله الطاعن من قيام البنك المسحوب عليه بتجميد الاعتماد المفتوح به ما دام أنه يسلم في تقرير أسباب طعنه بأنه قد سحب الشيكين بعد تجميد هذا الاعتماد على أثر تأميم البنك وهو ما أقر به أيضاً في المذكرة التي قدمها بدفاعه إلى محكمة ثاني درجة كما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن. لما كان ذلك, وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم أن الطاعن أصدر الشيكين لصالح شخصين مختلفين في تاريخين مختلفين وعن معاملتين مختلفتين وهو ما يفيد أن ما وقع منه لم يكن وليد نشاط إجرامي واحد يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين الجريمتين اللتين ارتكبهما مما لا محل معه لإعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس و يتعين ورفضه موضوعاً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات