الطعن رقم 1255 لسنة 34 ق – جلسة 04 /01 /1965
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة 16 – صـ 8
جلسة 4 من يناير سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي, ومحمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس.
الطعن رقم 1255 لسنة 34 القضائية
تزوير. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
شرط الإدانة في جرائم تزوير المحررات ؟ أن يعرض الحكم لتعيين المحرر المقول بتزويره
وما انطوى عليه من بيانات وإلا كان باطلا. علة ذلك: الكشف عن ماهية تغيير الحقيقة فيه.
من المقرر أنه يجب للإدانة في جرائم تزوير المحررات أن يعرض الحكم لتعيين المحرر المقول
بتزويره وما انطوى عليه من بيانات ليكشف عن ماهية تغيير الحقيقة فيه وإلا كان باطلا.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في خلال المدة من 21 أبريل سنة 1957 إلى 20 من أغسطس سنة 1957 بدائرة قسم المعادي محافظة القاهرة: أولاً – المتهم الأول: 1 – ارتكب تزويراً في محرر رسمي بطريق الاصطناع بأن اصطنع خطابا منسوباً صدوره من قيادة الحرس الوطني بمعسكر جنوب القاهرة مؤرخاً 18/ 8/ 1957 وموجهاً إلى مهندس مشروعات خط حلوان بأن أثبت به على خلاف الحقيقة أن كلاً من المتهمين من الثامن إلى الثاني عشر (وقد حكم ببراءتهم في الحكم الصادر في 19/ 1/ 1963 الذي نقض بتاريخ 27/ 5/ 1963 بالنسبة للمتهم الثاني) قد استدعوا في خدمة الحرس ووقع عليه بإمضاء نسبه زوراً إلى قائد المعسكر وبصم عليه بخاتم المعسكر ليظهر على غرار الخطابات الصحيحة 2 – استعمل المحرر الرسمي المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن قدمه إلى أحمد كمال فاضل مهندس المشروعات بخط حلوان للتدليل على أن المتهمين المذكورين يعملون بقيادة الحرس الوطني وليتمكن من صرف أجورهم بمقتضى التوكيلات الخاصة بهم: ثانيا – المتهم الثاني – ارتكب تزويراً في محررين رسميين بطريق الاصطناع بأن اصطنع خطابين زاعماً صدورهما من قيادة الحرس بمعسكر مصر القديمة أولهما مؤرخ 22/ 6/ 1957 وموجه إلى مهندس مشروعات خط حلوان أثبت به على خلاف الحقيقة أن حسن علي حسن قد استدعى في خدمة الحرس الوطني وثانيهما مؤرخ في 13/ 7/ 1957 موجه إلى المذكور ويتضمن استدعاءه إلى الخدمة به ووقع عليه بإمضاء نسبه زوراً لقائد المعسكر كما بصم عليهما بخاتم المعسكر ليظهر على غرار المحررات الصحيحة. ثالثاً – المتهمان الأول والثاني معا – اشتركا بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية بطريق الاصطناع بأن اتفقوا على اصطناع ثلاثة عشر خطاباً زعموا صدورها من قيادة الحرس الوطني يتضمن بعضها استدعاءهما وسائر المتهمين الآخرين "المحكوم ببراءتهم" في خدمة الحرس الوطني ويتضمن البعض الآخر منها طلب صرف أجورهم عن مدة عملهم المزعوم به وساعداه بأن تحصلا له على أختام خاصة بقيادة الحرس الوطني وقام المجهول باصطناع هذه الخطابات ووقع عليها بإمضاءات نسبها زوراً إلى قائدي المعسكرات وبصم عليها بهذه الأختام فتمت الجريمة بناء على هذه المساعدة وذلك الاتفاق. رابعاً – المتهمان الثاني والثالث (الطاعن) – اشتركا بطريق الاتفاق فيما بينهما ومع الأول والآخر المجهول في ارتكاب تزوير في المحررات الرسمية السالفة الذكر بأن اتفقوا على اصطناعها على النحو المتقدم بأن نسبوها زوراً إلى قيادة الحرس الوطني ليتمكنوا عدا الأخير من صرف أجور باقي المتهمين المحكوم ببراءتهم عن أيام انقطاعهم عن العمل ثم اقتسامها مع المتهم الثالث فيما بعد فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق. خامساً – المتهمان الأول والثاني – توصلا إلى الاستيلاء على مبلغ 77 ج و150 م لوزارة الموصلات قاصدين سلبها بعض ثروتها باستعمالهم طرقاً احتيالية من شأنها الإيهام بوجود واقعة مزوره وذلك بأن زعما لقلم حسابات مشروعات خط حلوان كذباً أنهم يشتغلون بقيادة الحرس الوطني خلال أيام انقطاعهم عن العمل وأيدوا مزعمهم بتقديم الخطابات المزورة المنوه عنها بالتهمة السابقة وتمكنا بهذه الوسيلة من صرف المبلغ المذكور. سادساً – المتهم الثالث بصفته مستخدماً عمومياً "كاتب أجرية بمشروعات خط حلوان بمصلحة السكك الحديدية" اشترك مع سائر المتهمين في الاستيلاء على مال للدولة (مبلغ 77 ج و150 م سالف الذكر) قيمة أجورهم عن أيام انقطاعهم عن العمل وسهل لهم ذلك باعتماده الخطابات المزورة المشار إليها آنفاً مع علمه بتزويرها وبضمانته لبعض المتهمين (السابق الحكم ببراءتهم) لدى صرفها. وإحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 40/ 2- 3 و41 و111/ 1 و113 و118 و119 و207 و211 و212 و214 و336/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بتاريخ 6 مايو سنة 1964 عملاً بالمواد40/ 2،41 و111 و113 و118 و119 و211 و212 و32 و17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأول والثالث مع تطبيق المادة 27 من القانون المذكور بالنسبة إلى المتهم الثالث والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهم الثاني: أولاً – بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. ثانياً – بعزل المتهم الثالث من وظيفته لمدة سنتين وإلزامه برد مبلغ 77 ج و150م للدولة وبأن يدفع غرامة مقدراها خمسمائة جنيه. ثالثاً – ببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض…إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي
الاشتراك في تزوير محررات رسمية والاستيلاء بغير حق على أموال عامة وتسهيل ذلك للغير
– جاء مشوباً بقصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يحرر المحررات محل التزوير وما تحويه من
بيانات جوهرية إذ أغفل بيان أسماء موقعيها وصفاتهم وأسماء من حررت لصالحهم وكذلك الختم
الذي بصمت به والجهة صاحبة هذا الختم. هذا إلى أنه على الرغم من أن الحكم حصل أقوال
المهندس أحمد كمال فاضل بما مفاده أن المبالغ الخاصة بالأشخاص الذين صحبهم الطاعن فزكاهم
لدى مندوب الصرف لم تصرف لهم وعليت بالأمانات طبقاً لما هو وارد بتقرير رئيس التفتيش
الإداري – إذا به يعود فيقرر أنها صرفت لهم وأن مجموعها 32 ج و250 م ومع ذلك فهو ينتهي
إلى إلزام الطاعن برد مبلغ يزيد عنه مقداره 77ج و150م دون أن يعرض لدفاعه الذي أثاره
في هذا الصدد أو يرد عليه بما يبرر إطراحه على الرغم من جوهريته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن عاملاً باليومية في إدارة
مشروع كهربة خط حلوان يدعى حمدي أحمد حمدي وهو المتهم الأول في الدعوى والذي حكم عليه
ولم يقرر بالطعن بالنقض اصطنع خطاباً تاريخه 18 أغسطس سنة 1957 موجهاً إلى مهندس المشروع
نسب صدوره إلى الحرس الوطني بحلوان وأثبت فيه أسماء وهمية لأشخاص زعم أنهم يعملون في
المشروع وألحقوا بالخدمة العسكرية وهم يستحقون أجراً, وإذ ارتاب المهندس في الخطاب
فقد اتصل بالمختصين في الحرس الوطني فبان له أنه وجميع المكاتبات الأخرى المنسوبة إلى
الهيئة في الفترة من 21 أبريل سنة 1957 إلى 20 أغسطس سنة 1957 مزورة عليها، كما تبين
للمهندس أيضاً أن المتهم المذكور استطاع بتلك الوسيلة أن يستولي هو وآخرين على مبلغ
77 ج و 150م من أموال الهيئة العامة للسكك الحديدية. ثم يمضي الحكم في تحصيله للواقعة
مقرراً أن الطاعن – وكان يعمل كاتباً بإدارة المشروع المذكور – اشترك بطريق الاتفاق
مع المتهم الأول وآخرين في ارتكاب التزوير في الأوراق المشار إليها فضلاً عن توجهه
إلى مندوب الصرف مصطحباً أشخاصاً زعم أنهم يعملون بالإدارة ومجندون بالحرس الوطني فكان
أن صرف المندوب لهم ولآخرين مبلغ 77 ج و150 م بناء على تزكية الطاعن لهم. وبعد أن أورد
الحكم الأدلة على إدانة المتهم الأول عرض لما توافر منها ضد الطاعن وهى تتحصل في أقوال
مندوب الصرف وما تبين من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن الطاعن هو محرر أسماء
الأشخاص في الكشف المقدم للمندوب فضلاً عما ثبت لرئيس التفتيش من أن المبلغ الذي صرف
لهؤلاء الأشخاص هو 32 ج و250م ومن اعتراف المتهم الأول بأن الطاعن هو الذي سهل له تسلم
أجر غير مستحق له وأنهم معه فيما قارف من تزوير. وخلص الحكم إلى إدانة الطاعن عن اشتراكه
مع المتهم الأول وآخرين في تزوير أربعة عشر خطاباً من بينها الخطاب المؤرخ 18 أغسطس
سنة 1959 وعن استيلائه بغير حق على مبلغ 77 ج و150 م للهيئة العامة للسكك الحديدية
وعاقبه بالحبس مع الشغل لمدة سنة وبعزله من وظيفته لمدة سنتين وبإلزامه برد 77 ج و150م
للدولة وبأن يدفع غرامة مقدراها 500 ج. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب للإدانة
في جرائم تزوير المحررات أن يعرض الحكم لتعيين المحرر المقول بتزويره وما انطوى عليه
من بيانات ليكشف عن ماهية تغيير الحقيقة فيه وإلا كان باطلاً. وكان الحكم المطعون فيه
سواء في معرض تحصيله لواقعة الدعوى أو عند سرده الأدلة على إدانة المتهم الأول وما
توافر منها بالنسبة إلى الطاعن لم يبين مضمون الثلاثة عشر خطاباً التي انتهى إلى إدانة
الطاعن بالمشاركة في تزويرها فضلاً عن خلو ما أورده نقلاً عن تقارير أهل الخبرة من
هذا البيان، ولا يغير من ذلك كون الحكم قد أشار إلى مضمون خطاب 18 أغسطس سنة 1957 المشار
إليه فيما سلف لأنه وإن كان في ثبوت تزوير هذا الخطاب واستخلاص الحكم أن الطاعن شارك
في تزويره ما يكفي لحمل قضائه بإدانته عن جريمة التزوير؛ إلا أنه من جهة أخرى فإن الحكم
وقد دان الطاعن بجريمة الاستيلاء بغير حق على مال عام وألزمه رد مبلغ 77 ج و150 م –
وهو مبلغ يزيد عن المبلغ الذي حصل الحكم أن الأشخاص الخمسة الذين زكاهم الطاعن والواردة
أسماؤهم في الخطاب سالف البيان قد تسلموه من مندوب الصرف ومقداره 32 ج و250 م فإنه
كان من المتعين على الحكم – في خصوصية هذه الدعوى – أن يعرض لمضمون الخطابات الأخرى
والأسماء الواردة فيها حتى يكشف عن وجه الصلة بين ما انتهى إليه من اشتراك الطاعن في
تزويرها ومساهمته في الاستيلاء بغير حق على باقي المبلغ والذي ألزم الطاعن رده دون
أن يورد دليلاً يحمل هذا القضاء. لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون مشوباً بقصور يعيبه
ويستوجب نقضه بالنسبة إلى الطاعن وإلى المحكوم عليه حمدي أحمد حمدي الذي لم يطعن وذلك
لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة، بغير حاجة إلي بحث باقي أوجه الطعن.