الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1827 لسنة 40 قضائية عليا – جلسة 22 /02 /1998 

مجلس الدولة – المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة – مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون – الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1997 إلى آخر فبراير سنة 1998) – صـ 909


جلسة 22 من فبراير سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ جودة عبد المقصود فرحات، ومحمد عبد الرحمن سلامة، وعلى عوض محمد صالح، وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1827 لسنة 40 قضائية عليا

اعتقال – التعويض عن قرارات الاعتقال – سقوط الحق بالتقادم – أثر الظروف السياسية.
الظروف السياسية التى لازمت إعلان حالة الطوارئ تطبيقاً للقانون رقم 162 لسنة 1958 والذى كان يخول رئيس الجمهورية أن يتخذ بعض التدابير ومن بينها وضع قيود على حرية الأشخاص والقبض على المشتبه فيهم والخطرون على الأمن فضلا عما تبع ذلك من صدور القانون رقم 119 لسنة 1964 الذى كان يسمح للسلطة المختصة بالقبض على من سبق اعتقالهم – يعتبر مانعا حقيقيا يحول دون اللجوء إلى القضاء لرفع الاعتداء على الحريات بغير سند مخافة الخضوع من جديد إلى الإجراءات الاستثنائية – للحكم بعدم دستورية القانون المذكور فى تاريخ لاحق للدستور الحالى حصن جميع الدعاوى الناشئة عن الاعتداد على الحريات الشخصية من التقادم. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 3/ 4/ 1994 أودع الأستاذ/….. المحامى بصفته وكيلا عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا – تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1827 لسنة 40 ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى المشار إليه والذى قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة لسائر المدعين سوى الأول (الطاعن الأول فى الطاعن الماثل) وبعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثالث (وزير الدفاع) وبسقوط حق المدعى الأول فى المطالبة بالتعويض عن قرارى الاعتقال الصادرين فى 30/ 1/ 1949، 24/ 11/ 1954 بالتقادم وبقبول الدعوى بالنسبة لطلب التعويض عن قرار الاعتقال الصادر فى 7/ 1/ 1965 وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهما الأول والثانى (المطعون ضدهما فى الطعن الماثل) متضامنين بأن يؤديا للمدعى مبلغ 10000 جنيه (عشرة آلاف جنيه) والمصروفات، وطلب الطاعنون فى ختام تقرير طعنهم الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه بالنسبة للشق أولاً وثالثاً والحكم لهم بالتعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بهم نتيجة اعتقال عائلهم وبعدم سقوط حق المدعى الأول فى المطالبة بالتعويض عن الاعتقال الصادر فى سنة 1954 وأحقيته فى التعويض المناسب عن ذلك.
أودعت هيئة مفوضى الدولة تقرير فى الطعن طلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بالقضاء بالتعويض المناسب للطاعن الأول عن اعتقاله فى الفترة من 1/ 3/ 1954 وحتى 21/ 3/ 1954 والفترة من 24/ 11/ 1954 حتى 11/ 4/ 1956 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الطاعنة الثانية وأولاد الطاعن المصروفات مناصفة مع الجهة الإدارية.
نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون فى 7/ 7/ 1997 وبجلسة 15/ 12/ 1997 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية لنظره بجلسة 18/ 1/ 1998 حيث قررت المحكمة بجلستها المشار إليها حجز الطعن للحكم لجلسة اليوم وفيه صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمستندات وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر فى 21/ 3/ 1993، وقدم الطاعنون طلب إعفاء فى 19/ 5/ 1993 تحت رقم 125 لسنة 39 ق. ع وبجلسة الإعفاء المنعقدة فى 5/ 2/ 1994 أصدرت لجنة المساعدة القضائية قرارها بقبول طلب الإعفاء وبتاريخ 3/ 4/ 1994 أودع الطاعنون تقرير الطعن الماثل مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية، ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن واقعات النزاع تخلص فى أنه بتاريخ 13/ 5/ 1990 أقام الطاعنون الدعوى رقم 4703 لسنة 44 ق أمام محكمة القضاء الإدارى (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) ضد كل من المطعون ضدهما ووزير الدفاع طالبين الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يؤدوا لهم التعويض المناسب عن الأضرار التى لحقت بالمدعى الأول من جراء اعتقاله، وقال المدعون شرحاً لدعواهم أن رجال المباحث العامة قاموا باعتقال المدعى الأول/…… ضمن جماعة الإخوان المسلمين حيث تعطلت مصالحه وفصل من وظيفته دون محاكمة عادلة ومن ثم أقام المدعون دعواهم المشار إليها طالبين تعويضهم عن الأضرار المادية والأدبية التى حاقت بهم.
وبجلسة 31/ 3/ 1993 صدر الحكم المطعون فيه والذى قضى أولاً: عدم قبول الدعوى بالنسبة لسائر المدعين عدا الأول لرفعها من غير ذى صفة. ثانياً: عدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثالث (وزير الدفاع) لرفعها على غير ذى صفة، ثالثاً: سقوط حق المدعى الأول فى المطالبة بالتعويض عن قرارى الاعتقال الصادرين فى 30/ 1/ 1949، 24/ 11/ 1954 بالتقادم، وتبعاً قبول الدعوى شكلا بالنسبة لطلب التعويض عن قرار الاعتقال الصادر فى 7/ 9/ 1965 وبإلزام المدعى عليهما الأول والثانى بصفتهما متضامنين بأن يؤديا للمدعى الأول مبلغ عشرة آلاف جنيه والمصروفات، وقد شيد الحكم المطعون فيه قضائه على سند من القول بأن المدعى الأولى/……. هو الذى صدرت قرارات باعتقاله وتم تنفيذها ضده ولم تمس القرارات غيره من المدعين إذ لم يصبهم من جراء قرارات الاعتقال ضرر مباشر والذى هو مناط المطالبة بالتعويض كما أشار الحكم المطعون إلى انتفاء صفة المدعى عليه الثالث (وزير الدفاع) فى الدعوى ومن ثم قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى بالنسبة له وأشار الحكم المطعون فيه إلى أن الثابت من الأوراق التى أودعتها جهة الإدارة والمتضمنة أسباب الاعتقال أنه كان يعمل متعهد توريد أغذية وانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين من سنة 1949 لشعبة الخليفة بقسم العمال بها وكانت له اتصالات بالمسجونين من الأخوان بحكم عمله كمتعهد أغذية بسجون مصر فى ذلك الوقت حيث كان يقوم بتوصيل الأخبار والخطابات منهم وإليهم وفور أعقاب ضبطه وتفتيش محله عثر على أوراق خاصة بجماعة الأخوان المسلمين فتم اعتقاله فى 30/ 1/ 1949 وأفرج عنه فى 23/ 10/ 1949 ثم واصل نشاطه فى شعبة الخليفة ثم صدر قرار بحل الجماعة سنة 1954 فتم اعتقاله فى 1/ 3/ 1954 وأفرج عنه فى 21/ 3/ 1954 ثم اعتقل فى 24/ 11/ 1954 وأفرج عنه فى 11/ 4/ 1956 ثم أعيد اعتقاله فى 7/ 1/ 1965 فى أعقاب ما تكشف عن قيامه بنقل رسائل للمعتقلين الأخوان فى المؤامرة الاخوانية سنة 1965 مستغلاً عمله كمتعهد بسجن استئناف مصر وأفرج عنه فى 4/ 11/ 1967.
واستطرد الحكم المطعون فيه إلى القول بأن المدد التى قضاها المدعى معتقلا فى الفترة من 30/ 1/ 1949 حتى 23/ 10/ 1949، وفى الفترة من 24/ 11/ 1954 حتى 11/ 4/ 1956 فإن حقه فى التعويض عنها سقط بالتقادم لانقضاء أكثر من خمس عشرة سنة على هذين القرارين منذ صدورهما وحتى العمل بدستور 1971 فى 11/ 9/ 1971.
وبالنسبة للمدة من 7/ 1/ 1965 وحتى 4/ 12/ 1967 فقد أشار الحكم المطعون فيه أن قرار الاعتقال المشار إليه قد صدر استناداً إلى القانون رقم 119 لسنة 1964 بشأن بعض التدابير الخاصة بأمن الدولة والتى كانت المادة الأولى منه تجيز لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يصدر قراراً باعتقال الأشخاص الذين سبق اعتقالهم، وقد قضى بعدم دستورية المادة المذكورة قبل تعديلها بالقانون رقم 59 لسنة 1968 فى الدعوى رقم 5 لسنة 7 ق دستورية وخلص الحكم المطعون فيه بذلك إلى أن الأساس التشريعى لاعتقال المدعى قد سقط مما يجعله غير مشروع.
ومن حيث إن الطاعنين قد أسسوا طعنهم قولاً منهم أن الحكم المطعون فيه قد خالف الواقع والقانون إذ أن اعتقال عائل الاسرة قد حرم الطاعنين من عائلهم الوحيد مما اضطرت معه الزوجة إلى بيع كل ما تملك بأبخس الأثمان للإنفاق على نفسها وعلى الأسرة كما أشار تقرير الطعن إلى معاناة الزوجة فى البحث عن مكان اعتقال زوجها وخروج الأبناء من المدارس فضلاً عن الأضرار الأدبية المتمثلة فى حرمان الزوجة من زوجها وهو فى ريعان شبابها وما أصاب سمعتهم بين الجيران بسبب اعتقال رب الأسرة.
وبالنسبة لما قال به الحكم المطعون فيه من سقوط حق الطاعن الأول فى التعويض عن فترة الاعتقال الصادر فى سنة 1954 فإن ذلك يتعارض مع الحماية التى أسبغها الدستور للحريات العامة.
ومن حيث إن الطاعنين قد تأسس طعنهم بطلب إلغاء الحكم فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة للزوجة والأولاد.
ومن حيث إنه لما كان الثابت أن الطاعن الأول/…. هو الذى تم اعتقاله بقرارات الاعتقال المشار إليها وهو المدعى الأول فى الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه، ومن ثم فإن الضرر المباشر الناتج عن قرارات الاعتقال المشار إليها يمس فقط السيد المذكور ويستغرق الضرر الذى لحق به غيره من الأضرار بحيث وحده فقط هو الذى له الحق بالمطالبة بالتعويض وأنه لا يجوز القياس فى هذه الحالات على الحالات التى يكون رب الأسرة قد توفى إلى رحمة الله حيث يكون فى هذه الحالة من حق ورثته من زوجة وأولاد المطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية التى لحقت بمورثهم باعتبارهم ورثته فى المطالبة بهذا التعويض.
ومن حيث إنه وقد أخذ الحكم المطعون فيه بهذا الفهم الصحيح لحكم القانون ومن ثم فإن الطعن الماثل فيما يطالب به من إلغاء الحكم المطعون فيه بالنسبة لهذا الشق غير قائم على سند صحيح من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة لما تناوله الطعن من نعى على ما قضى به الحكم المطعون فيه من سقوط حق الطاعن الأول فى التعويض عن فترة اعتقاله التى تمت خلال الفترة من 1/ 3/ 1954 حتى 21/ 3/ 1954 ومن 24/ 11/ 1954 حتى 11/ 4/ 1956 فإن أحكام هذه المحكمة قد جرت على أن الظروف السياسية التى لازمت إعلان حالة الطوارئ تطبيقاً للقانون رقم 162 لسنة 1958 والذى كان يخول رئيس الجمهورية أن يتخذ بعض التدابير ومن بينها وضع قيود على حرية الأشخاص والقبض على المشتبه فيهم والخطرين على الأمن فضلاً عما تبع ذلك من صدور القانون رقم 119 لسنة 1964 الذى كان يسمح للسلطة المختصة بالقبض على من سبق اعتقالهم الأمر الذى جرى قضاء هذه المحكمة على اعتباره مانعاً حقيقياً يحول دون اللجوء إلى القضاء لرفع الاعتداء على الحريات بغير سند مخافة الخضوع من جديد إلى الإجراءات الاستثنائية حتى أصدرت المحكمة الدستورية حكمها بعدم دستورية القانون المذكور فى تاريخ لاحق للدستور الحالى الذى حصن جميع الدعاوى الناشئة عن الاعتداء على الحريات الشخصية من التقادم.
ومن حيث إنه وقد أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا الفهم لصحيح حكم القانون وقضى بسقوط حق الطاعن الأول فى التعويض عن فترة اعتقاله الصادر بها قرارى الاعتقال سنة 1954 فإنه يكون بذلك قد جانب صحيح حكم القانون.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا للطاعن الأول مبلغ ستة آلاف جنيه تعويضاً له عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من جراء قرارى اعتقاله فى الفترة من 1/ 3/ 1954 حتى 21/ 3/ 1954 والفترة من 24/ 11/ 1954 حتى 11/ 4/ 1956 ورفض ما عدا ذلك من طلبات والزام باقى الطاعنين المصروفات مناصفة مع جهة الإدارة.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات