أصدرت الحكم الاتىلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الخامسة
برئاسة السيـد الأستـاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان نائب
رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السيـد الأستـاذ المستشـار/ أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم نائب رئيس مجلس
الدولة
وعضوية السيـد الأستـاذ المستشـار/ يحي خضري نوبي محمد نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيـد الأستـاذ المستشـار/ أحمد محمد حامد نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيـد الأستـاذ المستشـار/ عادل سيد عبد الرحيم بريك نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيـد الأستـاذ المستشـار/ أحمد عيسي مفـوض الدولـة
وسكـرتارية السيـد / سيد سيف محمد سكرتيـر المحكمـة
أصدرت الحكم الاتى
في الطعن رقم 7867 لسنة 51ق. علياالمقام من
محمد عبد الحكيم مكاويضد
رئيس جامعة أسيوط … بصفتهعن القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط بجلسة5/ 1/ 2005 في الدعوى التأديبية رقم6 لسنة2004م
الإجراءات
في يوم الخميس الموافق 3/ 3/ 2005 أودع الأستاذ/ سمير عبد المنعم المحامي نائبا عن الأستاذ الدكتور/ محمد ميرغني خيري المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها العمومي تحت رقم 7867 لسنة 51ق. عليا في القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط في الدعوى التأديبية رقم 6 لسنة 2004 بجلسة 5/ 1/ 2005 والقاضي منطوقه : (مجازاة أ.د./ محمد عبد الحكيم مكاوي أستاذ علاج الأورام والطب النووي ورئيس مجلس قسم الأشعة العلاجية بكلية الطب-بجامعة أسيوط-بعقوبة اللوم).وطلب الطاعن-للأسباب الواردة بتقرير الطعن-الحكم بقبول الطعن شكلا وإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن مما نسب إليه وإلزام جهة الإدارة المصروفات والأتعاب.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء مجددا ببراءة الطاعن مما نسب إليه.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 22/ 5/ 2006 وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 22/ 1/ 2007 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة –موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 10/ 2/ 2007 ونظرت المحمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية لها على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 21/ 4/ 2007 قررت إصدار الحكم بجلسة 2/ 6/ 2007 مع التصريح لمن يشاء بتقديم مذكرات خلال ثلاثة أسابيع ومضي الأجل المصرح له دون إيداع ثمة مذكرات وبجلسة 2/ 6/ 2007 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 23/ 6/ 2007 ثم لجلسة 2/ 7/ 2007 لاستمرار المداولة وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد المقرر قانونا وإذ استوفي سائر أوضاعه الشكلية الأخرى المقررة قانونا فمن ثم فإنه يكون مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة-تخلص-حسبما يبين من القرار المطعون فيه وسائر الأوراق الأخرى-في أنه بتاريخ 3/ 7/ 2004 صدر قرار رئيس جامعة أسيوط رقم 825 لسنة 2004م بإحالة الدكتور/ محمد عبد الحكيم مكاوي استاذ علاج الأورام والطب النووي ورئيس مجلس قسم الأشعة العلاجية بكلية الطب بجامعة أسيوط إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط لأنه خرج على مقتضي الواجب الوظيفي في أعمال الوظيفة والقيم والتقاليد الجامعية بأنه :
1-بصفته رئيسا للجنة الفنية المشكلة في الممارسة الخاصة لشراء مستلزمات وحدة الطب النووي بالمستشفي قام بوضع أسعار تقديرية لتلك المستلزمات بشكل جزافي ومغالي فيه وبما لا يتفق مع أسعار السوق السائدة والمعايير المعمول بها الأمر الذي ترتب عليه إهدار المال العام بما يوزاي 93885 جنيه (ثلاثة وتسعون ألفا وثمانمائة وخمسة وثمانون جنيها) وهو قيمة الفرق بين القيمة الحقيقية لتلك المستلزمات والقيمة التس رست بها الممارسة وهذا يعتبر إخلالا جسيما منه في القيام بأداء واجباته الويظفية وتقصيرا معيبا فيما يفترض أن يكون عليه من واجب الحرص على المصلحة العامة.
2-وضع نفسه موضع الشك والريبة عندما استمر في ممارسة دوره في أعمال اللجنة الفنية في الممارسة المنوه عنها في البند السابق رغم علمه أن شركة جاما تريد المملوكة لا قاربة تقدمت بعطائه في هذه الممارسة وكان من الواجب عليه أن يتنحي عن جميع الأعمال المرتبطة بهذه الممارسة بل ولا يشارك بأي صورة ن الصور في إجراءاتها تطبيقا لأحكام القانون ودرأ لشبهة المجاملة إلا أنه خالف تلك الأعراف والقواعد المنظمة للمناقصات والمزايدات واستمر في رئاسة اللجنة بما يوحي بتفسير هذا المسلك تفسيرا لا يتفق مع القيم والتقاليد الجامعية يعتبر ماسا بمركزه الوظيفي.
وقيدت الواقعة مخالفة عملها بموجب المواد 95، 96، 105، 109، 110 من القانون رقم 49 لسنة 1972 في شأن تنظيم الجامعات وتعديلاته الصادرة بالقانون رقم 142 لسنة 1994.
وتدوول نظر الدعوى أمام مجلس التأديب المذكور وذلك على النحو الثابت بمحاضر جلساته وبجلسته المنعقدة في 5/ 1/ 2005 أصدر قراره المطعون فيه والقاضي بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم وشيد مجلس التأديب قضاءه استنادا إلى الأسباب الواردة تفصيلا بمدوناته وتوجز في أنه بالنسبة لما نسب إلى الطاعن في البند من تقرير الاتهام سالف الذكر فإن الثابت من تقدير اللجنة الثلاثية للمعهد القومي للأورام-جامعة القاهرة والمشكلة بناء على قرار المجلس بجلسته المنعقدة في 25/ 7/ 2004 أنه بمناظرة الأسعار وجد أن السعر مناسب لسعر السوق السائد في مثل هذا التوقيت وأنه لا توجد مخالفة سعرية أو فنية للعملية المشار إليها محل المخالفة ولما كانت تلك اللجنة تعتبر لجنة فنية ومحايدة وأن المجلس يطمئن على ما ورد بتقريرها وبناء على ذلك قضي ببراءته مما هو منسوب إليه في البند من تقرير الاتهام بعد ثبوت المخالفة في جانبه كما أقام المجلس قضاءه لما هو منسوب إلى الطاعن في البند من تقرير الاتهام على أن الثابت من اعتراف الطاعن ومن أقوال جميع أعضاء اللجنة الفنية أنه توجد صلة قرابة بين الطاعن ومساهمي شركة جاما تريد التي رسي عليها العطاء ومن ثم فإنه كان يجب عليه بصفته رئيسا للجنة الفنية أن يتنحي عن السير في أعمال هذه اللجنة حتى يبعد عن نفسه أية شكوك أو ظنون يمكن أن تحيط بموقفه أما أنه وقد استمر في أعمال اللجنة على الرغم من وجود صلة القرابة فإنه يكون وضع نفسه موضع الشبهات ومن ثم فإنه يتعين القضاء بمجازاته عن البند من قرر الإحالة وتوقيع الجزاء المناسب والذي يقدره المجلس بعقوبة اللوم.
وإذ لم يلق هذا القرار قبولا لدى الطاعن فقد أقام طعنه الماثل ناعيا على القرار المطعون فيه مخالفته القانون فضلا عما شابه من إخلال جسيم بحقوق الدفاع وذلك للأسباب المبنية تفصيلا بتقرير طعنه وتوجز في أن المخالفة الثانية المنسوبة إليه جاءت عارية من الصحة تماما إذ لا يؤيدها نص قانوني أو لائحي، لا في قانون الجامعات ولا في قانون العاملين المدنيين بالدولة ولا في قانون المناقصات والمزايدات ولا في لائحته التنفيذية يحرم على الأستاذ الجامعي الاشتراك في اللجان التي تتعامل ماليا مع أي من أقاربه ولم يرد المجلس على دفاع الطاعن في هذا الخصوص مما جعل القرار بالإدانة خاليا من أي أساس أو سند قانوني كما برأ المجلس الطاعن من المخالفة الأولى وأن إرساء التوريد على شركة معينة يتم بمعرفة لجنة البت والتي لم يكن للطاعن أي تأثير عليها أو أي دخل بأعمال هذه اللجنة فأين الشك والريبة الذي وضع الطاعن نفسه فيه فضلا عن أن اللجنة الفنية التي عوقب الطاعن على استمراره في عضويتها قد أقرت صلاحية جميع العروض وكانت لجنة البت قد فصلت أفضل العروض وفي حضور جميع مندوبي الشركات المتنافسة جميعها ولم يتقدم أي منهم بأية شكوى، الأمر الذي يؤكد سلامة أعمال لجنة البت جميعها فإذا كانت شركة جامد تريد-والتي يرتبط الطاعن بصلة قرابه بأصحابها-قد فازت بالنصيب الأوفر في هذه الممارسة لا يعيبها ولا يعيب الطاعن حيث أن فوزها إنما تم لأنها قدمت السعر الأقل.
ومن حيث إن نطاق الطعن الماثل يقتصر على طلب الحكم بإلغاء القرار الطعين فيما قضي به من مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم عن المخالفة المنسوبة إليه في البند ثانيا من قرار الإحالة المنوه عنها سلفا والقضاء مجددا ببراءته من هذه المخالفة.
ومن حيث غن مقطع النزاع ينحصر في بيان ما إذا كان يحظر على العاملين بالجهات التي تسرى عليها أحكام القانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية الاشتراك في عضوية اللجان المنصوص عليها في ذلك القانون ولائحته التنفيذية والتي تشكلها تلك الجهات عند لجوئها إلى أي طريق من طرق التعاقد لشراء احتياجاتها من المنقولات أو التعاقد على مقاولات الأعمال أو النقل أو على تلفي الخدمات والدراسات الاستشارية والأعمال الفنية وذلك في حالة ما إذا كان هناك ثمة عطاء أو عرض مقدم ممن يرتبطون بهم بصلة قرابة.
ومن حيث إنه من الأسس التي يقوم عليها تعاقد الجهات الإدارية مع الأفراد أو الهيئات عن طريق المناقصة العامة أو الممارسة العامة خضوعها لمبادئ العلانية وتكافؤ الفرص والمساواة وحرية المنافسة إعمالا لحكم المادة الثانية من القانون رقم 89 لسنة 1998 سالف الذكر.
ومن حيث إن المشرع قد أخضع كل طريق من طرق التعاقد المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادة الأولى من القانون المذكور لتنظيم قانوني محدد بقواعد وضوابط وإجراءات معينة كما جعل عملية اختيار جهة الإدارة للمتعاقد عن طريق المناقصة العامة أو الممارسة العامة تمر بمراحل متتابعة تستقل كل مرحلة بقواعدها وإجراءاتها كما نص المشرع على تشكيل لجان خلال تلك المراحل وأناط بكل لجنة مهمة محددة تختلف عن المهام الأخرى المسندة إلى اللجان الأخرى.
بدءا باللجنة الفنية واختصاصها سابق على طرح العملية للتعاقد ومرورا بلجنة فتح المظاريف مادية وانتهاء بلجنة البت التي حرص المشرع على تنظيم عملها بقواعد تفصيلية لكونها المرجع النهائي فيما يتعلق بنتيجة المناقصة العامة أو الممارسة العامة وسلطتها في هذا الشأن مقيدة بمراعاة شروط المناقصة والالتزام بمبادئ المساواة والفرص المتكافئة للمناقصين وكفالة حرية المنافسة بينهم الأمر الذي يقتضي توفير الضمانات للمتنافسين واطمئنانهم إلى حياد الموظفين القائمين بعمل هذه اللجنة حتى يتم البت في عطاءاتهم في جولا يشوبه ميل أو هوى وإلا اختلت قاعدة المساواة بين المتنافسين وهي دعامة المناقصات العامة ومن ثم فإن اشتراك موظفين في عضوية لجنة البت أو اللجان الفرعية المنبثقة منها سواء كانت ظنية أو مالية فمن تربطهم صلة قرابة بأحد المتقدمين بعطاء يلقي ظلالا من الشكوك والريب على سلامة عمل لجنة البت ويحس الأصول التي تكفل حياد عملية التعاقد حيث أن الدور الذي تقوم به تلك اللجنة أساس في عملية التعاقد حيي تلتزم باختيار المتعاقد الذي يقدم أفضل الشروط المالية كما تقتضي المصلحة الفنية اختيار أكفأ المتقدمين فنيا لأداء الخدمة وتلتزم السلطة المختصة بألا تتعاقد إلا مع من أوصت لجنة البت بالترسية على عطائه ومن ثم فإن التوفيق بين هذين الاعتبارين لحفظ المالية العامة مع عدم إهدار الاعتبارات الفنية يقتضي احترام قاعدة المساواة بين المتنافسين في العطاء وحظر المحاباة أو التسامح أو المغايرة في المعاملة بين أصحاب العطاءات دون الاستناد إلى سبب موضوعي في ميدان تسوده المنافسة مما يتطلب وجوب احترام الجهة الإدارية لأحكام القانون المذكور وتطبيقها بطريقة واحدة وبشفافية عند إجراء المفاضلة والمقارنة بين المتناقصين أو الممارسين على أساس موضوعي بما يحقق المساواة بين هؤلاء المتنافسين للوصول إلى صاحب أقل العطاءات وترتيب أولويته بين العطاءات تبعا لذلك وبما يضمن معه أنها لا تستطيع أن تستبدل بصاحب العطاء الأفضل أحدا غيره مما جعل التطبيق الصحيح لأحكام القانون المذكور يدور وجودا وعدما مع مدى مراعاة تلك المبادئ فضلا عن وجوب تجرد القائمين على تطبيقه من أية ميول شخصية أو هوى لأن هذا التجرد هو الذي يحقق الحيدة والنزاهة الموضوعية إلا أنه لا مجال لأعمال الحظر المثار بالنسبة لعضوية أو رئاسة اللجنة الفنية المنوه عنها سلفا لأن عملها سابق على طرح العملية والتقدم بالعطاءات وكذا عضوية أو رئاسة لجنة فتح المظاريف لأن عملها بعيدا عن فحص العطاءات والبت في المناقصة أو الممارسة العامة وإنما نطاق بحث هذا الحظر يقتصر على الاشتراك في عضوية أو رئاسة لجنة البت نظرا لأهمية المهمة المنوطة بها والآثار المترتبة على توصياتها.
ومن حيث إنه باستعراض الأعمال المحظورة سواء المنصوص عليها في القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات أو قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 أو القانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998 يبين أنها خلت من ثمة نص صريح يحظر على الموظفين المخاطبين بأحكامها الاشتراك في عضوية أو رئاسة اللجان المنصوص عليها في قانون المناقصات والمزايدات المذكور في حالة التقدم بعطاءات أو عروض من أقارب لهم في حين أن الثابت أن المشرع حظر بمقتضي المادة 39 من القانون رقم 89 لسنة 1998 سالف الذكر على العاملين بالجهات التي تسرى عليها أحكام هذا القانون التقدم بالذات أو بالواسطة-بعطاءات أو عروض لتلك الجهات وهو ما فصلته المادة 136 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الأمر الذي يستفاد منه أن المشرع حظر بصريح العبارة بمقتضي تلك النصوص سواء في قانون المناقصات والمزايدات أو لائحته التنفيذية-على العاملين بوحدات الجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة أن يتقدموا بعطاءات أو عروض لتلكل الجهات، كما حظر المشرع شراء أصناف من هؤلاء العاملين أو تكليفهم بتنفيذ أعمال وذلك لحكمة غير خافية وهي ألا يكون لعلاقة هؤلاء الوظيفة أي تأثير على عملية إعداد العروض واختيار أفضلها والتي يتعين أن تتوافر فيها الحيدة الكاملة من قبل العاملين بالجهة الإدارية تحقيقا لمبادئ المساواة والعلانية وتكافؤ الفرص والشفافية التي تتنافي مع تقدم أحد العاملين بالجهة التي طرحت المناقصة أو الممارسة العامة بأي عرض من العروض يقدم على أساس صلته بالمناقصة ومتابعته لإجراءاتها وقدرته على التعرف على أقل الأسعار وأفضل الشروط قبل البت فيها.
ومن حيث إنه ومن جهة أخرى فإن المادة 77 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه : (يحظر على العامل:
1-…………… 2-……………. 3-مخالفة اللوائح والقوانين الخاصة بالمناقصات والمزايدات والمخازن والمشتريات وكافة القواعد المالية.
14-ويحظر على العامل بالذات أو بالواقعة : ( أ ) ……………….. (ب) ………………………..
هـ-أن يزاول أي أعمال تجارية وبوجه خاص أن يكون له أي مصلحة في أعمال أو مقالاوت أو مناقصات تتصل بأعمال وظيفته.
كما نصت المادة 78 من ذات القانون على أنه : (كل عامل يخرج على مقتضي الواجب في أعمال وظيفته أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يجازي تأديبيا …).
ومن حيث إنه مفاد ما تقدم أن المشرع نص على أنه من ضمن الأعمال والتصرفات المحظورة على جميع العاملين-مزاولة الأعمال التجارية وأن هاذ الحظر لا يشترط فيه احتراف التجارة أي مزاولة الأعمال التجارية بصفة مستمرة ومنتظمة بل أن مراد الحظر هو أن يزاول الموظف أو العامل ما يعد عملا تجاريا في مفهوم القانون التجاري وهو ما يتميز بعنصر جوهري هو المضاربة أي السعي للحصول على الربح، كما يمتد نطاق هذا الحظر بوجه خاص ليشمل أي أعمال أو مقاولات أو مناقصات تتصل بأعمال وظيفته تكون له أي مصلحة فيها نزولا على مقتضي نظرية عدم تعارض المصالح والتي يحظر بموجبها على الموظف القيام بأي عمل من الأعمال المرتبطة بواجبات وظيفته إذا تعارضت مصلحته الخاصة مع مصلحة الجهة الإدارية مما يوجب تنحيه عن تلك الأعمال إذا تعارضت المصالح-المصلحة العامة ومصلحة الموظف صونا للمصلحة العامة ورعايتها والمحافظة عليها وعدم المساس بها أو التأثير عليها بأي وجه من الوجوه.
ومن حيث إنه وإن كان المشرع قد نص صراحة على أعمال وتصرفات محظورة على جميع العاملين إلا أنها لم تتقرر على سبيل الحصر وإنما ورد النص عليها على سبيل المثال لأنها لا تشكل في الواقع كافة الأعمال والتصرفات المحظورة التي قد تضع الموظف في مواطن الشبهات والريب بدليل أن المشرع في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة-باعتباره يمثل الشريعة العامة في مسائل الوظيفة العامة ومنها مسألة التأديب-خصص المادة 76 لبيان الواجبات الوظيفية، ثم نص في المادة 77 منه على قائمة بالمحظورات ثم قضي في المادة 78 منه بأن كل عامل يخرج على مقتضي الواجب في أعمال وظيفته أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يجازي تأديبيا-وعلى ذلك حظر المشرع أي خروج على مقتضيات الوظيفة في جميع نواحيها ومن ثم كان هذا النص يشمل كافة المحظورات الأخرى التي لم ينص عليها صراحة وبالتالي فإنه يجب على كل موظف أن يكون أمينا في أداء واجبات الوظيفة إذ يقع على عاتقه التزام بأن يتجنب الأعمال التي قد تعرضه لسوء السمعة-سواء بحق أو بغير حق-فيجب عليه عدم إتيانها أو مقارفتها أو تلك الأعمال الماسة بحسن السلوك والسيرة الحسنة أو لها تأثيرات سليبة على واجب الحرص على اعتبار وكرامة الوظيفة وأن يبتعد عن كل ما من شأنه أن يضعه مواطن الريب والشبهات، إذ من المسلم به أنه من المتعذر حصر واجبات العاملين والأعمال المحظورة عليهم إذ أنها بطبيعتها لا تقبل حصرا وتحديدا لعدة اعتبارا تكمن في تنوع الوظائف في المجموعات النوعية المختلفة التي تشتمل عليها وطبيعة الوظيفة ذاتها ومستواها وما تستلزمه من وقار وركامة وذلك تبعا لنوع كل وظيفة ومدى درجة الصعوبة فيها ومسئوليتها ومدى أهميتها بالنسبة لغيرها من الوظائف فضلا عن اختلاف هذه الوظائف من وحدة إدارية إلى أخرى بسبب اختلاف ظروف العمل بين تلك الوحدات ومن ثم فإنه نزولا على مقتضي ما تقدم فإنه وإن كانت العقوبات التأديبية معينة بنص فإن المخالفات التأديبية غير محددة ذلك أن الوظيفة العامة ذات طابع تكليفي بالنسبة للقائمين بها إذ أنها تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة من خلال أداء الخدمات للمواطنني ومن منطلق هذا الطابع فإنها تفرض على شاغلها واجبات وتقيده بمحظورات في جميع أحواله سواء نص عليها المشرع أو لم ينص عليها وسواء داخل نطاق الوظيفة التي يشغلها عند قيامه بواجباتها أو في حالة تكليفه بعمل غير عمل وظيفته الأصلية أي ما يأتيه عن طريق عمله الأصلي أو بسببه وكذلك سلوكه وسمعته خارج نطاق عمله مما ينعكس عليه في عمله الوظيفي ويؤثر عليه ويمسي الجهة التي يعمل بها أخذا في الاعتبار بمستوى الوظيفة التي يشغلها وعلى ذلك فإن المخالفة التأديبية ليست فقط إخلال الموظف بواجبات وظيفته إيجابا أو سلبا وإنما تنهض كذلك إذا خرج على مقتضي الواجب في أعمال وظيفته وذلك عند سلوكه سلوكا معيبا ينطوى على إخلال بكرامة الوظيفة أو لا يستقيم مع ما تفرضه عليه من تعفف واستقامة أو عدم تجنبه البعد عن مواطن الريب والشبهات وعلى ذلك يصعب إجرء تقنين بجامع مانع للجرائم التأديبية على غرار الجرائم الجنائية حتى يتسني تحديد العقوبات التأديبية المقابلة لها على وجه الدقة طبقا لما هو متبع في قانون العقوبات ومن ثم فإنه-وبالبناء على ما تقدم فإنه يجب على الموظف أن يتجنب اقتراف أيا من الأعمال والتصرفات المحظورة سواء تلك التي نص عليها المشرع صراحة أو لم ينص عليها وإنما تقتضيها قواعد سير العمل بالموافقة العامة بانتظام وإجراءات وبمراعاة أن تلك القواعد في تطور وتغير دائمين ومستمرين نظرا لقابليتها للتغيير والتبديل تبعا للتقدم العلمي والتكنولوجي في المجتمع لذا مستحيل إجراء تحديد شامل لتلك الواجبات الوظيفية وكافة المحظورات على وجه الدقة حتى في نطاق المجموعات الوظيفية الواحدة-طبقا لما سلف بيانه.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعة النزاع فإنه لما كان الثابت من مطالعة أوراق الطعن أن جامعة أسيوط أعلنت عن إجراء ممارسة عامة لشراء مستلزمات وحدة الطب النووي للمستشفي الجامعي وصدر قرار رئيس الجامعة المؤرخ 15/ 5/ 2003م بتشكيل لجنة البت في هذه الممارسة برئاسة الدكتور/ مرسي محمد مرسي مدير عام المستشفيات الجامعية وكان الطاعن ضمن أعضائها فتقدم لتلك الممارسة أربعة عروض وقررت لجنة البت بجلستها المنعقدة في 5/ 6/ 2003 تشكيل لجنة فنية من ضمن أعضائها برئاسة الطاعن وعضوية كل من/ الدكتورة سامية عبد الكريم حسن والدكتور/ مصطفي سيد مصطفي والدكتور/ حسين ربيع صالح وكلفتها بدراسة هذه العطاءات من الناحية الفنية دراسة فنية مفصلة ودقيقة في ضوء شروط ومواصفات الطرح الفنية والنشرات والكتالوجات المقدمة وأي تفصيلات فنية أخرى وإعداد تقرير فني مفصل بشأنها متضمنا عمل اللجنة الفنية في شأن هذه العطاءات ويرفع إلى لجنة البت في وقت لاحق فقامت تلك اللجنة بإعداد تقريرها الفني المتضمن الدراسة الفنية للعطاءات الأربعة وموقع عليه من رئيس اللجنة وأعضائها وتضمنت هذه الدراسة كل بند على حدة وتحديد العطاءات المطابقة والغير مطابقة مع بيان أسباب المطابقة وأسباب عدم المطابقة وتم عرض هذا التقرير على لجنة البت بجلستها المنعقدة في 2/ 7/ 2003 فقامت بدراسته كما قامت لجنة البت بجلسة 16/ 9/ 2003 بفتح المظاريف المالية وإحالتها إلى اللجنة المالية التي شكلتها من أعضاء الجانب المالي بلجنة البت لإعداد تقرير مالي مفصل عنها في ضوء كراسة الشروط والمواصفات المطروحة ودراسة كل بند من بنود الأصناف المطلوب شراؤها وبعد ممارسة الشركات التي تقدمت بعطاءاتها ومنها شركة "جاما تريد"-وإجراء الدراسة لأسعار الأصناف التي تم التوصل إليها مع تلك الشركات ومقارنتها بالقيمة التقديرية للعملية-تم الترسية على الشركة المذكورة لعدد 16 صنف بنسبة 80% من الأصناف المقبولة.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت أن الطاعن كان رئيسا للجنة الفنية المشكلة في الممارسة المشار إليها وقد ثبت وباعترافه في التحقيق الذي أجرى معه بأن أحد العروض وهو العرض المقدم من شركة جاما تريد مقدما من ابن عمله الدكتور/ محمد يحيى مكاوي مالك هذه الشركة، ورغم ذلك استمر في رئاسة تلك اللجنة حتى انتهائها من إعداد تقريرها-كما شارك في عمل لجنة البت في حين كان لا يسوغ له أن يغفل عن صفته كموظف عام وكان يجب عليه أن يبتعد عن جميع الأعمال المرتبطة بتلك الممارسة وأن يتنحي عن الاشتراك في عضوية لجنة البت ورئاسة اللجنة الفنية المذكورة طالما كان أحد العروض المقدمة في الممارسة المذكورة من ممارس تربطه به صلة قربي لغاية الدرجة الرابعة-أساس ذلك أنه يجب على الموظف أن يكون أمينا في أداء واجباته الوظيفية في كل عمل يؤديه بغض النظر عن ظروف إسناد العمل إليه وأن يبتعد عن ما من شأنه أن يسيئ إلى سمعته أو يضعه مواطن الريب والشبهات وإذ ثبت أن الطاعن أخل بهذا الواجب مما يثير الشبهة حول الترسية على تلك الشركة في حين كان يجب عليه ألا يقبل عضوية لجنة البت أو أي عمل فيها لدرء شبهة المجاملة مما يشكل في حقه مخالفة تأديبية ومن ثم أضحي مستأهلا العقاب التأديبي لخروجه على مقتضي واجبه الوظيفي.
ومن حيث إنه وإن كانت المخالفة سالفة الذكر والتي ارتكبها الطاعن تضعه موضع الشك والشبهات وبالرغم من ثبوت هذه المخافة في حقه إلا أنه متى ثبت عدم وجود مخالفة فنية شابت تقرير اللجنة الفنية المذكورة وذلك على النحو الوارد بتقرير اللجنة التي شكلها مجلس التأديب المذكور-أنه وإن كان ذلك لا ينفي عن الطاعن المخالفة المنسوبة إليه وأنه كان يجب عليه الاعتذار عن المشاركة في أعمال تلك الممارسة-إلا أنه إزاء ما ثبت من أن الأسعار التي توصلت إليها لجنة البت بعد ممارسة أصحاب العروض للأصناف المطلوبة مناسبة لأسعار السوق السائدة وأن الجامعة لم تتحمل بفروق أسعار تزيد عن الأسعار السوقية للأصناف الموردة، ومن ثم فإنه لم يترتب أي ضرر مادي من جراء رئاسة الطاعن لتلك اللجنة الفنية واستمراره في عضوية لجنة البت فضلا عن أن إدارة المستشفي وإدارة الشئون القانونية بالجامعة كان يتم عن طريقهما الاستعانة به في عضوية اللجنة الفنية في الممارسات العامة التي كان يتم الإعلان عنها منذ خمسة عشر سنة وكانتا يعلما بوجود صلة قرابة بينه وبين مالك الشركة المذكورة والتي كان تتقدم بعرضوها فيها ومن ثم تكون الجهة الإدارية قد أخطأت أيضا في إسناد هذا العمل إليه وأنه إزاء ثبوت حسن نيته وأنه لم يسبق توقيع جزاء تأديبي عليه عن مثل هذه المخالفات ولما كان يتعين أن يكون الجزاء التأديبي متناسبا مع الذنب الإداري-في ضوء الظروف والملابسات المصاحبة لاقترافه وإلا أضحي غير مشروع وإذ كان الجزاء سالف الذكر يتسم بالشدة لذا فإن الممحكمة تقضي بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم وترى أن الجزاء المناسب لما أتاه هو عقوبة التنبيه.
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء مجددا بمجازاة الطاعن بعقوبة التنبيه.صدر هذا الحكم وتلي علنا في جلسة يوم الأحد الموافق 2/ 7/ 2007 ميلادية، و18 جماد ثان لسنة 1428 هـجريه بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
