المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 15688/ 49ق.عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا- الدائرة السابعة
بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة برئاسة السيد الأستاذ المستشار/
عادل محمد زكي فرغلي
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمد الشيخ على أبو زيد نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد المنعم أحمد عامر نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار د / سمير عبد الملاك منصور نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد منصور علي منصور نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / أحمد يسري زين العابدين مفوض الدولة
وسكرتارية السيد الأستاذ / خالد عثمان محمد حسن سكرتارية المحكمة
أصدرت الحكم الاتى
في الطعن رقم 15688 لسنة 49 ق.علياالمقام من
عبد المنعم عبد الغفار فتح اللهضد
1- وزير العدل2- رئيس مجلس الدولة
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق 16/ 9/ 2003 أودع الأستاذ/ منصف نجيب المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا عريضة الطعن طالباً الحكم بأحقية الطاعن في صرف المقابل النقدي لكامل رصيده من الأجازات الإعتيادية التي لم يستنفذها طوال مدة خدمته والتي لم تقم جهة الإدارة بصرفها له.وقد تم إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وقد جرى تحضير الطعن بهيئة مفوضي الدولة وقدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ومن الموضوع بأحقية الطاعن في تقاضي المقابل النقدي لرصيد اجازاته الإعتيادية التي لم يحصل عليها محسوبا على أجره الأساسي مضافا إليه العلاوات الخاصة عند إنتهاء خدمته مع مراعاة خصم ما سبق صرفه.
وقد نظرت المحكمة الطعن بجلسة 16/ 1/ 2005 وفيها قررت حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات من خلال ثلاثة أسابيع، وقد أودعت الجهة الإدارية المطعون ضدها مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم برفض الطعن، وقد صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.من حيث أن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث أن واقعات الطعن تخلص في أن الطاعن قد ذكر في عريضة طعنه بأنه كان يعمل بمجلس الدولة وتدرج في الوظائف به حتى شغل وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة وأحيل إلى المعاش في 19/ 8/ 1998 ولم تقم جهة الإدارة بصرف المقابل النقدي لكامل رصيده من الأجازات الإعتيادية التي لم يحصل عليها بسبب ظروف العمل بمجلس الدولة ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بحكمها الصادر بجلسة 6/ 5/ 2000 في الدعوى رقم 2/ 21 ق دستورية بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 65 من القانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد اجازاته الإعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر فإنه بصدور هذا الحكم يحق للطاعن المطالبة بصرف المقابل النقدي لكامل رصيده من الاجازات الإعتيادية التي لم يحصل عليها طوال مدة خدمته.
تابع الحكم الصادر فى الطعن رقم 15688/ 49ق.عليا
ومن حيث أنه عن الموضوع فإن المادة رقم من الدستور تنص على أن (العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة ويكون العاملون الممتازون محل تقدير الدولة والمجتمع ولا يجوز فرض أي عمل جبرا على المواطنين إلا بمقتضى قانون ولأداء خدمة عامة وبمقابل عادل.
ومن حيث أن المادة الأولي من القانون رقم 219/ 1991 بتعديل نص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه " يستبدل بنص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 النص الآتي:
فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاذ رصيده من الأجازات الإعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسي مضافا إليه العلاوات الخاصة التي كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يجاوز أجر أربعة أشهر ولا تخضع هذه المبالغ لأية ضرائب أو رسوم.
وتنص المادة الثانية من القانون رقم 219 لسنة 1991 المشار إليه على أن "تسرى أحكام هذا القانون على العاملين بكادرات خاصة ويلغي كل حكم ورد على خلاف ذلك في القواعد المنظمة لشئونهم.
وتنص المادة الثالثة على أن " ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشره وقد نشر في 7/ 12/ 1991".
ومن حيث أن مفاد ما تقدم أن الدستور خول السلطة التشريعية سلطة تنظيم حق العمل بما لا يمس بحقوق العامل ويندرج تحتها الحق في الإجازاة السنوية التي لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل استحقها وإلا كان ذلك عدوانا على صحته البدنية والنفسية وإخلالا بالتزاماتها الجوهرية التي لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها وقد جعل المشرع الحق في الاجازة السنوية حقا مقررا للعامل يظل قائما ما بقيت الرابطة الوظيفية قائمة وأجاز للعامل الإحتفاظ بما يكون له من رصيد الاجازات الاعتيادية السنوية مع وضع ضوابط للحصول على اجازة من هذا الرصيد أثناء مدة خدمة العامل فإذا انتهت مدة خدمة العمل قبل تمكنه قانونا أو فعلا من استنفاذ ما تجمع له من رصيد الاجازات الإعتيادية حق له اقتضاء بدل نقدي عن هذا الرصيد كتعويض له عن حرمانه من هذه الاجازات وقد قيد المشرع اقتضاء هذا البدل بشرط ألا تجاوز مدة الرصيد التي يستحق عنها البدل النقدي أربعة اشهر إلا أن المحكمة الدستورية العليا انتهت في القضية رقم 2 لسنة 21 قضائية دستورية بجلسة 6/ 5/ 2000 إلى الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد اجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعا إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل وقد أسست حكمها على أنه كلما كان فوات الاجازة راجعا إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها فيجوز للعامل عندئذ أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة إذا ان اقتضاء ما تجمع من اجازاته السنوية على هذا النحو ممكنا عينا وألا كان التعويض النقدي عنها واجبا تقديرا بأن المدة التي امتد اليها الحرمان من استعمال تلك الاجازة مردها إلى جهة العمل فكان لزاما بأن تتحمل وحدها تبعة ذلك ولما كان الحق فى التعويض لا يعدو ان يكون من عناصر الذمة المالية للعامل مما يندرج فى ايطار الحقوق التي تكفلها المادتان 32، 34 من الدستور اللتان صان بهما الملكية الخاصة والتي تتسع للأموال بوجه عام فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مخالفا للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة ومن حيث أن قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية يكتسب حجية مطلقة في مواجهة الكافة بما في ذلك أجهزة الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولا فصلا لا يقبل تأويلا ولا تعقيبا من أي جهة كانت ومن ثم فإن المحكمة تتقيد بقضاء المحكمة الدستورية العليا المشار إليها وتعمل مقتضاه على وقائع الطعن الماثل باعتبار ان هذا القضاء يعد كاشفا عما بالنص التشريعي من عوار دستوري مما يؤدي إلى زواله وفقده قوة نفاده منذ بدء العمل به دون أن يغير من ذلك التعديل الذي استحدثه المشرع رقم 168 لسنة 1998 حيث جرى قضاء هذه المحكمة على أن التعديل لم يأت بجديد فيما يتعلق بالنصوص غير الضريبية فلا يغير من أعمال الأثر الرجعي للحكم بعدم الدستورية من تاريخ نفاذ النص المقضي بعدم دستوريته إعمالا للأصل العام وهو الأثر الكاشف لأحكام المحكمة الدستورية العليا ومما يؤكد ذلك ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 168/ 1998 من أن هذا التعديل استهدف أولا تخويل المحكمة سلطة تقرير أثر غير رجعي لحكمها على ضوء الظروف الخاصة التي تتصل ببعض الدعاوى الدستورية التي تنظرها بمراعاة العناصر المحيطة بها وقدر الخطورة التي تلازمها.
ثانيا: تقرير أثر مباشر للحكم إذا كان متعلقا بنص ضريبي.
تابع الحكم الصادر فى الطعن رقم 15688/ 49ق.عليا
وبناء عليه فإن مفاد النص بعد التعديل أن المشرع غاير في الحكم بين النص الضريبي المقتضي بعدم دستوريته بتقرير أثر مباشر له وبين الحكم بعدم دستوريته نص غير ضريبي وذلك بتقرير أثر رجعي له كأصل عام مع تحويل المحكمة الدستورية سلطة تقرير أثر غير رجعي لحكمها وهذا ما اعتنقته المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بجلسة 16/ 3/ 2003".
القضية رقم 154 لسنة 21 ق دستورية بقولها أن مقتضى حكم المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا يعد تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 هو عدم تطبيق النص المقضى بعدم دستوريته على الوقائع اللاحقة لليوم التالي لتاريخ نشر الحكم الصادر بذلك وكذلك على الوقائع السابقة على هذا النشر إلا إذا حدد الحكم الصادر بعدم الدستورية تاريخا آخر لسريانه.
ومن حيث أن نص الفقرة الأخيرة من المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المحكوم بعدم دستوريته قد حجب عن المدعي أصل حقه في الحصول على المقابل النقدي لرصيد اجازاته الاعتيادية فيما جاوز الشهور الأربعة المنصوص عليها في المادة سالفة البيان فإن مؤدي ذلك أحقية الطاعن في هذا المقابل عن كاملا رصيد اجازاته الاعتيادية التي حرم منها بسبب مقتضيات العمل وذلك كتعويض عن حرمانه من هذه الاجازات.
ومن حيث أنه لا يغير مما تقدم القول بأن ملف خدمة الطاعن قد خلا مما يفيد تقدمه بطلبات بالحصول على اجازات لم يبت فيها أو رفضت أو مما يفيد أن عدم حصوله على رصيد اجازاته الاعتيادية المطالب بصرف المقابل النقدي عنها كان راجعا إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل سواء عمت هذه الأسباب كامل المرفق صدعا بطبيعة العمل فيه دوما أو مؤقتا أو خصت وظائف معينة طوعا لمقتضياته أو اقتصرت على الطاعن وذلك إثباتا لأن عدم حصول الطاعن على اجازاته السنوية لم يكن مرجعه ظروف العمل ذلك انه فضلا عن أن التطبيق السليم لقاعدة الأجر مقابل العمل يؤدي إلى القول بأنه إذا أدي العامل عمله استحق عنه أجره فإن العلة تدور مع المعلول وجودا وعدما فإذا تحقق المناط بعدم القيام بالأجازة وأداء العمل تحقق المعلول وهو منح المقابل وبذل يتحقق التوازن الحقيقي بين العامل وجهة الإدارة التي لا شك أثرت بمقدار قيمة مدة العمل التي كان يستحق العامل عنها اجازة خاصة وأنه لا يتصور عقلا ومنطقا في ظل أحكام كانت تحدد الحد الأقصى لمقابل الاجازات بأنها أربعة أشهر ألا يطالب العامل أجازة اعتيادية اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها ومن ثم يتعين على جهة الإدارة تعويضه عنها.
ومن حيث أنه يبين من مطالبة أحكام المواد 109، 10، 106، 105، 57، 56 ، 55 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 أن المشرع قد أناط بالجمعيات العمومية للمحاكم النظر في المسائل المتصلة بنظامها وأمورها الداخلية وتوزيع الأعمال بين أعضائها أو بين دوائرها كما حدد المشرع العطلة القضائية السنوية والتي تبدأ من أو يوليه وتنتهى في أخر سبتمبر كل عام ولم يجز لأعضاء المحاكم الحصول على أجازة في غير العطلة القضائية وبشرط أن تسمح حالة العمل بذلك إلا أن المشرع من ناحية أخرى أوجب صراحة على المحكمة الإستمرار في نظر بعض الدعاوى كالدعاوى التأديبية والمستعجلة من القضايا كما أوكل على الجمعيات العمومية للمحاكم تنظيم العمل سواء خلال العطلة القضائية أو خلال فترات العمل من ناحية تحديد عدد الجلسات وأيام انعقادها ومن يقوم من الأعضاء بالعمل فيها بما يجعل من رغبة العضو في استنداء اجازته السنوية أما مرهونا دائما بالنظام الذي قررته الجمعية العمومية للمحكمة في شأن انعقاد جلسات الدوائر المختلفة باعتبار أن العمل القضائي عمل جماعي بطبيعته وإلا ترتب على ذلك الإخلال بحسن سير العمل القضائي وارتباك أدائه في تحقيق العدالة الناجزة وتأخر الفصل في المنازعات وعلى ذلك فإن عدم حصول عضو مجلس الدولة على أجازته السنوية أو حصوله عليها إنما يرتبط دائما بالتنظيم الذي استنته الجهات القائمة على أداء هذا المرفق الحيوي والهام وتنظيم العمل القضائي ذاته لما له من طبيعة خاصة وذاتية وبما ينبىء دائما بأن عدم حصول عضو مجلس الدولة على أجازته المقررة قانونا انما يرجع حتما الى أسباب تتعلق بمصلحة العمل ومقتضيات حسن أدائه.
ومن حيث أنه على هدى ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن بعد إحالته للمعاش كان له رصيد من الأجازات الإعتيادية لم يحصل عليها جاوز الأربعة اشهر التي قامت جهة الإدارة بصرف مقابل النقدي عنها ولم يثبت أن عدم منح الطاعن الأجازات الإعتيادية التي استحقها إبان خدمته والتي جاوزت الأربعة أشهر كان راجعا إلى رغبته المفردة بمعزل عن رغبة وإرادة جهة الإدارة الأمر الذي يتعين معه الحكم بأحقية الطاعن في مقابل رصيد أجازته الاعتيادية التي لم يحصل عليها بسبب ظروف عمله محسوبا على أجره الأساسي عند انتهاء خدمته وليس الأجر الشامل مضافا إليه
تابع الحكم الصادر فى الطعن رقم 15688/ 49ق.علي
العلاوات الخاصة باعتبار أن المشرع قد حدد الأساس الذي يحسب عليه التعويض أو المقابل عن رصيد الأجازات الدورية التي لم يحصل عليها العامل بإنه الأجر الأساسي مضافا إليه العلاوات الخاصة التي كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وهو تحديد لا يحتمل تأويلا أو تفسيرا مع مراعاة خصم مقابل مدد الأجازات التي صرفت له وكذلك مدد الأجازات عند فترات الإعارة والأجازات الخاصة بدون مرتب وما يماثلها من فترات لم يؤد عمل خلالها بمجلس الدولة فضلا عن الأجازات الدورية التي لم يحصل عليها وحصل عن أدائه العمل خلالها على مقابل نقدي ( جلسات الصيف ) .
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة:- بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بأحقية الطاعن في تقاضي المقابل النقدي لرصيد اجازاته الإعتيادية محسوبا على أجره الأساسي مضافا إليه العلاوات الخاصة عند انتهاء خدمته مع مراعاة خصم ما سبق صرفه له في هذا الشأن.صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم الأحد الموافق 14من ربيع ثاني 1426هجرية والموافق 22/ 5/ 2005 ميلادية وذلك بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
