المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 6880 لسنة 49 ق. ع
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
المحكمة الادارية العليا
الدائرة السابعة
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / عادل محمود
زكى فرغلى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الاساتذة المستشارين/ محمد الشيخ على ابو زيد ، عبد العظيم احمد عامر
و / د. سمير عبد الملاك منصور ، احمد منصور على منصور
نواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / احمد يسرى زين العابدين مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / خالد عثمان محمد أمين السر
أصدرت الحكم الاتى
المقام من
محمد محمود مرسىضد
وزير العدل رئيس هيئة قضايا الدولةالإجراءات
فى يوم الاحد الموافق 6/ 4/ 2003 اودع الاستاذ / احمد ناصر المحامى نائبا عن الاستاذ / ابراهيم المنجى المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الادارية العليا صحيفة الطعن الماثل ، طلب فى ختامها الحكم باحقية الطاعن فى صرف مستحقاته فى رصيد اجازاته الاعتيادية التى جاوزت الاربعة اشهر مع ما يترتب على ذلك من اثار وفروق مالية ، والزام الجهة الادارية المصروفات ومقابل اتعاب المحاماة .وقد اعلن الطعن على الوجه الثابت بالاوراق .
واودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالراى القانونى فى الطعن ارتات فيه – للاسباب المبينة به – الحكم بقبول الطعن شكلا ، وفى الموضوع باحقية الطاعن فى صرف المقابل النقدى لرصيد اجازاته الاعتيادية على النحو المبين بالاسباب وعلى اساس اجره الاساسى عند احالته للمعاش مع ما يترتب على ذلك من اثار وفروق مالية .
وقد نظرت المحكمة الطعن الماثل على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 9/ 1/ 2005 قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة 22/ 5/ 2005 ، وبهذه الجلسة صدر الحكم واودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .ومن حيث ان الطعن قد استوفى اوضاعه الشكلية .
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الاوراق – فى ان الطاعن قد اقام طعنه على سند من انه كان يشغل وظيفة نائب رئيس هيئة قضايا الدولة حتى احيل للمعاش اعتبارا من 29/ 9/ 2001 لبلوغه سن التقاعد وقد قامت الهيئة بصرف المقابل النقدى عن اربعة اشهر فقط عملا بحكم المادة 65 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة ، واذ قضت المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 2 لسنة 21 ق.دستورية بجلسة 6/ 5/ 2000 بعدم دستورية نص الفقرة الاخيرة من المادة 65 من القانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد اجازاته الاعتيادية فيما جاوز اربعة اشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعا الى اسباب اقتضتها مصلحة العمل ، فمن ثم فان الطاعن يستحق البدل النقدى لرصيد اجازاته الاعتيادية دون حد اقصى حيث لم يحصل على كامل اجازاته الاعتيادية بسبب نظام العمل بهيئة قضايا الدولة .
واختتم الطاعن صحيفة طعنه طالبا الحكم له بطلباته سالفة البيان .
ومن حيث ان المادة من الدستور تنص على أن:
" العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة ويكون العاملون الممتازون محل تقدير الدولة والمجتمع ،.ولا يجوز فرض اى عمل جبراً على المواطنيين إلا بمقتضى قانون ولأداء خدمة عامة وبمقابل عادل "
ومن حيث ان المادة الاولى من القانون رقم 219 لسنة 1991 بتعديل نص الفقرة الاخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على ان :
" يستبدل بنص الفقرة الاخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 النص الاتى :
فاذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الاجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد اجره الاساسى مضافا اليه العلاوات الخاصة التى كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وذلك بما لايجاوز اربعة اشهر ، ولاتخضع هذه المبالغ لاية ضرائب او رسوم "
ونصت المادة الثانية من القانون رقم219لسنة 1991 على ان ::
"تسرى أحكام هذا القانون على العاملين بكادرات خاصة ويلغى كل حكم ورد على خلاف ذلك فى القواعد المنظمة لشئونهم "
ونصت المادة الثالثة من القانون المشار اليه على أن :
" ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويعمل به أعتباراً من اليوم التالى لتاريخ نشره "
وقد نشر بتاريخ 7/ 12/ 1991 .
ومن حيث ان مفاد ما تقدم أن الدستورقد خول السلطة التشريعية سلطة تنظيم حق العمل بما لايمس بحقوق العامل ويندرج تحتها الحق فى الأجازة السنوية التى لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل استحقها وإلا كان ذلك عدواناً على صحته البدنية والنفسية وإخلالاً بإلتزاماتها الجوهرية التى لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها ، وقد جعل المشرع الحق فى الاجازة السنوية حقا مقررا للعامل يظل قائما ما بقيت الرابطة الوظيفية قائمة ، واجاز للعامل الاحتفاظ بما يكون له من رصيد الاجازات الاعتيادية السنوية مع وضع ضوابط للحصول على اجازة من هذا الرصيد اثناء مدة خدمة العامل ، فاذا انتهت مدة خدمة العمل قبل تمكنه قانونا او فعلا من استنفاد ما تجمع له من رصيد الاجازات الاعتيادية حق له اقتضاء بدل نقدى عن هذا الرصيد كتعويض له عن حرمانه من هذه الاجازات ، وقد قيد المشرع اقتضاء هذا البدل بشرط الا تجاوز مدة الرصيد التى يستحق عنها البدل النقدى اربعة اشهر ، الا ان المحكمة الدستورية العليا انتهت فى القضية رقم 2 لسنة 21 ق. دستورية بجلسة 6/ 5/ 2000 الى الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الاخيرة .من المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد اجازاته الاعتيادية فيما جاوز اربعة اشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعا الى اسباب اقتضتها مصلحة العمل .
وقد اسست حكمها على انه كلما كان فوات الاجازة راجعا الى جهة العمل او لاسباب اقتضتها ظروف ادائه دون ان يكون لارادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها ، فيجوز للعامل عندئذ كاصل عام ان يطلبها جملة فيما جاوزت ايام كل سنة اذا كان اقتضاء ما تجمع من اجازاته السنوية على هذا النحو ممكنا عينا والا كان التعويض النقدى عنها واجبا تقديرا بان المدة التى امتد اليها الحرمان من استعمال تلك الاجازة مردها الى جهة العمل فكان لزاما ان تتحمل وحدها تبعة ذلك .
ولما كان الحق فى التعويض لايعدو ان يكون من عناصر الذمة المالية للعامل مما يندرج فى اطار الحقوق التى تكفلها المادتان 32 ، 34 من ان الدستور اللتان صان بهما الملكية الخاصة والتى تتسع للاموال بوجه عام ، فان حرمان العامل من التعويض المكافىء للضرر والجابر له يكون مخالفا للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة .
ومن حيث أن قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية يكتسب حجية مطلقة في مواجهة الكافة بما في ذلك أجهزة الدولة بسلطاتها المختلفة بإعتباره قولا فصلا لا يقبل تأويلا ولا تعقيبا من أي جهة كانت ، ومن ثم فإن المحكمة تتقيد بقضاء المحكمة الدستورية العليا المشار إليه وتعمل مقتضاه على وقائع الطعن الماثل باعتبار أن هذا القضاء يعد كاشفا عما بالنص التشريعي من عوار دستوري مما يؤدي إلي زواله وفقده قوة نفاذه منذ بدء العمل به ، وقد جري قضاء هذه المحكمة على أن التعديل الذي استحدثه المشرع بالقانون رقم 168 لسنة 1998 لم يأت بجديد فيما يتعلق بالنصوص غير الضريبية ، فلا يغير هذا التعديل من أعمال الأثر الرجعي للحكم بعدم الدستورية من تاريخ نفاذ النص المقضي بعدم دستوريته اعمالا للأصل العام وهو الأثر الكاشف لأحكام المحكمة الدستورية العليا ومما يؤكد ذلك ما ورد بالمذكرة الايضاحية للقانون رقم 168/ 1998 من أن هذا التعديل استهدف ، أولا تخويل المحكمة سلطة تقرير أثر رجعي لحكمها على ضوء الظروف الخاصة التي تتصل ببعض الدعاوى الدستورية التي تنظرها بمراعاة العناصر المحيطة بها وقدر الخطورة التي تلازمها 0
ثانيا : تقرير اثر مباشر للحكم إذا كان متعلقا بنص ضريبي 0
وبناء عليه فإن مفاد النص بعد التعديل أن المشرع غاير في الحكم بين النص الضريبي المقضي بعدم دستوريته بتقرير أثر مباشر له وبين الحكم بعدم دستورية نص غير ضريبي وذلك بتقرير اثر رجعي له كأصل عام مع تخويل المحكمة الدستورية سلطة تقرير أثر غير رجعى لحكمها ، وهذا ما أعتنقته المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بجلسة 16/ 3/ 2002 ( القضية رقم 154 لسنة 21 ق 0 دستورية ) بقولها " أن مقتضي حكم المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا بعد تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 / 1998 هو عدم تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته على الوقائع اللاحقة لليوم التالي لتاريخ نشر الحكم الصادر بذلك وكذلك على الوقائع السابقة على هذا النشر إلا إذا حدد الحكم الصادر بعدم الدستورية تاريخا آخر لسريانه 0
ومن حيث ان نص الفقرة الاخيرة من المادة ( 65 ) سالفة الذكر والمحكوم بعدم دستوريته قد حجب عن المدعى اصل حقه فى الحصول على المقابل النقدى لرصيد اجازاته الاعتيادية فيما جاوز الأربعة أشهرالمنصوص عليها في المادة 65 سالفة البيان ، فإن مؤدى ذلك احقية المدعى فى هذا المقابل عن كامل رصيد اجازاته الاعتيادية التى حرم منها بسبب مقتضيات العمل وذلك كتعويض عن حرمانه من هذه الاجازات .
ولايغير من هذه النتيجة خلو ملف خدمة المدعى مما يفيد تقدمه بطلبات للحصول على إجازات لم يبت فيها أو رفضت أو مما يفيد أن عدم حصوله على رصيد إجازاته الإعتيادية راجع إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل أدت إلى عدم حصول المدعى على إجازاته الإعتيادية ، ذلك أنه فضلا عن أن التطبيق السليم لقاعدة الأجر مقابل العمل يؤدى إلى القول بأنه إذا أدى العامل عمله استحق عنه أجره ، وبذلك يتحقق التوازن الحقيقى بين العامل وجهة الإدارة التى لاشك أثرت بمقدار قيمة مدة العمل التى كان يستحق عنها إجازة ، خاصة وأنه لايتصور عقلا ومنطقا فى ظل أحكام كانت تحدد الحد الأقصى لمقابل الإجازات بأربعة أشهر ألا يطالب العامل بإجازة إعتيادية تمثل له مزية وتحقق له إمتيازا إلا إذا كان ذلك راجعا إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها ، ومن ثم يتعين على جهة الإدارة تعويضه عنها 0
ومن حيث أنه ولئن كان عبء الإثبات يقع بحسب الأصل على عاتق المدعى إلا أن الأخذ بهذا الأصل في مجال المنازعات الإدارية الناشئة عن العلاقة الوظيفية أمر لا يستقيم من واقع الحال وقواعد العدالة نظرا لاحتفاظ جهة الإدارة بالأوراق والمستندات والملفات ذات الأثر في حسم النزاع ، وعليها من ثم تقديم سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والتي من شأنها إنزال حكم القانون على المنازعة ، فإذا تقاعست عن ذلك فإن هذا التقاعس يقيم قرينة قانونية لصالح خصم الإدارة بصحة الوقائع التي أوردها بعريضة طعنه 0
ومن حيث أن العمل بهيئة قضايا الدولة هو عمل جماعي بطبيعته ومرتبط ارتباطا وثيقا بنظام العمل في المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها سواء خلال العام القضائي أو خلال العطلة القضائية التي تستمر فيها المحاكم في نظر بعض الدعاوى الأمر الذي يجعل من رغبة العضو في استئداء أجازته السنوية أمرا مرهونا دائما بنظام العمل بهيئة قضايا الدولة وإلا ترتب على ذلك الإخلال بحسن سير العمل القضائي وإرتباك أدائه في تحقيق العدالة الناجزة وتأخر الفصل في المنازعات ، وعلى ذلك فإن عدم حصول عضو هيئة قضايا الدولة على أجازته السنوية أو حصوله عليها يرتبط دائما بالتنظيم الذي اسنته الجهات القائمة على هذا المرفق الحيوي والهام وبتنظيم العمل القضائي ذاته لما له من طبيعة خاصة وذاتية ، وبما ينبيء دائما بأن عدم حصول عضو هيئة قضايا الدولة على أجازاته المقررة قانونا إنما يرجع حتما إلي أسباب تتعلق بمصلحة العمل ومقتضياته وحسن أدائه 0
ومن حيث أنه على هدي ما تقدم ولما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن كان يشغل وظيفة نائب رئيس هيئة قضايا الدولة حتى انتهت خدمته بالإحالة إلي المعاش في 5/ 9/ 1998 لبلوغه السن القانونية وكان له رصيد من الأجازات الاعتيادية لم يحصل عليها ولم تقم جهة الإدارة بصرف المقابل النقدي عن هذا الرصيد إلا في حدود أربعة أشهر فقط ، وإذ خلت الأوراق مما يفيد أن عدم منح الطاعن الأجازات الاعتيادية التي يستحقها أبان خدمته والتي جاوزت الأربعة أشهر كان راجعا إلي رغبته المنفردة بمعزل عن رغبة وإرادة جهة الإدارة 0 ومن ثم يتعين الحكم بأحقيته في صرف مقابل رصيد أجازاته الاعتيادية التي لم يحصل عليها محسوبا على أجره الأساسي مضافا إليه العلاوات الخاصة التي كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وليس على أساس الأجر الشامل لأن المشرع في المادة 65 من القانون رقم 47 لسنة 1978 معدلة بالقانون رقم 219 لسنة 1991 قد حدد الأساس الذي يحسب بناء عليه هذا المقابل بأنه الأجر الأساسي مضافا إليه العلاوات الخاصة عند انتهاء الخدمة وهذا التحديد هو الذي يتعين الأخذ به ، مع مراعاة خصم مدد الأجازات التي صرفت له وكذلك مدد الأجازات عن فترات الإعارة والأجازات الخاصة بدون مرتب وما يماثلها من فترات لم يؤد عمل خلالها فضلا عن الأجازات الدورية التي لم يحصل عليها وحصل عن أدائه العمل خلالها على مقابل نقدي ( جلسات الصيف ) 0
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بأحقية الطاعن في تقاضي المقابل النقدي لرصيد أجازاته الاعتيادية محسوبا على أجره الأساسي مضافا إليه العلاوات الخاصة عند انتهاء خدمته مع مراعاة خصم ما سبق صرفه له في هذا الشأن 0صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم الأحد 14 من ربيع ثانى سنة 1426 هـ الموافق 22/ 5/ 2005 بالهيئة المبينة بصدره 0
سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |