أصدرت الحكم الاتىلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة السابعة – موضوع
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار / عادل محمود
زكي فرغلي نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / محمد الشيخ على أبو زيد , و عبد المنعم أحمد عامر
و د 0 سمير عبد الملاك منصور , و أحمد منصور محمد علي
نواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / طارق رضوان مفوض الدولة
وحضور السيد / خالد عثمان محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الاتى
في الطعن رقم 2287 لسنة 46 ق 0 علياالمقام من
المقام من / وزير الداخليةضد
علي ماهر محمود أحمدوالطعن رقم 5281 لسنة 46 ق0 عليا
المقام من
علي ماهر محمود أحمدضد
وزير الداخلية" عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – الدائرة التاسعة – بجلسة 29/ 11/ 1999
في الدعوى رقم 7510 لسنة 51 ق "
الإجراءات
في يوم الأربعاء الموافق 26/ 1/ 2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبه عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2287 لسنة 46 ق0عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – الدائرة التاسعة – بجلسة 29/ 11/ 1999 في الدعوى رقم 7510 لسنة 51 ق والذي قضى أولا : باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب إلغاء قرار وزير الداخلية رقم 144 لسنة 1997 ، وألزمت المدعى عليه بصفته مصروفات هذا الطلب . ثانيا : بقبول طلب التعويض عن القرار رقم 144 لسنة 1997 شكلا ، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي مبلغا مقداره ثلاثة آلاف جنيه والمصروفات .وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه , وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي للمدعي مبلغا مقداره ثلاثة آلاف جنيه والمصروفات والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي .
وقد أعلن الطعن على الوجه الثابت بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه – للأسباب المبينة به – الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا , وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وفي يوم السبت الموافق 15/ 4/ 2000 أودع الأستاذ / حلمي إبراهيم محمد حربي نائبا عن الأستاذ / محمد صميده عبد الصمد المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن / علي ماهر محمود قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 5281 لسنة 46 ق0عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري السالف الذكر , وطلب في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا , وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه في الشق الخاص بطلب إلغاء القرار المطعون فيه , وتعديل الحكم في الشق الخاص بطلب التعويض ، والقضاء في الدعوى بقبولها شكلا , وفي موضوعها :- أولا : بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 114 لسنة 1997 فيما تضمنه من إحالة الطاعن إلى الاحتياط مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وثانيا : بتعويض الطاعن عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته من القرار المطعون فيه بمبلغ مقداره خمسة وعشرون ألف جنيه , وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
تابع الحكم في الطعنين رقمي 5281 ، 2287 لسنة 46ق0علي
وقد أعلن الطعن على الوجه الثابت بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه للأسباب المبينة به – الحكم بقبول الطعن شكلا , وفي الموضوع أولا : بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من اعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب إلغاء قرار وزير الداخلية رقم 114 لسنة 1997 والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إحالة الطاعن إلى الاحتياط مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وثانيا : بتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي للمدعي مبلغا مقداره ثلاثة آلاف جنيه وبرفع هذا المبلغ إلى الحد الذي تقدره المحكمة جبرا للأضرار المادية والأدبية مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات .
وقد تدوول نظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت ضم الطعن رقم 5281 لسنة 46 ق0عليا إلى الطعن رقم 2287 لسنة 46 ق0عليا ليصدر فيهما حكم واحد , ثم قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة السابعة – ( موضوع ) وحددت لنظرها جلسة 3/ 7/ 2003 , وتدوول نظر الطعنين أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات , وبجلسة 7/ 11/ 2004 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 20/ 2/ 2005 , ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة , وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات , وبعد المداولة .من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية .
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن السيد / علي ماهر محمود أحمد قد أقام الدعوى رقم 7510 لسنة 51 ق أمام محكمة القضاء الإداري – الدائرة التاسعة – بتاريخ 26/ 6/ 1997 طالبا الحكم أولا :- بإلغاء القرار رقم 144 لسنة 1997 ( وصحته رقم 114 لسنة1997) فيما تضمنه من إحالته إلى الاحتياط مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وثانيا : بتعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء القرار الطعين , وذلك على سند من أنه خلال شهر سبتمبر 1996 تزوج عرفيا من سيدة مسلمة من ساحل العاج تقيم في مصر , وفي شهر فبراير 1997 أخطرته وزارة الداخلية شفويا بأنه قد أحيل إلى الاحتياط دون إعلان بأسباب هذا القرار , فتظلم من هذا القرار في 5/ 3/ 1997 , وعند سماع أقواله في التظلم علم أن سبب إحالته إلى الاحتياط هو زواجه من السيدة المذكورة .
ونعى المدعي على القرار المطعون فيه صدوره مشوبا بانعدام السبب ومخالفة القانون والانحراف في استعمال السلطة تأسيسا على أنه لا يوجد قرار من وزير الداخلية معلوم للمدعي أو منشور ومذاع بأي طريق يحظر على ضباط الشرطة الزواج بأجنبية ، كما خلا قانون هيئة الشرطة من أي حظر في هذا الخصوص , وأن الزعم بأن زوجة المدعي تحمل عدة جوازات سفر وبجنسيات وأسماء مختلفة , فإن صح هذا الزعم , فإن المدعي لم ينسب إليه أية مساهمة في ذلك , ولم تسمع أقواله ، وبافتراض قيام هذه المخالفة في حقه فإنها لا تبرر الإحالة إلى الاحتياط , إذ كان يمكن مجازاته تأديبيا .
وأضاف المدعي أن القرار المطعون فيه قد ألحق به أضرارا مادية وأدبية جسيمة تمثلت في حرمانه من رواتبه وحوافزه وبدلاته , والانتقاص من قدره وكرامته , مما تتوافر معه أركان المسئولية الموجبة للتعويض .
وبجلسة 29/ 11/ 1999 حكمت محكمة القضاء الإداري – الدائرة التاسعة – أولا : باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب إلغاء قرار وزير الداخلية رقم 144 لسنة 1997 ( وصحته رقم 114 لسنة 1997) وألزمت المدعى عليه بصفته مصروفات هذا الطلب ، وثانيا : بقبول طلب التعويض عن القرار رقم 114 لسنة 1997 شكلا , وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي للمدعي مبلغا مقداره ثلاثة آلاف جنية والمصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها بالنسبة للطلب الأول على أساس أن الثابت من الأوراق أنه قد صدر قرار وزير الداخلية رقم 1641 لسنة 1997 بإعادة المدعي إلى الخدمة العاملة بهيئة الشرطة اعتبارا من 18/ 12/ 1997 مع وضعه في أقدميته الأصلية بين أقرانه , ومن ثم يضحى هذا الشق من الدعوى غير ذي موضوع , مما يتعين القضاء باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لهذا الطلب وإلزام المدعى عليه بصفته بمصروفاته لصدور القرار رقم 1641 لسنة 1997 بعد إقامة المدعي لدعواه.
وبالنسبة لطلب التعويض , أقامت المحكمة قضاءها على سند من أنه ولئن كان المدعي قد أعيد إلى الخدمة بهيئة الشرطة اعتبارا من 18/ 12/ 1997 بالقرار الوزاري رقم 1641 لسنة 1997 , إلا أنه تظل للمدعي مصلحة في طلب
تابع الحكم في الطعنين رقمي 5281 ، 2287 لسنة 46ق0عليا
التعويض عما يكون قد أصابه من أضرار مادية وأدبية من جراء إحالته إلى الاحتياط بالقرار المطعون فيه رقم 114 لسنة 1997 . وبعد أن استعرضت المحكمة نص المادة من قانون هيئة الشرطة رقم لسنة 1971 ذهبت إلى أن الثابت من الأوراق أن قرار الإحالة إلى الاحتياط قد انبنى على ما توافر لدى جهة الإدارة من معلومات حول زواج المدعي من أجنبية تحمل عدة جوازات سفر بأسماء وجنسيات مختلفة ودون إخطار جهة الإدارة وهو ما اعتبرته جهة الإدارة خروجا على مقتضيات الوظيفة ومخالفة التعليمات وإجراءات الأمن الخاص والعام , فإنه أيا كان الرأي في مدى مخالفة المدعي للتعليمات وإجراءات الأمن الخاص والعام في ضوء خلو قانون هيئة الشرطة من نص يحظر الزواج من أجنبية , فإن ذلك وإن كان ينهض سببا لمساءلته تأديبيا , إلا أنه لا يمثل أسبابا ضرورية وملحة ومتصلة بالصالح العام توجب على جهة الإدارة أن تترك مجال التأديب إلى هذا النظام الاستثنائي , ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون على النحو الذي يتحقق به ركن الخطأ في جانب جهة الإدارة .
كما أنه عن ركن الضرر , فهو متوافر أيضا نظرا لما ترتب على القرار الطعين من تنحيته عن وظيفته وسلبه حقوقها ومزاياها والانتقاص من قدره وجعله مبعثا للتساؤلات من قبل رؤسائه ومرؤوسيه والمحيطين به مما يؤدي إلى إيلامه ومعاناته , كما أن التقاضي وإن كان حقا للكافة إلا أنه يمثل عبئا على المتقاضي ليس فقط فيما يؤديه من رسوم وإنما يمتد إلى ما يتكبده من نفقات وما يبذله من جهد في سبيل حرصه على متابعة دعواه .
وانتهت المحكمة إلى توافر أركان المسئولية الموجبة للتعويض , وقدرت للمدعي تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء القرار المطعون فيه مقداره ثلاثة آلاف جنيه .
ومن حيث إن هذا القضاء لم يصادف قبولا لدى الجهة الإدارية فقد بادرت بإقامة الطعن رقم 2287 لسنة46 ق0عليا استنادا إلى مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه , إذ كان يتعين على المحكمة أن تأخذ في الاعتبار درجة الخطأ الذي شاب القرار الطعين وما إذا كان هذا الخطأ قد وقع من جهة الإدارة وحدها أم أن المضرور شارك في وقوعه بخطأ من جانبه هيأ للإدارة فرصة إصدار ذلك القرار , ولما كان الثابت أن المطعون ضده قد نسب إليه مخالفة تعليمات قطاع مباحث أمن الدولة وذلك بزواجه من أجنبية رغم علمه بأنها تحمل عدد من جوازات السفر بأسماء وجنسيات مختلفة ولم يقم بإخطار قطاع مباحث أمن الدولة بهذه المعلومات , مما أخل بكرامته وكرامة هيئة الشرطة التي ينتمي إليها , وبالتالي يكون المطعون ضده قد هيأ للإدارة بخطئه الفرصة لإصدار القرار الطعين بإحالته للاحتياط كما أن الجهة الإدارية قد أصدرت قرارا بإعادة المطعون ضده إلى الخدمة , وتم تسوية حالته , وفي هذا خير تعويض له .
ومن حيث إن مبنى الطعن المقيد برقم 5281 لسنة 46 ق0عليا , أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون واخطأ في تطبيقه وتأويله , إذ انتهى إلى اعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب إلغاء القرار المطعون فيه على سند من أن المدعي قد عاد إلى الخدمة بأقدميته الأصلية واقتصر الحكم بذلك على جانب مادي من جوانب مصلحة الطاعن في إلغاء القرار المطعون فيه , وأهدر الحكم المصلحة الأدبية للطاعن التي تكفي وحدها لقيام النزاع واستمراره , كما أن قرار إعادة الطاعن إلى الخدمة لم يتضمن سحبا للقرار المطعون فيه لا صراحة ولا ضمنا , وأن بقاء القرار دون سحب أو إلغاء من شأنه أن يؤثر تأثيرا بالغا على مستقبل الطاعن الوظيفي خاصة عند إجراء ترقية أو ترشيح لمنصب أو لمهمة .
وأضاف الطاعن في تقريظ منه أن الجهة الإدارية قد ارتكبت خطأ جسيما بإصدارها للقرار المطعون فيه , إذ لا توجد تعليمات أو قواعد أمن تتعلق بزواج ضباط الشرطة , كما أن قانون هيئة الشرطة قد خلا من تلك القواعد وكان يتعين على الجهة الإدارية أن تسحب القرار لعدم مشروعيته , ولا تقتصر على مجرد إعادة الطاعن للخدمة بأقدميته الأصلية .
وبالنسبة لطلب التعويض , فإنه بالنسبة للضرر المادية الذي أصاب الطاعن , فإنه وفقا لنص المادة من قانون هيئة الشرطة فإن إحالة الضابط إلى الاحتياط يترتب عليه حرمانه من نصف راتبه بالإضافة إلى البدلات والحوافز , ويقدرها الطاعن بمبلغ قدره ثمانية عشر ألف جنية خلال مدة الإحالة للاحتياط , أما الضرر الأدبي فإنه قد بلغ قدرا يصعب تحديد مداه , ولذلك فإن تقرير التعويض الجابر لجميع الأضرار المادية والأدبية بمبلغ ثلاثة آلاف جنية يعد مخالفة لأحكام القانون .
وخلص الطاعن في ختام تقرير طعنه إلى طلب الحكم له بالطلبات آنفة الذكر .
ومن حيث إنه عن طلب الطاعن بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 4/ 1/ 1997 فيما تضمنه من إحالته للاحتياط , فإنه لما كانت دعوى الإلغاء تستهدف إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار المطلوب إلغاؤه , فإنه رغم صدور القرار رقم 1641 لسنة 1997 بإعادة الطاعن إلى الخدمة العاملة بهيئة الشرطة اعتبارا من 18/ 12/ 1997 ووضعه في
تابع الحكم في الطعنين رقمي 5281 ، 2287 لسنة 46ق0علي
أقدميته الأصلية بين أقرانه , إلا أنه يبقى للطاعن مصلحة محققه وقائمة في طلب إلغاء القرار المطعون فيه رقم 114 لسنة 1997 بإحالته للاحتياط , وأيا ما كان الرأي في مدى توافر المصلحة المادية للطاعن في إلغاء هذا القرار , فلا شك أنه ما زال له مصلحة أدبية في إلغائه , وأن لا يكون لهذا القرار وجود كواقعة تمت خلال حياته الوظيفية وتتمثل مصلحته في هذه الحالة في إزالة وجود هذا القرار وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدوره .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا النظر وانتهى إلى القضاء باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب إلغاء القرار المطعون فيه , فإنه يكون بذلك قد خالف صحيح أحكام القانون وأضحى خليقا بالإلغاء .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري يعيد طرح المنازعة برمتها على المحكمة الإدارية العليا بكافة عناصرها والطلبات المبداة فيها , ولتنزل في شأنها حكم القانون , بحيث يتعين التعرض لكافة جوانب المنازعة التي كانت مطروحة أمام محكمة القضاء الإداري وصدر فيها الحكم المطعون فيه , فلا تغل يد المحكمة الإدارية العليا عن التصدي لبحث الاختصاص , وتوافر شروط قبول الدعوى , وإعمال ولايتها في التعقيب على الحكم وما تناوله قضائه من قرارات لتزنها بميزان القانون , ذلك أنه متى اتصلت المحكمة الإدارية العليا بالطعن في الحكم ولو عن شقه الموضوعي وحده , فلا مناص أمامها من التعقيب على حكم محكمة القضاء الإداري برمته بما تراه هو الحق الذي لا مرية فيه .
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد علم بالقرار المطعون فيه بتاريخ 19/ 2/ 1997 وتظلم منه لوزير الداخلية بتاريخ 2/ 3/ 1997 , وإذ أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري طعنا على هذا القرار بتاريخ 26/ 6/ 1997 , فإن دعواه تكون قد أقيمت خلال الميعاد المقرر قانونا , وإذ استوفت دعواه سائر أوضاعها الشكلية , فتكون مقبولة شكلا.
ومن حيث إن المادة من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 تنص على أن :-
" لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة أن يحيل الضابط عدا المعينين في وظائفهم بقرار من رئيس الجمهورية – إلى الاحتياط وذلك :-
1 – ……………..
2 – إذا ثبت ضرورة ذلك لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام , ولا يسري ذلك على الضباط من رتبة لواء .
ولا يجوز أن تزيد مدة الاحتياط على سنتين , ويعرض أمر الضابط قبل انتهاء المدة على المجلس الأعلى للشرطة ليقرر إحالته إلى المعاش أو إعادته إلى الخدمة العاملة , فإذا لم يتم العرض عاد الضابط إلى عمله ما لم تكن مدة خدمته انتهت لسبب آخر طبقا للقانون ………….." .
ومن حيث إن مفاد النص المتقدم أن المشرع أجاز إحالة الضابط إلى الاحتياط لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام بغرض تنبيه إلى خطورة ما انحدر إليه سلوكه واعوجاج انضباطه حتى يرجع عن سلوكه , وأحاط المشرع أمر الإحالة إلى الاحتياط – بالنظر إلى طبيعته الاستثنائية – بعدة ضمانات , فاستلزم قبل إصدار القرار بالإحالة أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة , وأن لا تزيد مدة الاحتياط على سنتين , وأن يعرض أمر الضابط قبل انتهاء هذه المدة على المجلس الأعلى للشرطة ليقرر إما إعادته إلى الخدمة العاملة إذا ما تبين أنه قد استقام في سلوكه واعتدل في تصرفاته وترجح إعادة تكيفه مع ما تفرضه طبيعة وظيفته من واجبات أو إحالته إلى المعاش إذا ما تبين أنه لا توجد ثمة فائدة ترجى من ورائها صلاحيته للخدمة.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كذلك , وكان الثابت من الأوراق أن قرار وزير الداخلية رقم 114 لسنة 1997 المطعون فيه فيما تضمنه من إحالة الطاعن إلى الاحتياط اعتبارا من 13/ 2/ 1997 قد صدر بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة بتاريخ 12/ 2/ 1997 , وبناء على مذكرة الإدارة العامة لشئون الضباط المؤرخة 12/ 2/ 1997 والتي تضمنت أن الطاعن والذي يشغل رتبة مقدم بقطاع مباحث أمن الدولة قد خالف تعليمات أمن الجهاز لارتكابه التجاوزات التالية :-
1 – الزواج من أجنبية .
2 – علمه بحمل المذكورة لعدد من جوازات السفر بأسماء وجنسيات مختلفة واستخدامها في التردد على البلاد.
3 – لم يؤد واجبه الوظيفي نحو إخطار الجهاز بهذه المعلومة .
ومن حيث إن المادة من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 قد نصت صراحة على أنه :- " لا يجوز لعضو هيئة الشرطة أن يتزوج بأجنبية إلا بعد الحصول على إذن خاص من وزير الداخلية , وإلا تعرض للمساءلة التأديبية , وإذا كان مقتضى النص المشار إليه أن زواج الضابط من أجنبية يشكل ذنبا إداريا يسوغ مؤاخذته تأديبيا
تابع الحكم في الطعنين رقمي 5281 ، 2287 لسنة 46ق0علي
دون أن ينال من حقه في الزواج منها أو يؤدي إلى استبعاده من هيئة الشرطة بصفة عامة ، إلا أنه إذا كان الضابط ينتمي إلى قطاع أمن الدولة كما هو ثابت بالأوراق وكانت الزوجة التي اقترن بها بعقد غير رسمي تحمل جوازات سفر متعددة بجنسيات مختلفة وبأسماء مختلفة تستخدمها في التردد على البلاد , وكان هو على علم بذلك دون أن يخطر الجهاز الذي ائتمنه على أمن البلاد بتلك الواقعة أو يستأذن في الزواج منها , فإن مسلكه المريب يجاوز مفهوم الخطأ التأديبي المسوغ للعقاب الإداري , ليضيف ظلالا من الشك حول سمعة الطاعن الذي استغل وظيفته ليكون ظهيرا لامرأة مشكوك في نواياها من الناحية الأمنية , واقترن بها لتغطية أهدافها التي لا تعرف مدى خطورتها على أمن البلاد , الأمر الذي يسوغ للسلطة المختصة بل يوجب عليها أن تحيله إلى الاحتياط حتى ينجلي لها أثر هذه العلاقة الخطيرة بين ضابط أمن الدولة وبين امرأة تحمل أكثر من اسم وأكثر من جنسية ، ولا يقبل منه وهو يضطلع بأعباء تلك الوظيفة الخطيرة الادعاء بعدم معرفته بأية واقعة من الوقائع المتقدمة , وإلا كان خليقا بالإحالة إلى المعاش لعدم صلاحيته لشغل تلك الوظيفة أو الانتماء لهيئة الشرطة , الأمر الذي يجعل القرار الصادر بإحالته إلى الاحتياط قائما على السبب المسوغ له قانونا , ويكون النعي عليه بمخالفته للقانون خليقا بالرفض .
ومن حيث إنه عن طلب التعويض , فإن أساس مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة منها هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون القرار غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة , وأن يلحق بصاحب الشأن ضرر , وتقوم علاقة السببية بين خطأ الإدارة والضرر الذي لحق به – فإذا كان – الثابت أن القرار المطعون فيه بإحالة الطاعن إلى الاحتياط قد صدر سليما محمولا على أسبابه المبررة له فعلا وقانونا انتفى الخطأ الذي يمكن نسبته إلى جهة الإدارة , ومن ثم لا يسوغ القضاء بإلزام الجهة الإدارية بتعويض الطاعن عن الأضرار التي أصابته نتيجة صدور القرار المطعون فيه , ويتعين القضاء برفض هذا الطلب .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا النظر , فإنه يكون قد اخطأ في تطبيق القانون وتأويله متعين الإلغاء .
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعنين شكلا , وبإلغاء الحكم المطعون فيه ، وبقبول الدعوى شكلا
ورفضها موضوعا , وألزمت المدعي المصروفات عن الدرجتين .
صدر هذا الحكم وتلي علنا في يوم الأحد لسنة 1426هجرية الموافق 27/ 3/ 2005 وذلك بالهيئة
المبينة بصدره .
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
