الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 12314 لسنه 49ق . ع

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الادارية العليا
الدائرة السابعة

بالجلسة المنعقدة علنا :
برسائة السيد الاستاذ المستشار / عادل محمود زكى فرغلى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الاساتذة المستشارين / محمد الشيخ على أبو زيد , عبد المنعم أحمد عامر ،
د.سمير عبد الملاك منصور , أحمد منصور محمد أحمد .
نواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الاستاذ المستشار / إيهاب السعدنى مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / خالد عثمان محمد حسن سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الاتى

فى الطعن رقم 12314 لسنه 49ق . ع

المقام من

أحمد خيرت محمد خيرت

ضد

1- وزير العدل 2- رئيس هيئة النيابة الإدارية

الإجراءات

فى يوم السبت الموافق 19/ 7/ 2003 أودع الأستاذ / نصر الدين يوسف نائبا عن الاستاذ / عبد البارىأاحمد عبد الله بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا الطعن رقم 12314 لسنة 49ق طالبا الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للطالب المقابل النقدى لكامل رصيد اجازاته الاعتيادية مع خصم ما سبق صرفه له من هذا الرصيد .
وقد اعلن الطلب على النحو المقرر قانونا .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه – للأسباب المبينة به – الحكم بسقوط حق المدعى بالتقادم فى المطالبة برصيد اجازاته الاعتيادية المستحقة له .
وقد عين لنظر الطعن امام هذه المحكمة جلسة 3/ 10/ 2004 حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 9/ 1/ 2005 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال ثلاثة اسابيع ، وخلال هذا الأجل قدم الحاضر عن الدولة مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم أصليا : بسقوط حق الطاعن بالتقادم واحتياطيا : برفض الطعن . وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم ، وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به .

المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات و بعد المداولة .
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن الطاعن قد أقام طعنه الماثل على سند من أنه كان يشغل وظيفة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية الى أن أحيل الى المعاش فى 23/ 9/ 1984 وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/ 5/ 2000 فى الدعوى رقم 2/ 21 ق دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الاخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/ 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد اجازاته الاعتيادية فيما جاوز ثلاثة اشهر مما مفاده استحقاق العامل للمقابل النقدى لرصيد اجازاته السنوية التى لم يحصل عليها مسبب مقتضيات العمل حتى انتهاء خدمته دون التقيد بحد اقصى باعتباره تعويضا له عن حرمانه من هذه الأجازة .
وقد لجأ الطاعن الى لجنة التوفيق فى المنازعات بوزارة العدل طالبا أحقيته فى الحصول على المقابل النقدى لرصيد اجازاته الاعتيادية التى لم يحصل عليها بسبب مقتضيات العمل أيا كانت مدتها إلا أن اللجنة أصدرت توصيتها بجلسة 15/ 6/ 2003 برفض الطلب الأمر الذى حدا به الى إقامة طعنه الماثل طالبا الحكم له بطلباته سالفة البيان .
تابع الطعن رقم 5455 لسنة 48ق . ع
ومن حيث أن المادة 13 من الدستور تنص على أن " العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة ويكون العاملون الممتاوزن محل تقدير الدولة والمجتمع ولا يجوز فرض اى عمل جبرا على المواطنين إلا بمقتضى قانون ولأداء خدمة عامة وبمقابل عادل."
ومن حيث ان الفقرة الاخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1978 والمعدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 وهو النص الذى كان ساريا عند انتهاء خدمة الطاعن تنص على أن " فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاذ رصيدة من الاجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد اجره الاساسي الذى كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يجاوز ثلاثة أشهر"
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن الدستورقد خول السلطة التشريعية سلطة تنطيم حق العمل بما لا يمس بحقوق العامل ويندرج تحتها الحق فى الاجازاة السنوية التى لا يجوز لجهة العمل ان تحجبها عن عامل استحقها وإلا كان ذلك عدوانا على صحتة البدنية والنفسية وإخلالا بالتزاماتها الجوهرية التى لا يجوز للعامل بدوره ان يتسامح فيها .
وقد جعل المشرع الحق فى الاجازة السنوية حقا مقررا للعامل يظل قائما ما بقيت الرابطة الوظيفية قائمة وأجاز للعامل الاحتفاظ بما يكون له من رصيد الاجازات الاعتيادية السنوية مع وضع ضوابط للحصول على اجازة من هذا الرصيد أثناء مدة خدمة العامل فإذا انتهت مدة خدمة العامل قبل تمكنه قانونا او فعلا من استنفاد ما تجمع له من رصيد الاجازات الاعتيادية حق له اقتضاء بدل نقدى عن هذا الرصيد كتعويض له عن حرمانه من هذه الاجازات وقد قيد المشرع اقتضاء هذا البدل بشرط ألا تجاوز مدة الرصيد التى يستحق عنها البدل النقدى ثلاثة أشهر إلا أن المحكمة الدستورية العليا انتهت فى القضية رقم 8 لسنة 22 قضائية دستورية بجلسة 9/ 12/ 2001 الى الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الاخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد اجازاته الاعتيادية فيما جاوز ثلاثة اشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعا الى أسباب اقتضتها مصلحة العمل .
وقد أسست حكمها على أنه كلما كان فوات الاجازة راجعا الى جهة العمل او لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون ان يكون لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها فيجوز للعامل عندئذ كأصل عام ان يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة إذا كان اقتضاء ما تجمع من أجازاته السنوية على هذا النحو ممكنا عينا وإلا كان التعويض النقدى عنها واجبا تقديرا بأن المدة التى امتد اليها الحرمان من استعمال تلك الاجازة مردها الى جهة العمل فكان لزاما بأن تتحمل وحدها تبعة ذلك .
ولما كان الحق فى التعويض لا يعدو ان يكون من عناصر الذمة المالية للعامل مما يندرج فى إطار الحقوق التى تكفلها المادتان 32 , 34 من الدستور اللتان صان بهما الملكية الخاصة والتى تتسع للأموال بوجه عام فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مخالفا للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة .
ومن حيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية يكتسب حجية مطلقة فى مواجهة الكافة وبالنسبة الى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولا فصلا لا يقبل تأويلا ولا تعقيبا من أى جهة كانت وهو ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ، ومن ثم فإن المحكمة تتقيد بقضاء المحكمة الدستورية العليا المشار اليه وتعمل مقتضاه على وقائع الطعن الماثل باعتبار أن هذا القضاء يعد كاشفا عما بالنص التشريعى من عوار دستورى مما يودى الى زواله وفقده قوة نفادة منذ بدء العمل به دون أن يغير من ذلك التعديل الذى استحدثه المشرع بالقانون رقم 168 لسنة 1998 حيث جرى قضاء هذه المحكمة على أن هذا التعديل لم يأت بجديد فيما يتعلق بالنصوص غير الضريبية .
فلا يغير من إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية من تاريخ نفاذ النص المقضى بعدم دستوريته إعمالا للأصل العام وهو الأثر الكاشف لأحكام المحكمة الدستورية العليا ومما يؤكد ذلك ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 168 / 1998 من أن هذا التعديل استهدف أولا : تحويل المحكمة سلطة تقرير أثر غير رجعى لحكمها على ضوء الظروف الخاصة التى تتصل ببعض الدعاوى الدستورية التى تنظرها بمراعاة العناصر المحيطة بها وقدر الخطورة التى تلازمها.
ثانيا : تقرير أثر مباشر للحكم إذا كان متعلقا بنص ضريبى .
وبناء عليه فإن مفاد النص بعد التعديل ان المشرع غاير فى الحكم بين النص الضربيى المقضى بعدم دستوريته بتقرير اثر مباشر له وبين الحكم بعدم دستورية نص غير ضريبى وذلك بتقرير أثر رجعى له كأصل عام مع تخويل المحكمة الدستورية سلطة تقرير أثر غير رجعى لحكمها وهو ما اعتنقته المحكمة الدستورية العليا فى حكمها الصادر بجلسة 16/ 3/ 2003 فى القضية رقم 154 لسنه 21 ق دستورية بقولها ان مقتضى حكم المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا بعد تعديلها
تابع الطعن رقم 5455 لسنة 48ق . ع
بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168/ 1998 هو عدم تطبيق النص المقضى بعدم دستوريته على الوقائع اللاحقة لليوم التالى لتاريخ نشر الحكم الصادر بذلك وكذلك على الوقائع السابقة على هذا النشر إلا إذا حدد الحكم الصادر بعدم الدستورية تاريخا آخر لسريانه .
ومن حيث إن نص الفقرة الاخيرة من المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المحكوم بعدم دستوريته قد حجب عن الطاعن أصل حقه فى الحصول على المقابل النقدى لرصيد اجازاته الاعتيادية فيما جاوز الثلاثة أشهر المنصوص عليها فى المادة سالفة البيان .
فإن مؤدى ذلك أحقية الطاعن فى هذا المقابل عن كامل رصيد اجازاته الاعتيادية التى حرم منها بسبب مقتضيات العمل وذلك كتعويض عن حرمانه من هذه الاجازات .
ومن حيث انه لا يغير مما تقدم القول بأن ملف خدمة مورث الطاعنين قد خلا مما يفيد تقدمه بطلبات الحصول على اجازات لم يبت فيها او رفضت أو مما يفيد ان عدم حصوله على الأجازات الاعتيادية المطالب بصرف المقابل النقدى عنها كان راجعا الى أسباب اقتضتها مصلحة العمل سواء عمت هذه الأسباب كامل المرفق صدعا لطبيعة العمل فيه دوما أو مؤقتا أو خصت وظائف معينة طوعا لمقتضيائها أو اقتصرت على مورث الطاعنين وذلك إثباتا لأن عدم حصول مورثهم على اجازاته السنوية لم يكن مرجعه ظروف العمل ذلك أنه فضلا عن أن التطبيق السليم لقاعدة الأجر مقابل العمل يؤدى الى القول بأنه إذا أدى العامل عمله استحق عنه أجره ، فإن العلة تدور مع المعلول وجودا وعدما ، فإذا تحقق المناط بعدم القيام بالاجازة وأداء العمل تحقق المعلول وهو منح المقابل وبذلك يتحقق التوازن الحقيقى بين العمل وجهة الادارة التى لاشك أنها أثرت بمقدار قيمة العمل التى كان يستحق العامل عنها اجازة خاصة وانه لا يتصور عقلا ومنطقا فى ظل أحكام كانت تحدد الحد الاقصى لمقابل الأجازات بثلاثة أشهر أن يطالب العامل بإجازة اعتيادية اقتضتها ظروف أدائه لعمله دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها ومن ثم يتعين على جهة الادارة تعويضه عنها .
ومن حيث إن العمل بهيئة قضايا الدولة هو عمل جماعى بطبيعته ومرتبط ارتباطا وثيقا بنظام العمل فى المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها سواء خلال العام القضائى او خلال العطلة القضائية التى تستمر فيها المحاكم فى نظر بعض الدعاوى الأمر الذى يجعل من رغبة العضو فى استئداء اجازاته السنوية أمرا مرهونا دائما بنظام العمل بهيئة قضايا الدولة وإلا ترتب على ذلك الإخلال بحسن سير العمل القضائى وارتباك أدائه فى تحقيق العدالة الناجزة وتأخر العمل فى المنازعات وعلى ذلك فإن عدم حصول عضو هيئة النيابة الإدارية على اجازته السنوية او حصوله عليها يرتبط دائما بالتنظيم الذى استنته الجهات القائمة على هذا المرفق الحيوى والهام وبتنظيم العمل القضائى ذاته لما له من طبيعية خاصة وذاتية وبما ينبئ دائما بأن عدم حصول عضو هيئة قضايا الدولة على اجازاته المقررة قانونا انما يرجع حتما الى اسباب تتعلق بمصلحة العمل ومقتضياته وحسن ادائه .
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم ولما كان الثابت بالأوراق ان مورث الطاعنين كان له رصيد من الاجازات الاعتيادية لم يحصل عليها جاوز الثلاثة أشهر التى قامت جهة الادارة بصرف المقابل النقدى عنها ، ولم يثبت أن عدم منح مورث الطاعنين الاجازات الاعتيادية التى استححقها إبان خدمته والتى جاوزت الثلاثة أشهر كان راجعا الى رغبته المنفردة بمعزل عن رغبة وارادة جهة الادارة الأمر الذى يتعين معه الحكم بأحقية الطاعنين فى مقابل رصيد الأجازات الاعتياديــة لمورثهم التى لم يحصل عليها بسبب ظروف عمله محسوبا على أجره الأساسى عند انتهاء خدمته وليس الأجر الشامل مضافا اليه العلاوات الخاصة باعتبار أن المشرع قد حدد الأساس الذى يحسب بناء عليه التعويض او المقابل عن رصيد الأجازات الدورية التى لم يحصل عليها العامل بأن الأجر الأساسى مضافا اليه العلاوات الخاصة التى كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته ، وهو تحديد لا يعتمل تأويلا أو تفسيرا مع مراعاة خصم مقابل مدد الاجازات التى صرفت له وكذلك مدد الأجازات عن فترات الإعارة والاجازات الخاصة بدون مرتب وما يماثلها من فترات لم يؤد عملا خلالها بهيئة قضايا الدولة فضلا عن الاجازات الدورية التى لم يحصل عليها وحصل عن أدائه العمل خلالها على مقابل نقدى ( جلسات الصيف ) .

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بأحقية الطاعن فى صرف المقابل النقدى لرصيد اجازاته الاعتيادية محسوبا على أجره الأساسى عند انتهاء خدمته مع مراعاة خصم ما سبق صرفه فى هذا الشأن .
صدر هذا الحكم وتلى علنا بجلسة يوم الاحد الموافق 20 من ذو الحجة سنة 1425 هجرية والموافق30/ 1/ 2005 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره .
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات