الرئيسية الاقسام القوائم البحث

أصدرت الحكم الاتىلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة

بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة السابعة (موضوع)

بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار / عبد الباري محمد شكري نائب رئـيس مجـلس الدولة
ورئيـس المحكـمـة
وعضـوية السيـد الأستـاذ المستشـار / السعيد عبده جاهين نائب رئـيس مجـلس الدولة
وعضـوية السيـد الأستـاذ المستشـار / محمد الشيخ علي نائب رئـيس مجـلس الدولة
وعضـوية السيـد الأستـاذ المستشـار الدكتـور / سمير عبد الملاك منصور نائب رئـيس مجـلس الدولة
وعضـوية السيـد الأستـاذ المستشـار / أحمد منصور على منصور نائب رئـيس مجـلس الدولة
وبحضـور السيـد الأستـاذ المستشـار / أسامة راشد مفـوض الدولـة
وحضـور السيـد / وائل محمد عويس سكـرتيـر المحكمـة

أصدرت الحكم الاتى

في الطعن رقم 10673 لسنة 50 ق.عليا

المقام من

ورثة السيد المستشار/ محمد كمال سليمان السيد أيوب وهم
أرملته إقبال شعراوي حافظ أحمد وأولاده البلغ زينب وسلوى وفتحي وأمينه

ضد

السيد المستشار/ رئيس مجلس الدولة "بصفته"

الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 24/ 5/ 2004 أودع الأستاذ/ غبريال إبراهيم غبريال المحامي بصفته وكيلاً عن ورثة السيد المستشار/ محمد كمال سليمان السيد أيوب قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا الطعن رقم 10673 لسنة 50ق طالباً في ختامها الحكم له بأحقية مورثهم في المقابل النقدي لرصيد أجازاته.
وبعد تحضير الطعن قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بأحقية الطاعنين في تقاضي المقابل النقدي لرصيد الأجازات الاعتيادية لمورثهم التي لم يستنفذها أثناء خدمته محسوباً على أجره الأساسية عند انتهاء خدمته مضافاً إليه العلاوات الخاصة مع مراعاة خصم ما سبق صرفه له.
وقد نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 8/ 10/ 2006 قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها دفعت فيها بسقوط الحق في المطالبة بالتقادم الطويل وقررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الوقائع تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن مورث الطاعنين كان يعمل نائباً لرئيس مجلس الدولة إلي أن أحيل للمعاش في 8/ 7/ 1985 قد قامت الجهة الإدارية بصرف مرتب ثلاثة أشهر من رصيده من الأجازات الاعتيادية والمتبقي منه 19 يوماً و28 شهراً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن الفقرة الأخيرة من المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 المضافة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 – قبل تعديلها بالمادة الأولي من القانون رقم 219 لسنة 1991 – تنص على أنه: "فإذا انتهت خدمة العامة قبل استفاد رصيده من الأجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسي الذي كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يجاوز أجر ثلاثة أشهر".
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد انتهت في القضية رقم 8 لسنة 22 قضائية "دستورية بجلسة 9 من ديسمبر سنة 2001 إلي الحكم" بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد أجازاته الاعتيادية فيما يجوز ثلاثة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلي أسباب اقتضتها مصلحة العمل.
وقد أسست حكمها على أنه كلما كان فوات الأجازة راجعاً إلي جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها فيجوز للعامل عندئذ كأصل عام – أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة إذا كان اقتضاء ما تجمع من أجازاته السنوية على هذا النحو ممكناً عيناً، وإلا كان التعويض النقدي عنها واجباً تقديراً بأن المدة التي أمتد إليها الحرمان من استعمال تلك الأجازة مردها إلي جهة العمل فكان لزاماً أن تتحمل تبعة ذلك …، وأن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضر والجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة.
وبناء عليه فإنه متى ثبت أن عدم حصول العامل على الرصيد راجع إلي أسباب اقتضتها مصلحة العمل سواء عمت هذه الأسباب كامل المرفق صدعاً بطبيعة العمل فيه دوما أو مؤقتاً أو خصت وظائف معينة طوعاً لمقتضياتها أو اقتصرت على موظف أو أكثر بعينهم تبعاً لحاجة العمل إليهم وهو ما تستبينه كل جهة على مسئوليتها وتحت رقابة القضاء تبعاً من نظام العمل فيها عامة واستخلاصاً سائغاً من ملف كل موظف خاصة دون ارتكان إلي زعم مطلق من صاحب الشأن ما لم يكن مدعوماً بما يؤيده نظاماً كصدور تعليمات بمنع الأجازات أو بما يزكيه مستنداً كتقديم طلبات الأجازات ولو لم يبت فيها، وكل أولئك بطبيعة الحال إنما يشترط أن يكون لاحقاً على تاريخ العمل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 الذي استحدث المقابل المادي لرصيد الأجازات وعلى الأخص بعد حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 2 لسنة 21 بجلسة 6/ 5/ 2000 التي أطلقت الحد الأقصى للمقابل النقدي لرصيد الأجازات إذ لا يتصور أن يتخذ العامل من الأجازة السنوية وعاءاً ادخارياً من خلال ترحيل مددها التي يتراخى عن استعمالها ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء الخدمة على ما يقابلها من أجر في وقت لم يعطه المشرع الحق في الحصول على ما يساوي أجر هذا الرصيد الذي استحدثه القانون رقم 115 لسنة 1983 أو تجميعه بما يجاوز الحد الأقصى لرصيد الأجازات قبل صدور الحكم المشار إليه، وإلا كان ذلك رجماً بالغيب وافتراض علم العامل بالتشريعات المستقبلية وهو ما يأباه المنطق القانوني السليم.
ومن حيث إن المادة من قانون مجلسا لدولة رقم 47 لسنة 1972 قررت أن تستمر المحاكم أثناء العطلة القضائية في نظر الدعاوى التأديبية والمستعجل من القضايا وتعين هذه القضايا بقرار من رئيس مجلس الدولة، وتنظم الجمعية العمومية لكل محكمة أثناء العطلة القضائية فتعين عدد الجلسات وأيام انعقادها ومن يقوم من الأعضاء بالعمل فيها ويصدر بذلك قرار من رئيس المجلس، وناطت هذه المادة بالجمعية العمومية لكل محكمة تنظيم العمل أثناء العطلة القضائية وكان الأصل أنه لا يرخص لأعضاء المحاكم في أجازات في غير العطلة القضائية، ومن ثم فإن استمرار المتراكمة تحقيقاً لسرعة العدالة إنما يتم بقرار من الجمعية العمومية للمحاكم، وهذه الأسباب قد عمت مرفق القضاء بأكمله مما يتعين معه لزاماً أن تتحمل جهة الإدارة وحدها تبعة ذلك,.
ومن حيث إن الطاعن من شاغلي الوظائف القضائية التي اقتضت طبيعة العمل بالمرافق استمراره بالعمل خلال العطلات القضائية، وبلغ السن القانونية للإحالة إلي المعاش في 18/ 7/ 1985 قبل العمل رقم 219 لسنة 1991، فمن ثم يستحق ورثته المقابل النقدي لرصيد أجازاته السنوية محسوباً على أساس أجره الأساسي الذي كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته.
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم القول بأن حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة المشار إليها، هذا الحكم يسري من اليوم التالي لتاريخ نشره دون أثر رجعي فهذا القول مردود بأن الدستور في المادة منه قد عهد إلي المشرع بتحديد آثار الحكم بعدم دستورية أي نص تشريعي بنصها على أن: "وينظم القانون ما يترتب علي الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار"، وأعمالاً لهذا التفويض نصت المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48/ 1979 في فقرتها الثالثة المعدلة بالقانون رقم 168/ 1998 على أنه: "يترتب على الحكم بعدم الدستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً أخر أسبق على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر وذلك دون إخلال باستفادة المدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص"، وقد تم تصويب هذا النص بحذف لفظ أسبق وذلك بالاستدراك المنشور بالجريدة الرسمية العدد 28 مكرراً "ب" بتاريخ 12/ 7/ 1998 وقد جري قضاء هذه المحكمة على أن التعديل الذي استحدثه المشرع بالقانون رقم 168 لسنة 1998 لم يأت بجديد فيما يتعلق بالنصوص غير الضريبية فلا يغير هذا التعديل من أعمال الأثر الرجعي للحكم بعدم الدستورية من تاريخ نفاذاً لنص المقضي بعدم دستوريته أعمالاً للأصل العام وهو الأثر الكاشف لأحكام المحكمة الدستورية ومما يؤكد ذلك ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 168 لسنة 1998 من أن هذا التعديل استهدف أولاً تخويل المحكمة سلطة تقرير أثر غير رجعي لحكمها في ضوء الظروف الخاصة والتي تتصل ببعض الدعاوى الدستورية التي تنظرها بمراعاة العناصر المحيطة بها وقدرا لخطورة التي تلازمها، ثانياً تقرير أثر مباشر للحكم إذا كان متعلقاً بنص ضريبي وبناء عليه فإن مفاد النص بعد التعديل أن المشرع غاير في الحكم بين النص الضريبي المقضي بعدم دستوريته بتقرير أثر مباشر له وبين الحكم بعدم دستورية نص غير ضريبي وذلك بتقرير أثر رجعي له كأصل عام مع تخويل المحكمة الدستورية سلطة تقدير أثر غير رجعي لحكمها وهذا ما اعتنقته المحكمة الدستورية ذاتها في حكمها الصادر بجلسة 16/ 3/ 2002 في القضية رقم 154/ 21ق، دستورية بقولها ومن حيث إن مقتضي حكم المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا بعد تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 هو عدم تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته على الوقائع اللاحقة لليوم التالي لتاريخ نشر الحكم الصادر بذلك وكذلك على الوقائع السابقة على هذا النشر إلا إذا حدد الحكم الصادر بعدم الدستورية تاريخاً أخر لسريانه.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية يكتسب حجية مطلقة وفي مواجهة الكافة بما في ذلك أجهزة الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً أو تعقيباً من أي جهة كانت ومن ثم فإن المحكمة تتقيد بقضاء المحكمة الدستورية العليا المشار إليها وتعمل مقتضاه على وقائع الطعن الماثل باعتبار أن هذا القضاء يعد كاشفاً عما بالنص التشريعي المقضي بعدم دستوريته من عوار دستوري مما يؤدي إلي زواله وفقد قوة نفاذه منذ بدء العمل به.
ومن حيث إنه لا يسوغ التحدي بأن التقادم المسقط لحق الطاعنين لا يسري من تاريخ نشر حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه بحيث لا ينفتح لهم باب الطعن الذي استغلق في مواجهتهم بسبب عدم ولوجهم طريق الطعن بعدم الدستورية فلم يكن هناك أي مانع قانوني يحول دون مطالبتهم بما يعتقدونه حقاً له، ذلك إن القول بإلزام صاحب الشأن بولوج طريق الطعن بعدم الدستورية حتى لا يسقط حقه بالتقادم إنما هو إلزام يجاوز الحد المعقول، فعيوب عدم الدستورية تدق على المشرع ذاته بل وعلى المتخصصين، ما لا يسوغ معه مطالبة الشخص العادي بما يفوق قدرات الجهات المتخصصة فهذا أمر يأباه المنطق القانوني السليم، كما أن المشرع لم يجز الطعن في النصوص التشريعية بالطريق المباشر من خلال دعوى أصلية بعدم الدستورية فقد حددت المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 طريقة رفع الدعوى الدستورية وذلك أما بإحالة الأوراق إليها من أحدي المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائية للفصل في المسألة الدستورية، وأما من خلال دفع بعدم دستورية نص قانوني يبديه خصم أثناء نظر نزاع موضوعي وتقدر المحكمة جديته، وإذ جعل المشرع سلطة محكمة الموضوع في تقدير جدية الدفع سلطة تقديرية فلها رفض الدفع والمضي في نظر النزاع الموضوعي، فإنه ليس بسائغ مطالبة ذوي الشأن بولوج طريق الطعن بعدم الدستورية مادام هؤلاء ليس لهم الحق في رفع الدعوى الدستورية الأصلية، وأن دفعهم بعدم الدستورية قد ترفضه محكمة الموضوع مما يجعل من غير المقبول ترتيب التقادم لحقوقهم جزاء وفاقاً على عدم ولوج طريق ليس بأيديهم ناصيته.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بأحقية الطاعنين في تقاضي المقابل النقدي لرصيد الأجازات الاعتيادية لمورثهم محسوباً على أجره الأساسي الذي كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته مع مراعاة خصم ما سبق صرفه له في هذا الشأن.
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم الأحد الموافق / / 1426هـ، 29/ 10/ 2006 بالهيئة المبينة بصدوره.
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات