الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 185 لسنه

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثامنة موضوع

بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار / ادوار غالب سيفين عبده نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمـة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين : عبدالله عامر ابراهيم , سامى حامد ابراهيم عبده
محمد لطفى عبد الباقى جوده , عبدالعزيز أحمد حسن محروس
( نواب رئيس مجلس الدولة )
وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد ماهر عافيه مفوض الدولـة
وسكرتارية السيد / جمال عبد الحميد عبد الجواد أمين سر المحكمـة

أصدرت الحكم الاتى

في الطعن رقم 5944 لسنة 47 ق .ع

المقام من

1 ) وزير التربية والتعليم
2 ) محافظ قنا

ضد

1 ) محمد سعيد طه 2 ) سلام محمد عبدالعال
3 ) عبدالله محمد عبدالدايم 4 ) جمال عربى أحمد
فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بقنا
بجلسة 28/ 1/ 2001 في الطعن رقم 185 لسنه 8 ق

الإجراءات

فى يوم السبت الموافق 24/ 3/ 2001 أودعت هيئة قضايا الدولة ـ نيابة عن الطاعنين ـ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها برقم 5944 لسنه 47 ق عليا فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بقنا بجلسة 28/ 1/ 2001 فى الطعن رقم 185 لسنه 8 ق والذى قضى بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار .
وطلب الطاعنان ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بتأييد القرار الصادر بتاريخ 29/ 2/ 2000 من وزير التربية والتعليم بمجازاة المطعون ضدهم بخصم شهر من راتب كل منهم وبرفض دعوى طلب الحكم بالغاء ذلك القرار .
وأعلنت عريضة الطعن على النحو الثابت بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا .
ونظر الطعن أمام الدائرة السابعة فحص التى أحالته الى الدائرة الثامنه فحص ثم أحيل الى هذه المحكمة .
وتدوول أمامها وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات .
وبجلسة 21/ 12/ 2006 أودع الحاضر عن الحكومة مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم بالطلبات الواردة بتقرير الطعن .
وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم , وفيها صدر الحكم ,اودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات , وبعد المداولة .
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعه تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 13/ 5/ 2000 أقام المطعون ضدهم الطعن التأديبى رقم 185 لسنه 8 ق بايداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية بقنا طالبين الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه ومايترتب عليه من آثار .
وقالوا شرحا لطعنهم أنهم يشغلون وظائف نظار مدارس بمديرية التربية والتعليم بقنا وقد صدر القرار المطعون فيه رقم 209 لسنه 2000 بمجازاة كل منهم بخصم شهر من راتبه لسماحهم لبعض المدرسين العاملين بمدارسهم بالتوجه الى مركز عمر لطفى للتدريب بالإسماعيلية دون الحصول على موافقة السلطة المختصة وقد صدر هذا القرار معيبا حيث كان التدريب فى الفترة الصيفيه ولا يشترط الا حضور ثلثى القوة فقط , كما أن القرار المطعون فيه صدر من وزير التربية والتعليم وهو غير مختص بإصداره إذ أنهم من العاملين بمديرية التربية والتعليم بقنا وينعقد الإختصاص بتأديبهم لمحافظ قنا دون غيره .
وبجلسة 28/ 1/ 2001 حكمت المحكمة التأديبيىة بقنا بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه ومايترتب على ذلك من آثار .
وأقامت قضاءها على أن الطاعنين يشغلون وظائف نظار مدارس بمديرية التربية والتعليم بقنا والتى يرأسها قانونا محافظ قنا ـ واذ صدر القرار المطعون فيه من وزير التربية والتعليم وهو غير مختص قانونا بإصداره مما يغدو معه هذا القرار مشوبا بعيب عدم الإختصاص متعينا الحكم بالغائه .
ومن حيث ان أسباب الطعن الماثل تتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون حيث جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه وإن كان قانون الإدارة المحلية قد خول المحافظين اختصاصات توقيع الجزاءات التأديبية على جميع موظفى فروع الوزارات بالمحافظات غير انه لم ينص على إسقاط ولايه التأديب أو غل يد الوزير عن ذلك إذ ان سلطة الوزير توقيع الجزاءات على العاملين بوزارته مقررة بنص القانون ولا تحجبها سلطة المحافظ بالنسبة للعاملين بفروع الوزارة داخل نطاق المحافظة .
وبالنسبة لمشروعية القرارالمطعون فيه فالثابت أنالمطعون ضدهم قد ارتكبوا المخالفات لامنسوبة اليهم ولم يستطع أى منهم أن يدرأ المسئولية عن نفسه بدفاع مقبول فضلا عن عدم جدية دفوعهم الأمر الذى يشكل فى حقهم مخالفة تأديبية تستوجب مجازاة كل منهم عنها ويكون القرار المطعون فيه قد صدر محمولا على أسبابه بمنأى عن الإلغاء .
ومن حيث ان الثابت بالأوراق ان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالغاء القرار المطعون فيه على أن هذا القرار قد صدر من وزير التربيةوالتعليم وهو غير مختص قانونا بتأديب العاملين بمديريات التربية والتعليم بالمحافظات حيث ينعقد الإختصاص للمحافظين فذلك مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أنه طبقا لحكم المادة الثانية من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنه 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة والمادة 82 من ذات القانون يكون للوزير المختص سلطة التأديب على جميع العاملين بوزارته بحكم منصبه وكونه الرئيس الأعلى للعاملين بالوزارة , ولا يغير من ذلك أن قانون الإدارة المحلية قد خول المحافظين إختصاص توقيع الجزاءات التأديبية على جميع موظفى فروع الوزارات بالمحافظات اذ لم يتضمن هذا القانون النص على اسقاط ولاية التأديب عن الوزير , كما نصت المادة 157 من الدستور علىأن الوزير هو الرئيس الأعلى لوزارته , ومؤدى ذلك أن الوزير يحتل من وزارته وجميع المرافق التابعة لهاالقمه بما يترتب عهلى ذلك من إنعقاد مسئوليته عن حسن سيرها , فلا يستقيم والأمر كذلك غل يده عن سلطة التأديب فيما قد يقع من مخالفات فى إحدى الجهات التابعة لوزارته والا كانت مسئولية بلا سلطة , ولا مسئولية بلا سلطة .
ومتى كانت سلطة الوزير فى التأديب على جميع العاملين بالوزارة وسلطة المحافظ فى التأديب على العاملين بفروع الوزارات فى نطاق المحافظة كلاهما مقررة بالنص , فلا يجوز القول بان سلطة أحدهما تحجب سلطة الآخر . وإذ كان مؤدى ذلك قيام ازدواج فى الإختصاص فغن مردود هذا الإزدواج الى النصوص القانونية القائمة , ولا يمكن والحال كذلك إعمال أحد النصين وإغفال الآخر بما مؤداه ترجيح أحد الإختصاصين على الآخر اذ يتنافى ذلك مع المنطق القانونى السليم ومع القاعدة الأصولية المقررة أن أعمال النص خير من إهماله .
ومن حيث انه على هدى ماتقدم وكان الثابت بالأوراق ان المطعون ضدهم من العاملين بمديرية التربية والتعليم بقنا ومن ثم يكون لوزير التربية والتعليم سلطة تأديبهم , ويكون القرار المطعون فيه ـ والحال كذلك ـ صادرا من السلطة المختصة .
وإذ كان الثابت أنالحكم المطعون فيه لم يتعرض لمدى مشروعية القرار الطعين من الناحية الموضوعية اذ اكتفى بالغائه لصدوره من غير مختص كما سلف البيان وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا من شأنه أن يطرح المنازعة برمتها عليها ويفتح الباب أمامها لتزن القرار المطعون فيه بميزان القانون وزنا مناطه استظهار المشروعية وذلك متى كان الطعن مهيأ للفصل فى موضوعه .
ومن حيث ان الثابت بالأوراق أن القرار المطعون فيه قد انبنى على مانسب الى المطعون ضدهم من أنهم بوصفهم نظار مدارس بإدارة إسنا التعليمية التابعة لمديرية التربية والتعليم بمحافظة قنا قد خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفى وسلكوا مسلكا لا يتفق والإحترام الواجب للوظيفة وأهملوا فى أداء أعمالهم حيث سمحوا لبعض المدرسين التابعين لهم بحضور الدورة التدريبية بمركز عمر لطفى للتدريب بالإسماعيلية فى الفترة من 15/ 6/ 1999 حتى 19/ 6/ 1999 ددون موافقة الجهات المختصة وأن هذا المركز غير مرخص وغير مشهر ومدعم من إحدى السفارات الأجنبية بمصر وتقدم فيه المحاضرات عن تعليم الديمقراطية مع غرس الأفكار المتطرفة والمناهضة للحكم .
ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن القرار التأديبيى يجب ان يقوم على سببه يبرره بحيث يقوم على حالة واقعية أو قانونية تسوغ تدخل جهة الإدارة بتوقيع الجزاء , وأن رقابة القضاء لصحة الحالة الواقعية أو القانونية تجد حدها الطبيعى فى التحقق مما اذا كانت النتيجة التى انتهت اليها جهة الإدارة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا وقانونيا من عدمه , فإذا كانت منتزعة من غير أصول أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها غير صحيح كان القرار فاقدا لركن من اركانه هو ركن السبب ووقع مخالف للقانون , أما اذا كانت النتيجة التى انتهت اليها جهة الإدارة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها كان قرارها متفقا وصحيح حكم القانون .
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أنه من المبادىء الأساسية فى المسئولية العقابية سواء كانت جنائية أو تأديبية هو تحقق الثبوت اليقينى لوقوع الفعل المؤثم وأن يقوم ذلك على توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها فى ارتكاب المتهم للفعل المنسوب اليه , إذ يجب ان يثنى المسئولية التأديبية على القطع واليقين لا على الشك والتخمين , فلا يسوغ أن تقوم الإدانه على أدلة مشكوك فى صحتها او دلالتها والا كانت الإدانه مزعزعة الأساس متناقضة المضمون مفرغه من ثبات اليقين .
كما جرى قضاء هذه المحكمة على انه كى يستقيم قرار الإتهام على سببه يلزم حكما إجراء تحقيق قانونى صحيح سواء من حيث الإجراءات أو المحل أو الغاية وتلك القاعدة العامة التى تستند اليها شرعية الجزاء هى الواجبة الإتباع سواء تم توقيع الجزاء إداريا من السلطة التأديبية الرئاسية او من مجلس تأديبى مختص او تم توقيعه قضائيا وذلك بحسبان أن التحقيق هو وسيلة استبانه الحقيقة وإستجلاء وجه الحق فيما ينسب الى العامل من إتهام , وبغير ان يكون تحت يد الجهة التى تملك توقيع الجزاء التأديبيى تحقيق مستكمل الأركان لا يكون فى مكنتها الفصل على وجه شرعى وقانونى فى الإتهام المنسوب الى العامل سواء بالبراءة أو بالإدانه , ومن أجل ذلك فإن أى قرار أو حكم بالجزاء يصدر مستندا الى غير تحقيق أو استجواب سابق أو يصدر مستندا الى تحقيق ناقص وغير مستكمل الأر كان يكون قرارا أو حكما غير مشروع .
ومن حيث ان التحقيق لا يكون مستكمل الأركان صحيحا من حيث محله وغايته الا اذا تناول الواقعة محل الإتهام واستمع الى أقوال المتهم ودفاعه بحيث تتأكد عناصر الواقعة بوضوح ويقين من حيث الأفعال والزمان والمكان والأشخاص وأدلة الثبوت , فإذا قصر التحقيق عن استيفاء عنصر من هذه العناصر على وجه تجهل معه الواقعة وجودا وعدما أو أدلة وقوعها ونسبتها الى المتهم كان تحقيقا معيبا ويكون قرار الجزاء الصادر استنادا اليه باطلا خليقا الإلغاء .
كما أنه بات من المسلم به أن من ضمانات التحقيق إحاطة العامل علما بما هو منسوب اليه حتى يكون على بينه من حقيقة أمره وتمكينه من الدفاع عن نفسه قبل توقيع الجزاء عليه , ويتطلب ذلك استدعاء العامل وسؤاله ومواجهته بمختلف الأدلة التى تشير الى ارتكابه المخالفة المنسوبة اليه وسماع الشهود إثباتا ونفيا حتى يصدر قرار الجزاء مستندا الى سببه المبرر له , ولا يلزم اتباع إجراءات محددة فى مباشرة التحقيق أو إفراغه فى شكل معين .
ومن حيث انه على هدى ماتقدم وكان الثابت من مطالعة التحقيق الذى إجرى مع المطعون ضدهم والذى انبنى عليه القرار المطعون فيه أنه قد أعتوره النقص الجسيم والقصور الشديد عن تحديد غايته ومحله فى تحديد حقيقة المخالفات المنسوبة الى المطعون ضدهم والإحاطة بمختلف جوانبها وتحديد أدلة وقوعها ونسبتها اليهم على وجه يقينى , وإنما تم مواجهتهم جميعا بالإهمال فى واجبات وظائفهم العامة الأمر الذى ترتب عليه توقيع بعض المدرسين الخاضعين لإشرافهم فى سجل الحضور والإنصراف فى بعض الأيام رغم عدم تواجدهم فى هذه الأيام ومن ثم يكون التحقيق الذى تم مع المطعون ضدهم قد اعتوره النقص الجسيم والقصور الشديد عن تحديد المخالفة التى نسبت اليهم والإحاطة بمختلف جوانبها وتحديدا أدلة وقوعها ومواجهتهم بها وتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم , ومن ثم يقع هذا التحقيق باطلا ولا يصلح سندا موضوعيا عادلا لإصدار القرار المطعون فيه , الأمر الذى يكون معه القرار المطعون فيه الصادر استنادا الى هذا التحقيق فاقدا سنده المبرر له قانونا خليقا بالإلغاء .
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه هذا المنتهى ـ وان كان لغير ذلك من الأسباب ـ فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون فميا انتهى اليه , ويغدو الطعن فيه غير قائم على سند صحيح من القانون خليقا بالرفض .

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا .
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم الخميس الموافق سنه 1427 هجرية الموافق 25/ 1 / 2007 بالهيئة المبينة بصدره .
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات