الرئيسية الاقسام القوائم البحث

أصــــدرت الحكـــم الآتــيلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة الإدارية العليا
الدائرة التاسعة

بالجلسة المنعقدة علناً
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد رضا محمود سالم نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيـــس المحكمــة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمد عادل حسن إبراهيم حسيب نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / فارس سعد فام نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد سعيد مصطفى الفقي نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / فوزي عبد الراضي سليمان نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / أحمد محمد يسري مفــوض الدولـــة
وسكرتارية السيد / محمد السيد أحمد أميــــن الســر

أصــــدرت الحكـــم الآتــي

في الطعن رقم 7148 لسنة 48ق 0 ع

الـمـقامة من

مفرح إسماعيل زكي

ضد

1- وزير الإدارة المحلية .. بصفته
2- محافظ البحيرة .. بصفته
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية – الدائرة الثانية بحيرة –
في الدعوى رقم 4771 لسنة 54 ق بجلسة 18/ 2/ 2002

الإجراءات

أقيم هذا الطعن يوم السبت الموافق 20/ 4/ 2002 حيث أودع الأستاذ محمود محمد رمضان ، المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا ، قلم كتاب المحكمة ، تقريرا بالطعن في الحكم المشار إليه ، والذي قضي في منطوقه برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات 0
وطلب الطاعن : للأسباب المبينة في تقرير الطعن ، الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقيته في صرف المقابل النقدي لرصيد أجازاته الاعتيادية المتبقية وقدره 504 يوما وإلزام الجهة الإدارية المصروفات 0
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراًً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بأحقية الطاعن في صرف المقابل النقدي عن رصيد أجازاته الاعتيادية بالكامل مع مراعاة ما صرف له من هذا الرصيد وإلزام جهة الإدارة المصروفات عن درجتي التقاضي 0
وقد نظر الطعن بدائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها والتي قررت بجلسة 26/ 6/ 2005 إحالته إلي الدائرة الثامنة ( موضوع) لنظره بجلسة 1/ 12/ 2005 وبعد أن أصبح من اختصاص هذه الدائرة
على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حتى قررت بجلسة 25/ 5/ 2006 إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به 0

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطاعن يطلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقيته في صرف المقابل النقدي عن باقي رصيده من الأجازات الاعتيادية التي لم يستنفدها قبل انتهاء خدمته وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات عن درجتي التقاضي 0
ومن حيث أنه عن شكل الطعن وإذ صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 18/ 2/ 2002 وأقيم الطعن الماثل بتاريخ 20/ 4/ 2002 أي بعد 61 يوما من تاريخ صدور الحكم ، إلا أنه إذا أضيف إلي ميعاد الطعن ميعاد المسافة المقرر قانونا وقدره أربعة أيام محسوبا على ضوء المسافة من البحيرة إلي القاهرة فإن الطعن يكون قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا وإذ استوفي سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يكون مقبولا شكلا 0
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل – وفقا للثابت من الأوراق – أن الطاعن كان قد اقام الدعوى رقم 4771 لسنة 54 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية – الدائرة الثانية – طالبا الحكم بأحقيته في صرف المقابل النقدي عن باقي رصيده من الأجازات الاعتيادية التي لم يستنفدها قبل انتهاء خدمته 0
وبجلستها المنعقدة في 18/ 2/ 2002 قضت المحكمة المذكورة برفض الدعوى وشيدت قضاءها على أن المدعى أحيل للمعاش قبل نفاد حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 2 لسنة 21 ق دستورية وبالتالي فإنه لا يستحق المقابل النقدي عما يجاوز الأربعة أشهر من رصيده من الأجازات الاعتيادية 0
ومن حيث أن مبني الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب استنادا إلي أن أحكام المحكمة الدستورية العليا تعد كاشفة عما بالنص المقضي بعدم دستوريته من عوار بما يؤدي إلي زواله وفقده لقوة نفاذه من بدء العمل به وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلي غير ذلك فإنه يكون قد وقع مخالفا لأحكام القانون ويتعين القضاء بإلغائه وإجابة الطاعن إلي طلباته 0
ومن حيث أن المادة من قانون نظام العالمين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمعدلة بالقانون رقم 219 لسنة 1991تنص على أن "يستحق العامل أجازة اعتيادية سنوية بأجر كامل لا يدخل في حسابها أيام العطلات والأعياد والمناسبات الرسمية فيما عدا العطلات الأسبوعية وذلك على الوجه الآتي: 1- ……….. ويحتفظ العامل برصيد أجازاته الاعتيادية على أنه لا يجوز أن يحصل على أجازة من هذا الرصيد بما يجاوز ستين يوماً في السنة بالإضافة إلى الأجازة المستحقة له عن تلك السنة .
فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الأجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسي مضافاً إليه العلاوات الخاصة التي كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يجاوز أربعة أشهر ولا تخضع هذه المبالغ لأية ضرائب أو رسوم".
ومن حيث أن المحكمة الدستورية العليا قد تصدت لأمر مدى دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 65 السالفة الذكر وقضت بعدم دستورية نص هذه الفقرة فيما تضمنته من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد أجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل – وذلك في القضية رقم 2 لسنة 21ق. دستورية بجلسة 6/ 5/ 2005.
ومن حيث أنه متى كان ما تقدم فإن استحقاق العامل للمقابل النقدي عن رصيد أجازاته الاعتيادية التي لم يستنفذها قبل انتهاء خدمته والتي تجاوز الأربعة شهور قد أصبح مشروعاً بعد أن كان محظوراً بنص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والتي قضي بعدم دستوريتها.
ومن حيث أن حكم المحكمة الدستورية الذي قضي بمخالفة هذا الحظر للدستور قد قرن عدم الدستورية بكون عدم قيام العامل بالأجازة لم يكن برغبة منه وإنما كان ذلك لمقتضيات صالح العمل فإن مؤدى ذلك ولازمه وجوب خضوع الأمر للإثبات بين جهة الإدارة والعامل نفياً وتأييداً.
ومن حيث أنه إذا كان الإثبات في العلاقات القانونية الاتفاقية تحكمه مبادئ تقوم على المساواة في وسائل وأدوات الإثبات والأدلة والقرائن – إلا أن الأمر يختلف تماماً في المجال الإداري والوظيفي بوجه عام وفي مجال المقابل النقدي عن رصيد الأجازات الاعتيادية فيما يجاوز الأربعة أشهر بوجه خاص ، وذلك كله من عدة أمور:
الأمر الأول : أن المسلم به أن المقابل النقدي عن رصيد الأجازات الاعتيادية في حدود الأربعة أشهر لا يشترط لاستحقاقه إثبات أن عدم القيام بالأجازة كان راجعا لظروف العمل ، وإذا ما أخذ في الاعتبار أن الأجازات التي لم يقم بها العامل ليس لها ذاتية ثابتة تستمر عليها حتى نهاية خدمة العامل باعتبارها تدخل أو تجاوز الأربعة أشهر ، وإنما هي تتحرك دخولا وخروجا من دائرة الأربعة أشهر على مدار الباقي من خدمة العامل ، وهي بهذه المثابة يتردد وضعها القانوني بين وجوب اثاث أن عدم القيام بها كان مرجعه ظروف العمل وليس رغبة العامل الذاتية في حالة دخولها فيما يجاوز الأربعة أشهر ، وبين عدم تقيد الاعتداد بها بأي وجه من وجوه الإثبات فيما يتعلق بمرجع عدم القيام بها إذا كانت في حدود الأربعة أشهر ، وهذه النتيجة في حد ذاتها تؤدي إلى الاصطدام بالمبادئ العامة في الإثبات التي توجب أن تكون الواقعة محل الإثبات محددة ولها ذاتية ثابتة لا تتبدل.
والأمر الثاني : أن الطبيعة الخاصة لملف خدمة العامل لا يجوز إغفالها وهي أن هذا الملف في حوزة جهة الإدارة وتحت سيطرتها القانونية والفعلية ، ويعد الوعاء الوحيد للمستندات الوظيفية بما فيها ما يتعلق بالأجازات وأن هذه السيطرة تصل إلي حد عدم السماح للعامل بالحصول على أي بيان منه إلا بقيود صارمة وإجراءات مشددة وبمناسبة حالة واقعية محددة 0
والأمر الثالث : أن افتراض مطالبة العامل بأن يلتزم هو بإعداد دليل مسبق يثبت أن عدم قيامه بالأجازة الاعتيادية التي تجاوز أربعة أشهر لم يكن برغبة شخصية منه ، وإنما لظروف العمل ، هذا الافتراض الحالي لا يتفق مع أصل منطقي وهو ألا يكلف العامل بأن يقدم ما يثبت أنه قدم طلبات للقيام بالأجازة ومنع من القيام بها في وقت كان يحظر فيه صرف المقابل النقدي عما يجاوز أربعة أشهر 0 إذ لا يتصور ولا يفترض أن يتنبأ العامل بأن المحكمة الدستورية العليا في سنوات لاحقة سوف تهدر هذا الحظر وتقضي بعدم دستوريته – ومن ثم فإن إعداد الدليل في الفترة السابقة على الحكم بعدم دستورية النص المذكور لا يتصور منطقا ولا قانونا افتراض وجوب قيام العامل به ، فضلا عن أن أي عامل عادي بقدر محدود من القدرات لا يتصور أن يفرط في القيام بهذه الأجازات حالة كون ذلك يقضي في ذلك الوقت إلي إهدارها 0
ومن حيث أنه يترتب على ما تقدم بحكم اللزوم قيام قرينة لصالح العامل مؤداها أن عدم قيامه بالأجازة الاعتيادية التي تتجاوز الأربعة أشهر لم يكن بإرادته ولا رغبته الشخصية لتعارض ذلك مع مصلحته التي تقتضي قيامه بتلك الأجازة وأن ظروف العمل هي التي اقتضت عدم قيامه بها0
وهذه القرينة تلتزم المحكمة بالأخذ بها والقضاء بموجبها ما لم تثبت الجهة الإدارية على نحو قاطع بما لها من هيمنة على ملف خدمة العامل – ما يخالف هذه القرينة ويدحضها.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان يعمل بمحافظة البحيرة وأحيل للمعاش بتاريخ 15/ 10/ 1999 وله رصيد من الأجازات الاعتيادية التي لم يستنفدها إبان خدمته يجاوز الأربعة أشهر ، وأن الجهة الإدارية صرفت له المقابل النقدي عن أربعة أشهر وتبقي له 922 يوما لم يصرف عنها المقابل النقدي . ولم يقم دليل بالأوراق يثبت أن عدم حصول الطاعن على هذا الرصيد كان راجعا لرغبته هو وليس لصالح العمل فمن ثم يكون قد تحقق بشأن الطاعن مناط استحقاق المقابل النقدي عن باقي رصيده من الأجازات الاعتيادية محسوبا على أساس أجره الأساسي مضافا إليه العلاوات الخاصة التي كن يتقاضاها عند إنتهاء خدمته 0
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد انتهي إلي غير هذه النتيجة فإنه يكون قد وقع مخالفا لأحكام القانون ويتعين القضاء بإلغائه وبأحقية الطاعن في صرف المقابل النقدي عن باقي رصيده من الأجازات الاعتيادية التي لم يستنفدها قبل انتهاء خدمته 0
ولا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الطاعن قد انتهت خدمته قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا القاضي بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 65 المشار إليها ونفاذه وبالتالي فلا يفيد مما قضي به ولا يحق له صرف المقابل النقدي فيما يجاوز الأربعة أشهر من رصيده من الأجازات الاعتيادية ، لا وجه لهذا ، ، لأنه من ناحية يجدر التنويه بأن الحكم بعدم دستورية النص ليس مجرد حكم بتعديل التشريع بحذف النص المقضي بعدم دستوريته ، إنما هو حكم بإعدام ذلك النص من الوجود التشريعي لمناهضته وإهداره لواحد أو أكثر من الأسس التي يقوم عليها الدستور 0 ومن ناحية أخرى فإن بلوغ سن الإحالة إلي المعاش هو التاريخ الذي عنده يتحدد بصفة نهائية عدد أيام الأجازات التي لم يتم الحصول عليها ، أما الحق في استحقاق واقتضاء المقابل النقدي عن هذا الرصيد فلا يبدأ إلا اعتبارا من هذا التاريخ وطالما أن هذا الحق قائم قانونا حتى تاريخ صدور ونفاذ الحكم بعدم دستورية النص ، فإن إعمال مقتضي هذا الحكم باثر مباشر – ودون الحاجة إلي إعماله باثر رجعي – يكفي سريانه على الطاعن وبالتالي استحقاقه المقابل النقدي عن باقي رصيده من الأجازات الاعتيادية0
ومن حيث أن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات إعمالاً لحكم المادة من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن في صرف المقابل النقدي عن باقي رصيده من الأجازات الاعتيادية التي لم يحصل عليها قبل انتهاء خدمته وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها بالمصروفات عن درجتي التقاضي 0
صدر هذا الحكم وتلي علناً في جلسة الخميس 26 جماد أول سنة 1427هـ، الموافق 29/ 6/ 2006م، بالهيئة المبينة بصدره.
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات