القضية رقم 76 لسنة 32 ق دستورية
الجريدة الرسمية – العدد 6 (مكرر) – السنة
التاسعة والخمسون
6 جمادى الأولى سنة 1437هـ، الموافق 15 فبراير سنة 2016م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من فبراير سنة 2016م،
الموافق السابع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1437هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور – رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى
عمرو والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر وحاتم حمد بجاتو – نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان – رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع – أمين السر.
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 76 لسنة 32 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا "دائرة توحيد المبادئ" بمجلس الدولة بحكمها الصادر بجلسة 2/ 1/ 2010 ملف الطعن رقم 5046 لسنة 51 قضائية.
المقامة من
1 – السيد وزير المالية
2 – السيد رئيس مصلحة الضرائب العامة.
ضـد
السيدة/ حليمة محمد سيد مبارك
الإجراءات
بتاريخ الثامن والعشرين من مارس سنة 2010, ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الطعن رقم
5046 لسنة 51 قضائية عليا بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا "دائرة توحيد المبادئ"
بجلسة 2/ 1/ 2010 بوقف الفصل فى الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا
للفصل فى دستورية عبارة "وإلا سقط حقه نهائيًا فى حسابها" الواردة بالمادة الخامسة
من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983
بشأن قواعد حساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليًا: بعدم قبول الدعوى واحتياطيًا:
برفضها.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – فى أن المطعون
ضدها فى الطعن رقم 5046 لسنة 51 قضائية المقيد أمام المحكمة الإدارية العليا كانت قد
أقامت الدعوى رقم 1881 لسنة 2 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى "دائرة بنى سويف والفيوم"؛
طالبة الحكم بأحقيتها فى ضم مدة اشتغالها بالمحاماة فى الفترة من 2/ 11/ 1988 حتى 18/
2/ 1992 إلى مدة خدمتها الحالية مع ما يترتب على ذلك من آثار، قولاً منها إنها حصلت
على ليسانس الحقوق عام 1987 وقيدت بنقابة المحامين بتاريخ 2/ 11/ 1988 وظلت تعمل بالمحاماة
إلى أن تم تعيينها بمصلحة الضرائب العامة ببنى سويف بتاريخ 18/ 2/ 1992، وقد تقدمت
بطلب إلى الجهة الإدارية بضم هذه المدة كمدة خدمة عملية إلى مدة خدمتها الحالية إلا
أن طلبها رُفض على سند من عدم إثباتها مدة اشتغالها بالمحاماة فى الاستمارة (103 ع.
ح), بالرغم من أن عدم إثبات هذه المدة يرجح لتعليمات صادرة من وزارة المالية برفض أى
طلبات تعيين إلا إذا كانت الاستمارة المذكورة خالية من إثبات أى مدة عمل سابقة بالحكومة
أو القطاع العام أو مدد ممارسة إحدى المهن الحرة الصادر بتنظيم العمل بها قانون من
قوانين الدولة، وأنها قد اضطرت إلى عدم إثبات مدة اشتغالها بالمحاماة تحت إكراه الحاجة
إلى تعيينها بمصلحة الضرائب.
وبجلسة 27/ 11/ 2004 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع
بأحقية المدعية فى ضم ثلاثة أرباح مدة ممارستها للمحاماة فى الفترة من 2/ 11/ 1988
حتى 18/ 2/ 1992 إلى مدة خدمتها الحالية وما يترتب على ذلك من آثار. وإذ لم ترتض جهة
الإدارة هذا القضاء طعنت عليه بالطعن رقم 5046 لسنة 51 قضائية إدارية عليا، ونُظر الطعن
أمام دائرة فحص الطعون التى أحالته إلى دائرة الموضوع حيث نظرته على النحو الثابت بمحاضر
جلساتها. وبجلسة 22/ 11/ 2007 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ
بالمحكمة ذاتها التى تراءى لها أن عبارة " وإلا سقط حقه نهائيًا فى حسابها" الواردة
بالمادة الخامسة من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم
5547 لسنة 1983 بشأن قواعد احتساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين
بها شبهة عدم دستورية لما فيها من افتئات على سلطة المشرع، فضلاً عما فيها من اعتداء
على حقوق العاملين الذى أوجب القانون احترامها بالمخالفة لنص المادة من الدستور.
ومن ثم قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية
عبارة "وإلا سقط حقه نهائيًا فى حسابها" الواردة بالمادة الخامسة من قرار وزير شئون
مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدد
الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة تأسيسًا على أن الضرر المدعى
به من قبل المدعية فى الدعوى الموضوعية لا يعود إلى النص المدعى بعدم دستورية، بل مرده
إلى مسلك جهة الإدارة التى ألزمتها بعدم ذكر مدة خبرتها العملية فى الاستمارة المخصصة
لذلك عند تقديمها لمسوغات تعيينها. ومن ثم فلا مصلحة ترجى من الفصل فى دستوريته.
وحيث إن هذا الدفع مردود؛ بأن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن مناط المصلحة فى
الدعوى الدستورية – وهى شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة
فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات
المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، وأن الدعوى الدستورية وإن كانت تستقل بموضوعها
عن الدعوى الموضوعية، باعتبار أن أولاهما: تتوخى الفصل فى التعارض المدعى به بين نص
تشريعى وقاعدة فى الدستور، فى حين تطرح ثانيتهما: فى صورها – الأغلب وقوعًا – الحقوق
المدعى بها فى نزاع موضوعى يدور حولها إثباتًا أو نفيًا، إلا أن هاتين الدعويين لا
تنفكان عن بعضهما من زاويتين: أولادهما: أن المصلحة فى الدعوى الدستورية مناطها ارتباطها
بالمصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية مؤثرًا فى
الطلب الموضوعى المرتبط بها، وثانيتهما: أن يصبح الفصل فى الدعوى الموضوعية متوقفًا
على الفصل فى الدعوى الدستورية.
متى كان ذلك، وكانت المسألة القانونية التى تطلب دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية
العليا حسمها تتعلق بمدى أحقية العامل فى حساب مدة خبرته السابقة على تعيينه إذا لم
يكن قد ذكرها فى الاستمارة رقم (103 ع. ح) عند تقديمه لمسوغات تعيينه، لما استبان لدائرة
فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا من أن الدائرة التاسعة من تلك المحكمة انتهت فى
بعض أحكامها إلى عدم أحقية العامل فى هذه الحالة فى حساب مدة خبرته السابقة، فى حين
ذهبت أحكام أخرى صادرة عن الدائرة ذاتها إلى خلاف ذلك، وقد تراءى لدائرة توحيد المبادئ
المنوط بها توحيد القضاء فى المسألة القانونية المعروضة عليها أن النص المطلوب إنزال
حكمه على النزاع المعروض عليها يشوبه – من وجهة أولية – عوار دستورى مما يقتضى عرض
أمره على المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم فإن حسم المسألة الدستورية يكون لازمًا
للفصل فى النزاع الموضوعى المرتبط بها مما تتوافر معه المصلحة الشخصية المباشرة فى
الدعوى الماثلة، ويضحى الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة فاقد الأساس متعينًا الالتفات
عنه.
وحيث إن المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم
47 لسنة 1978 والمستبدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن "تحسب مدة الخبرة المكتسبة
علميًا التى تتفق مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل وما يترتب عليها من أقدمية
افتراضية وزيادة فى أجر بداية التعيين للعامل الذى تزيد مدة خبرته على المدة المطلوب
توافرها لشغل الوظيفة.
كما تحسب مدة الخبرة العملية التى تزيد على مدة الخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة
على أساس أن تضاف على بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة دورية
بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها العامل بشرط أن تكون تلك
الخبرة متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل وعلى ألا يسبق زميله المعين
فى ذات الجهة فى وظيفة من نفس الدرجة فى التاريخ الفرضى لبداية الخبرة المحسوبة سواء
من حيث الأقدمية فى درجة الوظيفة أو الأجر.
ويكون حساب مدة الخبرة الموضحة بالفقرتين السابقتين وفقًا للقواعد التى تضعها لجنة
شئون الخدمة المدنية".
وحيث إن المادة الخامسة من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية
رقم 5547 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين
تنص على أن "تسرى أحكام هذا القرار على العاملين الموجودين فى الخدمة وقت العمل به
المعينين بها اعتبارًا من 12/ 8/ 1983 ويشترط لحساب مدة الخبرة السابقة أن يتقدم الموظف
بطلب لحسابها…..
أما من يعين أو يعاد تعيينه بعد نشر هذا القرار فيتعين عليه ذكرها فى الاستمارة الخاصة
بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه وذلك دون حاجة إلى تنبيه وإلا سقط حقه نهائيًا فى حسابها".
وحيث إن المدعى عليها فى الطعن المقام أمام المحكمة الإدارية العليا، عُينت بمصلحة
الضرائب العامة ببنى سويف اعتبارًا من 18/ 2/ 1992 بعد نشر قرار وزير شئون مجلس الوزراء
ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983 فى 21 نوفمبر سنة 1983، ومن ثم يتحدد
نطاق الدعوى الماثلة فيما تضمنته الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من ذلك القرار من
سقوط حق المعين نهائيًا بعد نشر هذا القرار فى حساب مدة خبرته العملية السابقة على
تعيينه إذا لم يذكرها فى الاستمارة الخاصة بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه.
وحيث إن من المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن الأوضاع الشكلية للنصوص التشريعية
سواء فى ذلك المتعلقة بالشروط التى يفرضها الدستور لمباشرة الاختصاص بإصدارها فى غيبة
السلطة التشريعية أو بتفويض منها أو ما كان منها متعلقًا باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها
حال انعقاد السلطة التشريعية، إنما يتحدد على ضوء ما قررته فى شأنها أحكام الدستور
المعمول بها حين صدورها.
متى كان ذلك، وكان قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم
5547 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدة الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين
قد صدر بتاريخ 20/ 11/ 1983 وتم نشره بالوقائع المصرية بالعدد رقم 264 (تابع) فى 21
نوفمبر 1983، وعمل به – فيما خلا الحكم الوارد بنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة
منه – من تاريخ نشره، ومن ثم يكون الدستور الصادر عام 1971 هو الواجب التطبيق فيما
يتعلق بالأوضاع الشكلية المتطلبة لإصداره.
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأصل فى اللوائح التنفيذية التى تصدر وفقًا
لنص المادة من دستور 1971، أنها تفصِّل ما ورد إجمالاً فى نصوص القانون بما ليس
فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها وأن الغرض من صدور اللائحة التنفيذية للقانون
يتعين أن ينحصر فى إتمام القانون، أى وضع الواعد والتفاصيل اللازمة لتنفيذه مع الإبقاء
على حدوده الأصلية بلا أدنى مساس، ودون أن تنطوى على تعديل أو إلغاء لأحكامه، أو أن
تضيف إليه أحكامًا تبعده عن روح التشريع، فيجاوز بذلك مُصدرها الاختصاص الدستورى المخول
له متعديًا على السلطة التشريعية. كما أن المقرر كذلك فى قضاء المحكمة الدستورية العليا
أن الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساسًا على إعمال
القوانين، وتنفيذها، غير أنه استثناء من هذا الأصل وتحقيقًا لتعاون السلطات وتساندها،
فقد عهد الدستور إليها فى حالات محددة بأعمال تدخل فى نطاق الأعمال التشريعية، ذلك
إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين فنصت المادة من دستور 1971 – على أن "يصدر
رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو
إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره فى إصدارها؛ ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات
اللازمة لتنفيذه"، ومن ثم لا يدخل فى اختصاصها ذلك توليها ابتداء تنظيم مسائل خلا القانون
من بيان الإطار العام الذى يحكمها، وإلا كان ذلك تشريعًا لأحكام جديدة لا يمكن إسنادها
إلى القانون، وليست تفصيلاً لأحكام أوردها المشرع فى القانون إجمالاً، بما يخرج اللائحة
– عندئذ – عن الحدود التى عينها الدستور.
وحيث إن النص المطعون فيه – محددًا نطاقه على النحو السالف البيان – استحدث حكمًا يلزم
بمقتضاه من يعين أو يعاد تعيينه، ذكر مدة الخبرة العملية السابقة فى الاستمارة الخاصة
بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه دون حاجة إلى تنبيه وإلا سقط حقه نهائيًا فى حسابها،
مخالفًا بذلك ما أوجبه نص الفقرة الثانية من المادة من قانون نظام العاملين المدنيين
بالدولة – بعد استبداله بالقانون رقم 115 لسنة 1983 – من حساب مدة الخبرة العملية التى
تزيد على مدة الخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة وفق الشروط والضوابط الواردة فى
النص السالف البيان، والتى خلت من تحديد ميعاد لسقوط الحق فى حساب هذه المدة، الأمر
الذى يكون معه النص المطعون فيه مجاوزًا حدود التفويض الصادر من المشروع بشأن وضع القواعد
المنظمة لكيفية حساب مدة الخبرة العملية السابقة على التعيين للعاملين المؤهلين، الأمر
الذى يضحى معه هذا النص مخالفًا لحكم المادة من الدستور الصادر عام 1971.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية عبارة "وإلا سقط حقه نهائيًا فى حسابها" الواردة بعجز الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين.
| أمين السر | رئيس المحكمة |
