المحكمة الادارية العليا – الطعن ين رقمي 16923، 17533 لسنة 51 ق 0 عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل
صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / عصام الدين عبد العزيز جاد الحق، حسن كمال أبو
زيد,/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي, د.حسني درويش عبد الحميد (نواب رئيس مجلس الدولة)
وحضور السيد الأستاذ المستشار / معتز أحمد شعير – مفوض الدولة
سكرتارية السيد/ محمد حسن أحمد – أمين سر المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعنين رقمي 16923، 17533 لسنة 51 ق 0 عليا
المقامه أولهما من
النيابة الإدارية
ضد
محمد سيد حسين هندي
المقامه ثانيهما من
محمد سيد حسين هندي
ضد
النيابة الإدارية
طعنًا في حكم المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا الصادر بجلسة 4/ 5/ 2005 في
الدعوى رقم 25 لسنة 46 ق
الإجراءات
في يوم الخميس الموافق 23/ 6/ 2005 أودع الأستاذ/ أحمد علي عليوة
عمار نائب رئيس حقيقة النيابة الإدارية نائبًا عن الأستاذ المستشار/ رئيس الهيئة، قلم
كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 16943 لسنة 51 ق 0 عليا،
طعنًا في الحكم المشار إليه، فيما قضى به من مجازاة المطعون ضده بغرامة تعادل خمسة
أضعاف الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه في الشهر عند انتهاء خدمته.
وطلبت الطاعنة – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بمجازاة المطعون ضده بإحدى العقوبات المقررة
للعاملين الموجودين بالخدمة والمناسبة لما اقترفه من جرم موضح بتقرير الاتهام.
وجرى إعلان الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وفي يوم الاثنين الموافق 27/ 6/ 2005 أودع الأستاذ/ غبريال إبراهيم غبريال المحامي
بالنقض، بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها
تحت رقم 17533 لسنة 51 ق 0 عليا، طعنًا في الحكم المشار إليه، فيما قضى به من مجازاة
بغرامة تعادل خمسة أضعاف الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه في الشهر عند انتهاء خدمته.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن وشكلاً، وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا ببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه.
وجرى إعلان الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني، انتهت – للأسباب المبينة فيه
– إلى طلب الحكم بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء
مجددًا بمجازاة الطاعن/ محمد سيد حسين هندي بالجزاء المناسب لما في حقه وفقًا لما تقدره
المحكمة، ورفض الطعن رقم 17533 لسنة 51 ق 0 عليا، فيما عدا ذلك من طلبات.
وعُين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 25/ 1/ 2006، وفيها أودع الحاضر عن الطاعن
في الطعن الثاني حافظة مستندات طويت على قراراتها خدمته اعتبارًا من 17/ 12/ 2005،
وبجلسة 22/ 3/ 2006 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى هذه المحكمة لنظرهما بجلسة 22/
4/ 2006، وتدوول نظرهما بجلساتهما، وبجلسة 10/ 6/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة
اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات وإتمام المداولة.
وحيث إن الطعنين قد استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر الموضوع، تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 15/ 11/
2003 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 25 لسنة 46 ق أمام المحكمة التأديبية لمستوى
الإدارية العليا، وتقرير اتهام ضد: –
محمد سيد حسين هندي – كبير باحثين قانونيين بمديرية التربية والتعليم ببني سويف سابقًا
وحاليًا بالعلاقات العامة بإدارة الفشن التعليمية بدرجة كبير باحثين.
لأنه بتاريخ 17/ 11/ 2001 بوصفه السابق وبدائرة عمله المشار إليها خرج على مقتضى الوظيفي
وسلك مسلكًا لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة العامة وخالف القواعد والأحكام المنصوص
عليها في القوانين واللوائح بأن قبل مبالغ مالية على سبيل الرشوة مستغلاً نفوذه الوظيفي
بالتربية والتعليم بقصد تعيين شقيقي زوجة المبلغ محمود عبد العاطي، فضلاً عن طلب رشوة
من/ عبد المقصود بكري في سبيل إنهاء بعض التحقيقات المتصلة بشخصه والتي تجري بمعرفته
بالمخالفة لأحكام القانون على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكور تأديبيًا.
وبجلسة 4/ 5/ 2005 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، مشيدة قضاءها على أساس أن الثابت
من الأوراق والتحقيقات وإقرار الطاعن/ محمد سيد حسين هندي أنه تقاضى مبالغ مالية من
بعض الأفراد، وقد كشفت أقوال شهود التحقيقات وما تضمنه محضر ضبط الواقعة المشار إليها
وكذلك ما كشفت عنه أجهزة التصوير المستخدمة في الضبط أن الطاعن المذكور تسليم تلك المبالغ
كرشوة مقابل إنهاء بعض المصالح، وبهذه المثابة يكون مخلاً بواجبات وظيفته لسلوكه مسلكًا
لا يتفق وكرامة الوظيفة العامة، ومن ثم يتعين مؤاخذته تأديبيًا على وجه الشدة لاقترافه
جرمًا تأديبيًا بكشف عن عدم صلاحيته للبقاء في الوظيفة العامة، إلا أنه لما كان الثابت
أنه قد بلغ السن المقرر للتقاعد اعتبارًا من 16/ 2/ 2005 (وصحته 17/ 12/ 2005) فإنه
يتعين بمجازاته تأديبيًا عملاً بنص المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة
رقم 47 لسنة 1978 المعدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983.
وخلصت المحكمة إلى قضائها المطعون فيه سالف الذكر.
ومن حيث إن مبنى الطعن الأول رقم 16923 لسنة 51 ق 0 عليا يخلص في أسباب حاصلها مخالفة
الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله على سند من القول بأن الثابت من
الأوراق أن المطعون ضده يشغل وظيفة كبير باحثين قانونيين بمديرية التربية والتعليم
ببني سويف وأنه سوف يحال للمعاش بتاريخ 16/ 12/ 2005 وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى
إثبات المخالفة المنسوبة إليه في حقه وهو الثابت صدقًا وحقًا من الأوراق، إلا أن الحكم
المطعون فيه قد قضى بمجازاته بغرامة تعادل خمسة أضعاف الراتب الذي كان يتقاضاه في الشهر
عند انتهاء خدمته، الأمر الذي يكون معه الحكم الطعين قد وقع عليه عقوبة من ترك الخدمة
حال كونه مازال بالخدمة، الأمر الذي يكون معه الحكم الطعين قد خالف صحيح الحكم القانون
وأخطأ في تطبيقه وتأويله بما يجعله متعين الإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن الثاني رقم 17533 لسنة 51 ق 0 عليا يخلص في أسباب حاصلها أن
الحكم المطعون فيه قد صدر مشوبًا بمخالفة القانون، وما هو ثابت من الأوراق على سند
من القول أنه لما كان الثابت من الأوراق أن تاريخ بلوغ الطاعن السن القانوني المقرر
للإحالة إلى المعاش هو 16/ 12/ 2005، وليس 16/ 2/ 2005، وإذ صدر الحكم المطعون فيه
تاريخ 4/ 5/ 2005 أي قبل بلوغ الطاعن السن القانوني المقرر للإحالة إلى المعاش، فإذا
ما انتهى الحكم الطعين إلى مجازاته بغرامة تعادل خمسة أضعاف الأجر الأساسي الذي كان
يتقاضاه في الشهر عند انتهاء خدمته، فإن الحكم الطعين يكون قد خالف صحيح حكم القانون
لتوقيعه عقوبة على الطاعن غير منصوص عليها قانونًا ولا يجوز توقيعها عليه مما يجعله
متعين الإلغاء، كما نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه صدوره مشوبًا بالقصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال، على سند من القول أن الثابت من الأوراق أن الطاعن قد حرر للشاكي
إيصال أمانة بالمبلغ محل الاتهام مما يقطع بأن هذا المبلغ كان سلطة من الشاكي للطاعن
وليس على سبيل الرشوة، كما أن الحكم قد أغفل دلالة شهادة شهود النفي الذي نفوا الواقعة
المنسوبة إلى الطاعن ومنهم/ حسن حسنين رزق، كما أن الأوراق قد خلت مما يفيد أن الطاعن
قد طلب من المدعو/ عبد المقصود بكري ثمة مبالغ مالية لإنهاء التحقيق لصالحه، كما أن
محضر تفريغ التسجيلات الصوتية خلاً أيضًا من ثمة اتصال بين الطاعن والمذكور مما يقطع
ببطلان مزاعم عضو هيئة الرقابة الإدارية وكذلك بعدم صحة الاتهام المنسوب إلى الطاعن،
كما أن المحكمة قد نسبت إلى الطاعن اقترافًا بتقاضيه تلك المبالغ وهو ما لم يرد بالتحقيقات
ولم يصدر من الطاعن، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد انتزع ثبوت المخالفات في حق
الطاعن من أصول غير ثابتة بالأوراق، مما يجعله مشوبًا بالقصور في التسبيب والفساد في
الاستدلال متعين الإلغاء.
ومن حيث إنه عن الموضوع، فإنه يخلص في أنه ورد إلى النيابة الإدارية ببني سويف كتاب
النيابة العامة رقم 198/ 6051 المؤرخ 10/ 6/ 2003 ومرفقاته وقد تبين من الأوراق أن
النيابة العامة قد أبلغت من قبل هاني أمين الحسيني عضو هيئة الرقابة الإدارية ببني
سويف وعلى نحو ما سطره سالف اذكر بمحضر الضبط المحرر بمعرفته نم أنه بتاريخ 22/ 10/
2001 حضر إليه بمقر الرقابة الإدارية المبلغ محمود عبد العاطي حيث أبلغه أنه قد تقابل
مع/ محمد سيد حسين هندي (الطاعن بالطعن الثاني رقم 17533 لسنة 51 ق 0 عليا)، والذي
يعمل بالتربية والتعليم وطلب منه مبلغ 24000 جنيهًا مقابل قيامه بتعيين كل من شقيق
وشقيقه زوجته وأنه أخذ منه مبلغ ستمائة جنيه مقابل إنهاء إجراءات تعيينهما وحرر إيصال
أمانة يفيد ذلك، وبإجراء التحريات أفادت تلك التحريات أن المشكو في حقه سمعته ليست
فوق مستوى الشبهات وأنه عضو الشئون القانونية بمديرية التربية والتعليم ببني سويف –
بدرجة كبير باحثين، وأن وضعه الوظيفي يبيح له التعامل مع المسئولين بالتربية والتعليم
وأنه يستغل تلك العلاقات في نقل وتعيين الموظفين مقابل مبالغ نقدية وأنه يستغل تليفونه
المنزلي لتحقيق بعض الاتصالات وقد أفادت التحريات صحة بلاغ المواطن/ محمود صابر عبد
العاطي فاستصدر إذنًا من النيابة العامة بمراقبة الطاعن وتسجيل كافة اللقاءات المزمع
حدوثها بين المبلغ والطاعنة، وبتاريخ 29/ 10/ 2001 حضر المبلغ إلى الرقابة الإدارية
وقام بإجراء مكالمة تليفونية مع الطاعن واتفقا على اللقاء في وقف قريب وتم استئذان
النيابة العامة بضبط الواقعة.
وبتاريخ 7/ 11/ 2001 تمكن عضو الرقابة سالف الذكر من تسجيل وتصوير ما بدور بين الطاعن
المذكور والمبلغ حيث قام الأخير بإعطاء الطاعن مبلغ ستمائة جنيه قام الأخير بوضعها
في جيب القميص الذي يرتديه، وعندئذٍ تم ضبط الطاعن وبحوزته المبلغ المشار إليه وإيصال
الأمانة المحرر بمعرفة الطاعن لصالح المبلغ، وبالانتقال إلى منزل الطاعن وبتفتيشه تم
العثور على مسوغات تعيين كل من رأفت ونبوية شقيقي زوجة المبلغ، كما تبين وجود ملف تحقيق
بالشئون القانونية بالتربية والتعليم ببني سويف يخص السيد/ عبد المقصود بكري، والذي
سبق وأن تم التقاط مكالمة تليفونية بينه وبين الطاعن المذكور مفادها طلب الطاعن من
المذكور مبالغ مالية لإنهاء التحقيق لصالحه، كما أن المكالمات المسجلة بمعرفة الرقابة
الإدارية بين الطاعن والمبلغ أن الطاعن طلب من المبلغ، مبالغ مالية نظير تعيين شقيقي
زوجته.
وقد أجرت النيابة العامة تحقيقاتها بشأن الواقعة سالفة البيان ضمنته قضيتها رقم 10876
لسنة 2001 انتهت فيها إلى إرسال الأوراق إلى نيابة أمن الدولة العليا للاختصاص والتي
قامت بدورها بإعداد مذكرة في القضية انتهت فيها إلى ثبوت الاتهامات المنسوبة إلى الطاعن
وارتأت الاكتفاء بمحاكمة الطاعن تأديبيًا مراعاة لما عاناه من واقعتي الضبط والتفتيش
وحبس احتياطي لمدة ثلاثة أشهر ونصف، وتم إعادة القضية رقم 10876 لسنة 2001 إداري قسم
بني سويف والمقيدة برقم 97 لسنة 2002 حصر أمن الدولة العليا إلى نيابة بني سويف الكلية
والتي قامت بدورها بإرسال الأوراق إلى النيابة الإدارية ببني سويف.
وقد أجرت النيابة الإدارية بشئونها في ذلك بموجب قضيتها رقم 453 لسنة 2003 وانتهت فيها
إلى إحالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية لمحاكمته تأديبيًا لما نسب له بتقرير الاتهام.
ومن حيث إنه بشأن المخالفة المنسوبة للطاعن/ محمد سيد حسين هندي والمتمثلة في أنه قبل
مبالغ مالية على سبيل الرشوة مستغلاً نفوذه الوظيفي بالتربية والتعليم بقصد تعيين شقيقي
زوجة المبلغ المذكور، فضلاً عن طلب رشوة من/ عبد المقصود بكري في سبيل إنهاء بعض التحقيقات
المتصلة بشخصه والتي تجري بمعرفته بالمخالفة لأحكام القانون، فإنها ثابت في حقه ثبوتًا
يقينيًا بما لا يدع مجالاً للشك بما قررت عضو هيئة الرقابة الإدارية وما سطره بمحضر
الضبط المحرر بمعرفته، وكذلك ما قرره كل من/ محمود عبد العاطي صابر – كاتب ثان بإدارة
سمسطا التعليمية (المبلغ) وأيضًا/ عبد المقصود بكري عبد المقصود – مدرس بمديرية التربية
والتعليم ببني سويف بالتحقيقات التي أجرتها النيابة الإدارية، وما هو ثابت بالأوراق
وتقرير خبير الأصوات بالإذاعة والتليفزيون المحتوى على تفريغ شرائط الكاسيت والفيديو
كاسيت المتضمنة تسجيلاً للواقعة محل الاتهام بالصوت والصورة، وقد تأيدت المخالفة في
حق الطاعن المذكور بشهادة/ محمد مغازي محمد – خبير أصوات بالإذاعة والتليفزيون والذي
قرر أنه حضر إليه الطاعن/ محمد سيد حسين هندي وبمطابقة صوته وصورته بما تم إثباته بشرائط
الكاسيت والفيديو كاسيت المرسلة بمعرفة النيابة العامة لفحصها تبين له مطابقة صوت وصورة
الطاعن مطابقة تامة للصوت والصورة الثابتين بتلك الشرائط، وهو الأمر الذي يقطع في ارتكاب
الطاعن المخالفة المنسوبة إليه، ومن ثم يكون الطاعن قد خرج على مقتضى الواجب الوظيفي
وأتى ما من شأنه الإخلال بالاحترام الواجب للوظيفة مما يشكل في حقه ذنبًا إداريًا يتعين
مجازاته تأديبيًا عنه.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم، ما أثاره الطاعن دفعًا لمسئوليته عما هو ثابت في حقه
من أنه قد حرر للشاكي إيصال أمانة بالمبلغ محل الاتهام مما يقطع بأن هذا المبلغ كان
سلطة من المبلغ للطاعن وليس في سبيل الرشوة، فذلك مردود عليه مما هو ثابت بأقوال المبلغ/
محمود عبد العاطي، وما هو ثابت بتقرير خبير الأصوات المشار إليه والثابت بها تقاضي
الطاعن لهذه المبالغ على سبيل الرشوة مقابل قيامه بتعيين شقيقي زوجة المبلغ سالف الذكر،
أما عن قيام الطاعن بتحرير إيصال أمانة للمبلغ بقيمة المبلغ الذي تقاضاه على سبيل الرشوة،
فهو – كما جاء على لسان الطاعن بتلك التسجيلات – لضمان حق المبلغ وجدية الطاعن في تنفيذ
ما وعد به، وبالتالي يكون هذا القول لا أساس له من الواقع، والقانون متعين الالتفات
عنه.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم، ما أثاره الطاعن من أن شهادة بعض الشهود أمام النيابة
العامة ومنهم/ حسن حسين رزق تقطع بكذب المبلغ وعدم صدق أقواله بشأن تقاضي الطاعن تلك
المبالغ على سبيل الرشوة، ذلك مردود عليه بما هو ثابت بتقرير خبير الأصوات بالإذاعة
والتليفزيون سالف الذكر، والذي جاء به أن تفريغ الشرائط المسجلة للطاعن كشفت عن طلبه
رشوة من المبلغ على النحو المشار إليه، فضلاً عن الثابت من مطالعة التحقيقات أن/ حسن
حسنين رزق المستشهد شهادته كان يسأل عن وقائع لو ثبت في حقه لاعتبر وسيطًا في جريمة
الرشوة، مكان من الطبيعي والبدهي أن ينكرها، ومن ثم يغدو ما أثاره الطاعن غير قائم
على أساس من القانون جدير بالالتفات عنه.
ومن حيث إنه لا يؤثر فيما تقدم، ما أثاره الطاعن من أن الأوراق قد خاف مما يفيد أنه
قد طلب من المدعو/ عبد المقصود بكري ثمة مبالغ مالية لإنهاء التحقيق لصالحه، كما أن
محضر تفريغ التسجيلات الصوتية خلا أيضًا من ثمة اتصال بين الطاعن والمذكور مما يقطع
ببطلان قوائم عضو هيئة الرقابة الإدارية، فذلك مردود عليه بما هو ثابت من أقوال/ عبد
المقصود بكري على النحو المتقدم بيانه، من أن الطاعن حضر إليه بالمدرسة وطلب منه مبلغ
عشرون جنيهًا حتى ينهي الموضوع لصالحه، وهو ما تأيد بما هو ثابت من تقرير خبير الأصوات
بالإذاعة والتليفزيون سالف الإشارة والثابت به وجود اتصال تليفوني بين الطاعن والمدعو/
عبد المقصود بكري، ومفاده أن الطاعن قام بالانتقال إلى المدرسة واستكمل التحقيق وأن
ما قام به الطاعن لصالح المذكور سينهى الموضوع لصالحه، وطلب الطاعن من المذكور مقابل
ما قام به، الأمر الذي يكون معه هذا النعي في غير محله جدير برفضه.
ومن حيث إن ما نسبت إلى الطاعن/ محمد سيد حسين هندي وثبت في حقه من مخالفات على النحو
المتقدم بيانه، يحمل في ثناياه ظاهرًا وباطنًا انحراف الطاعن انحرافًا خلفيًا قادمًا
يمس السلوك القويم وحسن السمعة والأمانة المفترضة في الموظف العام، ويؤثر تأثيرًا شيئًا
على الوظيفة العامة التي يشغلها وعلى كرامتها واعتبارها وبتلك من الثقة فيها وفي شاغلها
وهو الأمر الضار بالمصلحة العامة التي أحاطها المشرع بسياج من الاحترام والتقدير، كما
كشفت المخالفات التي اقترفها الطاعن عن تدني مستوى خلقه وانعدام أمانته، مما يفقده
الصلاحية للاستمرار في شغل الوظيفة العامة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن يشغل وظيفة كبير باحثين، وهذه الوظيفة ليست
من وظائف الإدارة العليا على اعتبار أن هذه الوظائف تندرج جميعها بالمجموعة النوعية
لوظائف الإدارة العليا التي تشمل واجباتها ومسئولياتها القيام بمعاونة الوزير في مباشرة
اختصاصاته أو القيام بهام الإدارة العليا والتي تبدأ بوظيفة مدير عام إدارة عامة والتي
لا سبيل لشغلها إلا وفقًا لأحكام القانون رقم 5 لسنة 1991 في شأن الوظائف المدنية القيادية،
في حين تندرج وظيفة كبير في مواد الوظائف التخصصية التي ينحصر عمل شاغليها في أي من
مجالات العمل التخصصي أو البحثي دون أن يوكل إليهم أي من مهام الإدارة العليا وبذلك
لا يعتبر الطاعن من شاغلي الوظائف العليا بيد أن صدور الحكم المطعون فيه من المحكمة
التأديبية لمستوى الإدارة العليا لا يتعارض مع المبدأ الذي يقضي بضرورة الالتزام بقاعدة
توزيع الاختصاص بين المحاكم التأديبية والمحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا لأن
ذلك بلا شك يحقق للطاعن ضمانة أقوى وأوفى دون يضار بها، وبناءً عليه لا يعتبر صدور
الحكم المطعون فيه من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا سببًا لبطلان هذا الحكم.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان سيبلغ السن القانونية المقررة للإحالة
إلى المعاش اعتبارًا من 17/ 12/ 2005 طبقًا لقرار إنهاء خدمته رقم 81 لسنة 2005، ومن
ثم فإنه يجب معاقبته على ما ثبت في حقه على النحو المتقدم بيانه بإحدى العقوبات المنصوص
عليها بالمادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه، وإذ صدر
الحكم المطعون فيه بمجازاته بغرامة تعادل خمسة أضعاف الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه
عند انتهاء خدمته، وهي عقوبة مقررة لمن بلغ سن التقاعد حال كونه مازالا بالخدمة، ومن
ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف صحيح حكم القانون، الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه
والقضاء مجددًا بمجازاة الطاعن الإحالة إلى المعاش، باعتباره الجزاء المناسب لما اقترفه
من جرم يشكل إخلالاً جسيمًا بواجبات وظيفته يكشف عن عدم صلاحيته للإبقاء في الوظيفة
العامة.
– فلهذه الأسباب –
حكمت المحكمة: بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء
الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بغرامة تعادل خمسة أضعاف الأجر الأساسي
الذي كان يتقاضاه في الشهر عند انتهاء خدمته، والقضاء مجددًا بمجازاته بعقوبة الإحالة
إلى المعاش، وما يترتب على ذلك من آثار، ورفض الطعن رقم 17533 لسنة 51 ق 0 عليا فيما
عدا ذلك من طلبات.
صدر هذا الحكم وتلي علنًا في يوم 27 من شعبان لسنة 1427 هجرية والموافق يوم الأربعاء
20/ 9/ 2006م، وذلك بالهيئة المبينة بصدره.
| أمين السر | رئيس المحكمة |
