المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 16266 لسنة 51 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل
صديق راشد "نائب رئيس مجلس الدولة" "ورئيس المحكمة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال أبو زيد "نائب رئيس مجلس الدولة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي "نائب رئيس مجلس الدولة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد ماهر أبو العينين "نائب رئيس مجلس الدولة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ حسني درويش عبد الحميد "نائب رئيس مجلس الدولة"
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ عصام أبو العلا "مفوض الدولة"
وسكرتارية السيد/ يحيي سيد علي "سكرتير المحكمة"
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 16266 لسنة 51 قضائية عليا
المقام من
السيد/ سعيد عبد الفتاح شعيشع
ضد
النيابة الإدارية
في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بالقاهرة بجلسة 20/ 4/
2005 في الدعوى رقم 25 لسنة 47ق.
"إجراءات "
في يوم السبت الموافق 18/ 6/ 2005 أودعت الأستاذة/ ثناء طه أحمد
المحامية بصفتها وكيله عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد في
جدولها برقم 16266 لسنة 51 قضائية عليا، في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى
الإدارة العليا بالقاهرة بجلسة 20/ 4/ 2005 في الدعوى رقم 25 لسنة 47 ق والمقام من
النيابة الإدارية ضد الطاعن والقاضي (أولاً: بمجازاة المحال الأول/ سعد عبد الفتاح
شعيشع بالتنبيه، وثانياً: بمجازاة المحالة الثانية/ هناء عبد الرازق أبو العلا عليوه
بخصم خمسة أيام من أجرها).
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء
الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً:
أصلياً: بعدم جواز محاكم الطاعن لسبق صدور قرار من النيابة العامة بألا وجه لإقامة
الدعوى الجنائية. أصلياً: ببراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه: بعد اتخاذ إجراءات إعلان
المطعون ضدها بتقرير الطعن الماثل على النحو المقرر قانوناً، بقبول الطعن شكلاًً، ورفضه
موضوعاً.
ونظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة (فحص طعون) وذلك على النحو
الثابت بمحاضرها، وبجلسة 14/ 3/ 2007 قررت الدائرة إحالة الطعن إلي المحكمة الإدارية
العليا الدائرة الرابعة موضوع لنظره بجلسة 21/ 4/ 2007 وبها نظر، وبجلسة 12/ 5/ 2007
قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على
أسبابه عند النطق به.
" المحكمة "
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن أقيم في الميعاد المقرر قانوناً، وقد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه ولئن كانت الأوراق قد أجدبت مما يفيد إعلان النيابة الإدارية بتقرير الطعن
إلا أنها وقد حضرت أثناء تداول الطعن بجلسات الفحص والموضوع وبذلك تكون الغاية من الإعلان
قد تحققت فمن ثم يعتبر هذا الحكم قد صدر حضورياً في مواجهة النيابة الإدارية وبالتالي
يسري ويحتج به عليها.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تتحصل – حسبما هو ثابت بالأوراق- في أنه بتاريخ
27/ 10/ 2004 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 25 لسنة 47ق بإيداع أوراقها قلم كتاب
المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بالقاهرة مشتملة على تقرير اتهام ومذكرة بأسانيده
ضد كل من:
1- سعد عبد الفتاح شعيشع – مدير عام جمرك ميناء بورسعيد سابقاً وحالياً مدير عام الجمارك
والمناطق الحرة والمستودعات لقطاع جمارك القاهرة والمناطق الحرة بدرجة مدير عام.
2- هناء عبد الرازق أبو العلا عليوه – مدير إدارة بجمارك الاستثمار بجمارك بورسعيد
بالدرجة الأولى.
لأنهما يوم 17/ 9/ 2002 بوصفهما السابق وبدائرة عملهما المذكور بجمارك بورسعيد 0 خرجا
على مقتضى الواجب الوظيفي وسلكا مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة التي يشغلونها
بأن:
الأول: ردد ألفاظ غير لائقة في حق/ محمد جمعه مصطفى عبد الرحمن – مدير إدارة مجمع الصادر
السابق بجمارك بورسعيد وعلى النحو الموضح بالأوراق.
الثانية: وجهت ألفاظ غير لائقة للأول أثناء العمل وبسببه وعلى النحو الموضح بالأوراق.
وبناء عليه رأت النيابة الإدارية أن المحالين قد ارتكبا المخالفة الإدارية المنصوص
عليها في المواد 76/ 1-3 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون
رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المحالين تأديبياً وفقاً لنصوص المواد المشار إليها
وغيرها من المواد المبينة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 20/ 4/ 2005 قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بالقاهرة أولاً: بمجازاة
المحال الأول/ سعد عبد الفتاح شعيشع، بالتنبيه وثانياً: بمجازاة المخالفة الثانية/
هناء عبد الرازق أبو العلا عليوه بخصم خمسة أيام من أجرها وأقامت المحكمة قضاءها على
أساس أن القدر المتيقن وتطمئن إليه المحكمة ومما يستفاد من استقراء الأوراق وشهادة
الشهود وما جاء بأقوال المحال الأول نفسه (الطاعن) أنه في يوم 17/ 9/ 2002 وبمكتب مدير
عام جمرك ميناء بورسعيد قال لأحد المستخلصين المتعاملين مع جمارك بورسعيد لدى سؤاله
عن زوج المحالة الثانية/ محمد جمعه مصطفى – الذي كان يشغل وظيفة مدير مجمع الصادر بجمارك
بورسعيد (أنه غار وخفي) بعد أن قام بنقله إلي وظيفة أخرى وهي ألفاظ غير لائقة أخذاً
في ذلك السياق الذي قيلت فيه وتعبير عن أسلوب في التعامل لا يتفق وما يجب أن يتحلى
به من كان في مثل موقعه القيادي من وحسن اختيار للألفاظ عند التحدث عن زملائه أو مرؤوسيه
في العمل خاصة أمام جمهور المتعاملين مع المصلحة، الأمر الذي يشكل في جانبه مخالفة
إدارية يتعين مجازاته عنها تأديبياً.
ولم يلق الحكم قبول لدى الطاعن فقد أقام طعنه الماثل على أسباب حاصلها الخطأ في تطبيق
القانون والفساد في الاستدلال على سند من القول أن النيابة العامة كانت قد حققت في
الواقعة واستمعت إلي الشهود وأصدرت قراراً بالحفظ في المحضر رقم 622 لسنة 2002 الذي
حررته المحالة الثانية متهمة الطاعن بارتكابه جريمة السب العلني في حق زوجها، وقرار
النيابة العامة بالحفظ هو في حقيقته أمراً بلا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم ثبوت
الواقعة إلا أن محكمة أول درجة ألتفتت عن هذا الدفاع مما يتعين معه إلغاء الحكم المطعون
فيه.
كما أن الحكم الطعين استند في أدائه للطاعن على أقوال واعتمد على شهادة بعض الشهود
الذين كانوا غير متواجدين في مكان ولا زمان الواقعة، فضلا عن أن كلمة (غار) التي وردت
على لسان الطاعن لم يقصد بها الإساءة ومن ثم يتعين القضاء ببراءة الطاعن مما هو منسوب
إليه.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أن الموضوع يخلص فيما تضمنه بلاغ جمارك بورسعيد
المنطقة الحرة لنيابة بورسعيد الإدارية برقم 1775 في 29/ 4/ 2004 المرفق به شكوى المحال
الأول (الطاعن) والتي يتضرر فيها من قيام المحالة الثانية زوجة السيد/ محمد جمعه مصطفى
مدير مجمع الصادر – بدخول مكتبه بدون أذن والتهجم عليه بألفاظ نابيه، وكانت الجهة الإدارية
قد أجرت تحقيقاً فيه هذا الشأن قيد برقم 216 لسنة 2002 حصر تحقيقات جمارك بورسعيد وكما
أجرت النيابة الإدارية تحقيقاً في الموضوع بالقضية رقم 491 لسنة 2004.
وبسؤال/ محمد حلمي محمد علي – مدير إدارة المكتب الفني بجمارك بورسعيد – قرر أنه كان
متواجداً بمكتب المحال الأول (الطاعن) بصفته مدير عام جمرك ميناء بورسعيد يوم 17/ 9/
2002 عندما حضرت المحالة الثانية وكان معها طلب تحويل مرضي بأسم زوجها/ محمد جمعه مصطفى
مدير مجمع الصادر – كما كان موجوداً بالمكتب أشخاص آخرون من المتعاملين مع جمارك بورسعيد
وكان أحدهم له موضوع يخص إجراءات بمجمع الصادر فطلب منه المحال الأول – الطاعن – التوجه
إلي زكريا العزب – مدير مجمع الصادر الجديد وأضاف قائلاً (أن محمد جمعه غادر وخفى من
المجمع)، وعندما سمعت ذلك المحالة الثانية وهي زوجة الأخير ردت قائلة انت اللي تخور
وتخفى وانت لا تستحق الجلوس على هذا المكتب، وأضاف الشاهد أن ما قررته المحالة الثانية
من قيام المحال الأول بالاعتداء عليها بالقول ووصفها بأنها ليست محترمه غير صحيح وأن
المحال الأول لم يوجه ألفاظ خارجة أخرى إلي زوجها المذكور بخلاف ما تقدم.
وبسؤال السيدة/ نادية شاروميم عيسى منصور – مديرة مكتب الشئون المالية والإدارية بجمارك
بورسعيد وسايف مديرة مكتب مدير عام جمارك بورسعيد لم تخرج أقوالها عن مضمون ما قرره
سابقها.
وبسؤال المحال الأول (الطاعن) وبمواجهته بالمخالفات المنسوبة إليه نفى اعتدائه بالقول
على زوج المحالة الثانية وأنه لا يعرفها ولا يوجد أي تعامل بينهما، وقد أقر في تحقيقات
النيابة الإدارية بأنه قال فعلاً (بأن محمد جمعه مصطفى غارف وخفى) وأنه كان يقصد بذلك
أنه نقل إلي مكان آخر.
وحيث أن ما نسب إلي الطاعن من قول (بأن محمد جمعه مصطفى غار وخفى) ثابت في حقه بإقراره
في تحقيقات النيابة الإدارية ومن أقوال الشهود والذي يعد أسلوباً غير لائقاً أخذاً
في الاعتبار بالظروف والملابسات التي قبلت فيها وما يجب أن يتحلى به الطاعن الذي يشغل
وظيفة قيادية من كياسه وحسن اختيار للألفاظ عند التحدث عن زملائه أو مرؤوسيه في العمل
خاصة أمام جمهور المتعاملين مع المصلحة، إذ كان يتعين عليه وهو القدوه لباقي العاملين
ومثالاً يحتذى به في كيفية المتعامل مع الجمهور وكذا مع مرؤوسيه، ومن ثم فإنه لا يسوغ
للطاعن وهو في مجال أداءه لواجبات وظيفته التدني في إطلاق العبارات التي تنال من احترامه
وكرامه العاملين.
ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الطاعن من عدم جواز محاكمة الطاعن لسبق صدور قرار من النيابة
العامة بالحفظ وهو ما يعني ألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وذلك عن ذات الواقعة في
المحضر رقم 622 لسنة 2002 إداري ميناء بورسعيد، وهذا القول مردود بأن قرار النيابة
العامة بالحفظ فضلاً على أنه لا يعد أمراً بالا وجه إقامة الدعوى الجنائية فإنه لا
يجوز حجية الأمر المقضي به أمام سلطات التأديب ومن ضمنها المحاكم التأديبية على اختلاف
أنواعها ودرجاتها بالإضافة إلي ما تقدم فإن قرار الحفظ أو الأمر بالأوجه لإقامة الدعوى
الجنائية الصادر من النيابة العامة لا يحول دون أعمال المسئولية التأديبية متى قام
فوجبها الأمر الذي يتعين معه رفض ما آثار الطاعن في هذا الشأن.
وحيث أنه لا حجة لما ذهب إليه الطاعن من أن الحكم المطعون فيه استند في أدائه للطاعن
على أقوال مبسترة واعتمد على شهادة بعض الشهود الذين كانوا غير متواجدين في مكان وزمان
الواقعة، حيث أن ما يثيره الطاعن بتقرير طعنه ليس إلا مجرد محاولة لمعاودة الجدل في
تقدير أدلة الدعوى ووزنها بما لا يجوز إفادته إثارته أمام هذه المحكمة وليس إلا مجرد
محاولة للإفلات من المسئولية ذلك أن وزن الأدلة واستخلص ما يستخلص منها ما هو إلا من
الأمور الموضوعية التي تستقل به المحكمة التأديبية ما دام أن تقديرها سليماً وتدليلها
سائغاً، ولما كانت المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه قد كوت عقيدتها ورأيها بما هو ثابت
من الأوراق وشهادة الشهود بالتحقيقات واعتراف الطاعن شخصياً، الأمر الذي يتعين معه
رفض ما آثاره الطاعن في هذا الشأن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قضى بمجازاة الطاعن بالتنبيه لما ثبت في حقه على النحو المتقدم
فإنه يكون قد أصاب الحق والعدل في قضاءه ولا يطعن عليه، ويضحى الطعن الماثل غير قائم
على سند سليم من الواقع والقانون متعين رفضه.
" فلهذه الأسباب "
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاًَ.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم السبت الموافق 8 من جماد آخر سنة 1428 هجرياً والموافق
23/ 6/ 2007م بالهيئة المبينة بصدره.
| أمين السر | رئيس المحكمة |
