الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 1074 لسنة 45 ق عليا

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد "نائب رئيس مجلس الدولة" "ورئيس المحكمة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال أبو زيد "نائب رئيس مجلس الدولة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي "نائب رئيس مجلس الدولة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد ماهر أبو العينين "نائب رئيس مجلس الدولة"
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ حسني درويش عبد الحميد "نائب رئيس مجلس الدولة"
وحضور السيد الأستاذ المستشار / عصام أبو العلا "مفوض الدولة"
وسكرتارية السيد / يحيي سيد علي "سكرتير المحكمة"

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 1074 لسنة 45 قضائية عليا

المقام من

النيابة الإدارية

ضد

ناصر محمود محمد
طعناً في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا في الدعوى رقم 653 لسنة 26ق بجلسة 14/ 11/ 1998


"إجراءات "

في يوم الخميس الموافق 3/ 12/ 1998 أودعت المستشار/ إلهام محمد عبد الله الوكيل العام لهيئة النيابة الإدارية بصفتها نائباً عن المستشار/ رئيس هيئة النيابة الإدارية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل الذي قيد بجدولها العام تحت رقم 1074 لسنة 45 قضائية عليا طعناً في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا ف الدعوى رقم 653 لسنة 26ق، بجلسة 14/ 11/ 1998 والقاضي (ببراءة/ ناصر محمود محمد مما هو منسوب إليه).
وطلبت النيابة الإدارية للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بتوقيع الجزاء المناسب لما اقترفه المطعون ضده من جرم.
وبتاريخ 12/ 12/ 1998 أعلن المطعون ضده.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بمعاقبة المطعون ضده بخصم خمسة عشر يوماًً من راتبه.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وذلك على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلي أن قررت الدائرة بجلسة 22/ 5/ 2002 إحالة الطعن إلي المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة موضوع لنظره بجلسة 28/ 9/ 2002 وبها نظر وما تلاها من جلسات إلي أن قررت المحكمة بجلسة 28/ 4/ 2007 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


" المحكمة "

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
أقيم الطعن في الميعاد المقرر قانوناً ومستوفياً سائر أوضاعه الشكلية المقررة ومن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى رقم 161 لسنة 40ق أمام المحكمة التأديبية للصحة وملحقاتها متضمنة تقرير اتهام ضد: ناصر محمود محمد (المطعون ضده) – عامل حراسة بمحطة شبرا الخيمة – درجة سادسة – لأنه خلال عام 1996 وحتى 20/ 3/ 1997 بدائرة عمله وبوصفه السابق خرج على مقتضى الواجب الوظيفي وسلك مسلكاً معيباً بأن:
1- ارتكب فعلاً مخلاً بالآداب العامة في محل عمله على النحو الموضح بالأوراق.
2- انقطع عن العمل خلال الفترة من 18 إلي 19/ 3/ 1997 دون مبرر.
وارتأت النيابة الإدارية أنه بذلك يكون المحال قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المواد الواردة تفصيلاً بتقرير الاتهام، وطلبت محاكمته تأديبياً طبقاً لنصوص الاتهام الواردة به.
بجلسة 31/ 5/ 1998 حكمت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلي المحكمة التأديبية بطنطا للاختصاص، وعليه أحيلت الدعوى إلي المحكمة الأخيرة وقيدت بجدولها برقم 653 لسنة 26ق.
وبجلسة 14/ 11/ 1998 صدر الحكم المطعون فيه وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أنه بالنسبة للمخالفة الأولى المنسوبة إلي المحال وهي ارتكابه فعلاً مخلاً بالأداب العامة في محل عمله وهو قيامه بهتك عرض أنثى هي/ رشا يوسف زكي، فإن هذه الواقعة وإن كانت ثابتة في حقه بمقتضى الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم 1216 آداب الوراق بجلسة 9/ 6/ 1997 بحبسه ستة أشهر مع الشغل والإيقاف لإتهامة بهتك عرض المذكورة، إلا أن الثابت من الأوراق أيضاً أن المحال تزوج بالفتاة المذكورة رسمياً بتاريخ 13/ 3/ 1997.
وأضافت المحكمة أن المادة من قانون العقوبات جعلت من زواج الخاطف بمن خطفها زواجاً شرعياً مانعاً يمنع عقابه وعليه فإن زواج المحال ممن أتهم بهتك عرضها من باب أولى يجعل من الملائم إسدال الستار على تلك الجريمة وعدم إثارتها حرصاً على كيان الأسرة الوليدة، سيما أن الحكم الجنائي حكم غيابي غير نهائي وأن الزواج المشار إليه يعد مانعاً من عقاب المحال جنائياً أو تأديبياً ومن ثم يتعين براءة المحال من تلك المخالفة.
وأشارت المحكمة أنه بالنسبة للمخالفة الثابته المنسوبة إلي المحال وهي انقطاعه عن العمل يومي 18، 19/ 3/ 1997 فقد ذكر المحال في التحقيقات أنه حضر للعمل عقب الإفراج عنه يومي 18، 19/ 3/ 1997 إلا أن مدير الشئون الإدارية لم يسلمه العمل إلا في 20/ 3/ 1997 وقد ذكر/ محمد جميل أحمد – مدير الشئون الإدارية بالأتوبيس النهري أن المحال حضر إلي العمل طالباً تسليمه العمل ويبرر انقطاعه بحبسه على ذمة القضية المذكورة، وأن المدير المذكور لم يسلمه العمل إلا بعد أن حرر مذكرة لرئيس الإدارة المركزية لشمال القاهرة للإفادة بما يتبع وقد أشر الأخير بتسليمه العمل بعد إحضار ما يؤيد أقواله (ما يفيد حبسه) الأمر الذي يجعل انقطاع المحال اليومين المشار إليهما يرجع إلي جهة الإدارة وليس إلي إرادته.
ولم يلق الحكم الطعين قبولاً لدى الطاعن فقد أقام طعنه على أساس مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: بالنسبة للمخالفة الأولى المنسوبة إلي المطعون ضده فإن الحكم الطعين فيما قضى به من براءة المطعون ضده من هذه المخالفة قد أهدر حجية الحكم الجنائي الصادر بمعاقبة المذكور عن ذات الاتهام كما أن زواج المطعون ضده بالفتاة المذكورة يعد مانعاً من عقاب المذكور جنائياً فحسب ولا يعد مانعاً من عقابه تأديبياً.
ثانياً: بالنسبة للمخالفة الثانية المنسوبة إلي المطعون ضده فإن الثابت أن المطعون ضده لم يقدم دليل يفيد حضوره للعمل عقب الإفراج عنه يومي 18، 19/ 3/ 1997 بجانب أن الثابت بشهادة مدير الشئون الإدارية أن المحال لم يحضر إلي العمل إلا بتاريخ 20/ 3/ 1997.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن النيابة الإدارية قد أبلغت بموجب كتاب هيئة النقل العام بشأن ما نسب إلي المطعون ضده من ارتكابه أفعالاً مخلة بالآداب في مكان عمله وكان المذكور قد انقطع عن عمله اعتباراً من 10/ 3/ 1997 وتم إنذاره إلا أنه حضر إلي العمل بتاريخ 20/ 3/ 1997 ومعه أفاده من القسم بأنه كان محبوساً على ذمة القضية رقم 1216 آداب الوراق خلال الفترة من 10 إلي 17/ 3/ 1997، وقد أجرى تحقيقاً في الواقعة ثبت منه أن المذكور حبس على ذمة القضية المشار إليها والتي صدر فيها حكماً غيابياً بجلسة 19/ 6/ 1997 بالحبس ستة أشهر مع الشغل والإيقاف لإتهامه بهتك عرض أنثى، وانتهى التحقيق بطلب إحالة المذكور إلي لجنة الفصل التي ارتأت إحالته للمحاكمة التأديبية، وقد أجرت النيابة الإدارية تحقيقاً في الموضوع بقضيتها رقم 1132 لسنة 1997 انتهت فيه بأن نسبت إلي المطعون ضده المخالفين المشار إليها.
ومن حيث إنه بالنسبة للمخالفة الأولى المنسوبة إلي المطعون ضده وهي ارتكابه فعلاً مخلاً بالآداب العامة في محل عمله بأن قام بهتك عرض أنثى هي/ رشا يوسف ذكي.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه لما كان من المقرر أن القضاء الجنائي هو المختص بإثبات أو نفي المسئولية الجنائية عن الأفعال التي تكون جرائم جنائية، ومتى قضى في هذه الأفعال بحكم نهائي حائز لقوة الأمر المقضي به، فلا يجوز للمحكمة التأديبية وهي بصدد التعرض للجانب التأديبي من هذه الأفعال أن تعاود البحث في ثبوتها أو عدم ثبوتها وتتقيد المحكمة التأديبية بما ورد بشأن هذه الأفعال في الحكم الجنائي.
"حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2495 لسنة 30 ق جلسة 17/ 6/ 1986"
وحيث إن الثابت أن المخالفة المنسوبة إلي المطعون ضده ثابتة في حقه بمقتضى الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم 1216 آداب الوراق الصادر بجلسة 9/ 6/ 1997 بحبسه ستة أشهر مع الشغل والإيقاف، كما أن الثابت أن الحكم الجنائي المشار إليه بعلمه قد أصبح نهائياً وذلك بإقرار المطعون ضده في التحقيقات أنه لم يعارض فيه رغم علمه به.
وحيث إن ما أتاه المطعون ضده إنما يمثل إخلالاً جسيماً بكرامة ومقتضيات الوظيفة العامة ويعد خروجاً على ما يجب أن يتحلى به الموظف العام من حق الخلق وسلامة السمعة ومن ثم فإنه يستحق مجازاته تأديبياً عن ذلك الفعل، ولا ينال من ذلك ما ورد بحيثيات الحكم الطعين من أن زواج المطعون ضده بمن هتك عرضها يعد مانعاً من عقابه جنائياً وتأديبياً طبقاً لنص المادة من قانون العقوبات، ذلك لأن من المقرر استقلال الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية وكذلك استقلال النظام التأديبي عن النظام الجنائي، وأنه وإن كان قانون العقوبات في المجال الجنائي ينص على موانع للعقاب، فإن المجال التأديبي لا يتضمن مثل هذه الموانع، ومن ثم فإن زواج المطعون ضده بمن هتك عرضها وإن كان لا يمنع من مجازاته تأديبياً إلا أنه يعد سبباً لتخفيف ذلك الجزاء.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة على وجوب أن يلتزم الموظف في سلوكه ما لا يفقده الثقه والاعتبار حيث أن الكثير من التصرفات الخاصة للموظف قد يؤثر تأثيراً بليغاً في حسن سير المرفق وسلامته ومنها من يؤثر تأثيراً فاضحاً في كرامة الوظيفة ورفعتها، فعليه أن يتجنب كل ما قد يكون من شأ،ه الإخلال بكرامة الوظيفة واعتبار الناس لها، وعليه أن يتفادى الأفعال الشائبة التي تعيبه فتمس تلقائياً الجهاز الإداري الذي ينتسب إليه ويتميز بمقوماته.
وحيث إن الثابت من الأوراق وما انتهى إليه الحكم التأديبي من ثبوت ارتكاب المحال جريمة مخلة بالشرف والآداب العامة، ومن ثم فإن ما أتاه المحال من ذنب إداري على قدر كبير من الجسامة ينطوي على إخلال بكرامة الوظيفة العامة ومقتضياتها وخاصة أن اعتدائه على تلك الفتاه كان بمقر العمل مما يعد مساساً بقدسية الوظيفة وهيبتها وحسن سير المرفق العام ويؤثر معه ذلك الفعل الفاضح على سلامة الوظيفة العامة ورفعتها، الأمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المطعون ضده في المخالفة الأولى المنسوبة إليه ومجازاته بشأنها بخفض الأجر في حدود علاوة.
وحيث إنه بالنسبة للمخالفة الثانية المنسوبة إلي المطعون ضده بشأن انقطاعه عن العمل خلال الفترة من 18 إلي 19/ 3/ 1997 دون مبرر فإن الثابت من الأوراق أنها غير ثابتة في حقه وذلك على النحو الوارد بحيثيات الحكم الطعين.

" فلهذه الأسباب "

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ومجازاة المطعون ضده بخفض الأجر في حدود علاوةَ.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم السبت الموافق 8 من جماد آخر سنة 1428 هجرياً والموافق 23/ 6/ 2007م بالهيئة المبينة بصدره.

أمين السر رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات