المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 9158 لسنة 51 ق عليا ( دعوى بطلان الأصلية)
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة- موضوع
بالجلسة المنعقدة برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق
راشد – نائب رئيس مجلس الدولة رئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق – نائب رئيس مجلس
الدولة
/ حسن كمال أبو زيد – نائب رئيس مجلس الدولة
/ د: عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر – نائب رئيس مجلس الدولة
/ د: حسني درويش عبد الحميد – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد حسنين عبد الواحد – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ يحيي سيد على – أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 9158 لسنة 51 ق. عليا ( دعوى بطلان الأصلية)
المقام من
فاطمة إسماعيل حسنين
ضد
1- رئيس مجلس تأديب العاملين بمحاكم استئناف القاهرة " بصفته "
2- وزير العدل " بصفته "
طعناً على حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 20/ 3/ 2004 في الدعوى رقم 11968
لسنة 48 ق. عليا
الإجراءات
في يوم الاثنين الموافق 21/ 3/ 2005 أودع الأستاذ/ طلعت لطفي مجلي
المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعنة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن
قيد بجدولها تحت رقم 9158 لسنة 51 ق. عليا، طعناً على حكم المشار إليه، فيما قضى به
من قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
طلبت الطاعنة – للأسباب الواردة بتقريرالطعن – الحكم ببطلان الحكم المطعون فيه والحكم
مجدداً، أصلياً: بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعنة مما
نسب إليها، احتياطياً: بتعديل قرار مجلس التأديب المطعون فيه وذلك بمجازاة الطاعنة
بجزاء مخفف.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني، انتهت – للأسباب الواردة فيه –
إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وجرى إعلان الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وتحدد لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 19/ 11/ 2005، وبالجلسات التالية على النحو
الموضح بمحاضرها، وبجلسة 25/ 3/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها
صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وإتمام المداولة.
وحيث إن الطعن استوفي سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر الموضوع – تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أن السيد المستشار
رئيس محكمة استئناف القاهرة أصدر القرار رقم 16 لسنة 2002 بتاريخ 22/ 4/ 2002 بإحالة
الطاعنة وأخرى إلى مجلس تأديب العاملين لمحكمة استئناف القاهرة وذلك لما نسب إليها
بقرار الإحالة من أنهما.
1- كلاً منهما قد اختلست الجناية رقم 1334 لسنة 1998 السيدة زينب.
2- إن الطاعنة ( فاطمة إسماعيل حسنين ) قد قامت بنزع الصفحة الثابت بها الجناية سالفة
الذكر من دفتر المحضر عهدة/ محمد طه محمد شحات ثم إعادة كتابتها لاستنزال رقم الجناية
المذكورة فيه،وأن سوزان رمضان سهلت لفاطمة إسماعيل الاستيلاء بغير حق على الجناية المذكورة
والتي كانت في حيازتها بسبب وظيفتها.
3- قامت الطاعنة بنزع إحدى صفحات دفتر الحصر الخاص بالقضايا عهدة سوزان رمضان لإعادة
كتابتها بخط يدها بعد إسقاط القضايا الفاقدة من السركي.
4- الإضرار العمدي بمصالح الجهة التي تعمل بها كلا من الطاعنة وسوزان رمضان شعبان لاشتراكهما
في اتفاق جنائي الغرض من اختلاس الجناية رقم 7775 لسنة 1998 حلوان والجناية رقم 1334
لسنة 1998 السيدة زينب وأن هذا يكشف عن خيانة الثقة المودعة بهما باعتبارهما يشغلان
وظيفة عامة.
وكان السيد المستشار/ رئيس محكمة استئناف القاهرة، قد أصدر القرار رقم 43 لسنة 1979
بتاريخ 12/ 12/ 1999 بإحالة الطاعنة وسوزان رمضان شعبان إلى مجلس تأديب العاملين لمحكمة
استئناف القاهرة وقيدت الدعوى أمام مجلس التأديب برقم 43 لسنة 1999 وبجلسة 29/ 3/ 2000
أصدر المجلس قراره بهيئة مغايرة بفصل الموظفتين المخالفان من الخدمة.
ولم ترتض الطاعن والمحاله/ سوزان رمضان شعبان بهذا القرار، فطعنتا عليه أمام المحكمة
الإدارية العليا بالطعنين رقمي 6732 و 6739 لسنة 46 ق عليا، وبجلسة 17/ 2/ 2002 قضت
المحكمة الإدارية العليا الدائرة الخامسة ) بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار
المطعون فيه وإعادة الدعوى التأديبية رقم 43 لسنة 1999 القاهرة إلى مجلس تأديب العاملين
بمحكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى تأسيساً على بطلان تشكيل مجلس
التأديب فقد ضم عضوا به السيدة/ آمال جودت الأمين العام للمحكمة وكان واجبا أن يضم
كبير الكتاب بدلاً من أمين عام المحكمة.
ونفاذاً لذلك فقد أصدر السيد المستشار/ رئيس محكمة استئناف القاهرة القرار رقم 16 لسنة
2002 بتاريخ 22/ 4/ 2002 بإحالة الطاعنتين إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة استئناف
القاهرة.
وبجلسة 8/ 6/ 2002 أصدر المجلس قراره بفصل كل من المتهمتين/ سوزان رمضان شعبان،وفاطمة
إسماعيل حسنين من عملهما.
وإذ لم يلق هذا القرار قبولاً لدى المذكورتين، فاقامتا الطعنين رقمي 10826 و 11968
لسنة 48 ق. عليا، أولهما مقام من سوزان رمضان شعبان وثانيهما من فاطمة إسماعيل حسنين،
وبجلسة 20/ 3/ 2004 قضت المحكمة بقبول الطعن الأول شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار
المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعنة/ سوزان رمضان شعبان بالفصل من الخدمة، والقضاء
مجدداً بمجازاتها بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر مما ثبت في حقهما
من مخالفات، وبقبول الطعن رقم 11968 لسنة 48 ق. عليا المقام من فاطمة إسماعيل حسنين
شكلاً ورفضه موضوعاً.
وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للطاعنة/ فاطمة إسماعيل حسنين، على أساس أن المخالفات
المنسوبة للطاعنة ثابتة في حقها من الأوراق والتحقيقات ومن شهادة الشهود، حيث إن الثابت
أن الطاعنة المذكورة تكرار حضورها إلى قسم التصوير الضوئي حاملة حقيبة كبيرة الحجم
رغم كونها في أجازة خاصة بدون مرتب وتكرار سؤالها للطاعنة الأولى عن الجناية رقم 1334
لسنة 1998 السيدة زينب وما إذا كانت قد وردت إلى قسم التصوير الضوئي أم لا، ثم قيامها
بنزع الورقة المثبت بها ضده القضية من دفتر الحصر ثم إعادة كتابه مضمون الورقة المنزوعة
مرة أخرى وإغفالها قيد هذه الجناية كي يضيع أثر ورودها إلى هذا القسم وقيامها بالاستيلاء
على هذه القضية خلسة فإن ذلك يعتبر إخلالاً بكرامة الوظيفة التي تشغلها وخروجاً على
مقتضى الواجب الوظيفي ويقلل من الثقة والاحترام اللازم توافرها في الأعمال القضائية،
ومن ثم فإن الجزاء الموقع عليها بفصلها من الخدمة هو جزاء وفاقا أو روعي فيه جسامة
الجرم التأديبي المنسوب إليها، ومن ثم يكون الجزاء الصادر به القرار المطعون فيه سليماً
والطعن عليه يكون غير قائم على سند من الواقع أو القانون جدير بالرفض.
وإذ لم يلق الحكم قبولاً لدى الطاعنة، فأقامت الطعن الماثل ( دعوى بطلان أصلية ) استناداً
إلى أسباب حاصلها بطلان الحكم لمخالفته الواقع وصحيح القانون، إذ أن الطاعنة إبان عملها
في قسم التصوير الضوئي بالقلم الجنائي لمحكمة استئناف القاهرة كان في عهدتها أربعة
أقسام هي الجيزة وبولاق الدكرور والعمرانية والصف ولو كانت تصرفاتها غير سوية لكان
أولى لها اختلاس القضايا التي في عهدتها، بالإضافة إلى أن الطاعنة من قبل شهر يناير
1999 حتى منتصف شهر مارس – نفس العام كانت في أجازة وضع ولم تكن تتواجد بالمحكمة على
الإطلاق في هذه الفترة، كما أن الثابت بيقين أن الطاعنة كانت في أجازة بدون مرتب لمدة
عام لرعاية طفل رخص لها بها بالقرار رقم 145 لسنة 99 في 10/ 4/ 1999 وذلك اعتباراً
من 1/ 6/ 1999 حتى 31/ 5/ 2000 والثابت أيضاً أن الطاعنة لم يسبق أن وقع عليها جزاءات
منذ التحاقها بالعمل، كما أن القضيتين المدعى بفقدها كانت في عهدة/ سوزان رمضان شعبان
ومن المؤكد هي التي تسببت في فقدهما.
هذا بالإضافة إلى بطلان الحكم لاستناده على القرار الطعين الذي صر في جلسة علنية بالمخالفة
لقانون السلطة القضائية التي استلزم أن تجري المحاكمة في جلسة سرية، وخلو القرار من
تاريخ التهمة التي أدان بها الطاعنة وانعدام تسبيبه وإخلاله بحق الدفاع، وأخيراً عدم
تناسب العقوبة المقضي بها للمخالفة على الفرض الجدلي لصحتها وهو ما يجعله باطلاً.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن الأصل أنه لا يجوز الطعن
في أحكام هذه المحكمة بأي طريق من طرق الطعن باعتبارها أعلى محكمة طعن في القضاء الإداري،
فلا يجوز أن يعقب عليها ولا أن يقبل الطعن فيها، إلا إذا انتفت عن أحكامها صفة الأحكام
القضائية، كأن يصدر الحكم من مستشار قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية للفصل في الدعوى
أو أن يقترن الحكم بعيب جسيم يمثل إضراراً للعدالة يفقد فيها الحكم وظيفته، فإذا اقتصر
الطعن في أحكام المحكمة الإدارية العليا على مناقشة الأدلة التي استند إليها وعلى موضوع
الطعن من حيث تأويل القانون وتطبيقه وليست مما يعتبر عيبا جسيما أو قام الطعن على مسائل
موضوعية تندرج كلها تحت الخطأ في تفسير القانون أو تأويله أو حتى صدور الحكم على خلاف
حكم آخر حائز لقوة الأمر المقضي به، فإن هذه الأسباب لا تمثل إصداراً للعدالة يفقد
معها الحكم وظيفته وبالتالي لا تصمه بأي عيب ينحدر به إلى درجة الانعدام.
ومن حيث إن دعوى البطلان الأصلية، كطريق استثنائي للطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية،
يستلزم لقبولها وجود عيب جسيم يمثل إهداراً للعدالة ويفقد فيها الحكم وظيفته وتنتفي
عنه صفة الأحكام القضائية، في الحالات المتقدم بيانها، أما إذا كان ما يأخذه الطاعن
على الحكم لا يعتبر عيباً جسيماً يصم الحكم بالبطلان الأصلي فأنه لا يجوز التعرض للحكم
المطعون فيه، ويكون الطعن في هذه الحالة، لا سند له من القانون.
ومن حيث إن الأسباب التي ساقتها الطاعنة للنعى على الحكم المطعون فيه بالبطلان تتناول
مناقشة الأدلة التي استند إليها، ومعاودة الجدل فيها من جديد، وهي مسائل موضوعية قد
تندرج كلها أو بعضها تحت الخطأ في تفسير القانون أو تأويله، وهذه الأسباب لا تمثل إهداراً
للعدالة أو تجريد الحكم المطعون فيه من أركانه الأساسية ويفقد فيها صفته كحكم، ولا
تصلح بهذه المثابة – سبباً من الأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه بدعوى البطلان الأصلية.
ومن حيث إنه ليس صحيحاً ما أورده الطعن من أن بطلان الحكم المطعون فيه لصدور قرار مجلس
التأديب في جلسة علنية بالمخالفة للقانون، ذلك أن جلسات المحاكم وما في حكمها من المجال
التي أوكل إليها القانون مهمة الفصل في مسائل معينة طبقاً لنص المادة 169 من الدستور
والقانون يجب كقاعدة عامة أن تكون علنية إلا إذا رأت هيئة المحكمة جعلها سرية مراعاة
لمقتضيات النظام العام أو الآداب أو نص القانون، وأنه يجب في جميع الأحوال أن يصدر
الحكم في جلسة علنية وإلا كان الحكم باطلاً والبطلان في هذه الحالة من النظام العام،
وبالتالي فإن ما أثاره الطعن على النحو المتقدم، لا يقوم على سند صحيح من القانون مما
يتعين الالتفات عنه.
ومن حيث إنه ليس صائباً ما أثاره الطعن من بطلان الحكم لاستناده على القرار الطعين
لانعدام تسبيبه، وذلك بالمخالفة لنص الفقرة الأولى من المادة 79 من قانون نظام العاملين
المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، ذلك أن الحكم إنما يتعلق بقرارات
الجزاءات التأديبية الصادرة من السلطة الرئاسية، أما قرارات مجالس التأديب هي في حقيقتها
قرارات قضائية أشبه ما تكون بالأحكام ويسري عليها ما يسري على الأحكام الصادرة من المحاكم
التأديبية، ولما كان قرار مجلس التأديب صدر قائماً على أسبابه المسوغة له قانوناً،
ومن ثم فإن هذا النعي يكون في غير محله مما يتعين الالتفات عنه.
ومن حيث إنه لما تقدم جميعه، تكون دعوى البطلان الأصلية غير قائمة على سند صحيح من
الواقع أو القانون جديرة بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن وفي الموضوع برفض دعوى البطلان
الأصلية، وألزمت الطاعنة المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم السبت الموافق 29 من ربيع الآخر سنة 1427ه الموافق
27/ 5/ 2006 بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
