الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 8156 لسنة 49 ق عليا

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة

بالجلسة المنعقدة برئاسة السيد المستشار/ إسماعيل صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة رئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال أبو زيد – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ أحمد إبراهيم ذكي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ/ محمد حسنين عبد الواحد – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ يحيي سيد على – أمين سر المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 8156 لسنة 49 ق. عليا

المقام من

النيابة الإدارية

ضد

1. أسامة عيسى عازر
2. نبيل نعيم عطا
في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 10/ 3/ 2003 في الدعوى رقم 191 لسنة 29 ق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 6/ 5/ 2003 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم سالف الذكر والقاضي، بعدم قبول الدعوى التأديبية.
وطلبت الهيئة الطاعنة – للأسباب الواردة بعريضة الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بمعاقبة المطعون ضدهما بالعقوبة المناسبة لما اقترفاه من جرم موضح بتقرير الاتهام.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت في الحكم: بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 27/ 10/ 2004 وبجلسة 25/ 1/ 2006 قررت الدائرة الحكم في الطعن بجلسة 22/ 2/ 2006 ومذكرات في أسبوعين، وبها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الرابعة موضوع – لنظره بجلسة 8/ 4/ 2006 ونظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة، وبها قررت الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن أقيم في الميعاد القانوني واستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر النزاع تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 191 لسنة 29 ق. بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بأسيوط، متضمنه تقريرا باتهام ضد كل من: –
1- أسامة عيسى عازر، مهندس التنظيم بالإدارة الهندسية لحي غرب أسيوط – بالدرجة الثالثة.
2- نبيل نعيم عطا، مدير الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لحي غرب أسيوط، بالدرجة الأولى.
لأنهما خلال المدة من 9/ 10/ 2000 حتى 10/ 2/ 2002 بدائرة الوحدة المحلية لحي غرب أسيوط وبوصفهما السابق لم يؤديا العمل المنوط بهما بدقة، ولم ينجزا مصالح الجمهور في الوقت المناسب، وخالفا القواعد والتعليمات المعمول بها والمنصوص عليها في القوانين واللوائح بأن: امتنعا عن إصدار تراخيص البناء للمواطنين الموضحة أسمائهم تفصيلاً بصدر تلك المذكرة عن العقار الخاص بكل منهم بناحيتي حارة عبد الباسط وغرب البلد بأسيوط، حال استيفائهم للشروط الخاصة بالتراخيص، وذلك دون سند قانوني يسمح لهما بالرفض، وعلى النحو الموضح بالأوراق.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المحالين تأديبياً طبقاً للمواد الواردة بتقرير الاتهام
ونظرت المحكمة الدعوى التأديبية على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حيث قدم الحاضر عن المحالين حافظة مستندات طويت على ما هو مسطر بظاهرها من مستندات، أهمها: صورة من فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة صادرة في 17/ 8/ 2000 وصورة مذكرة الإدارة الهندسية بحي غرب أسيوط، كما قدم مذكرة دفاع طلب فيها أولا: الحكم بعدم قبول الدعوى التأديبية، تأسيساً على أن النيابة الإدارية، كانت قد أصدرت قراراً سابقاً عن ذات المخالفات المنسوبة للمحالين بتاريخ 15/ 5/ 2002 بإحالة الأوراق إلى الجهة الإدارية لمجازاتها تأديبياً، ومن ثم تكون النيابة الإدارية قد استنفدت سلطتها التي أعطاها لها القانون كاملة، وليس لها أن تعقب على ما انتهت إليه الجهة الإدارية من قرار بعد استنفاذها لسلطتها بإحالة الأوراق إلى الجهة الإدارية، ثانياً: براءة المتهمين تأسيساً على أنهما كانا ينفذان أمرا كتابياً صادرا عن السلطة المختصة، وكانا يقومان بواجبهما الوظيفي طبقاً لتعليمات الجهة الإدارية، قاصدين الصالح العام، وبجلسة 10/ 3/ 2003 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من أوراق الدعوى، أن المتهمين قد تم التحقيق معهما بواسطة النيابة الإدارية بأسيوط في قضيتها رقم 32 لسنة 2002 عن المخالفات المنسوبة إليهما، والتي ارتأت في 15/ 5/ 2002 إرسال الأوراق للجهة الإدارية المختصة لإصدار القرار اللازم وموافاتها به، ومن ثم أصدرت الجهة الإدارية قرارها رقم 580 لسنة 2002 في 12/ 6/ 2002 بمجازاة المتهمين بخصم خمسة وأربعين يوماً من راتبهما، فتظلما من ذلك للمستشار القانوني لمحافظ أسيوط، والذي قبل تظلمهما، فأصدرت الجهة الإدارية قرارها رقم 714 لسنة 2002 بتاريخ 27/ 7/ 2002 بسحب القرار رقم 580 لسنة 2002 واعتباره كأن لم يكن، ومن ثم فإن النيابة الإدارية تكون قد استنفذت سلطتها بإصدار قرارها بإحالة الأوراق للجهة الإدارية لتوقيع الجزاء، ولا يكون لها بعد ذلك الرجوع في ذلك القرار، إذ ما انتهت جهة الإدارة إلى حفظ الأوراق أو توقيع جزاء أخف مما ترتضيه النيابة الإدارية.
ولما كان البين من الأوراق أن النيابة الإدارية قامت بالتحقيق مرة أخرى، مع المتهمين عن ذات المخالفات المنسوبة إليهما، دون أن تكون ثمة مبررات لإعادة التحقيق في تلك المخالفات مرة أخرى، ومن ثم يكون تصرف النيابة الإدارية مخالفاً للقانون، ويكون قرارها بإحالتهما للمحاكمة التأديبية، بعد إصدار قرار سابق، بإرسال الأوراق للجهة الإدارية المختصة، يكون مخالفاً للقانون، ويتعين – والحال كذلك – القضاء بعدم قبول الدعوى التأديبية.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ويطعن عليه لأسباب حاصلها، أن قضاء المحكمة الإدارية العليا، استقر على أنه يجب أن يكون القرار المراد سحبه مخالفاً للقانون، أما إذا كان هذا القرار قد صدر بناء على سبب صحيح مستوفيا شروطه القانونية، فيمتنع على الجهة الإدارية سحبه، ولذلك فإن قيام الجهة الإدارية بسحب قرار الجزاء الذي سبق أن أصدرته بعقاب المخالفين، يكون قد أعطى فرصة للمخالف أن يفلت من العقاب دون مسوغ قانوني مشروع، ومن ثم يحق للنيابة الإدارية، إقامة الدعوى التأديبية قبل المطعون ضدهما، دون أن يشوب تصرفها المشار إليه مخالفة للقانون، حتى ولو تم مجازاتهما بمعرفة الجهة الإدارية، ثم سحب قرار الجزاء الصادر فيها، لأن النيابة الإدارية لها سلطة متابعة ورود قرار الجزاء في القضايا التي تباشرها، حتى تضمن اتفاق هذه القرارات وما انتهت إليه، طالما أن الجهة الإدارية لم تعترض بدءه على تصرف النيابة الإدارية، وأن النيابة الإدارية أحالت المطعون ضدهما إلى المحاكمة التأديبية، أولاً: لثبوت ما نسب إليهما في حقهما، وثانياً: لورود شكوى من مجهول بأن الجهة الإدارية سحبت قرار الجزاء، بما في ذلك من إهدار للمخالفات المنسوبة إليهما والثابتة في حقهما، إذ أن للنيابة الإدارية الحق في إقامة الدعوى التأديبية، حتى ولو كان ذلك على عكس ما ترتضيه الجهة الإدارية.
ومن حيث إنه من أوجه تصرف النيابة الإدارية في التحقيقات التي تجريها، ما نصت عليه المادة 12 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، المستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 171 لسنة 1981 من أنه إذا رأت النيابة الإدارية حفظ الأوراق أو أن المخالفة لا تستوجب توقيع جزاء أشد من الجزاءات التي تملك الجهة الإدارية توقيعها، أحالت الأوراق إليها.
كما أن النيابة الإدارية طبقاً لحكم المادة من ذات القانون، إذا رأت أن المخالفة تستوجب جزاء أشد، مما تملكه الجهة الإدارية، أحالت النيابة الإدارية الأوراق إلى المحكمة التأديبية المختصة، مع إخطار الجهة التي يتبعها العامل بالإحالة.
ومن حيث إن قرار النيابة الإدارية بحفظ المخالفة الثابتة في حق العامل، لا يحجب سلطة الجهة الإدارية في توقيع الجزاء الذي تراه ملائماً للمخالفة، كما أن قرارها بتوقيع العقوبة على العامل، لا يحد من سلطة الجهة الإدارية في حفظ التحقيق أو توقيع عقوبة مخالفة، وأساس ذلك أن المادة من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار إليها، خولت الجهة الإدارية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغها نتيجة تحقيق النيابة الإدارية، أن تصدر قرارها بالحفظ، أو توقيع الجزاء على المخالف، أو أن تطلب إلى النيابة الإدارية مباشرة الدعوى التأديبية قبله، والمشرع إذ خول الجهة الإدارية أن تطلب مباشرة الدعوى التأديبية، أيا ما كان قرار النيابة بالتصرف في التحقيق، ولو كان بالحفظ، فلها من باب أولي أن تصدر قرارها بتوقيع الجزاء على المخالف والاستغناء عن طلب تحريك الدعوى التأديبية قبله، ومباشرة هذه السلطة تحت رقابه القضاء، دون معقب عليها من النيابة الإدارية، التي لم يضف المشرع على قرارها في هذا الشأن ثمة حجية تمنع من مخالفته، كما أن للجهة الإدارية حفظ التحقيق قبل المخالف على الرغم من قرار النيابة بتوقيع عقوبة عليه، وتوقيع عقوبة مخالفة، بسند من الأسباب التي تكون تحت بصرها وتراها موجبه لذلك.
والنيابة الإدارية إذا ما رأت حفظ الأوراق، أو أن الأمر يستوجب توقيع جزاء أشد مما تملكه الجهة الإدارية، وأحالت الأوراق إليها فإنه تكون قد استنفذت سلطتها بإصدارها قرار بهذه الإحالة، ولا يكون لها بعد ذلك الرجوع فيه، إذا ما انتهت الجهة الإدارية إلى حفظ الأوراق أو إلى توقيع جزاء أخف مما ترتضيه النيابة الإدارية، طالما توافر لدى الجهة من الأسباب ما يصلح سندا لما انتهت إليه.
ومن حيث إنه بالتطبيق لما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهما، تم التحقيق معهما بمعرفة النيابة الإدارية بأسيوط في قضيتها رقم 32 لسنة 2002 عن المخالفات المنسوبة لها، وقد ارتأت النيابة الإدارية في 15/ 5/ 2002 توصية الجهة الإدارية المختصة بمجازاة الطعون ضدهما، وبالفعل أصدرت الجهة الإدارية قرارها رقم 580 لسنة 2002 في 12/ 6/ 2002 بمجازاة المطعون ضدهما بخصم خمسة وأربعون يوماً من راتبهما، فتظلما من ذلك القرار للمستشار القانوني لمحافظ أسيوط، وقبل التظلم وأصدرت الجهة الإدارية قرارها رقم 714 لسنة 2002 بتاريخ 27/ 7/ 2002 بسحب القرار الأول المشار إليه، وإذ كان ذلك، فإنه إعمالاً للمبادئ المتقدمة، فإن النيابة الإدارية، تكون قد استنفذت سلطتها بإحالة الأوراق للجهة الإدارية لتوقيع الجزاء، ولا يكون لها بعد ذلك الرجوع في ذلك القرار، إذا ما انتهت الجهة الإدارية لحفظ الأوراق أو توقيع جزاء أخف ما ترتضيه النيابة الإدارية.
ومن حيث إنه عما ورد بتقرير الطعن من أنه يجب أن يكون القرار المراد سحبه مخالفاً للقانون، أما إذا كان ذلك القرار قد صدر صحيحاً، فيمتنع على الجهة الإدارية سحبه، وأنه يحق للنيابة الإدارية، إقامة الدعوى التأديبية قبل المطعون ضدهما، حتى ولو تم مجازاتهما بمعرفة الجهة الإدارية، وكذلك النيابة الإدارية الحق في إقامة الدعوى التأديبية، حتى ولو كان ذلك على عكس ما ترتضيه الجهة الإدارية.
فإن ذلك كله مردود وعليه بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن استنفاذ النيابة الإدارية لولايتها وغل يدها، لا يتأتى بمجرد أن تبلغ النيابة الإدارية، الجهة الإدارية بنتائج التحقيقات التي تجريها، وأن ذلك يتوقف على تصرف الجهة الإدارية في نتائج التحقيقات تصرفا نهائياً، فإذا كانت الأوراق ما زالت في حوزة الجهة الإدارية، ولم تتصرف فيها بعد، فإن النيابة الإدارية الحق في إعادة النظر فيما انتهت إليه من حفظ الأوراق، ولها أن تتصدى بالفحص والتحقيق لما يطرح أمامها من أوراق ومستندات لم تكن تحت نظرها عند التصرف في أول الأمر، على ضوء ما يقدم لها من اعتراضات من ذوي الشأن على نتيجة التحقيق، ولا يجوز لذوي الشأن في هذه الحالة التحجج بسبق حفظ النيابة الإدارية للأوراق لأن قرار النيابة الإدارية في هذا الصدد لا يحوز أي حجية، ولا يمنع النيابة الإدارية من العدول عن قرار الحفظ، وإعادة التحقيق على ضوء ما يقدم لها من مستندات لم تكن تحت نظرها بادئ الأمر، ما دام ذلك كان سابقاً لقرار الجهة الإدارية بالتصرف في نتيجة التحقيق، فالنيابة الإدارية لا تغل يدها ولا تستنفذ ولايتها إلا بعد صدور قرار الجهة الإدارية المختصة بالحفظ أو توقيع الجزاء حسب الأحوال ( الطعن رقم 1798 لسنة 34 ق. ع جلسة 6/ 2/ 1990).
ويتضح مما سبق أن عدول النيابة الإدارية عن قرارها إحالة الأوراق إلى الجهة الإدارية لتوقيع الجزاء على المخالف رهن يتوافر شروط هي، أن تكون ثمة اعتراضات على نتيجة التحقيق من ذوي الشأن، وأن يقدم المعترض أوراقاً أو مستندات فنتيجة في الموضوع، ولم تكن تحت بصر النيابة الإدارية عندما أصدرت قرارها، وألا تكون الجهة الإدارية قد تصرفت في نتائج تحقيقات النيابة الإدارية تصرفا نهائياً بإصدار قرار.
ومن حيث إنه لم تتوافر في شروط عدول النيابة الإدارية عن قرارها إحالة الأوراق إلى الجهة الإدارية لتوقيع الجزاء، فإنها تكون قد استنفذت ولايتها بإصدارها قرارها بطلب توقيع الجزاء ولا يجوز لها بعد ذلك الرجوع في قرارها، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق في قضائه عدم قبول الدعوى التأديبية، ويتعين لذلك رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعون شكلاً، ورفضه موضوعاً.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم السبت الموافق 29 من ربيع الآخر سنة 1427ه الموافق 27/ 5/ 2006 بالهيئة المبينة بصدره.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات