الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 7524 لسنة 46 قعليا

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن كمال أبو زيد – نائب رئيس مجلس الدولة
والدكتور/ عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر – نائب رئيس مجلس الدولة
و/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي – نائب رئيس مجلس الدولة
والدكتور/ حسني درويش عبد الحميد – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ معتز أحمد شعير – مفوض الدولة
وحضور السيد/ يحيى سيد علي – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 7524 لسنة 46 ق.عليا

المقام من

النيابة الإدارية

ضد

1- ماهر محمود إسماعيل عكاشة
2- أوسام عبد الشافي عوض
3- محمود محمد السعيد عبد القادر
طعناً في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة الصادر بجلسة 23/ 4/ 2000 في الدعوى رقم 143 لسنة 27 ق


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 13/ 6/ 2000 أودع الأستاذ/ جلال أحمد الأدغم نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية نائباً عن الأستاذ المستشار/ رئيس الهيئة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 7524لسنة 46ق.عليا، طعناً في الحكم المشار إليه، فيما قضى به من براءة المطعون ضدهم مما نسب إليهم.
وطلب الطاعن بصفته – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ومعاقبة المطعون ضدهم بالعقوبة المناسبة لما اقترفوه من مخالفات موضحة بتقرير الاتهام.
وجرى إعلان الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي ا لقانوني، اختتمت – للأسباب الواردة فيه – إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 28/ 9/ 2002 وبالجلسات التالية وبجلسة 14/ 5/ 2003 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 27/ 9/ 2003 وتدوول نظره بالجلسات على النحو الموضح بمحاضرها، وبجلسة 22/ 4/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، فيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة.
وحيث أن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر الموضوع، تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 20/ 12/ 1998 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 143 لسنة 27ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة وتقرير اتهام ضد كل من: –
1- ماهر محمود إسماعيل عكاشة – المهندس بقسم الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية بحي غرب درجة ثالثة.
أوسام عبد الشافي عوض – المهندس بقسم الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية بحي غرب درجة ثالثة.
2- محمود محمد السعيد عبد القادر الميكانيكي بالوحدة المحلية لحي غرب المنصورة درجة ثالثة.
لأنهم في 14/ 7/ 1997 لم يحافظوا على كرامة وظيفتهم طبقاً للعرف العام وسلكوا مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب وخالفوا القواعد والأحكام المالية وخرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي بأن:
قاموا بإيهام صاحب شركة أولاد مجاهد لقطع غيار السيارات الياباني بالنصب عليه مستغلين صفتهم بحي غرب المنصورة إذ قاموا بسحب قطع غيرا منه قيمها 475جنيه بحجة أنها منصرفة لصالح إحدى سيارات الحي واختلسوها لأنفسهم ما من شأنه الإساءة لسمعة الجهة الإدارية وقيام صاحب الشركة بالمطالبة بقيمة الأصناف على النحو الموضح بالأوراق.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكورين تأديبياً طبقاً للموارد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 23/ 4/ 2000 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه شيدت قضاءها على أساس أن المخالفة المنسوبة إلى المتهمين استندت إلى شهادة المدعو/ محمد سعد محمد المهندس الميكانيكي بجراج ديوان عام محافظة الدقهلية، في حين أنه لم يتبين ماهية هذه الشاهدة وما إذا كان الشاهد سالف الذكر موجوداً مع المتهمين وقت الاتفاق أوقف استلام البضاعة محل الاتهام من الشاكي أم هي مجرد شهادة سمعية وبالتالي فإن المحكمة لم تطمئن إليها كدليل قاطع على ثبوت المخالفة في حق المتهمين، كما أبانت المحكمة أن ما أوردته النيابة الإدارية من أن المحالين الأول والثاني قد أحيلا كذلك إلى المحاكمة التأديبية ملف واقعة مماثلة أقيمت عنها الدعوى رقم 20لسنة 27ق. ولا ينال من سلامة قضائها سالف الذكر، إذ أن لكل واقعة ظروفها وملابستها الخاصة بها والتي لا تنطبق بالضرورة على الوقائع الأخرى التي قد تتماثل منها ومن ثم انتهت المحكمة إلى قضائها المشار إليه.
ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وذلك بقضائه على خلاف الثابت من الأوراق، فالثابت بالتحقيقات أن الشاهد المذكور قرر أن المطعون ضدها الأول والثاني اشتريا قطع غيار السيارة مازدا من الشاكي (المدعو/ محمد مجاهد برهام) صاحب شركة أولاد مجاهد لقطع غيار السيارات الياباني بلغت قيمتها 475جنيه، وتم تسليمها لهما أمامه، وفي حضوره، على النحو الثابت بالتحقيقات، كما جاء بأقوال الشاهد المذكور أنه شاهد المطعون ضدهما الثاني والثالث أثناء قيامهما بشراء البضاعة المشار إليها من الشاكي من 14/ 7/ 1997 وهو الأمر الذي يقطع بأن الشاهد المذكور شهد الواقعة محل الاتهام بنفسه وجرت أحداثها في حضوره وذلك على خلاف ما ورد بالحكم المطعون فيه، ومن ناحية أخرى سبق اتهام المطعون ضدهما الأول والثاني في واقعة مماثلة للواقعة محل الاتهام يعد قرينة على أنها درجا علي الانحراف عن الطريق القويم، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه كل ما تقدم، وقضى ببراءة المطعون ضدهم فإنه يكون قد خالف القانون والثابت من الأوراق.
ومن حيث أنه عن الموضوع فإنه يخلص فيما أبلغت به النيابة الإدارية بكتاب الوحدة المحلية لحي غرب المنصورة رقم 4683 بتاريخ 11/ 7/ 989 بشأن طلب التحقيق في الشكوى المقدمة من المواطن/ محمد مجاهد برهام صاحب شركة أولاد مجاهد لقطع غيار السيارات الياباني والتي يتضرر فيها من قيام كلا من أوسام عبد الشافي وماهر محمود إسماعيل بشراء قطع غيار سيارة مازدا منه دون سداد قيمتها البالغة 475جنيه في 14/ 7/ 97، وقد أجرت الجهة الإدارية تحقيقاً في الواقعة انتهت بها إلى حفظها لعدم المخالفة وتم إرسال الأوراق إلى الجهاز المركزي للمحاسبات بتاريخ 30/ 4/ 98 وقد اعترض الجهاز المركزي وضمنه كتاب للجهة الإدارية المؤرخ 10/ 5/ 98 بإحالة الأوراق إلى النيابة الإدارية باعتبارها صاحبة الاختصاص بالتحقيق في تلك الواقعة، وقد أجرت النيابة الإدارية تحقيقاتها في القضية رقم 854لسنة 98 وانتهت إلى إحالة المتهمين لمحاكمة التأديبية.
ومن حيث أنه عن المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضدهم، فإنه لما كان الثابت من الأوراق ومن مطالعة التحقيقات التي أجرتها النيابة الإدارية بالمنصورة بخصوص الواقعة محل الاتهام، والمتمثلة في قيام المطعون ضدهم بشراء قطع غيار سيارة من المدعو/ محمد مجاهد برهام مدعين أن هذا الشراء لحساب الجهة الإدارية التي يعملون بها واعدين إياه بقيام الجهة الإدارية بسداد قيمتها- أن المذكور قرر بالتحقيقات أن كلاً من المطعون ضدهما الأول والثاني المهندسين بجراج الوحدة المحلية بحي غرب المنصورة حضرا إلى مقر شركته لشراء قطع غيار سيارة مازدا وذلك في يوم 14/ 7/ 1997 لحساب الجهة التي يعملان بها وشهد واقعة استلام البضاعة المذكورة كلا من محمود محمد السعيد الميكانيكي بالوحدة المحلية بحي غرب المنصورة – المطعون ضده الثالث، والمدعو/ محمد سعد محمد المهندس بجراج ديوان عام محافظة الدقهلية، وبسؤال الأخير ردد بداية ما جاء بأقوال الشاكي سالفة البيان، ثم عاد ليقرر – بعد سؤاله مرة ثانية بالتحقيقات – بأنه شاهد المطعون ضدهما الثاني والثالث أثناء قيامهما بشراء واستلام البضاعة من الشاكي.
وأنه بسؤال/ أحمد مصطفى إبراهيم محمد صقر، مدير إدارة التفتيش المالي والإداري بحي غرب المنصورة قرر أن الوحدة المحلية بحي غرب المنصورة لم تتعاقد مع صاحب شركة أولاد مجاهد لقطع غيار السيارات، وأن السيارة المدعي بشراء قطع غيار لإجراء عمرة لها في 7/ 9/ 99، وانه لا توجد سيارة بالحملة برقم 160مازدا بل برقم 645محافظة.
وأنه بسؤال المطعون ضدهم أنكروا جميعاً ما جاء بأقوال الشاكي، حيث قرر المطعون ضده الثاني أنه ذهب إلى مقر شركة الشاكي لشراء قطع غيار إلا أنه لم يجدها لدى الشركة وانصرف دون الشراء.
ومن حيث أنه لما تقدم، ولما كان الشاكي لم يقدم دليلاً، على شراء المطعون ضدهم لقطع الغيار المشار إليها، وأنه استند في ذلك إلى شهادة المهندس/ محمد سعد محمد على الوجه السالف بيانه، بيد أن شهادته شابها التناقض إذ قرر في البداية أنه شهد المطعون ضدهما الأول والثاني هما اللذين قاما بشراء واستلام قطع الغيار ثم عاد ليقرر أنه شاهد المطعون ضدهما الثاني والثالث أثناء قيامهما شراء واستلام قطع الغيار المشار إليها، ومن ثم فإن المحكمة لا تطمئن لشهادته أو التعويل عليها أو الاستناد إليها حيث ليس في الأوراق ما يدعمها أو يعزز من قيمتها.
ومن حيث أنه من المبادئ العامة في المسئولية القضائية سواء أكانت جنائية أم تأديبية وجوب الثبوت اليقيني لوقوع الفعل المؤثم من المتهم، وأن يقوم هذا الثبوت على أساس توافر أدله كافية لتكوين عقيدة المحكمة ويقيناً في ارتكاب المتهم للفعل المنسوب إليه، ولا يسوغ قانوناً أن تقوم الإدانة تأسيساً على أدلة مشكوك في صحتها أدنى دلالتها، وإلا كانت الإدانة مزعزعة الأساس متناقضة المضمون مفرغة من نبات اليقين ومادام أن الأصل – في هذا الشأن – طبقاً لصريح نص المادة من الدستور البراءة ما لم يثبت إدانة المتهم في محاكمة قانونية عادلة يكفل له خلالها الدفاع عن نفسه من أفعال محددة قائمة إذ أشاب الشك وقوع الفعل أو نسبت إلي فهم سابق تعين تفسير الشك لصالحه وحمل أمره على الأصل الطبيعي وهو البراءة.
ومن حيث أنه إزاء ما تقدم، فإن المخالفة المنسوبة للمطعون ضدهم تغدو مفتقرة إلى أساسها، الأمر الذي تنتفي منه وجه المسئولية التأديبية.
ومن حيث أنه لا ينال مما تقدم، ما جاء بتقرير الطعن من أنه سبق ارتكاب المطعون ضدهما الأول والثاني لواقعة مماثلة للواقعة محل الاتهام، ذلك أن هذا القول لا يغدو أن يكون مجرد قرينة لا تنهض دليلاً على الاتهام الماثل، إذ لكل واقعة ظروفها وملابساتها التي لا تنطبق بالضرورة على الوقائع الأخرى.
ومن حث أنه لما تقدم جميعه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ويغدو الطعن والحال كذلك، غير قائم على محله خليق بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: – بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.
صدر هذا الحكم وتلى علناً بجلسة يوم السبت الموافق 10/ 6/ 2006 الميلادية، الموافق 14 جماد الأول 1427الهجرية وبالهيئة المبينة بصدره.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات