المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 5469 لسنة 50 قعليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل
صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن كمال أبو زيد – نائب رئيس مجلس الدولة
والدكتور/ عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر – نائب رئيس مجلس الدولة
و/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي – نائب رئيس مجلس الدولة
والدكتور/ حسني درويش عبد الحميد – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ معتز أحمد شعير – مفوض الدولة
وحضور السيد/ يحيى سيد علي – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 5469 لسنة 50 ق.عليا
المقام من
عبد الشافي عبد الرحمن إسماعيل
ضد
النيابة الإدارية
طعناً في حكم المحكمة التأديبية بالإسماعيلية الصادر بجلسة 24/ 12/ 2003 في الدعوى
رقم 264لسنة 8ق
الإجراءات
في يوم الأحد الموافق 2/ 2/ 2004 أودع الأستاذ/ محمد حسن سليم المحامي
بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها
تحت رقم 5469لسنة 50ق.عليا، طعناً في الحكم المشار إليه، فيما قضى به من مجازاة المتهم
عبد الشافي عبد الرحمن إسماعيل رجب بخصم عشرة أيام من راتبه.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة
بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه والقضاء أصلياً ببراءته مما نسب
إليه، واحتياطياً: الاكتفاء بالعقوبة السابق توقيعها على الطاعن بالقرار رقم 5لسنة
2003 (المسحوب لإحالته للمحاكمة التأديبية) وهي ثلاثة أيام وما يترتب على ذلك من آثار.
وجرى إعلان الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني، انتهت – للأسباب المبينة فيه
إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً و رفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 3/ 7/ 2005، وبالجلسات التالية، وبجلسة
14/ 12/ 2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 4/ 2/ 2006، وتدوول
نظره بجلسات المحكمة، وبجلسة 25/ 3/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها
صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة.
وحيث أن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر الموضوع، تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 9/ 4/ 2003
أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 264لسنة 8ق أمام المحكمة التأديبية بالإسماعيلية
وتقرير اتهام ضد:
1- عبد الشافي عبد الرحمن إسماعيل رجب مدير حسابات المديرية المالية حالياً مراقب مالي
بمنطقة التأمين الصحي بالإسماعيلية سابقاً – بالدرجة الثانية
2- …………………
لأنهما خلال المدة من 15/ 12/ 1999 حتى 15/ 10/ 2000 بمقر عملها المذكور بدائرة محافظة
الإسماعيلية وبوصفها السابق لم يؤديا العمل المنوط بهما بدقة وخالفا القواعد المالية
وأتيا ما من شأنه أن يؤدي إلى ضياع حق مالي للدولة ولم يحافظا على أموال وممتلكات الجهة
التي يعملان بها بأن:
الأول: بصفته المراقب المالي بمنطقة التأمين الصحي بالإسماعيلية لم يتخذ إجراءات إعدام
الشيك رقم 5/ 4 5192203 عقب إلغاؤه بتاريخ 15/ 12/ 1999 مما مكن عادل عطية عبد الله
متى موظف الأرشيف بالمنطقة من اختلاس الشيك وتزويره وتعديل قيمته من 112.15جنيه إلى
112000.15 جنيه والاستيلاء على قيمته بعد صرفه من البنك في 15/ 1/ 2000 وعلى النحو
الموضح بالأوراق.
الثانية……………
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكورين تأديبياً طبقاً للمواد الواردة بتقرير الاتهام،
وبجلسة 24/ 12/ 2003 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها على أساس أن المخالفة
المنسوبة للمحال الأول (الطاعن) ثابتة في حقه ثبوتاً يقينياً باعترافه ومن واقع الأوراق
والتحقيقات والتي خلصت إلى كونه المنوط به إعدام الشيك بعد إلغاؤه باعتباره المراقب
المالي بمنطقة التأمين لصحي وهو صاحب التوقيع على الشيك المذكور طبقاً للكتاب الدوري
رقم 19لسنة 1998 مما يشكل في حقه ذنباً إدارياً يستوجب مساءلته تأديبياً، ومن ثم خلصت
إلى مجازاته على النحو الوارد بالحكم المشار إليه.
ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه شابه البطلان للقصور في التسبيب
المخل بحقوق الطاعن في الدفاع على سند من القول أن الحكم لم يرد على دفاع الطاعن الوارد
بمذكرة دفاعه المودعة أمام المحكمة ولم يعقب على حافظة المستندات التي أودعها مما يؤكد
بطلانه لصدوره مشوباً بالقصور في التسبيب، هذا فضلاً عن أن الحكم بنى إدانته على أدلة
مشكوك في صحتها لقيام الموظفة غادة محفوظ بتحرير إذن التوصية رقم 106بتاريخ 15/ 12/
1999، وقد قام الطاعن باتخاذ ذلك الإلغاء مما يؤكد براءته مما هو منسوب إليه، ويحيط
المخالفة المنسوبة إليه بالشك الذي يجب أن يفسر لمصلحته، وأخيراً فإن الحكم شابه الغلو
مما يؤدي على عدم مشروعية العقوبة الموقعة عليه لعدم التناسب بين المخالفة المسندة
إليه والجزاء الموقع عنها.
ومن حيث أنه عن الموضوع، فتخلص وقائعه فيما أبلغت به إدارة فرع القنال وسيناء للتأمين
الصحي، النيابة الإدارية بالإسماعيلية عن تزوير الشيك سالف الذكر الصادر سنة 98بمبلغ
112.15 جنيه بإعادة استعماله في 15/ 10/ 2000 وتزوير قيمته إلى 112000.015 جنيه وصرفه
من البنك الأهلي فرع الإسماعيلية باسم وائل وديع شاكر، وقد تم إبلاغ النيابة العامة
بالإسماعيلية وقيدت التحقيقات الجنائية رقم 2378/ س إداري قسم أول الإسماعيلية، وقد
أرفق بالأوراق مذكرة النيابة العامة في المحضر رقم 30954/ 2002 جنح أول الإسماعيلية،
والتي انتهت فيه إلى إرسال الأوراق للجهة الإدارية لمجازاة الطاعن وآخرين إدارياً،
كما أرفق بالأوراق أمر الإحالة في الجناية رقم 2052لسنة 2002 جنح قسم أول الإسماعيلية
والمقيدة برقم 327لسنة 2002 كلي الإسماعيلية المقيدة برقم 106/ 2002 أ.ع.س الإسماعيلية
بإحالة عادل عطية عبد الله متى عجايبي باختلاس الشيك وقيمته إلى محكمة أمن الدولة بالإسماعيلية،
ونفاذاً لما انتهت إليه نيابة قسم أول الإسماعيلية في المحضر رقم 3594/ 2002 جنح أول
من مجازاة المحالين إدارياًن فقد أصدر رئيس الإدارة المركزية للمديرية المالية بالإسماعيلية
القرار رقم 5لسنة 2003 بمجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام من راتبه لما نسب إليه، وبتاريخ
4/ 5/ 2003 صدر القرار رقم 29لسنة 2003 بسحب قرار الجزاء المذكور بناء على طلب النيابة
الإدارية بالإسماعيلية في القضية رقم 100لسنة 2003 التي باشرت فيها التحقيق بناءً على
طلب إدارة الشئون القانونية بالهيئة العامة للتأمين الصحي (فرع القناة وسيناء) فيما
انتهت إليه من إحالة الأوراق للنيابة الإدارية للتصرف، وقد باشرت الأخيرة تحقيقاتها
في القضية المذكورة وطلبت محاكمة المتهمين مما هو منسوب إليهما على النحو الوارد بتقرير
الاتهام.
ومن حيث أنه عن المخالفة المنسوبة للطاعن سالف البيان، فقد جاءت ثابتة في حقه ثبوتاً
يقينياً…. من واقع الأوراق وما خلصت إليه تحقيقات النيابة العامة على النحو المشار
إليه وتحقيقات الجهة الإدارية والتي أظهرت أن الشيك المذكور الصادر في 12/ 8/ 1998
لصالح حنان علي محمد بمبلغ 112.15 جنيه قيمة ونفقات علاج والذي تم إلغاؤه بتاريخ 15/
12/ 1999 لعدم حضور المستفيدة للمنطقة لاستلامه فتم حفظة بالمنطقة مع كل مستندات الصرف
إلا أنه بتاريخ 15/ 10/ 2000 تم استعماله مرة أخرى بعد تعديل قيمة المبلغ واسم المستفيد
على النحو سالف البيان، وتم صرفه من قبل عادل عطية الله متى المذكور على الوجه المذكور
أنفاً، ولما كان الطاعن هو المنوط به إعدام الشيك بعد إلغاؤه باعتباره مراقباً مالياً،
بمنطقة التأمين الصحي خاصة بعد تحرير إذن التوجيه رقم 106 بتاريخ 15/ 12/ 1999 بإلغاء
الشيك المذكور سيما وأن الطاعن هو صاحب التوقيع الثاني وطبقاً للكتاب الدوري رقم 19لسنة
1998 المرفق بالأوراق، فإنه يجب أن يؤشر على الشيك بالإلغاء وسبقه اعتماد الإلغاء لمن
لهم حق التوقيع الثاني – وهو الطاعن – خاصة وأنه هو المنوط به الإشراف على الوحدة الحسابية،
وعليه فلا يعدم الشيك إلا بعد توقيعه باعتماد الإلغاء وهو ما لم يفعله، وهو ما تأيد
باعترافه بالتحقيقات تذرعه بكثرة العمل واستغلال عادل عطية الله متى معرفته الوظيفية
واختلاس الشيك، كما شهد على أمين عبد الغني مدير المنطقة بتحقيقات الشئون القانونية
بالمنطقة بمضمون البلاغ المشار إليه وبمسئولية مندوب المالية عن إلغاء الشيك الذي يحفظ
بعد ذلك بأرشيف المنطقة، وقد أفاد الكتاب الدوري رقم 19لسنة 1998 بأن الشيك الملغي
– بعد اعتماد الإلغاء ممن لهم حق التوقيع الثاني (الطاعن) يطوي وتلصق حافته بالصمغ
على النحو المذكور بتلك التعليمات، أما وقد تقاعس المذكور على اتخاذ تلك الإجراءات
السابق بيانها، والتي كان من الواجب إتباعها فإنه يكون قد ارتكب ذنباً إدارياً قوامه
الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي بعدم أدائه العمل المنوط به بدقة وأمانة، ولا يدرأ
عنه المسئولية تذرعه بكثرة العمل إذ لو أخذ بذلك عذراً لدرء المسئولية لأضحى الأمر
فوضى لا ضابط لها، الأمر الذي يستوجب مجازاته عن المخالفة الثابتة في حقه.
ومن حيث أنه لا ينال مما تقدم ما أثاره الطاعن من عدم رد المحكمة على دفاعه وما انطوت
عليه حافظة المستندات المقدمة منه لإثبات دفاعه، ذلك أن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة
من ان المحكمة المطروح عليها النزاع غير ملزمة بتعقب دفاع العامل في وقائعه وتفاصيله،
مادام أنها أوردت إجمالاً لأسبابه التي أقامت عليها قضائها، وكانت هذه الأسباب مؤدية
إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها.
ومن حيث أنه لا حجة للطاعن فيما يتمسك به من براءته من المخالفة المنسوبة إليه لقيام
الموظفين المختصين بتحرير إذن التوصية رقم 106بتاريخ 15/ 12/ 1999 المشار إليه والذي
قام الطاعن باعتماده لأن ذلك وعلى فرض صحته لا شأن له بتقاعس الطاعن اتخاذ إجراءات
إعدام الشيك المذكور عقب إلغاؤه والتي كان يتعين عليه اتخاذها طبقاً للتعليمات سالفة
البيان والذي أدى تقاعسه إلى استعمال الشيك المذكور في واقعة الاختلاس سالفة البيان،
الأمر الذي يضحى منه ما يتمسك معه الطاعن – في هذا الصدد – قد جاء على غير سند صحيح
من الواقع أو القانون متعيناً الالتفات عنه.
ومن حيث أنه ليس سديداً نعي الطاعن على الحكم بالبطلان لعدم التناسب بين المخالفة والعقوبة
(الغلو في الجزاء) ذلك أن المحاكم التأديبية تتمتع بسلطة تقدير خطورة الذنب الإداري
وما يناسب من جزاء بلا معقب عليها في ذلك، مادام قد خلا هذا التقدير من عدم الملاءمة
الظاهرة.
وأنه لما كان الثابت أن المخالفة ثابتة في حقه والتي جوزي من أجلها تمثل إخلالاً جسيما
بواجبات وظيفته وخروجاً على مقتضيات الدقة والأمانة في النهوض بأعبائها وهو ما ترتب
عليه ارتكاب جناية التزوير والاختلاس، فمن ثم يكون تقدير الحكم المطعون فيه بمجازاته
بخصم عشرة أيام من أجره وقد خلا من عدم الملاءمة الظاهر ولا يشوبه عدم تناسب أو غلو
في التقدير مما يجعله في حدود السلطة المقررة للمحكمة التأديبية، ولا وجه – والحال
كذلك – تمسك الطاعن من سبق مجازاته إدارياً على ذات المخالفة – بخصم ثلاثة أيام من
راتبه، وهو ما ارتأت النيابة الإدارية سحبه لإحالته للمحاكمة التأديبية، ذلك أن هذا
الوضع لا يكسبه حقاً في عدم مجازاته مما يجاوز تلك العقوبة، لاختلاف السلطة التأديبية،
وكون المحكمة التأديبية تتمتع بسلطة تقدير خطورة الذنب وما يناسبه من جزاء على النحو
المتقدم، فضلاً عن أن المخالفة مالية وقرار السحب جاء سليماً وصحيحاً ولا غبار عليه،
الأمر الذي يغدو معه ما يتمسك به الطاعن في هذا الشأن، غير قائم على سند صحيح من أن
الواقع أو القانون مما يستوجب طرحه جانباً والالتفات عنه.
ومن حيث أنه لما تقدم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب فإنه يكون قد
صادف صحيح القانون، ويغدو الطعن – والحال كذلك – غير قائم على محله خليق بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: – بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
صدر هذا الحكم وتلى علناً بجلسة يوم السبت الموافق 10/ 6/ 2006 الميلادية، الموافق
14 جماد الأول 1427الهجرية وبالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
