الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 3432 لسنة 48 ق

بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة

بالجلسة المنعقدة برئاسة السيد المستشار/ إسماعيل صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال أبو زيد – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد إبراهيم ذكي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ/ محمد حسنين عبد الواحد – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ يحيي سيد على – أمين سر المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 3432 لسنة 48 ق.

المقام من

فيصل الهلالي راضي محمد

ضد

النيابة الإدارية
في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية من أسيوط بجلسة 8/ 12/ 2001 في الدعوى رقم 290 لسنة 27 ق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 5/ 2/ 2002 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم سالف الذكر والقاضي بمجازاة الطاعن بخصم شهرين من راتبه.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بعريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الموضوع، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبراءته مما نسب إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبتاريخ 13/ 2/ 2002 تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة في البداية تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبراءة الطاعن مما نسب إليه، وبعد إيداع تحقيقات النيابة الإدارية أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً تكميلياً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 10/ 12/ 2003 وبجلسة 9/ 6/ 2004 قررت المحكمة إحالة الطعن لدائرة الموضوع – الرابعة عليا – لنظره بجلسة 3/ 10/ 2004 ونظرت المحكمة الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وتم إعادتها للمرافعة أكثر من مرة لإيداع ملف قضية النيابة الإدارية رقم 193 لسنة 2000 سوهاج وبجلسة 15/ 4/ 2006 قررت المحكمة الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد القانوني واستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 290 لسنة 27 ق. بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بأسيوط، متضمنة تقريراً باتهام ضد كل من: –
1- ……………………..
2- فيصل الهلالي راضي محمد، مدير مستشفي الحميات بسوهاج – بالدرجة الأولى.
3-……………….
لأنهم في غضون المدة من يناير 97 حتى أغسطس 1999 بدائرة مديرية الشئون الصحية بسوهاج، وبوصفهم السابق.
من الأول حتى الخامس: لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وخالفوا القواعد والأحكام المالية المنصوص عليها بالقوانين واللوائح وأتوا ما من شأنه إضرار بمالية الدولة بأن: خالفوا قرار وزير الصحة رقم 354 لسنة 1995 بشأن صرف المقررات لأغذية الأطباء المقيمين والامتياز والمناوبين والممرضات والعمل، والذي يوجب صرف ثلاث واجبات لحوم أسبوعياً للفئات السابقة كل فيما يخصه، وذلك بأن صرفوا وجبات فراخ طوال أيام الأسبوع، مما أدى إلى صرف مبالغ مالية دون وجه حق وتحميل ميزانية الدولة مبلغ جملته 7719.809 جنيه.
الثاني ( الطاعن) فقط: –
1- أصدر أمراً بتشكيل لجنة جرد عهدة صيدلية مستشفي حميات سوهاج في 30/ 6/ 1999 دون أن يضمنها عضوا من مراقبة العهد، مما ترتب عليه عدم قيام تلك اللجنة بإجراءات الجرد المكلفة به.
2- أهمل الإشراف على أعمال المتهم الثالث ( كاتب أول المستشفي ) مما ترتب عليه عدم قيام المذكور بشراء بعض الأصناف على حساب المورد والتي قصر في توريدها للمستشفي المذكورة، مع عدم قيامه بتحصيل المصروفات الإدارية ومصادرة التأمين قبل المورد، مما أدى إلى إعفائه من فرق السعر.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المحالين تأديبياً طبقاً للمواد الواردة بتقرير الاتهام.
ونظرت المحكمة التأديبية الدعوى على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 8/ 12/ 2001 أصدرت حكمها متضمناً مجازاة المتهم الثاني/ فيصل الهلالي راضي ( الطاعن ) بخصم شهرين من راتبه عن المخالفة الأولى المنسوبة إليه، حيث برأته عن المخالفتين الثانية والثالثة.
وأقامت المحكمة قضاءها بمجازاة الطاعن عن المخالفة الأولى، استنادا إلى إنها ثابتة في حقه من واقع تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، وأيضا مما قرره/ عياد مسعود تادضروس، المفتش المالي والإداري لمديرية الصحة بسوهاج والذي ذكر في أقواله أن المسئول عن هذه المخالفة هو مدير المستشفي، ولما كان الطاعن يشغل حالياً منصب مدير المستشفي اعتباراً من 12/ 10/ 1998 فمن ثم فإنه يكون مسئولاً عن مخالفة قرار وزير الصحة سالف الذكر، وتكون هذه المخالفة ثابتة في حقه، ويتعين مجازاته عنها تأديبياً.
ومن حيث إن مبنى الطعن على الحكم المطعون فيه يقم على السببين الآتيين: –
أولاً: بطلان الحكم المطعون فيه، لإخلاله الجسيم بحق الدفاع، إذ التفتت المحكمة عن دفاعه بشأن مخالفة القرار الوزاري المشار إليه،والذي قرر فيه إنه تسلم المستشفى والعاملين بها يأكلون الفراخ، وظل الحال كذلك لأنه لا يعلم بصدور القرار سالف الذكر، والذي صدر قبل استلامه مسئولية إدارتها، كما أنه لم توجه إليه أية ملاحظة بشأن مخالفة ذلك القرار من مديرية الصحة بسوهاج وإدارة التغذية بها، وقدم مستندات مؤيدة لدفاعه، إلا أن المحكمة التفتت عنها، رغم أثرها في تغيير وجه الرأي في الدعوى، مما يبطل الحكم ويوجب إلغاءه.
ثانياً: الغلو في تقدير الجزاء الواقع على الطاعن، لعدم تناسبه مع المخالفة المنسوبة إليه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق، أن مديرية الشئون الصحية بسوهاج، أبلغت بكتابها رقم 331 في 25/ 1/ 2000 النيابة الإدارية، بشأن فحص تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات رقم 566 + 31 في 25/ 11/ 1999 وذلك لتحديد المسئولية بشأن ما تكشف للجهاز من ملاحظات لدى فحصه للأعمال المالية والمخزنية بمستشفي حميات سوهاج.
وباشرت النيابة الإدارية التحقيق في المخالفات بقضيتها رقم 193 لسنة 2000 سوهاج، وانتهت فيه إلى نسبة المخالفات سالفة البيان الطاعن وآخرين، وطلبت محاكمتهم تأديبياًً عما نسبته إليهم من مخالفات.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه برأ الطاعن من المخالفتين الثانية والثالثة المنسوبتين إليه واقتصر على مجازاته عن المخالفة الأولى المنسوبة إليه، والتي ثبتت في حقه ثبوتاً يقينياً، أخذا بما جاء بالأوراق والتحقيقات، وما تضمنه تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، من صرف المقررات الغذائية للأطباء المقيمين والامتياز والمناوبين والممرضات والعمال بمستشفي حميات سوهاج بالمخالفة لأحكام قرار وزير الصحة رقم 354 لسنة 1995 بتحديد المقننات الغذائية في المستشفيات وقواعد صرفها، حيث تضمنت الجداول المرفقة بالقرار بأن يصرف للفئات سالفة الذكر لحوم ثلاثة أيام في الأسبوع، وباقي الأسبوع فراخ، ونصت المادة الثالثة من القرار، بأنه يمكن استبدال صنف بآخر في حدود الشهر المقرر، على أن يراعى في البدل احتوائه بقدر الإمكان على العناصر الغذائية التي في الصنف المستبدل.
إلا أنه تكشف لدى الفحص قيام المستشفى بصرف المقررات الغذائية للفئات المذكور فراخ بالكامل طوال أيام الأسبوع، مما أدى إلى تحميل الموازنة العامة مبالغ دون مبرر تمثلت في الفرق بين تكاليف وجبات الفراخ، وتكاليف وجبات اللحوم وعلى النحو المتصل بالتقرير المشار إليه بإجمالي مبلغ 7719.809 جنيه، حسبما خلصت إليه اللجنة المشكلة لفحص تقرير الجهاز المذكور، حيث خلصت إلى وجود مخالفات صرف المقررات الغذائية على النحو سالف الذكر، وإن المتسبب في ذلك هو مدير المستشفى إلى جانب آخرين، وهو ما تأيد بشهادة/ عياد مسعود تاوضروس المفتش المالي والإداري بمديرية الشئون الصحية بسوهاج، ورئيس لجنة فحص تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات محل التحقيق، والذي ردد في مضمون ما سبق، وقرر بمسئولية مدير المستشفى عن تلك المخالفة، وأشار إلى إدارة المستشفى خالفت قرار وزير الصحة المشار إليه وصرفت وجبات فراخ طوال أيام الأسبوع، مما ترتب عليه تحميل موازنة الدولة وصرف مبالغ مالية دون وجه حق، وإن مرجع ذلك لاختلاف تكلفة وجبة الفراخ عن وجبة اللحوم، نظراً لأن سعر كيلو الفراخ 6.65 جنيه حتى 20/ 8/ 1998 و 6.90 جنيه بعد ذلك، وأن سعر اللحوم 8.60 جنيه، ولأن كمية اللحوم الواجب صرفها تتراوح ما بين 150 على 200 جرام، أمام وجبة الفراخ فإن المقرر صرفه هو 250 جرام، وذلك أدى إلى الفروق البالغ جملتها 7719.809 جنيه خلال المدة من 1/ 1/ 1997 حتى 1/ 9/ 1999 ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن يشغل منصب مدير المستشفى اعتبارا من 12/ 10/ 1998، فمن ثم يكون مسئولاً عن مخالفة قرار وزير الصحة المشار إليه، وتكون المخالفة المنسوبة إليه ثابتة في حقه، مما يستوجب مؤاخذته عنها تأديباً.
ومن حيث إنه عن الطعن على الحكم المطعون فيه لإخلاله بحق الطاعن في الدفاع عن نفسه بالتفاته عن المستندات المقدمة منه والمؤيدة لدفاعه والمتمثل في عدم علمه بقرار وزير الصحة المشار إليه، وأنه تسلم العمل بالمستشفى والعاملون بها يأكلون الفراخ، فإن ذلك مردود عليه بما هومسلم به من أن الجهل بالقرارات والتعليمات المنظمة للعمل، لا يعفي من المسئولية، إذا أن واجب العامل أن يسعى جاهدا للإحاطة بكل ما يتعلق بواجبات العمل،وأن يقوم بتنفيذه، كما أن سير العمل في المستشفى على مخالفة القرارات المنظمة للعمل، ليس مثلا يحتذي، فالخطأ لا يبرر الخطأ والاستمرار في الخطأ لا يضفي عليه مشروعية ليست له. ومن ثم يكون هذا الوجه من الطعن في غير محله، ويتعين الالتفات عنه.
ومن حيث إنه عن الطعن على الحكم المطعون فيه بالغلو في تقدير الجزاء، لعدم تناسبه مع المخالفة التي وقع عنها.
فإن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن السلطات التأديبية – ومن بينها المحاكم التأديبية – تتمتع بسلطة تقدير خطورة الذنب الإداري، وما يناسبه من جزاء، بلا معقب عليها في ذلك – طالما خلا هذا التقدير من عدم الملاءمة الظاهرة.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكانت المخالفة الثابتة في حق الطاعن، تمثل إخلالاً جسيما بواجبات الوظيفة، بالنظر إلى الآثار المادية الجسيمة التي ترتبت عليها، وهي تحميل خزينة الدولة مبالغ مالية كبيرة، دون وجه حق، فإن الجزاء الموقع عنها بخصم شهرين من مرتب الطاعن يكون متناسباً وجسامة هذه المخالفة، ولا يشوبه غلو في التقدير، ويكون هذا الوجه من الطعن، قد جاء على غير سند في صحيح حكم القانون، ويتعين طرحه.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، فإن الطعن على الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن، يكون قد جاء على غير سند صحيح من الواقع والقانون، ويتعين رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم السبت الموافق 29 من ربيع الآخر سنة 1427ه الموافق 27/ 5/ 2006 بالهيئة المبينة بصدره.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات