المحكمة الادارية العليا – الطعن ين رقمي 1873 و 1886لسنة 45قعليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل
صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن كمال أبو زيد – نائب رئيس مجلس الدولة
والدكتور/ عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر – نائب رئيس مجلس الدولة
و/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي – نائب رئيس مجلس الدولة
والدكتور/ حسنى درويش عبد الحميد – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ معتز أحمد شعير – مفوض الدولة
وحضور السيد/ يحيى سيد علي – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعنين رقمي 1873 و 1886لسنة 45ق.عليا
المقام أولهما من
لوسي هنري عازر
ضد
النيابة الإدارية
والمقام ثانيهما من
النيابة الإدارية
ضد
1- محمد إبراهيم علي نوفل.
2- 2-رمزي أحمد أحمد السيد عبد الله
3-مصطفى عبد المنعم يوسف
4-أحمد حامد عطا الله
5-لوسي هنري عازر
طعناً في حكم المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا الصادر بجلسة 18/ 11/ 1998 في
الدعوى رقم 32لسنة 40ق
الإجراءات
في يوم الأحد الموافق 17/ 1/ 1999 أودع الأستاذ/ غبريال إبراهيم
غبريال المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعنة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا
تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1873/ 45ق.عليا، طعناً في الحكم المشار إليه، فيما قضى
به من مجازاة الطاعنة بخصم عشرة أيام من أجرها.
وطلبت الطاعنة – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء ببراءتها مما نسب إليها.
وجرى إعلان الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وفي يوم الأحد الموافق 17/ 1/ 1999 أودع الأستاذ/ إلهام محمد علي عبد الله الوكيل العام
لهيئة النيابة الإدارية نائباً عن الأستاذ المستشار/ رئيس الهيئة بصفته، قلم كتاب المحكمة
الإدارية العليا تقرير طعن فيه بجدولها تحت رقم 1880لسنة 45ق.عليا، طعناً في الحكم
المشار إليه، فيما قضى به بمجازاة المطعون ضدها بخصم خمسة أيام من أجرها، والمطعون
ضدها الثاني والرابع بخصم ستة أيام من أجر كل منهما، والمطعون ضده الثالث بغرامة مقدارها
ثلاثون جنيهاً، والمطعون ضدها الخامسة بخصم عشرة أيام من أجرها.
وطلب الطاعن بصفته – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي
الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به بمجازاة المطعون ضدهم بالجزاءات المشار
إليها قرين كل منهم، والقضاء بتوقيع الجزاءات الخماسية عليهم بالنظر إلى جسامة المخالفات
التي ارتكبها كل منهم.
وجرى إعلان الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني، انتهت فيه – للأسباب المبينة
فيه – إلى طلب الحكم بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء
بمجازاة كل من المطعون ضدهم الأول والثالث والرابع بخصم شهر من أجر كل منهم، وبمجازاة
المطعون ضده الثاني بغرامه تعادل ثلاثة أضعاف المرتب الأساسي الذي كان يتقاضاه، قبل
تركه الخدمة، وبمجازاة المطعون ضدها الخامسة بخصم شهر من أجرها.
وتحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص المطعون بجلسة 27/ 11/ 2002 وبالجلسات التالية على
النحو الموضح بمحاضرها، وبجلسة 22/ 10/ 2003 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى هذه المحكمة
لنظرهما بجلسة 20/ 12/ 2003، وتدوول نظرهما بجلسات المحكمة وبجلسة 22/ 4/ 2006 قررت
المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى
النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وإتمام المداولة.
وحيث إن الطعنين قد استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث أن عناصر الموضوع، تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 4/ 3/ 1998
أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية الماثلة متضمنة ملف القضية رقم 741لسنة 97
زراعة وتقرير اتهام ضد كل من: –
1- محمد إبراهيم علي نوفل مدير حسابات بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية
– بالدرجة الأولى.
2- ………………….
3- رمزي أحمد أحمد السيد عبد الله رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية
بالهيئة المذكورة – بدرجة وكيل وزارة حاليا بالمعاش.
4- مصطفى عبد المنعم يوسف مدير إدارة المشتريات بالهيئة المذكورة – بالدرجة الثانية.
5- ………………..
6- أحمد حامد عطا الله وكيل حسابات بالهيئة المذكورة – بالدرجة الثالثة.
7- لوسي هنري عازر رئيس حسابات بالهيئة المذكورة سابقاً وحالياً رئيس حسابات بالهيئة
العامة للخدمات الحكومية – بالدرجة الثانية.
8- …………………
لأنهم خلال الفترة من عام 1987 حتى عام 1997
بجهة عملهم وبوصفهم السابق خالفوا القوانين ولم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وخالفوا
القواعد المالية وأتوا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للجهة التي يعملون بها بأن:
–
المحال الأول: – لم يقم باتخاذ الإجراءات اللازمة نحو متابعة تسوية الرصيد المدين للهيئة
مما أدى إلى تضخمه حتى بلغ: –
أ- الدفع المقدم باب ثاني مبلغ (28.111054.616جنيه).
ب- الدفع المقدم باب ثالث مبلغ (21.969765.499جنبه).
ج- الأرصدة المدينة الأخرى مبلغ (553.738767.849جنيه).
د- مصلحة الجمارك (47.594.137.935جنيه).
المحال الثاني: ………………………….
المحال الثالث: – لم يقم بأحكام الرقابة على مرؤوسيه المحالين الأول والثاني مما أدى
إلى ارتكابها المخالفات المشار إليها بعالية.
المحال الرابع: لم يقم باتخاذ الإجراءات اللازمة نحو تسوية الرصيد المدين للهيئة مما
أدى إلى تضخمه حتى بلغ: –
أ- الدفع المقدم باب ثاني مبلغ (28.111054.616جنيه).
ب- الدفع المقدم باب ثالث مبلغ (21.969765.499جنبه).
ج- الأرصدة المدينة الأخرى مبلغ (553.738,767.849جنيه).
د-مصلحة الجمارك (47.594.137.935جنيه).
المحال الخامس: …………………………
المحال السادس والسابع: –
لم يقوما باتخاذ الإجراءات اللازمة نحو متابعة تسوية الرصيد المدين لهيئة مما أدى إلى
تضخمه حتى بلغ: –
أ- الدفع المقدم باب ثاني مبلغ (28.111054.616جنيه).
ب- الدفع المقدم باب ثالث مبلغ (21.96,9765.499جنيه).
ج- الأرصدة المدينة الأخرى مبلغ (553.738,767.849جنيه).
د- مصلحة الجمارك (47.594.137.935جنيه).
المحال الثامن: ………………………………
المخالفة المشار إليها بعالية.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المحالين المذكورين تأديبياً وفقاً لنصوص المواد القانونية
المبينة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 18/ 11/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، والتي استعرضت فيه بداءة أقوال/
نبيل فلامون بولس رئيس الإدارية المركزية بالمراقبة المالية لحسابات الحكومة والتي
أقامت قضاءها على أساسها في ثبوت ما نسب على جميع المحالين من مخالفات في حقهم، ففيما
يتعلق بما هو منسوب إلى المطعون ضدهم بالطعن رقم 1886لسنة 45ق.عليا بما فيهم الطاعنة
بالطعن رقم 1873لسنة 45ق.عليا، فإنه قد ثبتت تضخم أرصدة مديونيات الحسابات الخاصة بأرصدة
الدفع للمقدم باب ثان وباب ثالث وأرصدة المديونيات الأخرى، وأرصدة حسابات الجمارك وذلك
بحسابات الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، وهي الحسابات التي تختص
الشئون المالية والإدارية بالهيئة المذكورة بمناسبة تسويتها تحت إشراف رئيس الإدارة
المركزية للشئون المالية والإدارية بالهيئة، وكذلك تختص إدارة المشتريات وإدارة الشئون
التموينية بالهيئة بتسوية ما يخصها منها، ويختص ممثلو وزارة المالية بالهيئة طبقاً
لأحكام قانون الحسابات الحكومية رقم 127لسنة 1981 وتعليمات وزارة المالية بمناسبة أرصدة
هذه الحسابات، لما كان ذلك وكان الثابت أن المحال الأول المطعون ضده الأول عمل مديراً
لحسابات الهيئة المذكورة، وعمل المحال الثالث (المطعون ضده الثاني) في وظيفة رئيس الإدارة
المركزية للشئون المالية والإدارية بالهيئة وهي الوظيفة التي يشرف شاغلها على الإدارة
المالية بالهيئة، كما ثبت أن المحال الرابع (المطعون ضده الثالث) عمل في وظيفة مدير
إدارة المشتريات بالهيئة المذكورة وثبت أن المحالين السادس والسابعة (المطعون ضدهما
الرابع والخامس) التابعين لوزارة المالية قد عملا بالهيئة المذكورة، حيث عمل المحال
السادس في وظيفة وكيل حسابات، وعملت المحالة السابعة في وظيفة وكيل حسابات ثم رئيساً
لحسابات الهيئة، وعلى هذا وإذ ثبت على النحو السالف بيانه تضخم أرصدة الحسابات المدينة
بالهيئة نتيجة لعدم تسوية هذه المبالغ، فإن ذلك يتم ولاشك أن تقصير المحالين بدوره
كمسئولين عن اتخاذ تسوية هذه المبالغ أو متابعة إجراءات تسويتها والمتمثلين في المحالين
الأول والرابع والسادس والسابعة وكمشرف على من يتولى هذه الإجراءات والمتمثلين في المحالين
الثاني، والثالث حيث يشرف المحال الثاني على أعمال المحال الأول، ويشرف المحال الثالث
على أعمال المحالين الأول والثاني، ومن ثم يكون المحالين المذكورين قد ارتكبوا المخالفات
المنسوبة إليهم بتقرير الاتهام كل فيما يخصه، ويتعين مجازاتهم عنها تأديبياً.
وخلصت المحكمة إلى قضائها سالف البيان.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 1873لسنة 45ق.عليا، أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون
وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك لأنه اعتباراً من تاريخ نفاذ القانون رقم 105لسنة 92
الذي عدل القانون رقم 127لسنة 1981بشأن المحاسبة الحكومية صارت متابعة الأرصدة المدينة
والدائنة بالهيئات الاقتصادية من اختصاص المراقبين المحالين ممثلي وزارة المالية بالهيئات
العامة والاقتصادية، وفقاً لما هو ثابت من استقراء البند رقم 6 من اختصاص المراقبون
الماليون ممثلو وزارة المالية بالهيئات العامة الاقتصادية، والوارد في القانون رقم
105لسنة 92 المشار إليه، وعليه فإن مديرو الحسابات ووكلاؤهم – ومن بينهم الطاعنة لا
شأن لهم بمتابعة الأرصدة المذكورة حسبما يبين من استقراء اختصاصاتهم التي حددها المنشور
رقم 5لسنة 94 الصادر من وزارة المالية تنفيذاً لقانون المشار إليه. حيث لا يدخل ضمن
هذه الاختصاصات متابعة الأرصدة المدينة أو الدائنة.
هذا وإذا كانت الطاعنة قد تطوعت بإرسال استعجالات إلى الجهات القائمة بالصرف لموافاة
الهيئة بالمستندات فذلك كان من قبيل الفضالة دون أن يعني ذلك تدخل في زمرة المسئولين
قانوناً عن متابعة الأرصدة المدينة أو الدائنة.
ومن حيث أن مبنى الطعن رقم 1886لسنة 45ق.عليا يتخلص في سببين حاصلهما مخالفة الحكم
المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه بشأن ما قضت به المحكمة من مجازاة المحال الثالث
(المطعون ضده الثاني) بخصم ستة أيام من أجره، ومجازاة المحال الرابع (المطعون ضده الثالث)
بغرامة مقدارها ثلاثون جنيهاً، وذلك لأن المحال الثالث قد انتهت خدمته ومن ثم لا يجوز
توقيع جزاء الخصم من راتبه، وعليه فإنه كان يتعين على المحكمة أن تقوم بتطبيق نص المادة
88 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47لسنة 1978 بشأنه وتوقع عليه جزاء
الغرامة في الحدود المقررة فهذا النص، كما أن المحال الرابع مازال يعمل بالخدمة ويشغل
وظيفة بالدرجة الثانية، وعليه فإنه لا يجوز توقيع جزاء الغرامة عليه لأنه ليس من بين
الجزاءات التي تضمنها نص المادة 80 من القانون المشار إليه، والذي تضمن بيان بالجزاءات
التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين بالخدمة.
2-الإفراط في اللين عند توقيع الجزاء، ذلك إزاء ثبوت المخالفات قبل المذكورين، فإنه
كان يتعين على المحكمة توقيع الجزاء الرادع عليهم، إلا أنها أفرطت في اللين عند توقيع
الجزاء وجاء غير متناسباً مع اقترافه من جرم، وبالتالي يكون غير مشروع، الأمر الذي
يتعين معه إلغاء الحكم والقضاء مجدداً بتوقيع الجزاء المناسب على المحالين.
ومن حيث إنه عن الموضوع، فإنه يخلص فيما أبلغ به رئيس الإدارة المركزية للمراقبة المالية
بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية النيابة الإدارية بأنه قائم بفحص
الحساب الختامي للهيئة المذكورة من العام المالي 95/ 1996 وتكشف له تضخم أرصدة مديونيات
الهيئة المذكورة، وقد توصل الجهاز المركزي للمحاسبات إلى هذه النتيجة من خلال فحصه
ومراجعته لختامي الهيئة المذكورة على الفترة المشار إليها.
هذا وقد أجرت النيابة الإدارية تحقيقاً في هذا البلاغ لتحديد المسئولية على تضخم هذه
المديونيات قيد لديها بالقضية رقم 741لسنة 1997 زراعة خلصت فيه إلى ثبوت ارتكاب المحالين
للمخالفات التي نسبتها إليهم بتقرير الاتهام.
ومن حيث إنه عن المخالفات المنسوبة إلى المطعون ضدهم في الطعن رقم 1886/ 45ق.عليا على
الوجه السالف بيانه، فإنها ثابتة يقيناً في حقهم على ما جاء بالأوراق والتحقيقات وما
شهد به نبيل فلامون بولس رئيس الإدارة المركزية بالمراقبة المالية لحسابات الحكومة،
من أنه قد تكشفت له المخالفات المذكورة أثناء فحص الحساب الختامي للهيئة عن السنة المالية
95/ 1996، وأعد بشأنها المذكرة المؤرخة 1/ 7/ 97 وأضاف مقرراً أنه قد سبق وأن قدم لرئيس
الهيئة المذكورة عدة استعجالات بشأن تضخم هذه الأرصدة لكي يتم تسويتها مع الإدارات
المختصة حتى يمكن مراقبة المال العام وعدم إهداره، إلا أن هذه الإدارات المختصة بالهيئة
التي طلبت صرف هذه المبالغ وصرفتها بالفعل وأهملت في المطالبة بتسوية هذه المبالغ،
وبالتالي ظهرت بالحسابات الختامية للهيئة كأرصدة لم تسو حتى الآن، وأضاف المسئول قائلاً
أن الإدارة المسئولة عن تسوية هذه المبالغ هي إدارة الميكانيكا والكهرباء، وإدارة الشئون
التموينية، والإدارات المركزية التابعة للهيئة خارج القاهرة، وعلى وجه التحديد مديري
الإدارات السالف ذكرها، والعاملين معهم حسب تقسيم العمل تحت مراقبة مدير عام الشئون
المالية بالهيئة وبرئاسة رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية بالهيئة،
واستطرد الشاهد أن الأضرار المترتبة على عدم تسوية المبالغ المشار إليها تتمثل في تضخم
هذه الأرصدة بالدفاتر بما يوحي بأن هذه المبالغ قد صرفت لغير الغرض المخصص لها، وبالتالي
ضياع وإهدار أموال الدولة، واختتم الشاهد المذكور أقواله أنه تم بعد ذلك تسوية جزء
من المبالغ المتضخمة المشار إليها، وإذ كان الثابت أن المطعون ضده الأول قد أقر بالتحقيقات
بوجود أرصدة متضخمة لم يتم تسويتها حتى 30/ 6/ 1996، وأنه قد تم تسوية مبالغ هذه الأرصدة
خلال الفترة من 1/ 7/ 96 حتى 30/ 9/ 1997 بحيث تم تسوية ما يقرب من ثلث المبالغ المحددة
بالبلاغ محل التحقيقات، موضحاً أن المبالغ المتضخمة هي مبالغ مرحلة عن سنوات سابقة،
وأنه جاري تسوية هذه المبالغ وسيتم مراعاة تسويتها في أقرب وقت، وإذ كان الثابت أيضاً
بالتحقيقات أن باقي المطعون ضدهم لم ينفوا تضخم أرصدة المديونيات المذكورة سلفاً حتى
بلغت المبالغ المذكورة أنفاً، وأن تذرع بعضهم بحداثة شغله للوظيفة، والبعض الآخر بعدم
اختصاصه بمتابعة تسوية الأرصدة المدينة، وكلها دفوع فضلاً عن أنها لا تنفي المسئولية
مما نسب إلى كل منهم حسب موقعه الوظيفي، فإن مسألة الاختصاص بمتابعة تسوية الأرصدة
المدينة قد حسمها نبيل فلامون بولس السالف ذكره بتحديده الإدارات التي يعمل بها المطعون
ضدهم وفقاً لما تقدم بيانه، وثبت بالأوراق.
ولما كان ما تقدم، وقد ثبت شغل كل من المطعون ضده الأول لوظيفة مدير الحسابات بالهيئة
المذكورة، والمطعون ضده الثالث لوظيفة مدير إدارة المشتريات بالهيئة والمطعون ضده الرابع
لوظيفة وكيل حسابات الهيئة، والمطعون ضدها الخامسة لوظيفة رئيس الحسابات بها، فإن مخالفة
تضخم أرصدة الحسابات المدينة بالهيئة نتيجة لعدم متابعة تسوية المبالغ المذكورة سلفاً
تكون ثابتة يقيناً في حقهم كل فيما يخصه حسب موقعه الوظيفي على النحو الوارد تفصيلاً،
كما أنه لما كان الثابت شغل المطعون ضده الثاني لوظيفة رئيس الإدارية المركزية للشئون
المالية بالهيئة، فإن المخالفة المنسوبة إليه والمتمثلة في عدم قيامه بأحكام الرقابة
على مرؤوسيه من المطعون ضده الأول وأخر، مما أدى ارتكابهما المخالفات المشار إليها،
ثابتة يقيناً في حقه، الأمر الذي يستوجب مجازاتهم تأديبياً.
ومن حيث أنه لا ينال من ذلك، ما ارتأته الطاعنة بالطعن رقم 1873لسنة 45ق.عليا (المطعون
ضدها الأخيرة في الطعن رقم 1886لسنة 45ق.عليا) من أنه لا اختصاص لها بمناسبة الأرصدة
المدينة أو الدائنة استناداً إلى أن القانون رقم 105لسنة 92 المعدل لأحكام القانون
رقم 127لسنة 1981بشأن المحاسبة الحكومية، حيث قصر ذلك الاختصاص على المراقبين الماليين
ممثلي وزارة المالية بالهيئات العامة الاقتصادية، دون مديرو الحسابات ووكلائهم، هذا
فضلاً عن أن قيام الطاعنة بإرسال استعجالات إلى الجهات القائمة بالصرف لموافاة الهيئة
بالمستندات كان من قبيل التطوع دون أن يدخلها في دائرة المسئولية، فذلك مردود عليه
بأن الثابت بالأوراق أن الطاعنة المذكورة مسئولة عما نسب إليها لاختصاصها الأصيل بمراعاة
تسوية الأرصدة المدينة بالهيئة والعمل على عدم تضخمها من خلال تسجيل جميع الأرصدة المدينة
والدائنة بانتظام في الدفاتر المحاسبية وإبداء الملاحظات بشأنها، ويتضح ذلك من خلال
مطالعة المنشور رقم 5لسنة 1994 والصادر من وزير المالية تنفيذاً للقانون رقم 105لسنة
92 المشار إليه، حيث ورد به اختصاصات مديرو الحسابات ووكلاؤهم بالهيئات العامة الاقتصادية
والصناديق والحسابات الخاصة، ومن بينها اعتماد أوامر الصرف والتسويات المحاسبية والمالية
طبقاً للوائح المالية المعتمدة والقرارات الصادرة من مجلس إدارة الجهة (بند ثانياً)
ومراعاة انتظام القيد بالدفاتر المحاسبية واعتماد موازين المراجعة والتوقيع على كشوف
المتابعة الشهرية والحسابات ربع السنوية والحسابات والقوائم الختامية وإبداء ملاحظاته
بشأنها (بند سادساً).
ومتى ثبت ما تقدم، وكانت الطاعنة مختصة طبقاً لصريح نص البند (ثانياً) باعتماد أوامر
التسويات المحاسبية تطبقاً للوائح المالية، كما أنها وفقاً لصريح نص البند (سادساً)
منوط بها مراعاة تسجيل الأرصدة المدينة والدائنة بانتظام في الدفاتر المحاسبية، وكان
الثابت يقيناً بالأوراق أن عدم مراعاتها (أي الطاعنة) عملية التسجيل المشار إليها بدقة
وانتظام قد أدى بشكل مباشر إلى تضخم حجم الأرصدة المدينة للهيئة، ويتضح ذلك من خلال
الخطاب الموجه إليها من مراقب عام الحسابات المؤرخ 21/ 12/ 1994 والذي جاء فيه "أنه
قد تلاحظ عدم ترحيل الأرصدة الدائنة والمدينة في دفاتر العام الحالي 94/ 95 حيث تلاحظ
أنه يوجد عدة دفاتر خاصة بالسنوات السابقة لم ترحل في رصيد أول المدة للسنة المالية
الحالية 94/ 95، وأنه يجب ترصيد هذه الحسابات بدقة في موعد غايته شهر في تاريخه "وعليه
فإن المخالفة المنسوبة للطاعن تكون ثابتة في حقها".
ومما يؤكد ذلك ما جاء بالكتاب الدوري رقم لسنة 96 الصادر من وزارة المالية من
أنه يتعين على بعض المسئولين الماليين، وعددهم وذكر من ضمنهم – مدير الحسابات ووكلاؤهم
– العمل على وضع ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات وتوصيات لجنة الخطة والموازنة موضع
والتنفيذ واتخاذ اللازم لتلافي تلك الملاحظة، وإذا كان الثابت أن من تلك الملاحظات
تراكم مديوينات لدى بعض الجهات منذ عدة سنوات دن تحصيل (بند12) واشتمال العديد من أرصدة
الحسابات المدينة على أرصدة شاذة (دائنة) بالمخالفة بطبيعتها دون أن يتم بجهاز الوقوف
على أسبابها، وذلك بالمثل للحسابات الدائنة (بند16) وهو الأمر الذي يؤكد يتعين مسئولية
الطاعنة مما نسب إليها من مخالفات.
ومن حيث إنه في شأن ما ذكرته الطاعنة من أن قيامها بإرسال استعجالات إلى الجهات القائمة
بالصرف لموافاة الهيئة بالمستندات كان من قبيل التطوع دون أن يدخلها ذلك في دائرة المسئولية،
فإن ذلك مردود عليه بأن الثابت أن الطاعنة لم تقم بإرسال تلك الاستعجالات على سبيل
التطوع أو من قبيل الفضالة، وإنما ذلك يدخل في صميم اختصاصاتها، والدليل على ذلك أن
يتضح من مطالعة الاستعجالات والخاصة بطلب موافاة الهيئة بصور المستخلصات حتى يمكن للهيئة
تسوية الأرصدة دفتريا والتي وقعت عليها الطاعنة، وأنه ورد في عجزها عبارة لكي نتمكن
من تسويتها دفترياً، والمراد هنا تسوية الأرصدة المدينة للهيئة وهو الأمر الذي يعد
اقترافاً صريحاً من جانبها باختصاصها بعملية تسوية تلك الأرصدة، وهو ما يشكل إهمالاً
جسيما في جانبها، الأمر الذي أدى تضخمه، فبالرغم من ذلك فإن الاستعجالات التي قامت
الطاعنة بإرسالها غير كافية بالقياس لحجم المديونية المراد تسويتها، كما كان يتعين
عليها إبلاغ الجهات القانونية عن المسئولين المتسببين في عدم ورود المستندات المطلوبة
في عملية التسوية المشار إليها، وبالتالي فإن ما ذكرته الطاعنة في هذا الشأن لا أساس
له من الواقع أو القانون جدير بالتفات عنه.
من حيث أنه في شأن ما أثارته النيابة الإدارية في الطعن رقم 1886لسنة 45ق.عليا من مخالفة
الحكم المطعون فيه للقانون فيما قضى به من مجازاة المطعون ضده الثاني بخصم ستة أيام
من أجره، والمطعون ضده الثالث بغرامة مقدارها ثلاثون جنيهاً، على الرغم من انتهاء خدمة
المطعون ضده الثاني، واستمرار عمل المطعون ضده الثالث بالخدمة وشغله لوظيفة بالدرجة
الثانية، الأمر الذي يمثل خروجاً صارخاً على أحكام المادتين 80و88من قانون نظام العاملين
المدنيين بالدولة، فإن الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد قضى بمجازاة المطعون
ضده الثاني بخصم ستة أيام من أجره، على الرغم من ثبوت انتهاء خدمته لإحالته إلى المعاش،
وبمجازاة المطعون ضده الثالث بغرامة مقدارها ثلاثون جنيهاً، على الرغم من أنه مازال
بالخدمة ويشغل وظيفة مدير إدارة المشتريات بالهيئة المذكورة بالدرجة الثانية، الأمر
الذي يشكل مخالفة لنص المادتين 80و88المشار اليهما، وهو ما يتعين معه إلغاء الحكم المطعون
فيه، والقضاء بمجازاتهما على الوجه الصحيح قانوناً.
ومن حيث أنه في خصوص ما أثارته النيابة الإدارية من أن الحكم المطعون فيه شابه اللين
عند تقدير الجزاء، فإنه لما كانت المخالفات التي نسبت إلى المطعون ضدهم الأول والثالث
والرابع والخامسة والمتمثلة في عدم قيامهم باتخاذ الإجراءات اللازمة أو متابعة تسوية
الرصيد المدين للهيئة مما أدى إلى تضخمه حتى وصل إلى المبالغ المذكور أنفاً، هي مخالفات
تنبئ عن الإهمال الجسيم في تأدية واجبات وظيفتهم المنوطة بهم بدقة وذلك بالنظر – للوهلة
الأولى – إلى حجم تلك المبالغ، كما أن المخالفة المنسوبة للمطعون ضده الثاني والمتمثلة
في عدم قيامه بأحكام الرقابة على مرؤوسيه "المطعون ضده الأول وأخر، ما أدى إلى ارتكابها
المخالفات المشار إليها أنفاً من الجسامة التي يجب مجازاته عنها بالجزاء الرابع إزاء
ثبوتها في حقه وبالنظر لحجم تلك المبالغ، واستهتاره في تأدية أعمال وظيفته الإشرافية
والرقابية، وبالتالي فإن الجزاءات التي قضى بها الحكم المطعون فيه لا تتناسب البتة
مع جسامة المخالفات المنسوبة إلى المطعون ضدهم.
ومن حيث أنه إزاء ما تقدم، فإن الأمر يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما
قضى به من مجازاة المطعون ضده الثاني بخصم ستة أيام من أجره وبمجازاة المطعون ضده الثالث
بغرامة مقدارها ثلاثون يوماً والقضاء بمجازاة الأول بغرامة تعادل ثلاثة أضعاف المرتب
الذي كان يتقاضاه قبل تركه الخدمة وبمجازاة الثاني بخصم شهر من أجره، والقضاء مجدداً
بمجازاة المطعون ضدهما الأول والرابع بخصم شهر من أجر كل منهما، ومجازاة المطعون ضدها
الخامسة بخصم خمسة وأربعون يوماً من أجرها.
ومن حيث أنه لما تقدم، وإذ ذهب الحكم الطعين إلى خلاف هذا المذهب، فإنه يكون خالف صحيح
القانون، الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه في الحدود المتقدمة، ويغدو الطن رقم 1886لسنة
45ق.عليا قائماً على سببه الصحيح أما الطعن رقم 1873لسنة 45ق.عليا مفتقراً إلى أساسه
الصحيح جديراً بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: أولاً: بقبول الطعن رقم 1873لسنة 45ق.عليا
شكلاً، ورفضه موضوعاً. ثانياً: بقبول الطعن رقم 1886لسنة 45ق.عليا شكلاً، وفي
الموضوع بإلغائه، والقضاء مجدداً بمجازاة المطعون ضدهم الأول والثالث والرابع بخصم
شهر من أجر كل منهم، ومجازاة المطعون ضده الثاني بغرامة تعادل ثلاثة أضعاف المرتب الأساسي
الذي كان يتقاضاه قبل تركه الخدمة، ومجازاة المطعون ضدها الخامسة بخصم خمسة وأربعون
يوماً من أجرها، على النحو المبين بالأسباب.
صدر هذا الحكم وتلى علناً بجلسة يوم السبت الموافق10/ 6/ 2006 الميلادية، الموافق 14جماد
الأول 1427الهجرية وبالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
