المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 4193 لسنة 51 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة- موضوع
بالجلسة المنعقدة برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق
راشد – نائب رئيس مجلس الدولة رئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق – نائب رئيس مجلس
الدولة
/ حسن كمال أبو زيد – نائب رئيس مجلس الدولة
/ د: عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر – نائب رئيس مجلس الدولة
/ د: محمد ماهر أبو العنين – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد حسنين عبد الواحد – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ يحيي سيد على – أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 4193 لسنة 51 ق. عليا
المقام من
رفعت كامل عبد النبي
ضد
النيابة الإدارية
طعناً في حكم المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية بجلسة 25/ 12/ 2004 في الدعوى رقم
32 لسنة 46 ق.
الإجراءات
في 13/ 1/ 2005 أقام وكيل الطاعن الطعن الماثل بإيداع صحيفته قلم
كتاب المحكمة مقرراً الطعن على الحكم سالف البيان والذي انتهت إلى مجازاة الطاعن بالعزل
من الوظيفة.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً ببراءة الطاعن
مما هو منسوب إليه.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو الوارد بالأوراق.
وقد انتهت هيئة مفوضي الدولة في تقريرها إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه
موضوعاً وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون وأمام هذه المحكمة وعلى النحو الثابت بمحاضر
الجلسات حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة
على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن واقعات الحكم المطعون فيه تخلص حسبما يظهر من الأوراق في أنه بتاريخ 16/
11/ 2003 أقامت النيابة الإدارية الدعوى الماثلة بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية
لرئاسة الجمهورية متضمنة تقرير اتهام ضد:
رفعت كامل عبد النبي المحامي بالإدارة القانونية بالهيئة العامة للنظافة والتجميل بالجيزة.-
درجة ثالثة لأنه خلال عامي 2001/ 2002 بوصفة السابق وبدائرة عمله المشار إليها خرج
على مقتضى الواجب الوظيفي وسلك مسلكاً لا يتفق وكرامة الوظيفة ولا يتفق والاحترام الواجب
بأن:
1- تلقى من بعض المواطنين 70 طلب تعيين وإعادة تعيين في وظيفة عمال موسميين بالهيئة
رغم عدم اختصاصه بذلك.
2- زور موافقات نائب رئيس الهيئة على طلبات التعيين المذكورة وسعى في تعيين مقدميها
حتى عينوا بالفعل في الهيئة بناء على تلك الموافقات المزورة.
3- تقاضي لنفسه من معظم أصحاب تلك الطلبات مبالغ مالية على سبيل الرشوة نظير تعيينهم
بالهيئة وذلك على النحو الموضح والمفصل بالأوراق.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكور تأديبياً وفقاً لنصوص المواد القانونية الواردة
بتقرير الاتهام.
وتدوولت الدعوى بالمحكمة المشار إليها وعلى النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة 25/
12/ 2004 أصدرت المحكمة حكمها القاضي بمجازاة الطاعن بالعزل من وظيفته وأقامت المحكمة
حكمها على ثبوت المخالفات في حقه من واقع الأوراق والتحقيقات وشهادة الشهود وانتهت
المحكمة إلى حكمها المطعون فيه.
ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله حيث إن التفتيش
الذي تم في مكتبه هو تفتيش باطل حيث كان واجبا أن يتم عن طريق عضو النيابة الإدارية
كما أن إحالته إلى المحاكمة التأديبية ورد باطلاً لأن قرار الإحالة كان واجبا ً أن
يصدر من وزير العدل كما أنه لم يتم إخطار المجلس الشعبي المحلي والذي يعد الطاعن أحد
أعضاءه كان واجباَ إخطاره بإجراءات التحقيق مع الطاعن وهو ما لم يتم فضلا عن عدم ثبوت
المخالفات المنسوبة إليه وأخيراً فإن الحكم المطعون فيه قد اتسم بالغلو وتوقيع الجزاء
على الطاعن.
ومن حيث إنه وعن الدفع المتعلق ببطلان إحالة الطاعن للتحقيق بمعرفة محافظ الجيزة فإنه
مردود عليه بأن هذه الإحالة تمت من السلطة المختصة بوصف أن المحافظ المذكور هو بمثابة
الوزير المشار إليه في قانون الإدارات القانونية والذي أوكل إليه القانون إحالة أعضاء
الإدارات القانونية للتحقيق بوصف أن محافظ الجيزة هو الرئيس الأعلى لهيئة نظافة الجيزة
وإذ تمت هذه الإحالة وتم التحقيق معه بمعرفة النيابة الإدارية والتفتيش الفني بوزارة
العدل فإن الإجراءات في مواجهته تكون قد تمت سليمة وإذا استقر قضاء هذه المحكمة على
أن عدم إخطار المجلس الشعبي المحلي بإجراءات التحقيق التي تباشر ضد عضو المجلس لا يعتبر
إجراءاً جوهرياً من شأنه إبطال التحقيق الذي يتم معه وعليه يتعين الالتفات عن الدفوع
المبداه منه في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه وعن الدفع ببطلان تفتيش مكتبه فإنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه
في تطبيق قانون النيابة الإدارية في المادة 59 منه فإن مكان العمل وما يحويه من موجودات
ملك للمرفق العام وليس ملكا خاصا للعاملين في المرفق – مؤدي ذلك: ليس لهذه الأماكن
وما بها من موجودات أية حصانة تعصمها من قيام الرؤساء بالإشراف عليها والتفتيش على
أعمال العاملين بها والإطلاع على الأوراق المتعلقة بالعمل ضمانا لحسن سير العمل على
وجه يكفل انتظامه واطراده بما تتحقق معه المصلحة العامة وعليه فإن تفتيش مكان العمل
وما يحويه حق أصيل للرؤساء ولا يجوز للعاملين أن يحبسوا الأوراق عن رؤسائهم متى طلب
منهم ذلك والقول بغير ذلك يؤدي إلى نتيجة غير مستساغة وهي أن تكون أوراق العمل خاضعة
لمحض سلطان العامل يتصرف فيها كيفهما شاء وهو ما يتنافى مع مقتضيات العمل وحسن سيره
ولا وجه للقول بأن التفتيش في هذه الحالة يتعين إجراؤه عن طريق عضو النيابة الإدارية
وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون النيابة الإدارية.
وأن هذه المادة وردت في مجال التحقيق ولا مبرر للتمسك بها في مجال التفتيش الإداري
الذي يباشره الرؤساء وفقا لاختصاصاتهم القانونية فضلا عن ذلك فإن هذه الفقرة لم تقصر
التفتيش على عضو النيابة الإدارية دون سواء فهو حق مقرر للجهة التي تتولى التحقيق سواء
كانت هذه الجهة هي النيابة الإدارية أم الجهة الإدارية بخلاف تفتيش أشخاص العاملين
ومنازلهم فلا يكون إلا بإذن من مدير النيابة الإدارية أو من يفوضه من الوكلاء العامين
– ما ورد بنص المادة من الدستور من أن للمساكن حرمة ولا يجوز دخولها ولا تفتيشها
إلا بأمر قضائي، وما ورد بنص المادة من قانون الإجراءات الجنائية من عدم جواز
دخول رجال السلطة إلى أي محل مسكون في الأحوال المبينة في القانون – هذا النصان لم
يرتبا البطلان على دخول الأماكن غير المسكونة مثل مكان العمل.
( حكم هذه المحكمة في الطعن رقم 948 لسنة 23 ق. جلسة 9/ 11/ 1985 )
وفي هذا الخصوص فإنه من ضوابط التفتيش الصحي أن يتم من السلطة المختصة وبمناسبة ولضرورة
إتمام التحقيق لكشف الأوراق والمستندات التي تعين على الوصول إلى الحقيقة في هذا الخصوص
ويتعين أن يتم التفتيش في حضور المتهم متى أمكن ذلك وعلى ذلك إذ كانت السلطة المختصة
بالتحقيق مع الطاعن هي النيابة الإدارية فإنه لا يجوز تفتيش مكتبه إلا بمعرفة هذه السلطة
وبمناسبة التحقيق الذي يتم معه في هذا الخصوص وإذا أرادت الجهة الإدارية لأسباب عدم
وجود المتهم في مكتبه أو تغيبه عنه الحصول على أوراق ومستندات يحفظ لها فلها أن تشكل
لجنة لهذا الغرض إلا أن اللجنة لا يكون من أهدافها الحصول على أوراق ومستندات تخص القضية
المتهم فيها الطاعن والبين من الأوراق أن الجهة الإدارية بمناسبة التحقيق في واقعات
تعيين بعض العمال المؤقتين بأوراق مزورة أصدرت قراراً بإيقاف الطاعن عن العمل وتشكيل
لجنة لجرد مكتبه وهو إجراء واضح أنه يعني تفتيش مكتبه في غيبته حيث توصلت اللجنةإلي
مستندات وأوراق تدين الطاعن فهذا التفتيش من ثم يعد باطلاً والأصل أن ما يبنى على باطل
فهو باطل وبالتالي فالأدلة المسندة على هذا التفتيش يتعين عدم الاعتداد بها.
ومن حيث إنه كذلك إلا أنه بين من الأوراق والتحقيقات أن الطاعن تعرض لهذه الأوراق والمستندات
في معرض دفاعه عن نفسه وعليه فإنه يتعين النظر إلى هذه الأوراق والمستندات في إطار
ما قدمه الطاعن بنفسه من أدلة نعى لها في إطار دفاعه عن نفسه في ظل الاتهامات الموجه
له بوصف أنه لم ينكر وجودها أو يجحدها ووجود أدلة أخرى على قيامه بتلقي هذه الطلبات
والتوسط لتعيين بعض العمال من الأقوال الواردة بالتحقيقات بعيداً عن هذا التفتيش الباطل
واعتراف الطاعن بذلك في أقواله.
ومن حيث إنه بين من الأوراق أن هناك أمرين أساسيين تود المحكمة الإشارة إليها الأول
هو وجود خلل مرفقى هائل في تعيين العمال الموسميين في هيئة النظافة بالجيزة فليست هناك
دوره مستندية محكمة لتعيين هؤلاء العمال والطلبات الخاصة بتعيينهم تسلم باليد إلى شئون
العاملين من هؤلاء العمال ذاتهم ( ص 25، ص 55 ) من التحقيقات أقوال مسئولي شئون العاملين
بتحقيقات النيابة الإدارية و ص 33 حيث أكد رئيس قسم التعيين أن التأشيرات المصطنعة
على طلبات التعيين كانت تسلم باليد من أصحاب الشأن أو تأتي في البوسته الواردة من مكتب
نائب رئيس الهيئة ) وأن أغلب هذه الطلبات تقوم على وساطه العاملين بالهيئة فضلاً عن
أن نائب رئيس الهيئة والتي كانت مزور هذه الطلبات بتوقيعها لها عن توقيعات حتى أنه
يقم على العاملين بشئون العاملين بمعرفة الصحيح منها بالباطل ( ص 25 من التحقيقات أقوال
رئيس قسم شئون العاملين وص 55 أقوال رئيس التعيينات ).
والأمر الثاني فصدر تحقيقات النيابة في حقوق الاتهامات الموجهة للطاعن فلا يمكن عنه
اتهام إليه بتزوير موافقات نائب رئيس الهيئة على طلبات التعيين المذكورة دون وجود شواهد
لهذا التزوير أو اعتراف المتهم به وهو أمر لم يحدث فلم يعترف المتهم بالتزوير ولم توضح
النيابة الإدارية شواهد هذا التزوير وعلى ذلك فإن القدر المتعين منه من الاتهامات الموجهة
للطاعن والثابت في حقه وفقا لما أفصحت عنه الأوراق أنه وضع نفسه موضع الشبهات في تلقيه
طلبات تعيين وإعادة تعيين من عمال موسمين للعمل بالهيئة رغم أنه غير مختص بذلك وهذا
القدر من الاتهام ثابت في حقه يقيناً من الأوراق والتحقيقات وما قرره بنفسه في التحقيق
من أنه يتلقى هذه الطلبات بوصفه عضو بالمجلس المحلي ص 43، 44 من التحقيقات وهذا الاعتراف
منه يجعل هذه الطلبات والتي تم اكتشافها بمعرفة اللجنة التي فتشت مكتبه تعد أوراقا
تدينه باعترافه حيث لم يدع ولها عليه واعترافه بصحتها ودفاعه عن وجودها من شأنه تأكيد
الاتهام بتوصيفه الجديد الذي أشرنا إليه حيث تصبح هذه الأدلة صحيحة بعيده عن التفتيش
الباطل الذي تم وعليه وعلى هذا القدر من الاتهام يتعين مجازاته حيث أن أدله تقاضه مبالغ
نظير هذه الطلبات أو التعيينات الباطلة التي تمت بالهيئة هي أدلة متناقصة يصعب القول
بصحتها حيث أنكر بعض المعينين بمقتضى هذه القرارات الباطلة دفع مبالغ للطاعن واقر بعضهم
الأخر بدفع مبالغ له مباشرة في حين أقر فريق ثالث لدفع مبالغ عن طريق وسيط وقرر فريق
رابع دفع المبالغ عن طريق أحد العاملين بالهيئة الذي ثبت عليه الاتهام بتلقي هذه المبالغ
وتمت مجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه ( طارق محمد حسين ) وعليه ومن حيث إنه كذلك
وعلى هذا القدر من الاتهام الثابت في حق الطاعن فإن القرار المناسب وهو الحرمان من
الترقية لمدة عام واحد ويكون جزاء العزل من الوظيفة غير مناسب مع ما أرتكبه من أفعال
ويتعين من ثم إلغاء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه والقضاء مجدداً بحرمان الطاعن من الترقية لمدة عام.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم السبت الموافق 29 من ربيع الآخر سنة 1427 ه الموافق
27/ 5/ 2006 بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
