الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 3820 لسنة 47 ق 0 عليا

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة

بالجلسة المنعقدة برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد إبراهيم زكى الدسوقي – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد ماهر أبو العينين – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ د. حسني درويش عبد الحميد – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ عصام محمود أبو العلا – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ يحيى سيد على – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 3820 لسنة 47 ق 0 عليا

المقام من

عبد القادر عطية إبراهيم النادي

ضد

النيابة الإدارية
في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 17/ 12/ 2000 في الطعن رقم 88 لسنة 28ق


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 23/ 1/ 2001 أودع نائب وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3820/ 47ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 17/ 12/ 2000 في الدعوى رقم 88/ 28ق والقاضي بمجازاة عبد القادر عطية إبراهيم النادي بوقفه عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إعادة الدعوى رقم 88 لسنة 28ق إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في موضوع الطعن انتهت – للأسباب الواردة فيه – إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة عبد القادر عطية إبراهيم النادي بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر ومجازاته بالوقف عن العمل لمدة شهر مع صرف نصف الأجر.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 24/ 4/ 2002، وبجلسة 29/ 8/ 2002 أودعت النيابة الإدارية مذكرة بدفاعها في الطعن الماثل، طلبت في ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وبجلسة 22/ 1/ 2003 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بهذه المحكمة لنظره بجلسة 12/ 4/ 2003 وبالجلسات التالية – على النحو الموضح بمحاضر جلساتها، وبجلسة 15/ 10/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر الموضوع يخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 16/ 12/ 1999 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 88/ 28ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة ضد – عبد القادر عطية إبراهيم النادي صراف بصيرافية عوايد ثان شربين بالدرجة الثالثة لأنه بتاريخ 27/ 4/ 1999 بدائرة محافظة الدقهلية خرج على مقتضى الواجب الوظيفي وسلك في تصرفاته مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة العامة بأن:
1- تعدي بالقول وحاول التعدي بالضرب على عبد العزيز محمد عوضين بمقر مأمورية بندر بلقاس – على النحو الموضح بالأوراق.
2- مزق أوراق التحقيق الإداري الذي أجراه معه عبد العزيز محمد عوضين عند إطلاعه عليه على النحو الموضح بالأوراق.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمته تأديبياً استناداً لأحكام المواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 17/ 12/ 2000 صدر الحكم المطعون فيه، وشيد قضاءه على أساس أن الثابت بالأوراق والتحقيقات التي أجرتها النيابة الإدارية أنه بمواجهة المتهم بما هو منسوب إليه أقر بصحة تمزيقه لأوراق التحقيق، ولكنه أنكر تعديه بالقول أو الفعل على عبد العزيز محمد عوضين. وبسؤال مصطفى لطفي مطاوع صراف بمأمورية ضرائب بلقاس العقارية قرر أنه أثناء وقوفه بصالة مأمورية بلقاس سمع صوت يرتفع يتلفظ بألفاظ سباب بالوالدين يقول (هوريك يا ابن الشرموطة)، وألفاظ من هذا القبيل فذهب إلى مصدر الصوت وهو مكتب عبد العزيز عوضين فوجد أن المتلفظ بهذه الألفاظ هو عبد القادر عطية إبراهيم وأنه – أي الأخير – قد أمسك بكرسي يحاول ضرب عبد العزيز عوضين – وبسؤال على أحمد محمد البنهان رئيس الربطة بالمأمورية قرر بمضمون ما قرره سابقه، وبسؤال أحمد عبد اللطيف محمد السيد مأمور ضرائب بالمأمورية قرر أنه أثناء جلوسه هو وعبد العزيز عوضين دخل عبد القادر عطية إبراهيم وطلب من عبد العزيز عوضين أوراق التحقيق الذي كان قد أجراه معه فسلمه الأوراق فقام عبد القادر عطية بتمزيق المحضر وهو ما يقول أنا مش موافق على هذا الكلام فبادر عبد العزيز عوضين بجذبها منه وأنه فوجئ بعبد القادر يقول لعبد العزيز (أنت بتضربني يابن الكلب) وحمل الكرسي وحاول ضربه وهو مستمر في سبه وشتمه.
وانتهت المحكمة إلى أن الاتهام المنسوب إلى المحال من أنه مزق أوراق التحقيق الإداري الذي أجراه معه عبد العزيز محمد عوضين وتعدي عليه بالقول وحاول التعدي عليه بالضرب، يكون بذلك ثابت في حقه ثبوتاً يقينياً على نحو يستوجب مجازاته عنه تأديبياً. وقضت بمجازاته بالعقوبة المشار إليها أنفاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل حاصله أن " الحكم المطعون فيه شابه الخطأ في تأويل القانون والغلو في تقدير الجزاء إذا استند الحكم المطعون فيه إلى أن الواقعة تبدأ من شكوى عبد العزيز محمد عوضين في 27/ 4/ 1999، في حين أن الشكوى مقدمة من الطاعن عبد القادر عطية إبراهيم من تعدي عبد العزيز محمد عوضين عليه بالضرب والسب ولم يشهد مع الشاكي أيا من استشهد بهم وذلك لوجود مانع أدبي لكون المشكو في حقه رئيسهم بالمأمورية، كما أن هناك تصالح بين الطاعن وعبد العزيز محمد عوضين بتاريخ 7/ 5/ 2000.
من حيث إن المخالفتين المنسوبتين للطاعن أولهما تمزيق أوراق التحقيق الإداري الذي أجراه معه عبد العزيز محمد عوضين والثانية تعديه بالقول ومحاولة التعدي على المذكور بالضرب، ثابتاتان في حقه باعترافه وبشهادة الشهود على النحو السابق إيراده، والتي لا شبهه ولا نزاع فيها، ولما كانت الأقوال والشهادات المتقدمة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها المحكمة في الحكم المطعون فيه بمسئولية الطعن، فمن ثم فإنه لا يكون هناك تثريب على الحكم في هذا الشأن.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى – على أنه ولئن كان للمحاكم التأديبية سلطة تحديد الجزاء المناسب بحسب تقديرها للذنب الإداري وجسامته وما يستأصله من عقاب في حدود النصاب المقرر، بغير معقب عليها في ذلك، إلا أن مناط مشروعية هذه السلطة – شأنها كشأن أية سلطة تقديرية أخرى، ألا يشوب استعمالها غلو.
ولما كان ذلك وكانت المخالفتين المنسوبتين للطاعن من الخطورة بمكان، ذلك أنها تمثل بطبيعتها إخلالاً جسيماً بواجبات الوظيفة وكرمتها، ولا تتفق ومقتضيات السلوك الوظيفي، الذي ينبغي أن يتحلى به الموظف العام، وتنم – بما لا يدع مجالاً للشك فيه – عن الاستهانة بالوظيفة ذاتها، وما تفرضه من احترام على القائمين بها، سواء من المتعاملين مع المرفق أو بغيرهم، ومن باب أولى، العاملين بالمرفق ذاته، وذلك بأن يسود الاحترام المتبادل فيما بينهم سواء فيما يتعلق بعلاقات العمل أو غيرها على نحو يضفى على الوظيفة العامة هيبتها واحترامها وذلك بحسبانها مظهراً من مظاهر السلطة العامة، والإخلال بهذا الاحترام إنما ينتقص من هذه الوظيفة، ومن قدر القائمين عليها، وبالتالي تكون العقوبة التي قضي بها الحكم المطعون فيه متناسبة مع جسامة المخالفتين اللتين التي ارتكبها الطاعن، وكان دقيقاً في ميزانه وسديداً في تقديره دون إفراط في الشفقة ولا تفريط في حق الجهاز الإداري، ويكون الطعن عليه بالغلو في تقدير العقوبة، غير قائم على أساس سليم من القانون.
والقول بغير ذلك يخل بالأوضاع الوظيفية، ويؤدي إلى الاضطراب في أداء المرفق ويعطل سير العمل فيه، ويهز ثقة المتعاملين معه، وهو ما ينعكس على حسن انتظام المرفق وفى اضطلاعه بواجباته المنوطة به.
ولا ينال من ذلك، ما أثاره الطاعن من خطأ الحكم المطعون فيه في تأويل القانون استناداً إلى الطاعن هو الذي تقدم بالشكوى وتعدي محمد عبد العزيز عوضين عليه بالضرب والسب، فذلك فإنه ولئن كان الطاعن هو مقدم الشكوى على الوجه سالف بيانه، إلا أن جميع شهود الواقعة قد نفوا في التحقيقات قيام عبد العزيز محمد عوضين بسب الطاعن أو ضربه، وأيدوا جميعهم – على النحو المشار إليه – بأن الطاعن هو الذي سب المذكور وحاول التعدي عليه، وأما ما أثاره الطاعن من أنه تصالح مع المذكور في 7/ 5/ 2005، فإن الأوراق قد خلت من ثمة دليل على ذلك، وأنه بافتراض حدوث ذلك، فإنه لا يكون مانعاً مؤاخذة الطاعن تأديبياً عما نسب إليه وثبت في حقه على النحو المتقدم بيانه، ذلك أن التأديب لا يستهدف زجر العامل عما ارتكبه من مخالفات تأديبية، بل وأيضاً وبوجه عام تأمين سير المرفق وانتظامه وحماية الوظيفة العامة.
وإذ ذهب الحكم المطعون ضده هذا المذهب، وخلص إلى النتيجة المتقدمة، فإنه يكون قد استقام مع صحيح حكم القانون، وبالتالي يغدو الطعن عليه – والحال كذلك – غير قائم على سند الواقع والقانون جدير برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة/ بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم السبت الموافق 17 من شوال 1426 ه الموافق 19/ 11/ 2005 م. بالهيئة المبينة بصدره.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات