الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 1582 لسنة 50قعليا

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن كمال أبو زيد – نائب رئيس مجلس الدولة
والدكتور/ عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر – نائب رئيس مجلس الدولة
و/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي – نائب رئيس مجلس الدولة
والدكتور/ حسنى درويش عبد الحميد – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ معتز أحمد شعير – مفوض الدولة
وحضور السيد/ يحيى سيد علي – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 1582 لسنة 50ق.عليا

المقام من

محمود علي محمود أبو العيد

ضد

النيابة الإدارية
طعناً في حكم المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بجلسة 17/ 10/ 2003 في الدعوى رقم 266لسنة 42ق


الإجراءات

في يوم الأحد الموافق 16/ 11/ 2003أودع الأستاذ/ عبد الحكيم عامر محمد المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1582لسنة 50ق.عليا، طعناً على الحكم المشار إليه، فيما قضى به من مجازاته بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر خلال مدة الوقف.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وجرى إعلان الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني، انتهت – للأسباب المبينة فيه – إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 24/ 12/ 2003 وبالجلسات التالية على النحو الموضح بمحاضرها، وبجلسة 14/ 12/ 2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 4/ 2/ 2006، وتدوول نظره بجلسات المحكمة، بجلسة 25/ 3/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر أودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وإتمام المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر الموضوع، تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 1/ 8/ 2000 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 266لسنة 42ق أمام المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها وتقرير اتهام ضد:
1- محمود على محمود أبو العيد أمين المخزن المالي، والمستديم بمديرية التربية والتعليم بالفيوم سابقاً وحالياً بقسم الرسائل العلمية بالمديرية – درجة أولى.
2- ………………………
لأنهما في المدة من عام 1987 حتى 25/ 2/ 92 بدائرة مقر عملهما السابقة وبوصفهما السالف لم يؤديا عملهما بأمانه وسلكا مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب مع كرامة وظيفتهما وخالفا القواعد والتعليمات المالية بما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن:
المحال الأول: تلاعب بأذون صرف الدفاتر 33ع.ح واستولى على عدد ست دفاتر منها فئة 40قسيمة ودفتر ونصف فئة 80قسيمة وقام بتحصيل مبالغ بمقتضى هذه الدفاتر.
تلاعب بأذون صرف استمارات التقدم للامتحانات المنصرفة للمدارس واستولى على مبلغ 21760 جنيهاً نتيجة التلاعب بأذون صرف الدفاتر 33ع.ح سالفة الإشارة واستمارات الامتحانات العامة.
تلاعب بأذون صرف العهد المستديمة، وذلك بالإضافة والتعديل والتحشير وتحرير أذون صرف وهمية واستولى على أصناف قيمتها 11134.4جنيه نتيجة هذا التلاعب.
المحال الثاني: ………………………
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكورين طبقاً للمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 27/ 1/ 2003أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها على أساس أن المخالفات المنسوبة إلى المحال الأول (الطاعن) قد جاءت جميعها ثابتة في جانبه على نحو ما جاء ببلاغ الجهة الإدارية وما انتهت إليه لجنة فحص أعمال المخزن المالي والمستديم عن الفترة من عام 1987 حتى 25/ 2/ 1992 وما سطر بتحقيقات النيابة الإدارية وما شهد به/ عبد المنعم عبد الرحمن عبد المنعم المفتش المالي بالمديرية المالية بالفيوم ورئيس اللجنة المذكورة من مسئولية المحال على المخالفات المنسوبة إليه وما خلصت إليه مذكرة النيابة العامة بالفيوم المؤرخة 24/ 1/ 2000 في القضية رقم 1180لسنة 1995 من ثبوت الاتهام المنسوبة إلى المحال والمتمثلة في اختلاس ما قيمته 32894.400جنيه، الأمر الذي يمثل في جانبه ذنباً إدارياً سيما وقد خلت الأوراق من ثمة دفع جدي من جانب المحال تنفي عنه الاتهامات المنسوب إليه، ومن ثم يتعين مجازاته تأديبياً مع أخذه بالشدة الرادعة بالنظر لجسامة المخالفة الثابتة في حقه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل، أن الحكم المطعون فيه قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وذلك على سند من القول بأنه سبق وأن أقام الدعوى رقم 261لسنة 29ق أمام المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم، وملحقاتها طعناً على قرار محافظ الفيوم والصادر بتحميله مبلغ 3289.40جنيه قيمة العجز وانتهت المحكمة إلى إلغاء القرار، وطعنت الجهة الإدارية على الحكم بالطعن رقم 5103/ 54ق.عليا أمام المحكمة الإدارية العليا، وقضت دائرة فحص الطعون برفض الطعن، هذا فضلاً عن أن الطاعن دفع بسقوط الدعوى تأديبية حيث أن اللجان المذكورة قد انتهت من إعمالها في 15/ 5/ 1995 ولم تحرك الدعوى التأديبية إلا بتاريخ 1/ 8/ 2000 أي بعد مضي أكثر من خمس سنوات بالمخالفة لنص المادة 91من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، كما دفع بعدم قبول الدعوى التأديبية لكونها وليدة إجراءات باطلة لأنه لا يوجد تحقيق من النيابة الإدارية وأن ما تم من تحقيق هو كان من قبيل النيابة العامة ولا تصلح سنداً للدعوى التأديبية.
ومن حيث إنه عن الموضوع، فيخلص فيما جاء ببلاغ الشئون القانونية بديوان عام محافظة الفيوم إلى النيابة الإدارية بكتابها رقم 203المؤرخ 15/ 5/ 1995 بشأن ما انتهت إليه اللجنة من أن قرار محافظ الفيوم رقم 305لسنة 1993 لفحص أعمال محمود علي محمود – المحال الأول – أمين مخزن المالي والمستديم بمديرية التربية والتعليم من وجود مخالفات مالية على النحو الثابت بتقرير اللجنة والتي انتهت إلى مسئولية المحال الأول والثاني وآخرين عن المخالفات الواردة بالتقرير وقد أرفق بالبلاغ تقرير مباحث الأموال العامة بمديرية أمن الفيوم المؤرخ 13/ 3/ 1995 والمتضمن فيه الواقعة بالمحضر رقم 1180لسنة 95إداري قسم الفيوم، وقد باشرت النيابة الإدارية تحقيقاً في الواقعة وانتهت إلى قيد الواقعة مخالفة مالية من جانب المحالين، وقد خلصت نيابة الأموال العامة إلى ثبوت الاتهام المنسوب للمحال الأول المتمثل في اختلاس ما قيمته 32894.400جنيه والاكتفاء بمجازاته تأديبياً لسداد كامل المبلغ وعليه خلصت النيابة الإدارية إلى طلب محاكمة المحالين تأديبياً على النحو الوارد تفصيلاً بتقرير الاتهام.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدي من الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، فإن المادة 101 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25لسنة 1968تنص على أن: "الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل يناقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لهذه الأحكام هذه الحجية، إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً".
ويشترط في المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها:
أولاً: أن تكون المسألة واحدة في الدعويين.
ثانياً: أن تكون المحكمة قد فصلت في موضوعها بحيث تستقر حقيقتها بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً.
ثالثاً: أن تكون ذات المسألة هي موضوع الدعوى الثانية من أي الطرفين قبل الآخر.
ومن حيث إنه بإعمال ما تقدم على واقعات النزاع، يبين أن الثابت من الأوراق أن الطاعن سبق وأقام الدعوى رقم 261لسنة 29ق، بموجب صحيفة أودعت قلم المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بتاريخ 9/ 4/ 1995، طالباً في ختامها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه، والصادر بتاريخ 18/ 6/ 1994 بتحميله بمبلغ 32894.400جنيه بخلاف الفوائد القانونية والمصاريف مما نسب إليه بتقرير اللجنة التي قام محافظ الفيوم المطعون ضده الأول بتشكيلها بجرد عهدة المذكور عقب ورود مناقضة من الجهاز المركزي للمحاسبات على أعمال الطاعن وقد انتهت اللجنة من أعمالها إلى تحميله بالمبلغ المشار إليها، فأصدرت الجهة الإدارية القرار المطعون فيه استناداً إلى ما نسب إليه من استيلائه على ما بعهدته والتي قدرتها اللجنة المشكلة لذلك بمبلغ 32894.400جنيه، وبجلسة 27/ 5/ 1996 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار تأسيساً على أن الثابت بالأوراق أن الجهة الإدارية لم تجر أي تحقيق مع الطاعن سواء بمعرفتها أو بمعرفة النيابة كما لم يصدر حكم أو قراراً تأديبي ينسب إلى الطاعن ثبوت مخالفة معينة في حقه، ومن ثم فإنه لا يجوز التعويل على قرار اللجنة بثبوت المديونية، كما لم يثبت من الأوراق مصدر إلزام الطاعن بهذه المبالغ على نحو يوجب الجهة الإدارية التنفيذ المباشر، وبناء على ذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر غير محمول على سببه الذي يبرره قانوناً ما يتعين معه الحكم بإلغائه.
وقد أقامت الجهة الإدارية الطعن رقم 5103لسنة 42ق طعناً في الحكم المشار إليه وقضت المحكمة الإدارية العليا (دائرة الفحص) بجلسة 23/ 6/ 1999 برفض الطعن.
ولما كان ذلك كذلك وكانت الدعوى رقم 266لسنة 43ق، قد أقيمت من النيابة الإدارية ضد الطاعن لمساءلته تأديبياً عن المخالفات المسندة إليه على النحو السالف بيانه، ومن ثم فإن الدعويين يختلفان في أطراف الخصومة، وفي موضوعها محلاً وسبباً، وبالتالي فإن الدفع المبدي بعدم جواز نظر الدعوى رقم 266لسنة 42ق لسابقة الفصل فيها يكون غير قائم على أساس صحيح القانون جدير بالالتفات عنه.
ومن حيث أنه عن الدفع بسقوط الدعوى التأديبية بمضي المدة، فإن الثابت من الأوراق أن الواقعة المنسوبة للطاعن – على ما انتهت إليه النيابة العامة (نيابة قسم الفيوم) في المحضر رقم 1180لسنة 1995 إداري قسم الفيوم، رقم 128لسنة 1995، حصر تحقيق. تشكل الجناية المؤثمة بالمواد 112/ أ.ب، 118، 119/ أ، 119مكرر/ أ من قانون العقوبات (اختلاس مال عام)، ومن ثم فإنه طبقاً لنص الفقرة الرابعة من المادة 91من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47لسنة 1978 – لا تسقط الدعوى التأديبية إلا بسقوط الدعوى الجنائية أي بمضي عشر سنين من يوم وقوع الجريمة، طبقاً لنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية.
ولما كان الثابت من الأوراق أن الواقعة المنسوبة للطاعن قد تمت في 1993 وبدء التحقيق معه في 1/ 6/ 1995، على التفصيل السابق، أي قبل مضي مدة السقوط، فمن ثم يكون الدفع بسقوط الدعوى التأديبية بمضي المدة لا أساس له من الواقع والقانون جدير بطرحه جانباً.
ومن حيث إنه عن المخالفات المنسوبة للطاعن على النحو السالف بيانه، فهي ثابتة في حقه من تقرير لجنة الفحص المشكلة بقرار محافظ الفيوم المشار إليها لفحص أعمال الطاعن، وباعترافه بتحقيقات النيابة العامة في قضيتها رقم 1180لسنة 1995 سالفة البيان، وأنه أبدى استعداده لسداد المبالغ محل الاختلاس، الأمر الذي يشكل في حقه ذنباً إدارياً قوامه عدم أداء العمل المنوط به بأمانة، وسلوكه مسلكاً لا يتفق وكرامة الوظيفة والخروج على مقتضى الواجب الوظيفي مما يستوجب مجازاته تأديبياً.
ولا ينال من ذلك ما آثاره الطاعن بتقرير طعنه بعدم قبول الدعوى التأديبية لكونها وليدة إجراءات باطلة إذ لم تفرد النيابة الإدارية تحقيقاً مع الطاعن واكتفت بتحقيقات النيابة العامة، ذلك أن النيابة الإدارية قد أجرت تحقيقاً في قضيتها رقم 50لسنة 2000فيوم، وانتهت إلى ثبوت المخالفات في حق الطاعن وطلبت إحالته إلى المحاكمة التأديبية، ولا تثريب عليها إن هي اكتفت بما أجري معه من تحقيقات في النيابة العامة في القضية رقم 1180لسنة 1995، وذلك بحسبان أن هذه التحقيقات تعد جزءاً من أوراق الدعوى، وأن الطاعن أقر فيها بمسئوليته عن هذه المخالفات مما لا وجه معه لمعاودة تحقيق معه مرة ثانية.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى هذا المذهب، فإنه يكون صادف صحيح حكم القانون، ويغدو الطعن عليه – والحال كذلك – غير قائم على محله خليق بالرفض.
ومن حيث أن هذا الطعن معفى من المصروفات طبقاً لنص المادة 90من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47لسنة 1978.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم السبت الموافق10/ 6/ 2006 الميلادية، الموافق 14جماد الأول 1427الهجرية وبالهيئة المبينة بصدره.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات