المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 13089 لسنة 51 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة
الجلسة العلنية المنعقدة علنا بالمحكمة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ حسين على شحاتة السماك – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عطية عماد الدين نجم – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ بهاء الدين يحي احمد زهدي – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عصام أبو العلا – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ محمد حسن – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
فى الطعن رقم 13089 لسنة 51 ق. عليا
المقام من
زينب محمد يوسف
ضد
رئيس هيئة النيابة الإدارية بصفته
فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوي الإدارة العليا فى الدعوى رقم 58 لسنة
45ق بجلسة 16/ 3/ 2005
الإجراءات
بتاريخ 14/ 5/ 2005 أودع وكيل الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية
العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 13089 لسنة 45ق عليا طعنا فى الحكم الصادر
من المحكمة التأديبية لمستوي الإدارة العليا فى الدعوى رقم 58 لسنة 45ق بجلسة 16/ 3/
2005 فيما قضي به من مجازاة الطاعنة بغرامة تعادل ثلاثة أضعاف الأجر الأساسي الذي كانت
تتقاضاه فى الشهر عند انتهاء الخدمة.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلا، ورفضه موضوعا.
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وعلى النحو الموضح بمحاضر جلساتها، حيث أودع الحاضر
عن الطاعنة بجلسة 13/ 12/ 2006 حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من عقد المقاولة
المؤرخ 22/ 6/ 1995 وبجلسة 24/ 1/ 2007 أودع الحاضر عن النيابة الإدارية مذكرة خلصت،
للأسباب الواردة بها، إلى طلب قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وبجلسة 24/ 1/ 2007 قررت
الدائرة إحالة الطعن إلي المحكمة الإدارية العليا.
وتدوول الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث
أودع الحاضر عن الطاعنة بجلسة 24/ 3/ 2007 مذكرة خلص، للأسباب الواردة بها، إلى طلب
الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه مع كافة آثاره والحكم
ببراءة الطاعنة مما نسب إليها مع تحميل الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
وبجلسة 12/ 5/ 2007 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم لجلسة 2/ 7/ 2007 وبها قررت المحكمة
فتح باب المرافعة لتغيير التشكيل، وبذات الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن للحكم لجلسة
2/ 9/ 2007، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته علي أسبابه لدي النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن قد أستوفي أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن وقائع الطعن تخلص – حسبما يبين من الأوراق – انه بتاريخ 9/ 2/ 2003 أقامت
النيابة الإدارية الدعوى رقم 58 لسنة 45ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية
لمستوي الإدارة العليا، مشتملة على تقرير اتهام ومذكرة بأسانيده ضد/ زينب محمد يوسف
مراقب عام حسابات وزارة المالية بوزارة الشباب ضمن آخرين، وذلك لأنها خلال الفترة من
عام 1995 حتى 1999 لم تؤد العمل المنوط بها وخالفت أحكام القوانين واللوائح المعمول
بها بأن:
1- صرفت مبلغ مليون جنيه كدفعات مقدمة للمقاول دون وجه حق على النحو الموضح بالأوراق.
2- صرفت مبلغ 30904 جنيه دون وجه حق للمقاول رجب صديق على النحو المبين بالأوراق.
وارتأت النيابة الإدارية أن المحالة ارتكبت المخالفات المالية المنصوص عليها فى المواد
76/ 1، 77/ 3، 78/ 1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم
47 لسنة 1978 وتعديلاته وطلبت محاكمتها تأديبيا طبقا لأحكام المواد سالفة الذكر والمواد
الأخرى المنصوص عليها بتقرير الاتهام.
وبجلسة 16/ 3/ 2005 حكمت المحكمة التأديبية لمستوي الإدارة العليا بمجازاة الطاعنة
بغرامة تعادل ثلاثة أضعاف الأجر الأساسي الذي كانت تتقاضاه فى الشهر عند انتهاء الخدمة،
حيث شيدت هذا القضاء على أن الثابت من الأوراق والتحقيقات واعترافها، وأنها قامت بصرف
دفعات مقدمة إلى المقاول، على النحو الموضح بالحكم، رغم خلو العقد من نص يبرر هذا التصرف
ودون وجود أعمال منفذة يستحق عنها الصرف، كما قامت المذكورة بالموافقة على صرف مبلغ
بالزيادة عن المستحق للمقاول يقدر ب ( 30904 جنيها )، فبهذه المثابة تكون مخلة بواجباتها
الوظيفية وينعى موآخذتها تأديبيا.
ومن حيث إن مبني الطعن على الحكم المطعون فيه هو انعدام التسبيب ومخالفة القانون والإخلال
بحق الدفاع وبطلان الحكم، وذلك على سند أن المحكمة التأديبية لم تستمد الدليل من وقائع
تطمئن إليها، وإنما ارتكبت إلى الوصف الذي أسبقته النيابة الإدارية على الوقائع المنسوبة
إليها دون تسبيب حكمها، فضلا عن إخلالها بحق الدفاع بما يبطل حكمها.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على انه " من المبادئ الأساسية والمسئولية
العقابية سواء أكانت جنائية أم تأديبية، وجوب الثبوت اليقيني لوقوع الفعل المؤثم، وأن
يقوم ذلك على توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها فى ارتكاب المتهم للفعل
المنسوب إليه، ولا يسوغ قانونا أن تقوم الإدانة على غير أدلة أو على أدلة مشكوك فى
صحتها أو دلالتها، وإلا كانت تلك الإدانة مزعزعة الأساس متناقضة المضمون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أدان الطاعنة على الأسباب سالفة البيان، فى حين أنه
بمطالعة العقد، والذي نسب إليها بشأنه خلوه من نص يبرر قيام الطاعنة بصرف دفعات مقدمة،
يكشف البند الثامن منه، والذي ينص صراحة على جواز صرف دفعات مقدمة على عدم صحة هذا
الزعم، بما يرتب سلامة صرف دفعات مقدمة للمقاول، بما لا يجوز معه نسبه أي اتهام للطاعنة
فى هذا الشأن، بحسبان أن إقرارها بالصرف أو اعترافها – كما ذهب إليه الحكم المطعون
فيه – لا يدلل على إدانة وإنما يؤكد على حق. هذا فضلا عن أن طبيعة الدفع المقدم فى
عقود المقاولات لا تتطلب بالضرورة وجود أعمال منفذة يستحق عنها المقاول هذا الصرف،
بل أن القول بغير ذلك يكشف عن قدم استيعاب أو إدراك الطبيعة عقود المقاولات، خاصة فيما
ذهبت إليه النيابة الإدارية وسايرها فى ذلك الحكم المطعون فيه وبل وركن إليه دون تمحيص
أو تسبيب يتفق مع ما تستخلصه الأوراق من دلائل تفند الاتهام وليس العكس، ومن ثم فان
ما أورده الحكم المطعون فيه، عند نسبة الاتهام للطاعنة من قيامها وباعترافها أنها صرفت
دفعات مقدمة إلى المقاول رغم خلو العقد من نص يبرر ذلك ودون وجود أعمال منفذة يستحق
عنها الصرف، يعد متناقضا مع التحصيل الصحيح للواقع ومع الإدراك السليم لطبيعة عقود
المقاولات وعدم استيعاب للإدارات المالية المرتبطة بهذه التعاقدات، وهكذا يضحي الحكم
المطعون فيه مفتقرا إلي أسباب سائغة تؤيد إدانته للطاعنة بل أن ما أورده من أدلة، على
النحو سالف البيان، قد ورد متناقضا فى المضمون بما يبطل إدانة الطاعنة فى هذا الشأن.
أما بالنسبة لما نسب للطاعنة من موافقتها على صرف مبلغ بالزيادة عن المستحق للمقاول
يقدر ب ( 30904 جنيها )، فان الثابت من الأوراق أن الطاعنة كانت تشغل وظيفة مراقب عام
حسابات وزارة المالية ومندوب وزارة المالية وأن ثمة من يسبقها فى تحرير المستخلص ومراجعته،
إلا أنها بحكم وظيفتها يسند لها أمر مراجعة كافة مستخلصات المقاول، بل كل مقاولي الجهة
الإدارية المنتدبة إليها لجميع تعاقدات تلك الجهة، وتخلص تلك المراجعة المنوط بها فى
استيفاء البيانات ومبالغها وإضافاتها وخصوماتها…. وهكذا، فهي عملية فنية وأن كان
يسأل عنها أساسا محررها ومراجعها الأول، إلا أن الطاعنة وهي المراجعة النهائية تسال
عنها رغم ما ورد على هذا المستخلص من موافقة رئيس قطاع الشئون المالية على الصرف وكذلك
ما أكده السيد/ عصمت محمد عبد الباقي من مداركة هذه الزيادة وذلك بخصمها من مستحقات
المقاول، إلا أن كل ذلك ينبأ عن أن خطأ الطاعنة، فى الحالة الماثلة، بل فى مستخلصات
عقود المقاولات، يسمي بالخطأ الشائع الذي يمكن تداركه ومثله مثل الخطأ اليسير الذي
يرتكبه الموظف خلال ممارسته اليومية لعمله، وحكمه هو تجاوز الجهة عن مسالته بشأنه،
إلا انه فى حالة الطاعنة وقد نسب إليها هذا الخطأ فلا يمكن التجاوز عن مسألتها باعتباره
خطأ، والصحيح انه يحتمل وقوعه أكثر من مرة طالما ثمة مستخلصات عدة تحرر وتراجع وتعتمد
وتصرف، فهو واقع لا فكاك منه، إلا انه وبالمقابل، كما أسلفنا، وطالما انه من الأخطاء
الشائعة التي يمكن تداركها، فقد وفر فى يقين المحكمة فى شأن الطاعنة وبهذه الواقعة
وبعد مداركة ما صرف بالزيادة وتحصيله من مستحقات المقاول، أنها ظروف ترفع عنها ما قدره
الحكم المطعون فيه من جزاء لها، بل تذهب المحكمة إلى التجاوز عن نسبة خطأ للطاعنة مما
يبرأ ساحتها من هذا الاتهام.
ومن حيث انه فى ضوء ما تقدم من أسباب، وقد ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، يضحي
جديرا بالإلغاء فيما تضمنه من مجازاة الطاعنة بغرامة تعادل ثلاثة أضعاف الأجر الأساسي
الذي كانت تتقاضاه فى الشهر عند انتهاء الخدمة، والقضاء مجددا ببراءتها مما نسب إليها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً, وفى الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعنة، والقضاء مجددا ببراءتها مما نسب إليها 0
صدر هذا الحكم وتلي علينا بجلسة يوم السبت الموافق سنة 1428 ه الموافق 3/ 9/ 2007 بالهيئة
المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
