أصدرت الحكم الآتيلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل
صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر – نائب رئيس
مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشارالدكتور/ محمد ماهر أبو العينين – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد عبد الحميد نوير – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / يحيى سيد علي – أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الطعون أرقام 11561، 11859، 11937، 11950 لسنة 48 ق
المقامة من
أولهم من: أمينة عزت داود الحريري والثاني من: محمود عبد الحميد
محمود
والثالث من: محمد عبد الرازق عبد الرحمن والرابع من: عبد العظيم أحمد محمد حسن
ضد
النيابة الإدارية في حكم المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 5/ 6/ 2002 في الدعوى رقم 3 لسنة 44القضائية
الإجراءات
بتاريخ 24/ 7/ 2002 أودع الوكيل عن الطاعنة الأولى قلم كتاب المحكمة
تقرير الطعن المقيد برقم 11561 لسنة 48ق في الحكم المشار إليه والقاضي بمجازاتها: بغرامة
تعادل ثلاثة أضعاف الأجر الأساسي الذي كانت تتقاضاه عند انتهاء خدمتها.
وطلبت الطاعنة – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء
حكم أول درجة والقضاء مجدداً ببراءتها مما أسند إليها.
وبتاريخ 30/ 7/ 2002 أودع الوكيل عن الطاعن الثاني قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن المقيد
برقم 11859 لسنة 48ق في الحكم المشار إليه والقاضي بمجازاة الطاعن باللوم.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء
الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً ببراءته مما أسند إليه وما يترتب على ذلك من آثار.
وبتاريخ 1/ 8/ 2002 أودع الوكيل عن الطاعن الثالث قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن المقيد
برقم 11937 لسنة 48 ق في الحكم المشار إليه القاضي بمجازاة الطاعن باللوم.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء
الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن باللوم عن المخالفة الثانية التي نسبت
إليه.
وبتاريخ 1/ 8/ 2002 أودع الوكيل عن الطاعن الرابع قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن المقيد
برقم 11950 لسنة 48ق في الحكم المشار إليه والقاضي بمجازاة الطاعن: بغرامة تعادل الأجر
الأساسي الذي كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء
الحكم المطعون فيه وببراءته ما هو منسوب إليه.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه: أولاً: قبول الطعون أرقام
11859، 11937، 11950 لسنة 48ق شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء
مجدداً ببراءة الطاعنين مما هو منسوب إليهم مع ما يترتب على ذك من آثار.
ثانياً: قبول الطعن رقم 11561 لسنة 48ق شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعون أمام دائرة فحص الطعون جلسة 26/ 9/ 2004 وبجلسة 12/ 1/ 2005 قررت
الدائرة إحالة الطعن على دائرة الموضوع – الرابعة عليا- لنظره بجلسة 19/ 3/ 2005 ونظرت
المحكمة الطعن بهذه الجلسة وبالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة
18/ 6/ 2005 قررت المحكمة الحكم في الطعون بجلسة اليوم ومذكرات أسبوعية وبها صدر الحكم
وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعون أقيمت في الميعاد القانوني واستوفت أوضاعها الشكلية.
من حيث إن عناصر النزاع تخلص – حسبما تبين من الأوراق – في أن النيابة الإدارية أقامت
الدعوى التأديبية رقم 3 لسنة 44ق بإيداع أورقاها قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى
الإدارة العليا متضمنة تقريرا باتهام ضد كل من:
1. أحمد سمير محمد علي الشقنقيري: نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للسلع التموينية
سابقا وبالمعاش من 15/ 3/ 2000 الدرجة الممتازة.
2. محمد عبد الرازق عبد الرحمن: رئيس الإدارة المركزية لمتابعة الاستلام بالهيئة سابقاً-
وحالياً نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للسلع التموينية بالدرجة الممتازة.
3. أمينة عزت داود الحريري: رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية بالهيئة
سابقاً وحالياً بالمعاش اعتباراً من مايو 2001 بالدرجة العالية.
4. محمود عبد الحميد محمود: مدير عام المراجعة سابقاً وحالياً رئيس الإدارة المركزية
للشئون المالية والإدارية بالهيئة العامة للسلع التموينية بدرجة وكيل وزارة.
5. عبد العظيم أحمد محمد حسن: مدير إدارة المراجعة بالهيئة سابقاً وحالياً بالمعاش
اعتباراً من 21/ 1/ 2001 مدير عام وذلك لأنهم خلال عام 1999 بدائرة عملهم وبصفتهم السابقة:
لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة ولم يحافظوا على أموال الجهة التي يعملون بها وأخلوا
بميزانية الدولة خارجين بذلك على مقتضى الواجب الوظيفي، بأن:
الأول: 1- أعد مذكرة للعرض على السيد الدكتور نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة
ضمنها موافقة الهيئة على تحمل قيمة الغربلة وإعدام النواتج بشأن الرسالة محل التحقيق،
دون التأكد من قيام الشركة العامة للصوامع والتخزين من اتخاذ الإجراءات القانونية ضد
الناقل البحري والمورد مما تعذر معه الرجوع على المورد والناقل البحري، والأضرار بمالية
الدولة على النحو الموضح بالأوراق.
2 وافق على إعادة توجيه السفينة "الكيوس تريونف" من ميناء الدخيلة إلى ميناء دمياط
مما حمل ميزانية الهيئة مبالغ مالية دون وجه حق والأضرار بميزانية الدولة على النحو
الموضح بالأوراق.
الثاني: 1 أعد مذكرة للعرض على الأول طلب فيها إعادة الباخرة: الكيوس تريونف" من ميناء
الدخيلة إلى ميناء دمياط، مما ترتب عليه تحميل ميزانية الهيئة بمصاريف إعادة توجيه
تلك السفينة وغرامة التأخير، مما أضر بالمال العام على النحو الموضع بالأوراق.
2 قعد عن اتخاذ أي إجراء قانوني فور اكتشاف المخالفات الواردة بالشحنة محل التحقيق
من تاريخ اكتشافها حتى تاريخ عودة نائب رئيس الهيئة من الخارج، مما حمل ميزانية الهيئة
مبالغ مالية متمثلة في غرامة تأخير التفريغ وذلك خلال الفترة من 8/ 6 حتى 14/ 6/ 1999
على النحو الموضح بالأوراق.
3 قعد عن حيث المختصين بالشركة العامة للصوامع والتخزين على اتخاذ الإجراءات القانونية
حيال الناقل البحري والمورد رغم علمه بوجود مخالفات بالشحنة محل التحقيق مما أضر بالمال
العام وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.
الثالثة: وافقت على صرف قيمة مصاريف إعادة توجيه الباخرة (الكيوس) وغرامة التأخير من
ميناء دمياط إلى ميناء الدخيلة وكذلك مصاريف التبخير دون سند قانوني، مما اضر بالمال
العام.
الرابع: وافق على مذكرة صرف قيمة إعادة الباخرة (الكيوس) من ميناء دمياط إلى ميناء
الدخيلة وغرامة التأخير وقيمة التبخير دون سند قانوني أو من التعليمات مما أضر بالمال
العام.
الخامس: أعد مذكرة لصرف قيمة إعادة توجيه الباخرة (الكيوس) من ميناء دمياط إلى ميناء
الدخيلة وغرامة التأخير وقيمة التبخير دون سند من القانون أو التعليمات مما أضر بالمال
العام وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكورين طبقاً للمواد الواردة بتقرير الاتهام.
ونظرت المحكمة الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 5/ 6/ 2002 أصدرت حكمها
المطعون فيه وقضت فيه: بعدم اختصاصها بنظر الدعوى بالنسبة للمحال الأول. وبالنسبة للمحال
الثاني: محمد عبد الرازق عبد الرحمن، برأته المحكمة ما نسب إليه في المخالفتين الأولى
والثانية الواردة بتقرير الاتهام، وأدانته عن المخالفة الثانية والمتمثلة في أنه: لم
يتخذ أي إجراء قانوني فور اكتشافه للمخالفات الواردة بالشحنة محل التحقيق حتى تاريخ
عودة نائب رئيس الهيئة من الخارج مما حمل ميزانية الهيئة بمبالغ مالية متمثلة في غرامة
التأخير في التفريغ خلال المدة من 8/ 6 حتى 14/ 6/ 1999، وذلك لما هو ثابت من أن المحال
المذكور كان يشغل وظيفة رئيس الإدارة المركزة للاستعلام بهيئة السلع التموينية، وهي
الإدارة المنوط بها متابعة كافة إجراءات رسائل القمح بعد وصولها أي مواني الجمهورية،
وأنه قد اتصل علمه بموقف السفينة (الفيوس) اعتباراً من 7/ 6/ 1999 تاريخ قرار الحجز
الزراعي بميناء دمياط لوجود حشرات حية وميتة وبذرة القطن بالرسالة، وإجراء عملية التبخير
بجرعة مركزة داخل السفينة، ثم قرار الحجر الزراعي بتاريخ 8/ 6/ 1999 برفض الإفراج عن
الرسالة وحظر تفريغها إلا بعد ورود تعليمات أخرى، وأن النية كانت تتجه لإعادة تصدير
الرسالة بما من شأنه خسارة الدولة لقيمتها والتي تبلغ حوالي 24 مليون جنيه وبالرغم
من ذلك فإن المحال الثاني لم يحرك ساكناً، ولم يتخذ ثمة إجراء أو مخاطبة المسئولية
سواء بوزارة التموين أو بوزارة الزراعة أو بالشركة العامة للصوامع والتخزين خلال الفترة
من 8/ 6 حتى 14/ 6/ 1999 مما ترتب عليه تحميل الهيئة بغرامة التأخير عن هذه المدة،
ومن ثم تكون هذه المخالفة ثابتة في حق المحال الثاني.
وأضافت المحكمة في حكمها أنه لا ينال مما تقدم ما دفع به المحال (الثاني) مسئوليته
عن هذه المخالفة من أنه لم يدخر جهداً في سبيل حل المشكلة من تاريخ وصول السفينة حتى
تراكبها بميناء الدخيلة لتفريغها، وان الإجراءات التي اتخذها تمثلت في الاتصال بالحجر
الزراعي للموافقة على تفريغ الرسالة تحت التحفظ بتاريخ 9/ 6/ 1999 ومقابلته لرئيس الإدارة
المركزية للحجر الزراعي بتاريخ 12/ 6/ 1999 لهذا الغرض والاتفاق مع الشركة العامة للصوامع
والتخزين بتاريخ 13/ 6/ 99 على توجيه الباخرة إلي ميناء الإسكندرية وتخفيف 5000 طن
وإعداده مذكرة بتاريخ 14/ 6/ 1999 للعرض على وزير التموين الذي طلب منه إرجاء المذكرة
لحين عودة نائب رئيس الهيئة للسلع التموينية في اليوم التالي، وأن عدم التصرف من جانب
المسئولين بالهيئة سببه عدم قيام نائب رئيس الهيئة بتعيين من ينوب عنه خلال فترة أجازته
أو تغيبه عن العمل، ذلك أن ما قرره المحال في هذا الشأن جاء مجرد أقوال مرسلة خالية
من ثمة دليل يؤيدها فضلاً عن أن صميم عمل المحال هو متابعة رسائل القمح الواردة للعملاء
والعمل على حل كافة المشاكل التي تعترضها دون وجود تفويض بذلك من نائب رئيس الهيئة
حيث أن ذلك من اختصاصه ومن صميم عمله المنوط به تأديته.
وقضت المحكمة التأديبية بمجازاة المحالة الثالثة والمحال الخامس بالغرامة ومجازاة المحال
الرابع باللوم عما نسب إليهم، وأقامت قضاءها على إن الثابت أن المحالين الرابع والخامس
أعدا مذكرتين، الأولى بتاريخ 24/ 6/ 1999 لصرف مصاريف إعادة توجيه السفينة (الفيوس)
من ميناء دمياط إلى ميناء الدخيلة بمبلغ 148128.75 جنيهاً حيث وافقت المحالة الثالثة
على صرف هذا المبلغ، والمذكرة الثانية بتاريخ 4/ 11/ 1999 لصرف غرامات التأخير بمبلغ
860618.15 جنيهاً، حيث وافقت المحالة الثالثة على صرف هذا المبلغ بتاريخ 7/ 11/ 1999،
أما مصاريف التبخير فتتم المحاسبة عليها من لجنة المطابقات والثابت أنه لم يتم عرض
مذكرات صرف المبلغ المشار إليها على نائب رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية للموافقة
على صرفها من عدمه باعتباره السلطة المختصة بذلك، ومن ثم تكون المخالفة المتمثلة في
صرف المبالغ المشار إليها بمذكرات الصرف الموقعة والمعتمدة من المحالين الثلاثة دون
سند من القانون ودون وجود تعليمات بالصرف، ثابتة في حقهم، ويتعين مجازاتهم تأديبياً
عنها.
ولا ينال مما تقدم ما دفع به المحالان الرابع والخامس مسئوليتها من موافقة المحالة
الثالثة على الصرف ذلك أنه كان يجب عليهما بصفتهما المختصين بالمراجعة التأكد من موافقة
نائب رئيس الهيئة باعتباره السلطة المختصة بالموافقة على الصرف.
كما لا ينال مما تقدم أيضاً ما دفعت به المحالة الثالثة مسئوليتها من أن موافقتها على
الصرف، بموجب الصلاحيات المخولة لها قانوناً، ذلك أن المحالة لم تقدم ثمة دليل على
اختصاصها بالموافقة على الصرف إن ما قرره/ محمد عبد الرازق عبد الرحمن من ضرورة عرض
الأمر على نائب رئيس الهيئة للموافقة على الصرف يدحض ما قررته المحالة.
ومن حيث مبنى الطعن رقم 11561 لسنة 48ق المقام من المحالة الثالثة/ أمينة عزت داود
الحريري أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال
بحق الدفاع لما يأتي:
أولاً: أن عدم الموافقة على تحويل الشحنة إلى ميناء الإسكندرية سوف يضع على عاتق الدولة
قيمتها بالكامل والتي تقدر ب 24 مليون جنيه إضافة على أنه طبقا للقواعد المعمول بها
في كافة المواني البحرية أنه تكون هناك مدة سماح لبقاء السفن للتفريغ وألا ستوقع الغرامات
المتعارف عليها وهو ما يعني أنه لابد اتخاذ قرار في هذا الشأن، كما وأن قيمة الغرامات
سوف ترفع في كافة الأحوال ولا يمكن التنصل من ذلك تحت أي مسمى، وعليه فإنه بالنظر إلى
ما قامت به الطاعنة، فقط وافقت على صرف قيمة مصاريف توجيه الباخرة(الفيوس) وغرامة التأخير
من دمياط إلى ميناء الدخيلة وكذلك مصاريف التبخير، فأين الخطأ الذي ارتكبته الطاعنة؟
ثانياً: أن الحكم الطعن التفت عما أبدته الطاعنة من أوجه دفاع ولم يقم بالرد عليها
ولم يفندها، إذ انه لما كان الثابت من التحقيقات أن المحال الأول تقدم بمذكرة شارحه
إلى وزير الزراعة، وقرر في الصفحة الأولى فإن رئيس الإدارة المركزية لإدارة الاستلام/
محمد عبد الرازق قد ارتكب خطأ جسيماً لا يغتفر بسماحة بتبخير الشحنة رغم أنها مرفوضة
من الحجر الزراعي، وأنها تسرعت في السداد بناء على أمر محمد عبد الرازق لأنه القائم
بعمل نائب رئيس الهيئة ويعلم يقيناً ظروف هذه الشحنة، فإذا كان الحكم قد التفت عما
أبدته الطاعنة بمذكرة دفاعها ولم يقم بالرد عليها والذي يؤكد عدم وجود ثمة إخلال بواجبات
وظيفتها لان المبالغ التي صرفت كانت بسند قانوني متمثل في مذكرة الصرف المعتمدة التي
عرضت عليها المرفوعة إليها من مدير الإدارة المسئولة والمدير العام للمراجعة وبناء
على الفواتير الواردة إلى الهيئة من الجهات السيادية والقرارات السيادية الصادرة من
المحال الثاني، الأمر الذي يكون الصرف قد تم بحسن نية من الطاعنة وفي حدود اختصاصها.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 11859 لسنة 48ق المقام من المحال الرابع/ محمود عبد الحميد
محمود، أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وشابه القصور الشديد
في التسبيب للأسباب الآتية:
أن الحكم بنى على تناقض ظاهر بين حيثياته ومنطوقة، حيث ورد بحيثياته أن وزير الزراعة
وافق على المذكرة المقدمة من نائب رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية بتحمل الهيئة
مصروفات إعادة توجيه السفينة (الفيوس) من دمياط إلى ميناء الإسكندرية، وكذلك مصروفات
التبخير والغربلة وغرامات التأخير، وبالتالي فإن السند القانوني للصرف هو موافقة وزير
الزراعة على، عرضه نائب رئيس الهيئة، إلا أن الحكم انتهى إلى نتيجة مؤداها مسئولية
الطاعن عن صرف هذه المبالغ دون موافقة السلطة المختصة بلا سند من القانون، مما يعيب
الحكم ويبطله.
أن الحكم أدان الطاعن بزعم أنه لم يحصل على موافقة السلطة (نائب رئيس الهيئة) في حين
أن السيدة رئيسة الإدارة المركزة للشئون المالية والإدارية أقرت بأن هذه الموافقة صلاحيتها
وداخلة في اختصاصها، واعتمد الحكم على أقوال بعض المحالين الآخرين، دون أن يحسم المسألة
بنصوص قانونية لتحديد السلطة المختصة في هذا المجال، رغم أن اللائحة المالية تعقد سلطة
الاختصاص بالاعتماد لرئيسة الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية في مثل هذه الأمور،
وحتى ولو لم يكن هذا العمل داخلاً في اختصاص رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية
والإدارية، فقد كان الطاعن يعتقد وبحسن نية أن هذا العمل يدخل في اختصاص رئيس الإدارة
المركزية للشئون المالية والإدارية، فلا مسئولية على الطاعن، خاصة وأنه درج العمل على
اعتماد مثل هذه التسويات من رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية باعتباره
السلطة المختصة.
أن الطاعن بنى دفاعه أمام المحكمة التأديبية على دفوع جوهرية، إلا أن الحكم جاء خالياً
من الرد عليها، ومن أهم هذه الدفوع، أن السيد القانوني للصرف هو موافقة وزير الزراعة
على إعادة توجيه السفينة ومعالجة الرسالة والتبخير والغربلة وتحمل غرامات التأخير،
بناء على عرض نائب رئيس الهيئة.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 11937 لسنة 48ق المقام من المحال الثاني/ محمد عبد الرازق
عبد الرحمن أن الحكم المطعون فيه انطوى على قصور شديد في التسبيب والفساد في الاستدلال،
ويطعن عليه لما يأتي: أولاً: المنوط به اتخاذ الإجراءات القانونية حيال الناقل البحري
والمورد بشان ما شاب الشحنة من مخالفات هو الشركة العامة للصوامع والتخزين، لذلك برأت
المحكمة الطاعن من المخالفة الثالثة، في حين إدانته عن المخالفة الثانية مما يجعل الحكم
متناقضا مع نفسه.
ثانياً: لم يتم احتساب غرامة التأخير إلا بعد يوم 20/ 6/ 1999 ومن ثم فإنه خلال الفترة
من 8/ 6/ 99 حتى 14/ 6/ 1999 لم توقع أي غرامات تأخير، بل كانت فترة تفريغ مسموح بها.
ثالثاً: أن الطاعن قام بواجبه الوظيفي كاملاً وتابع الأمر منذ وصول السفينة التي عليها
الشحنة، وتابع الأمر على الحجر الزراعي، وقدم مذكرة اقترح فيها نقل الشحنة من ميناء
دمياط تفاديا لتحقيق غرامة تأخير.
رابعاً: أن الشركة العامة للصوامع والتخزين هي المسئولة عن اتخاذ كافة الإجراءات، وأن
الهيئة إنما تقوم بالمساعدة بما لها من خبرات في هذا المجال.
خامساً: بمراجعة بطاقة وصف وظيفة الطاعن يتضح منها أنها حدوث واجباته ومسئولياته، ولم
تتضمن متابعة الاستلام في المواني، وإنما أوجبت عليه إصدار القرارات النهائية في الموضوعان
التي يفوض فيها والتي تدخل في اختصاصه قانوناً.
ومن حيث أن مبنى الطعن رقم 11950 لسنة 48ق المقام من المحال الخامس/ عبد العظيم أحمد
محمد حسن أن الحكم المطعون فيه أخل بحقه في الدفاع وشابه الفساد وفي الاستدلال وقصور
التسبيب، ويطعن عليه لما يأتي:
أولاً: كان يتعين على المحكمة أن تفحص أوراق الدعوى وما أبداه الطاعن في دفاعه، وخاصة
ما يتعلق بسند التوصية وهو
1- خطاب الإدارة المركزية للحجر الزراعي بدمياط الذي يوضح أن رسالة القمح وجد بها بذرة
قطن وحشرات ميتة وبناء على ذلك تم تبخير الرسالة. 2- محضر إجراء عملية التبخير تحت
إشراف الحجر الزراعي. 3- محض إجراء عملية تهوية الرسالة.
ثانياً: أن الحكم الطعين قام على سبب غير صحيح ومخالف للقانون، حيث أسس إدانة الطاعن
على عدم موافقة نائب رئيس الهيئة، وهو أمر غير مطلوب.
ثالثاً: لقد قام الطاعن بواجباته الوظيفية بما يحقق المصلحة العامة، لا أن الحكم المطعون
فيه جاء قاصراً في أسبابه وشابها القصور الشديد.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 30/ 4/ 2000 أبلغت الإدارة المركزية للشئون
القانونية بوزارة التموين والتجارة الداخلية هيئة النيابة الإدارية بكتابها المؤرخ
26/ 4/ 2000 مرفقاً به صورة ضوئية من تقرير هيئة الرقابة الإدارية رقم 24 المؤرخ 26/
4/ 2000 بشان المخالفات التي شابت عملية استيراد 57 ألف طن قمح تبلغ قيمتها 24 مليون
جنيه والمتضمن قيام الهيئة العامة للسلع التموينية باستيراد رسالة قمح أمريكي بكمية
حوالي 57.507 ألف طن تبلغ قيمتها 24 مليون جنيه غير مطابقة للمواصفات، مما أدى إلى
رفض الحجز الزراعي الإفراج عنها لوجود حشرات حية وميتة ووجود بذرة قطن بها، وتكبد الدولة
أعباء مالية إضافية بلغت 1.3 مليون جنيه لمعالجتها.
وقد باشرت النيابة الإدارية التحقيق في هذه الوقائع بالقضية رقم 8 لسنة 2000 رئاسة
الهيئة، وخلصت في مذكرتها بنتيجة التحقيق إلى ارتكاب المحالين للمخالفات المنسوبة إليهم
بتقرير الاتهام، وطلبت محاكمتهم عنها تأديبياً، حيث أصدرت المحكمة التأديبية لمستوى
الإدارة العليا حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى ببراءة الطاعن في الطعن الثالث رقم
11937 لسنة 48ق محمد عبد الرازق عبد الرحمن (المحال الثاني) مما نسب إليه في المخالفتين
الأولى والثالثة، وقضى بمجازاته بعقوبة اللوم عن المخالفة الثانية، وهي أنه " قعد عن
اتخاذ أي إجراء قانوني فور اكتشافه المخالفات الواردة بالشحنة محل التحقيق من تاريخ
اكتشافها، حتى تاريخ عودة نائب رئيس الهيئة من الخارج مما حمل ميزانية الهيئة بمبالغ
مالية متمثلة في غرامة تأخير التفريغ وذلك خلال الفترة من 8/ 6 حتى 14/ 6/ 1999 وذلك
على النحو الموضح بالأوراق".
وقد دفع الطاعن مسئوليته عن هذه المخالفة سواء فيما أبداه في عريضة طعنه أو في مذكرة
دفاعه أمام المحكمة التأديبية، وهو أنه لم يدخر جهداً في سبيل حل المشكلة من تاريخ
وصول السفينة (الفيوس) حتى تراكيبها بميناء الدخيلة لتفريغها، وأشار إلى ما قام به
من إجراءات في هذا الشأن، وهو ما لم تقبله المحكمة التأديبية، باعتباره مجرد أقوال
مرسلة خالية من ثمة دليل يؤيدها.
ومن حيث أنه ولئن كانت الجريمة التأديبية، لم تبلغ ما بلغته الجريمة الجنائية من ضبط
وتحديد يتمثل في خضوعها لمبدأ "لا جريمة إلا بنص" وذلك لأسباب، منها: تعدد واجبات الوظيفة
وتنوعها وطابعها الأخلاقي مما حال دون الأخذ بمبدأ "لا جريمة إلا بنص" في مجال الجريمة
التأديبية، فأطلق لسلطة الاتهام الحرية في تجريم الأفعال باعتبارها جريمة تأديبية،
إلا أن الوظيفة وما تفرضه على الموظف من واجبات عديدة ومتنوعة وأخلاقية لن تكون وسيلة
للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولذلك بات من الضروري مواجهة ما ترتب على عدم تطبيق
مبدأ "لا جريمة إلا بنص" من نتائج، وما استتبعه تنوع واجبات الوظيفة وتعددها من حرية
كبيرة لسلطات الاتهام في مجال التجريم التأديبي، وذلك بإلزام هذه السلطات بمزيد من
ضبط الجريمة التأديبية وتحديدها. وهذا ما اضطلع به القضاء الإداري، وبدا دوره كبيراً
وواضحا في كفالة الكثير من الضمانات للعاملين في التأديب، وكان دوره أكثر أهمية، في
أكثر مجالات التأديب بعدا عن الشرعية، وهو مجال التجريم التأديبي، وأصبح من المسلم
لديه: أن قوام الجريمة التأديبية، فعل إيجابي أو سلبي محدد، يعد مساهمة في وقوعها.
وبناء على ذلك فلا يمكن اعتبار السلوك العام للموظف جريمة تأديبية، ما لم يتجه هذا
السلوك في واقعة محددة، كالقول بأن الموظف أهمل في أداء واجبات وظيفته، دون بيان ما
يمثله هذا الإهمال من أفعال سلبية أو إيجابية محددة أو أنه لم يقم باتخاذ الإجراءات
اللازمة دون تحديد لهذا الإجراء أو ذاك والذي كان يتعين على الموظف اتخاذه باعتباره
من واجبات وظيفته، وألا أصبح تجريم الأفعال رهن لمشيئة ورغبات سلطة الاتهام.
ومن حيث إن مضمون المخالفة التي عوقب عنها الطاعن، أنه "قعد عن اتخاذ أي إجراء قانوني
فور اكتشاف المخالفات، ولم يتضح من المخالفة كما وردت في تقرير الاتهام أو من التحقيقات
أو أسباب الحكم المطعون فيه، الإجراء أو الإجراءات التي كان يتعين على الطاعن اتخاذها،
حسبما تمليه عليه واجبات وظيفته، ومن ثم فإن المخالفة التي أدان الحكم المطعون فيه،
الطاعن عنها وقضى بمجازاته عنها بعقوبة اللوم، غير محددة فيما يجب عليه من واجبات،
ولم يتبين من المخالفة ولا من التحقيقات, الإجراءات التي قعد الطاعن عن اتخاذها باعتبارها
من التزاماته الوظيفية، مما يشوب الحكم المطعون فيه بالقصور ومخالفة القانون، فيما
قضى به من مجازاة الطاعن، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه في هذا الخصوص.
ومن حيث أنه عن المخالفة المنسوبة للطاعنة الأولى في الطعن رقم 11561 لسنة 48ق أمينة
عزت داود الحريري (المحالة الثالثة) من أنها "وافقت على صرف قيمة مصاريف إعادة توجيه
الباخرة (الفيوس) من ميناء دمياط إلى ميناء الدخيلة وغرامة التأخير وقيمة التبخير دون
سند من القانون أو التعليمات مما اضر بالمال العام وذلك على النحو الموضح بالأوراق.
وما نسب إلى الطاعن في الطعن الرابع رقم 11950 لسنة 48ق/ عبد العظيم أحمد محمد حسن
(المحال الخامس) من أنه "أعد مذكرة لصرف قيمة إعادة توجيه الباخرة الفيوس من ميناء
دمياط إلى ميناء الدخيلة وغرامة التأخير وقيمة التبخير دون سند من القانون أو التعليمات
مما أضر بالمال العام وذلك على النحو الموضح بالأوراق".
فإن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 15/ 6/ 1999 أرسل نائب رئيس الهيئة العامة للسلع
التموينية مذكرة إلى وزير الزراعة واستصلاح الأراضي لإعادة توجيه السفينة (الفيوس)
إلى ميناء الإسكندرية للتفريغ بصومعة الإسكندرية لغربلتها داخل الدائرة الجمركية منعاً
للخسارة الهائلة التي تلحق بالدولة في حالة إعادة التصدير، على أن تتحمل الهيئة الأعباء
المالية للغربلة وإعدام نواتج الغربلة داخل الدائرة الجمركية، وقد وافق السيد/ وزير
الزراعة واستصلاح الأراضي على المقترحات المقدمة من الهيئة، ووجه كتابه بذلك إلى المشرف
العام على الإدارة المركزية للحجر الزراعي بتاريخ 16/ 6/ 1999، كما أنه تم الاتفاق
بين الهيئة والشركة العامة للصوامع والتخزين عيل أن تتحمل الهيئة الأعباء المالية الناتجة
عن نقل السفينة إلى ميناء الإسكندرية.
ومن حيث أنه بتاريخ 24/ 6/ 1999 أعدت إدارة مراجعة حسابات التخزين والرسوم مذكرة موقعة
من الطاعنين الثاني/ محمود عبد الحميد محمود والرابع/ عبد العظيم أحمد محمد حسن، للعرض
على رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية, الطاعنة الأولى أمينة عزت داود
الحريري للموافقة على صرف مصاريف إعادة توجيه السفينة، حيث وافقت المذكورة على الصرف
وبتاريخ 4/ 11/ 1999 أعدت ذات الإدارة مذكرة لصرف غرامات التأخير وقد وقع عليها الطاعنان
الثاني والرابع ووافقت الطاعنة الأولى على الصرف، وهو ما يتضح منه أن قيام الطاعنان
الثاني والرابع بإعداد المذكرتين وتوقيعهما عليهما وكذلك موافقة الطاعنة الأولى عليهما،
كان استنادا إلى ما صدر عن نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة بتحمل الأعباء المالية الناتجة
عن إعادة توجيه السفينة (الفيوس) على ميناء الإسكندرية وغربلتها بالدائرة الجمركية،
فالسند القانوني للصرف هو موافقة وزير الزراعة على ما عرضه نائب رئيس الهيئة وإذ ذهب
الحكم المطعون فيه إلى أن إعداد مذكرة للصرف والموافقة على تلك المذكرة ثم الموافقة
على صرف القيمة ثم دون سند من القانون وقضى بمجازاة الطاعنة الأولى بغرامة ثلاثة أضعاف
الأجر الأساسي الذي كانت تتقاضاه في الشهر عند انتهاء خدمتها، ومجازاة الطاعن الثاني
بعقوبة اللوم، ومجازاة الطاعن الرابع بغرامة تعادل الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه
في الشهر عند انتهاء خدمته، فإنه يكون قد خالف القانون، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه
والقضاء مجدداً ببراءتهم مما نسب إليهم.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعون شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه، والقضاء مجدداً ببراءة الطاعنين مما نسب إليهم وما يترتب على ذلك من آثار.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة اليوم السبت الموافق 26رمضان 1426ه والموافق 29/ 10/
2005, بالهيئة المبينة بصدره
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
