الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 9713 لسنة 48 ق – جلسة 26/ 3/ 2005

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة

بالجلسة المنعقدة علنا في يوم السبت الموافق 26/ 3/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ إسماعيل صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق، حسن كمال أبو زيد، عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر، أحمد إبراهيم زكي الدسوقي – نواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد المستشار/ أسامة يوسف شلبي – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ يحيى سيد علي – أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 9713 لسنة 48 ق

المقام من

أحمد رياض أحمد أحمد المنصوري

ضد

النيابة الإدارية
في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للصحة بجلسة 28/ 4/ 2002 في الدعوى رقم 640 لسنة 42


الإجراءات

بتاريخ 12/ 6/ 2002 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 9713 لسنة 48 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للصحة بجلسة 28/ 4/ 2002 في الدعوى رقم 640 لسنة 42 ق والذي قضى منطوقه بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر.
وطلب الطاعن بنهاية تقرير طعنه – للأسباب الواردة به – الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما نسب إليه.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت بنهايته الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 10/ 12/ 2003 وتم تداوله على النحو الموضح بمحاضر الجلسات وبجلسة 28/ 1/ 2004 قررت المحكمة إحالة الطعن لدائرة الموضوع لنظره بجلسة 10/ 4/ 2004 وتم نظر الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات وبجلسة 20/ 11/ 2004 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإن الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 28/ 4/ 2002 وقد أقام الطاعن طعنه الماثل بتاريخ 12/ 6/ 2002 أي خلال المواعيد المقررة قانونا وقد استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى ويتعين الحكم بقبوله شكلا.
ومن حيث إن موضوع الطعن يخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 15/ 8/ 2000 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 640 لسنة 42 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارة الصحة وملحقاتها بإيداع تقرير الإتهام قلم كتاب تلك المحكمة ضد: –
….
أحمد رياض أحمد المنصوري (الطاعن) مدير مستشفى الفيوم العام درجة أولى لأنهما خلال الفترة من 23/ 3/ 1987 حتى 23/ 5/ 2000 بدائرة عملهما السابقة خرجا عن مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤديا العمل المنوط بهما بدقة ولم يحافظا على ممتلكات الجهة التي يعملان بها بما من شأنه الإضرار بمالية الدولة وذلك بأن:
الأول: -……
الثاني: – لم يتخذ الإجراءات اللازمة نحو تشغيل الجهاز المشار إليه خلال الفترة من 16/ 10/ 1996 حتى 2/ 11/ 1999 الأمر الذي ترتب عليه تركه بالمخازن طيلة تلك الفترة دون تشغيل بما من شأنه الإضرار بمالية الدولة على النحو الموضح بالأوراق.
وارتأت النيابة أن الطاعن بذلك قد ارتكب المخالفة المالية المنصوص عليها بالمواد 76/ 1/ 5، 77/ 3/ 4، 78/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة وطلبت محاكمته بالمواد المشار إليها والمواد الواردة بتقرير الإتهام.
وتم تداول الدعوى أمام المحكمة التأديبية على النحو الموضح بمحاضر الجلسات وبجلسة 28/ 4/ 2002 صدر الحكم المطعون فيه بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر.
وقد أقام الحكم المطعون فيه قضائه سالف الذكر على أساس أن الثابت من الأوراق والتحقيقات أن الطاعن كان يشغل مدير مستشفى الفيوم العام خلال الفترة المشار إليها وكان يسبقه الدكتور محمد عبد العظيم خلال الفترة من عام 1988 حتى 1996 والذي قام بمخاطبة وزارة الصحة أكثر من مرة لتوفير الإمكانيات اللازمة للمستشفى حتى يستطيع تشغيل جهاز السيزيوم وعندما تولى الطاعن وظيفته لم يقم باستكمال ما بدأه المدير السابق حتى يدرأ المسئولية عن نفسه وقد خلت الأوراق من أية مكاتبات صادرة منه سواء إلى وزارة الصحة أو مديرية الصحة بالفيوم لتوفير الإمكانيات اللازمة لتشغيل الجهاز وتأيد ذلك بشهادة محمد إبراهيم محمد حسن ومن ثم تكون المخالفة ثابتة في حقه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد صدر مخالفا لحكم القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لعدة أسباب أولها أن جهاز السيزيوم تم توريده منذ زمن بعيد كمنحة من الحكومة الإيطالية وتم توزيعه على مديريات الصحة المختلفة بالمحافظات دون طلب منها ودون وجود كوادر لتشغيله ويؤكد ذلك المكاتبات العديدة الصادرة خلال الفترة من 1990 حتى 1999 إلى الجهات المختصة والتي نصت أن هذه الأجهزة لم يتم تشغيلها من مارس 1987 وذلك لعدم إعداد الأطقم اللازمة للإكتشاف المبكر للورم الخبيث لعنق الرحم وعدم ورود بعض المستلزمات الأخرى اللازمة لتشغيل الأجهزة مثل ترابيزة العمليات وعدم إعداد المكان اللازم لتركيب الأجهزة الذي يتطلب فنيين من الوزارة ومنها كتاب المدير العلاجي لمديرية الصحة بالفيوم للمفتش المالي والإداري في 1994 يفيده بعدم إمكان تشغيل الأجهزة إلا بحضور عضو من الجمعية وعضو لجنة الطاقة وأن هذه الأجهزة وردت كمعونة دون طلب ولا رغبة في تشغيلها واستغنت مستشفى منوف العام ومستشفى قويسنا عنها وكذلك كتاب مدير عام مديرية الصحة بالفيوم للسيد وكيل الوزارة للرعاية العلاجية في 1994 بعدم إمكانية تشغيل هذه الأجهزة وأن بعض المستشفيات طلبت الاستغناء عنها وعدم الحاجة إليها واستطرد الطاعن أنه كان وراء هذه المكاتبات خلال فترة عمله من 1996 حتى 1999، وثاني أسباب بطلان الحكم أن هذه الأجهزة لم يتم تشغيلها في كل المحافظات التي تم توزيعها عليها منذ عام 1978 لعدم وجود من يستطيع التعامل معها وأضيفت مخزنيا للمستشفيات.
وانتهت المكاتبات إلى ضرورة تسليم هذه الأجهزة لهيئة الطاقة الذرية المصرية وفقا لما أوضحه مركز القصر العيني لعلاج الأورام والطب النووي في 25/ 7/ 2000، كما أضاف الطاعن أن هذه الأجهزة وردت منذ عام 1978 ورغم ذلك يتم توجيه الإتهام للطاعن بعدم إتخاذ إجراء في الفترة من 1996 حتى 1999 فلماذا لم يوجه ثمة إتهام قبل ذلك وطيلة فترة ترك الأجهزة بالمخازن، وأن الاعتماد على شهادة/ محمد إبراهيم محمد غير سديدة لسبق إلحاقه بلجنة فحص هذه الأجهزة وإشارة الطاعن إلى ظروف إنهاء عمل اللجنة خلال ثلاثة شهور مما أثار حفيظة الشاهد ضد الطاعن، وأضاف أن الجهاز ورد عام 1978 وكانت صلاحيته تنتهي في 1988 أي تكهينه في هذه السنة ولا يعقل محاسبته عن عدم تشغيله عام 1996.
ومن حيث إن مثار النزاع في الطعن الماثل أنه قد ورد إلى النيابة الإدارية بالفيوم كتاب مباحث الأموال العامة بمديرية أمن الفيوم رقم 45/ 3 المؤرخ في 10/ 2/ 2000 بطلب التحقيق وتحديد المسئولية فيما أثير عن موضوع جهاز السيزيوم بمستشفى الفيوم العام الذي نشر في جريدة المساء في 18/ 12/ 1999، وقد أعدت مباحث الأموال العامة تقريرا في هذا الشأن يتضمن أنه بتاريخ 23/ 3/ 1987 ورد للمستشفى جهاز سيزيوم 137 منحة أجنبية يستخدم لعلاج الأورام السرطانية المبكرة عند المرأة وتم إتخاذ الإجراءات المخزنية بشأنه فور وروده في 26/ 7/ 1987 وعندما أحيل أمين العهدة الأول للمعاش وتسليم عهدته لأمناء المخازن بعد ذلك لم يتم إثبات الجهاز في الدفاتر المخزنية ولم يتم تسليمه، وبتاريخ 13/ 12/ 1999 حضر مندوبي وزارة الصحة لاستلام الجهاز وتبين وجود نقص في بعض مشتملات الجهاز فرفضوا الاستلام وتم تسليمه كعهدة شخصية إلى محمود أحمد محفوظ الموظف بالمستشفى ويوجد بحجرة بالدور الرابع بها، وقرر رئيس قسم الأشعة أن الجهاز لم يستخدم منذ وصوله في 1987 لعدم تجهيز وحدة متكاملة للوقاية من الأشعة للتكاليف الباهظة التي يستلزمها التجهيز.
وتولت النيابة الإدارية التحقيقات بالقضية رقم 118 لسنة 2000 وانتهت من التحقيقات بمذكرتها المؤرخة 25/ 5/ 2000 إلى قيد الواقعة مخالفة مالية قبل الطاعن وآخر وإحالتهما للمحاكمة التأديبية وبناء على ذلك صدر الحكم المطعون فيه بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر.
ومن حيث إنه عن المخالفة المنسوبة للطاعن أحمد رياض أحمد المنصوري من أنه بوصفه مدير مستشفى الفيوم العام المدة بين 16/ 10/ 1996 حتى 2/ 11/ 1999 قد خرج على مقتضى الواجب الوظيفي بأن لم يتخذ الإجراءات اللازمة نحو تشغيل جهاز السيزيوم بالمستشفى خلال هذه المدة الأمر الذي ترتب عليه أن تم ترك الجهاز بالمخازن طيلة هذه الفترة دون تشغيل بما يترتب عليه من الإضرار بمالية الدولة، فإن الثابت من الأوراق والتحقيقات أن الجهاز محل التحقيقات قد تم توريده إلى مستشفى الفيوم العام بتاريخ 23/ 3/ 1987 وهو أحد الأجهزة الواردة بمنحة أجنبية وتم توزيعها على المستشفيات المختلفة ومنها مستشفى الفيوم، وقد تأكد من الأوراق وتحقيقات النيابة الإدارية وشهادة المسئولين والمختصين أن هذا الجهاز منذ وروده إلى المستشفى عام 1987 وحتى إكتشاف الواقعة وبدء التحقيقات في 1999 قد تعرض للعديد من صور الإهمال التي رتبت عدم إمكانية تشغيله وضياع بعض الملحقات الخاصة بالجهاز أولها إهمال المخازن والتخزين حيث ثبت أنه عند إنتهاء عمل أمين المخزن الأول لم ينقل الجهاز لعهدة آخر أو إثباته في دفاتر المخازن، كما أنه لم يتم إعداد التجهيزات اللازمة لتشغيل هذا الجهاز سواء بالمكان أو الأجهزة اللازمة، وكذلك عدم تجهيز الفنيين الذين يمكنهم تشغيل هذا الجهاز، وكذلك الإحتياطات اللازمة للتشغيل بإعتباره يحوي مواد مشعة ونووية بما برره البعض بأن التجهيزات مكلفة تكلفة عالية.
ولم يواجه المختصون سواء بالمستشفى أو مديرية الصحة بالفيوم أو وزارة الصحة هذه الأمور سواء بالمكاتبات المتبادلة والتي لا تتعدى الشكوى من عدم القدرة على تشغيل الجهاز وبالتالي انتهت إلى ضرورة إعادة الجهاز لوزارة الصحة عام 1999، يضاف إلى ما تقدم أن الجهاز حال وجوده بالمستشفى منذ توريده عام 1987 حتى اكتشاف الواقعة في 1999 قد تولى إدارة المستشفى كمدير لها بالإضافة إلى الطاعن عدد أربعة مديرين الأول إبراهيم عبد العظيم داكر من 1987 حتى 1988 والثاني محمد عبد العظيم العسال من 1988 حتى 1996 ثم من 3/ 11/ 1999 بعد الطاعن، ونبيل أبو العلا من 1/ 2/ 1996 حتى 23/ 9/ 1996 ثم الطاعن من 16/ 10/ 1996 حتى 2/ 11/ 1999 الأمر الذي يجعل المسئولية مشاعا بين هؤلاء المديرين جميعا ولا يسأل عنها الطاعن بصفة شخصية لعدم معرفة ما تم من نقص من ملحقات ومتى تم وما هو الإهمال الذي ينسب لكل منهم، وقد تواترت أقوالهم جميعا بأنه قد تمت المكاتبة للجهات المسئولة ولا مجيب، اعتبارا من تاريخ ورود الجهاز في 1987 حتى 1999، الأمر الذي تنتفي معه مسئولية الطاعن عما لحق الجهاز من خلل وعدم إمكانية تشغيله خلال هذه الفترة ويتعين تبرئته من المخالفة المنسوبة إليه، وإذ صدر الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك فإنه يتعين الحكم بإلغائه والقضاء مجددا ببراءة الطاعن مما نسب إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر، مع ما يترتب على ذلك من آثار والقضاء مجددا ببراءته ما نسب إليه.
صدر هذا الحكم وتلي علنا في يوم السبت من 16من صفر سنة 1426 هجرية والموافق السبت 26/ 3/ 2005م وذلك بالهيئة المبينة بعاليه.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات