المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 12430 لسنة 49ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل
صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق – نائب رئيس مجلس
الدولة
/ حسن كمال أبو زيد – نائب رئيس مجلس الدولة
/ د. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر – نائب رئيس مجلس الدولة
/ عبد الحليم أبو الفضل القاضي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ معتز أحمد شعير – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد الأستاذ/ يحيى سيد علي – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 12430 لسنة 49ق. عليا
المقام من
أحمد محمد أحمد بركة
ضد
رئيس هيئة النيابة الإدارية بصفته
في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة المالية وملحقاتها
بجلسة 25/ 5/ 2003 في الدعوى رقم 71 لسنة 44ق
"الإجراءات"
في يوم الاثنين الموافق 21/ 7/ 2003 أودع الأستاذ/ فوزي شوشه المحامي
نائباً عن الأستاذ/ أحمد رشدي المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية
العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 12430 لسنة 49 ق. عليا في الحكم الصادر من المحكمة
التأديبية لوزارة المالية وملحقاتها بجلسة 25/ 5/ 2003 في الدعوى رقم 71 لسنة 44ق المقامة
من النيابة الإدارية ضد الطاعن والقاضي بمجازاة الطاعن بخصم أجر شهرين من راتبه.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءته مما هو منسوب إليه، واحتياطياً باستعمال منتهى الرأفة
معه.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً
ورفضه موضوعاً.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23/ 6/ 2004، وتدوول على
النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 25/ 9/ 2004 قدمت النيابة الإدارية مذكرة بدفاعها،
وبجلسة 26/ 1/ 2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة فنظرته بجلسة 5/ 3/ 2005
وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند
النطق به.
"المحكمة"
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث أنه ولئن كانت الأوراق قد أجدبت مما يفيد إعلان النيابة الإدارية بتقرير الطعن
إلا أنها وقد حضرت أثناء تداول الطعن بجلسات الفحص والموضوع وأبد دفاعها في موضوعه
وبذلك تكون الغاية من الإعلان قد تحققت فمن ثم يسري هذا الحكم في مواجهتها ويحتج به
عليها.
ومن حيث أن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه الدعوى تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 25/ 5/
2002 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة المالية وملحقاتها
أوراق الدعوى رقم 71 لسنة 44ق مشتملة على تقرير اتهام ضد أحمد محمد أحمد بركه (الطاعن)،
مفتش التموين بمكتب تموين بند الفيوم – درجة ثانية – لأنه بتاريخ 13/ 12/ 2001 خرج
على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤد العمل المنوط به بأمانة وسلك مسلكاً لا يتفق والاحترام
الواجب لوظيفته وذلك بأن تلاعب في دفتر الزيارات الخاص بمخزن بوتاجاز قحافه بإثبات
تواجده ومنير حليم فهيم الساعة السادسة صباحاً للإشراف على توزيع اسطوانات الغاز بالمخالفة
للحقيقة.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكور تأديبياً طبقاً للمواد المبينة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 25/ 5/ 2003 حكمت المحكمة التأديبية لوزارة المالية وملحقاتها بمجازاة الطاعن
بخصم أجر شهرين من راتبه، وأقامت قضاءها على أن المخالفة المنسوبة إليه قد تثبتت في
حقه على وجه القطع واليقين من واقع ما كشفت عنه التحقيقات مما يستوجب مجازاته تأديبياً.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه نظراً لانتفاء
المخالفة المنسوبة إليه، وفضلاً عن ذلك فإن الجزاء الموقع عليه يشوبه عدم التناسب والغلو.
ومن حيث أنه يبين من الإطلاع على الأوراق أن محافظة الفيوم طلبت، بموجب كتابها رقم
941 المؤرخ 29/ 4/ 2002 والموجه إلى النيابة الإدارية بالفيوم (القسم الثالث)، إجراء
التحقيق فيما أسفرت عنه الحملة التموينية ا لتي قامت يوم 13/ 12/ 2001 من مخالفات،
وأرفق فيما أرفق بهذا الكتاب المذكرة المؤرخة 29/ 12/ 2001 التي أعدها محمد أحمد الحنبولي،
وكيل مديرية التموين والتجارة الداخلية بمحافظة الفيوم والتي تضمنت فيما تضمنته أنه
قد وردت معلومات تفيد قيام مخزن قحافه بالتصرف في اسطوانات البوتاجاز ببيعها في السوق
السوداء خارج محافظة الفيوم وبناءً عليه قام على رأس حملة تموينية بمراقبة هذا المخزن
فجر يوم 13/ 12/ 2001 وتولى اثنان من أفرد الحملة وهما علي عبد المولى ومجدي أبو الحسن
مراقبة المخزن في حين كمن باقي أفراد الحملة بقرية هواره بطريق بني سويف وفي حوالي
الساعة 4.30 صباحاً قام كل من علي عبد المولى ومجدي أبو الحسب بإخطار باقي أفراد الحملة
عن طريق التليفون المحمول بخروج سيارتين ربع نقل محملتين بالاسطوانات من مخزن قحافه
متجهتين ناحية طريق بني سويف فتم عمل كمين بقرية هواره وإيقاف السيارتين وضبط عدد 196
اسطوانة مملوءة بالغاز ثم قامت الحملة بالتوجه إلى مخزن قحافه حيث وصلت إليه حوالي
الساعة 8.15 صباحاً وتبين للحملة عدم تواجد المفتش المختص بالإشراف على التوزيع وبمطالبة
صاحب المخزن بدفتر الزيارات أدعى عدم تواجده بالمخزن فقمت الحملة بإثبات ما تقدم والعودة
إلى المديرية وفي حوالي الساعة الحادية عشر صباحاً حضر صاحب المخزن ومعه دفتر الزيارات
وبالإطلاع عليه تبين وجود تأشيرة للمفتش أحمد محمد أحمد بركه (الطاعن) تفيد إشرافه
هو والمفتش منير فهيم على التوزيع من الساعة الخامسة حتى الساعة السادسة صباحاً وذلك
بالمخالفة للحقيقة، وقد أجرت النيابة الإدارية تحقيقاً في الموضوع بالقضية رقم 249
لسنة 2002، وانتهت النيابة الإدارية في ختام تحقيقاتها إلى قيد الواقعة مخالفة مالية
ضد الطاعن لارتكابه المخالفة الواردة بتقرير الاتهام وحاصلها أنه بتاريخ 13/ 12/ 2001
تلاعب في دفتر الزيارات الخاص بمخزن بوتاجاز قحافه بإثبات تواجده هو ومنير حليم فهيم
الساعة السادسة صباحاً للإشراف على توزيع اسطوانات الغاز وذلك بالمخالفة للحقيقة.
ومن حيث أن المخالفة المنسوبة إلى الطعن قد ثبتت في حقه ثبوتاً كافياً بما ورد بالمذكرة
المؤرخة 29/ 12/ 2001 والمقدمة من محمد أحمد الحنبولي وما شهد به كل من على عبد الولي
ومجدي أبو الحسن مفتشي التموين بمكتب بندر الفيوم حيث أقرا في أقوالهما بتحقيقات النيابة
الإدارية أنهما كانا مكلفين بمراقبة مخزن قحافة يوم 13/ 12/ 2001 منذ الساعة 4.30 صباحاً
حتى عودة باقي الحملة حوالي الساعة 8.15 صباحاً وخلال هذه الفترة لم يكن أي من الطاعن
ومنير حليم فهيم متواجداً بالمخزن، كما شهد منير حليم فهيم هو الآخر بأن لم يكن متواجداً
بمخزن قحافه يوم 13/ 12/ 2001 وأن الطاعن هو الذي قام بإثبات تواجده بخط يده.
ومن حيث أن ما أتاه الطاعن على النحو المتقدم بيانه ينطوي ولا شك على إخلال من جانبه
بالواجب الوظيفي الذي يفرض على العامل تأدية أعمال وظيفته بأمانة وأن يسلك في تصرفاته
مسلكاً يتفق والاحترام الواجب لوظيفته وفقاً لما نصت عليه المادة 76/ 1و3 من قانون
نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 مما يستوجب مجازاة
الطاعن بالجزاء المناسب.
ومن حيث أن قضاء هذه المحاكمة قد جري على أنه ولئن كانت لسلطة التأديب تقدير خطورة
الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك إلا أن مناط مشروعية هذه
السلطة شأنها شأن أي سلطة تقديرية أخرى ألا يشوب استعمالها غلو ومن صور هذا الغلو عدم
الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب وبين نوع الجزاء ومقداره ففي هذه الحالة يخرج
التقدير عن نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن ثم يخضع لرقابة هذه المحكمة.
ومن حيث أن الجزاء الذي قدره الحكم المطعون فيه للطاعن قد شابه عدم التناسب والغلو،
فمن ثم يتعين والحال كذلك الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من مجازاة الطاعن
بخصم شهرين من راتبه وتوقيع الجزاء المناسب حقاً وعدلاً عليه والذي تقدره المحكمة بالخصم
من الأجر لمدة عشرة أيام، وتضع المحكمة في اعتبارها عند توقيع هذا الجزاء
على الطاعن أنه لم يثبت من الأوراق توافر علمه بقيام صاحب مخزن قحافه يوم 13/ 12/ 2001
بالتصرف في اسطوانات الغاز في السوق السوداء فضلاً عن حدوث هذه الواقعة فجراً أي في
غير الوقت المحدد للبيع وهو الوقت الذي يجب على المفتش المشرف على التوزيع التواجد
فيه.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم شهرين من راتبه والقضاء مجدداً بمجازاته
بالخصم من الأجر لمدة عشرة أيام.
صدر هذا الحكم وتلي علناً في جلسة لعام 1426 هجرية الموافق 14/ 5/ 2005م ونطقت به الهيئة
المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
