الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 3199 لسنة 50 ق عليا

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة

بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار: – إسماعيل صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: – عصام الدين عبد العزيز جاد الحق، حسن كمال أبو زيد، د/ عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر، د/ محمد ماهر أبو العينين – نواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار: – محمد حسنين عبد الواحد – مفوض الدولة
وحضور السيد: – محمد حسن احمد – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الأتي

في الطعن رقم 3199 لسنة 50 ق عليا

المقام من

خيري عبد الرازق حسن الدبيكي.

ضد

النيابة الإدارية.
و الطعن رقم 3551 لسنة 50 ق عليا

المقام من

النيابة الإدارية.

ضد

محمد عمر السيد بيومي.
و الطعن رقم: – 3556 لسنه 50ق.ع.

المقام من

محمد محمود محمد صديق.

ضد

النيابة الإدارية.
و الطعن رقم: – 3583/ 50ق.ع.

المقام من

محمد عمر السيد بيومي.

ضد

النيابة الإدارية.
والطعن رقم: – 3845 لسنة 50ق.

المقام من

1- سناء جمال الدين السيد.
2- شكري زكي عبد الموجود.

ضد

النيابة الإدارية.
والطعن رقم 3898 لسنة 50ق.

المقام من

الهام يوسف صلاح الدين.

ضد

النيابة الإدارية.
والطعن رقم: – 3986 لسنة 50ق.

المقام من

محمود عثمان بيومي.

ضد

النيابة الإدارية.
طعنا علي الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوي الإدارية العليا بجلسة 19/ 11/ 2003 في الدعوى رقم 56 لسنة 45 ق.


الإجراءات

في المدة من 5/ 1/ 2004 وحتى 19/ 1/ 2004 أقام الطاعنون طعونهم وعلي النحو الوارد بتقارير الطعون مقرين الطعن علي الحكم سالف البيان والذي انتهى إلي مجازاتهم علي النحو الوارد بالحكم المذكور وطلبوا في ختام تقارير طعونهم إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا ببراءتهم مما هو منسوب إليهم.
وطلبت النيابة الإدارية: – إلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من توقيع جزاء غير صحيح علي المطعون ضده/ محمد عمر السيد بيومي.
وقد تم إعلان تقارير الطعون علي النحو الثابت بالأوراق.
وقد انتهت هيئة مفوضي الدولة تقريرها إلي أنها تري الحكم: – بقبول الطعون شكلا – وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من مجازاة الطاعن/ محمد عمر السيد بيومي وسناء جمال الدين السيد بخصم شهر من أجر كل منهما والقضاء بمجازاتهما بالعقوبة التي تقدرها المحكمة ورفض باقي الطعون.
وتدوولت الطعون أمام دائرة فحص الطعون وأمام هذه المحكمة وعلي النحو الثابت بالأوراق حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم – وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعون قد استوفت أوضاعها الشكلية المقررة باعتبار أن الطاعن/ محمود عثمان بيومي الطاعن في الطعن رقم 3986/ 50ق خصم من بنها بمحافظة القليوبية وله ميعاد سابق يوم واحد يضاف إلي مواعيد الطعن.
ومن حيث أن واقعات الحكم المطعون فيه – تخلص حسبما يظهر من الأوراق في انه بتاريخ 6/ 2/ 2003 أقامت النيابة الإدارية الدعوى الماثلة بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوي الإدارة العليا متضمنة تقرير اتهام ضد كل من: –
1- خيري عبد الرازق حسن الدبيكى- وكيل وزارة التربية والتعليم بالقليوبية سابقا- وحاليا بالمعاش اعتبارا من 24/ 1/ 2001 تاريخ التعيين 25/ 8/ 1962 – درجة عالية.
2- سناء جمال الدين السيد – مدير حسابات مديرية التربية والتعليم سابقا حتى 1/ 4/ 2002 وحاليا بالتأمين الصحي ببنها وتاريخ التعيين 1/ 9/ 1974- الدرجة الأولي.
3- شكري زكي عبد المقصود – وكيل حسابات مديرية التربية والتعليم بالقليوبية سابقا حتى 11/ 5/ 2002 وحاليا بكلية العلوم ببنها وتاريخ التعيين 1/ 1/ 1984 وتاريخ الميلاد 10/ 5/ 1948م – درجة ثانية.
4- محمود عثمان بيومي – وكيل حسابات مديرية التربية والتعليم بالقليوبية سابقا حتى يناير2001 وحاليا بمكتب تأمينات بنها ثان وتاريخ التعيين 12/ 11/ 1995 وتاريخ الميلاد 26/ 1/ 1969م- الدرجة الثالثة.
5- محمود محمد صديق علوي – مدير مساعد بالتوجيه المالي والإداري بوزارة التربية والتعليم – تاريخ التعيين 1/ 7/ 81 – تاريخ الميلاد 9/ 9/ 52 وتاريخ الإحالة للمعاش 6/ 9/ 2002 – الدرجة الاولى.
6- الهام يوسف صلاح الدين – مدير عام التوجيه المالي والإداري بوزارة التربية والتعليم – تاريخ التعيين 1/ 1/ 71 – تاريخ الميلاد 8/ 11/ 47 وتاريخ الإحالة للمعاش 8/ 11/ 2007 – درجة مدير عام.
7- عبد القوي عبد القوي محمود – كبير باحثين بالشئون القانونية بمديرية التربية والتعليم بالقليوبية – تاريخ التعيين 25/ 10/ 67 تاريخ الميلاد 20/ 4/ 1947. درجة مدير عام
8- أنور محمد علي عاصي – مدير عام الشئون القانونية بمديرية التربية والتعليم بالقليوبية – تاريخ التعيين 2/ 9/ 65 تاريخ الميلاد 7/ 10/ 1945. درجة مدير عام
9- فاطمة أمين حسن عيسي – مختصة بالأجور المتغيرة بمديرية التربية والتعليم بالقليوبية – تاريخ التعيين 1/ 4/ 71 وتاريخ الميلاد 11/ 12/ 1948. الدرجة الأولي.
10- سعودي إبراهيم محمد – رئيس قسم الاستحقاقات بمديرية التربية والتعليم بالقليوبية – تاريخ التعيين 5/ 11/ 68 وتاريخ الميلاد 5/ 11/ 1947. الدرجة الأولي.
11- عاطف جودة محمد مبروك – مراجع حسابات بمديرية التربية والتعليم بالقليوبية – تاريخ التعيين 1/ 10/ 72 وتاريخ الميلاد 7/ 10/ 1952. الدرجة الأولي.
12- السيد عبد العزيز محمود – رئيس قسم بالتوجيه المالي والإداري بمديرية التربية والتعليم بالقليوبية – تاريخ التعيين 1/ 6/ 74 وتاريخ الميلاد 17/ 1/ 1952. الدرجة الثانية.
13- محمد عمر السيد بيومي – مدير عام الشئون المالية والإدارية بمديرية التربية والتعليم بالقليوبية – تاريخ التعيين 11/ 5/ 64 وتاريخ الميلاد 30/ 11/ 1943. درجة مدير عام.
14- محمد عبد العاطى إبراهيم أبو عيد – وكيل قسم الحسابات بمديرية التربية والتعليم بالقليوبية – تاريخ التعيين 1/ 9/ 75 وتاريخ الميلاد 2/ 5/ 1949. الدرجة الثانية.
لأنهم اعتبارا من عام 98 حتى تاريخه بدائرة مديرية التربية والتعليم بالقليوبية و المديرية المالية بالقليوبية و بوصفهم السابق خرجوا علي مقتضي الواجب الوظيفي ولم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وأمانة وسلكوا مسلكا لا يتفق والاحترام الواجب مخالفين الأحكام والقواعد المالية علي نحو اضر بالمصلحة المالية للدولة وذلك بأن: –
الأول: – 1- حصل بون وجه حق علي مبلغ 48ر59983ج عن أعمال المطبعة السرية ولجنة تحضير الشهادات الإعدادية ولجنة تحرير الشهادات ولجنة الإدارة والنظام والمراقبة والكنترول والعائدين خلال عامي 98، 99 أبان فترة عملة صرفت بالمخالفة للقرار الوزاري رقم 365/ 94 حال علمه بعدم أحقيته في الصرف علي النحو المبين بالأوراق تفصيلا.
2- لم يقم برد مبلغ 82ر33090 ج من المبالغ التي صرفت له بالتجاوز عن الحد الأقصى المصرح به قانونا والتي قدرت بمبلغ 11ر14233ج علي النحو المبين بالأوراق تفصيلا.
الثانية: – بوصفها مديرة الحسابات بمديرية التربية والتعليم بالقليوبية: –
1- وافقت علي صرف مبلغ 45ر106387ج للمخالف الأول ومبلغ 63ر52406ج للمخالف الثالث عشر دون وجه حق وحال علمها بأن هذه المبالغ زيادة عن الحد الأقصى المصرح به قانونا ودون أن تتأكد من قانونية الصرف ومدي اتفاقه وأحكام القانون والقرارات الوزارية الصادرة بهذا الخصوص وبالتواطؤ معها وذلك علي النحو الموضح تفصيلا بالأوراق
2- – حصلت بدون وجه حق لنفسها علي مكافآت عن أعمال اللجان الواردة بالتقرير المعد بمعرفة المديرية المالية والتي قدرت بمبلغ 34ر20808 ج عن المدة من عام 98 حتى عام 2000 صرفت بالمخالفة للقرارات الوزارية المنظمة للصرف 365/ 94، 113/ 96 علي النحو المبين بالأوراق.
الثالث والرابع: – أبان عملهما كوكلاء حسابات مديرية التربية والتعليم بالقليوبية: –
الثالث: – حصل بدون وجه حق لنفسه علي مكافآت عن أعمال اللجان الواردة بحصر مذكرة الوحدة الحسابية المرفقة والتي قدرت بمبلغ 5ر7109 ج عن عامي 98/ 99 صرفت بالمخالفة للقرارات الوزارية المنظمة للصرف.
الرابع: -: – حصل بدون وجه حق لنفسه علي مكافآت عن أعمال اللجان الواردة بحصر مذكرة الوحدة الحسابية المرفقة والتي قدرت بمبلغ 90ر3040 ج عن عامي 98/ 99 صرفت بالمخالفة للقرارات الوزارية المنظمة للصرف.
الخامس: – اعد في 18/ 8/ 2001 مذكرة متضمنة علي خلاف الحقيقة أن الحد الاقصى للدخل السنوي عام 99 هو مبلغ 52 ألف جنية علي النحو المبين بالأوراق.
السادسة: – وافقت الخامس فيما سطره بمذكرته علي خلاف الحقيقة في 18/ 8/ 2000 من أن الحد الاقصى للدخل السنوي عام 99 هو مبلغ 52 ألف جنية بتوقيعها مذكرته علي النحو المبين بالأوراق.
السابع: – لم يتخذ الإجراءات القانونية المقررة حيال ما اخطر به من قبل إدارة الحسابات بمديرية التربية والتعليم بالقليوبية في 19/ 8/ 2001 من قيد ديون حكومية طرف خيري عبد الرازق الدبيكي وكيل الوزارة السابق والذي أحيل للمعاش اعتبارا من 30/ 6/ 2001 مما ترتب عليه عدم تحصيل تلك المبالغ علي النحو المبين بالأوراق.
الثامن: – أهمل في الأشراف ومتابعة أعمال مرؤوسة السابع مما ترتب عليه عدم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المبالغ المقيدة بحساب الديون الحكومية طرف خيري الدبيكي وكيل الوزارة السابق الذي أحيل للمعاش اعتبارا من 30/ 6/ 2001 علي النحو المبين بالأوراق.
التاسعة: – لم تتخذ الإجراءات في حينه حيال الإبلاغ عن المبالغ محل التجاوز عن قرار رئيس الوزراء رقم 615/ 86 لكلا من خيري عبد الرازق الدبيكي وكيل الوزارة السابق ومحمد عمر السيد مدير عام الشئون المالية والإدارية عن عامي 98/ 99 علي النحو المبين بالأوراق.
العاشر: – أهمل الأشراف ومتابعة أعمال التاسعة مما أدي إلي اقترافها ما نسب إليها.
الحادي عشر والثاني عشر: – لم يتخذ الإجراءات الواجبة في حينه حيال الضرائب المستحقة علي كلا من خيري عبد الرازق الدبيكي وكيل الوزارة السابق ومحمد عمر السيد مدير عام الشئون المالية والإدارية عن عامي 98/ 99 بوصفهما الأول المسئول عن حسابات الأنشطة بالوحدة الحسابية والثاني مسئول عن تلك الحسابات بالتوجيه المالي والإداري علي النحو المبين بالأوراق.
المخالف الثالث عشر: – لم يقم برد مبلغ 59ر6628ج من المبالغ التي صرفت له بالتجاوز عن الحد الاقصى المصرح به قانونا والتي قدرت بمبلغ 72ر12993 وذلك علي النحو الموضح تفصيلا بالأوراق.
المخالف الرابع عشر: – لم يقم باتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة حيال الأخطار عن المبالغ التي صرفت بالتجاوز عن الحد الاقصى لكل من المخالف الأول والمخالف الثالث عشر وذلك علي النحو الوارد تفصيلا بالأوراق.
وطلبت النيابة الإدارية مجازاتهم عما هو منسوب إليهم.
وبجلسة 19/ 11/ 2003 أصدرت المحكمة حكمها القاضي ضمن ما قضت به بمجازاة المحال الأول: – خيري عبد الرازق حسن الدبيكي: – بغرامه تعادل ضعفي الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه في الشهر عند انتهاء خدمته وذلك عن المخالفة الثانية فقط وبرأته المحكمة من المخالفة الأولي.
مجازاة المحالين: – الثانية/ سناء جمال الدين السيد
الثالث عشر/ محمد عمر السيد بيومي/ بخصم شهر من أجر كلا منهما.
مجازاة المحالين: –
الثالث/ شكري زكي عبد المقصود
الرابع/ محمود عثمان بيومي
الخامس/ محمود محمد صديق علوي/ بخصم خمسة عشر يوما من أجر كل منهم.
مجازاة المحالة: – السادسة/ الهام يوسف صلاح الدين/ باللوم.
كما قضت المحكمة ببراءة المحالين الأخيرين وأقامت حكمها علي ثبوت الاتهامات في حق الطاعنين من واقع الأوراق والشهود وانتهت إلي حكمها المطعون فيه – وتقوم الطعون في مجملها علي مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لان الطاعنين لم يرتكبوا أية مخالفة يمكن مجازاتهم من أجلها فضلا عن أن الحكم المطعون فيه لم يقم بالرد علي المستندات المقدمة والمفصلة لصحة دفاع الطاعنين مما يصمه بالقصور وانتهت تقارير الطعون إلي الطلبات سالفة البيان – كما طلبت النيابة الإدارية في طعنها توقيع عقوبة تارك الخدمة على المطعون ضده بدلا من توقيع عقوبة الخصم حيث أنه لا يمكن تنفيذها.
ومن حيث أنه بادئ ذي بدء فإن هذه المحكمة تقرر أن مسئولية الموظف التأديبية تقع إذا قام بصرف مبالغ مالية من خزائن الدولة وهو يعلم انه لا يستحق هذه المبالغ هذا المبدأ يقف حد تطبيقه عند حالة صرف مبالغ عن اعمال لم يقم بها الموظف فعلا وبديهي انه إذا حصل علي مقابل لها فإن واجب الأمانة يقتضيه أن يرد هذه المبالغ فإذا لم يفعل حق توقيع الجزاء التأديبي عليه وهذا المبدأ يتصور تطبيقه عند صرف الموظف لبدل سفر عن مأمورية لم يقم بها فعلا أو مقابل عمل إضافي لم يقم به أو كان متغيبا عند تقرير صرفه وجاء أسمه بالكشوف علي سبيل الخطأ فلا يمتد تطبيق هذا المبدأ في حال وجود خلاف علي أحقيه العامل في صرف المبالغ المالية المقررة له مقابل عمل قام به فعلا فقيام العامل بالعمل الإضافي أو المسند إليه يجعله مستحقا للمقابل المقرر لهذا العمل طبقا للمبدأ الأصولي أن الأجر مقابل العمل فإذا كان هناك سبب قانوني يمنع حصول العامل علي هذا الأجر عن العمل الذي قام به فعلا فيجب ألا يكون هناك ثمة خلاف أو منازعة حول المبالغ التي يتعين علي العامل ردها وإلا انتفي مناط المخالفة ذلك أن القانون اتاح للجهة الإدارية استخدام سلطة التنفيذ المباشر علي مرتب العامل ومخصصاته في حدود معينه في حالة وجود مديونية عليه للجهة الإدارية – كما اتاح للعامل الطعن علي القرارات الصادرة من الجهة الإدارية في هذا الخصوص – وإذا كان المشرع انحاز للجهة الإدارية في هذا الخصوص للحفاظ علي أموالها العامة فلا يجب أن تمتد الحماية إلي إجبار الموظف علي رد مبالغ بتنازع جهة الإدارة في أحقيتها في استردادها تحت ضغط توقيع جزاء تأديبي عليه فهنا تنتفي المخالفة التأديبية التي تتطلب يقينا تعمد ارتكاب هذه المخالفة قبل الموظف ووضوح تحايله في الحصول علي مبالغ لا يستحقها ولم يقم بالعمل المبرر لصرف مقابل عنها.
ومن حيث انه بتطبيق هذا الفهم علي واقعات الحكم المطعون فيه – فإنه يبين واضحا عدد من الحقائق التي تؤثر علي الحكم في هذه القصة منها " أن محور هذه القصة يدور حول رد بعض المبالغ التي تزيد علي الحد الأقصى المقرر وفقا لقرارات الوزراء في هذا الخصوص الا أن الحد الأقصى للمبالغ التي لا يجوز للموظف تجاوزها اختلفت الآراء فيه علي نحو لا يمكن وبقرار إداري حسم هذه المسألة وفي حالة تمسك الجهة الإدارية برأيها حول الحد الأقصى المذكور فإن عليها أن تقوم باستخدام مكنة التنفيذ المباشر علي المرتبات الخاصة بالطاعنين أو مطالبتهم قضائيا بها – ولا يجوز التطرق إلي التهديد بوجود مخالفة تأديبية في هذه الحالة – ومما يزيد هذا الفهم قوة أن الطاعنين قاموا بمباشرة الأعمال المدعي بتجاوز حصولهم علي مقابل عنها عن الحد الأقصى وعليه فالأصل أنهم يستحقون مقابلا لهذه الأعمال والاستثناء الذي يجب أن يدور في دائرة ضيقة أنهم لا يجوز لهم تجاوز الحد الأقصى المقرر بالقانون بل ويظهر من الأوراق أن هناك خلافا في تطبيق القوانين التي تصدر بالتجاوز عن استرداد ما تم صرفة بالمخالفة للقانون فالأمر يقع بالتأكيد في منطقة خلافية تتباين فيها الآراء علي نحو واضح بما لا يمكن تصور ان المتهمين كانوا علي علم يقيني بمخالفتهم هذا عن الحد الأقصى للأجور.
كما يظهر من الأوراق في خصوص هذه القضية من اجتهاد بعض الطاعنين في تحديد الحد الأقصى الذي لا يجب تجاوزه هذا الاجتهاد ولا يجوز محاسبه بعض الطاعنين عليه بوصف ذلك من المسائل العينية الوارد الخلاف فيها وإلا امتنع كل صاحب رأي فني عن إبداء رأيه فما دام هذا الرأي لا يخالف يقينا ثابتا وما هو معلوم من القانون بالضرورة فعليه الإدلاء بحرية ومنع العامل من ذلك هو غلق لباب الاجتهاد وهو أمر من شانه ان يصيب الجهاز الحكومي والإداري بالجمود المطلق وهو ما يؤدي في النهاية إلي توقف الحركة في هذا الجهاز بما يقضي علي أي أمل في تطويره وهو ما لا يمكن أن يبتغيه المشرع أو القاضي التأديبي في ترسيخ مبادئ المخالفات التأديبية فإذا أضفنا إلي ذلك ان قرار تحديد الحد الأقصى مشكوك في دستوريته وفقا لرأي الجمعية العمومية بمجلس الدولة يبين أن محور هذه القصة لا يجد له سند من قواعد التأديب إطلاقا حيث لا يجوز استخدام قواعد التأديب لإرغام العامل علي التسليم بمطالبات الجهة الإدارية في رد مبالغ يري العامل عدم أحقيته فيها.
ومن حيث أنه بتطبيق مجمل هذه المفاهيم علي واقعات الحكم المطعون فيه فإنه يبين من الأوراق أن فتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع قد تناولت قرار رئيس الوزراء رقم 615/ 1986 والذي قرر الحد الأقصى لما يتقاضاه الموظف من مرتبات ومكافآت في السنة الواحدة بمبلغ عشرين ألف جنية وذهبت الجمعية في ختامها إلي الإشارة بأن هذا القرار قد آثار الجدل حول مشروعيته لتناوله مسائل تكفل القانون وحده بتناولها وان هذا القرار تتعدل حدوده بقدر ما أضافته قوانين العلاوات الخاصة الى الاجور الاساسية وبقدر ما يحدثه من تأثير فيما يصرف من مبالغ بشق تشريعي أولا حتى يكون الصرف فيها علي أساس الأجر الأساسي المزيد.
" فتوى رقم 126 في 20/ 11/ 1997 ملف رقم 86/ 6/ 1357 جلسة 5/ 11/ 1997 ": .
وقد تباينت الفتاوى والآراء القانونية في تحديد الحد الأعلى للدخل الذي يجب استرداد ما يجاوزه فعلي حين ذهبت فتوى إدارة فتوى التعليم والتعليم العالي إلي أن هذا الحد الأعلى هو مبلغ 42 ألف جنية عن عام 1998 و 44 ألف جنية عن عام 1999 ( ملف رقم 18/ 24/ 628 في 7/ 7/ 2001 ) علي حين ذهب الجهاز المركزي للمحاسبات في كتابه المرسل لمديرية التربية والتعليم بالغربية برقم 729 في 8/ 4/ 2001 الشعبة رقم 36 طنطا أن هذا الحد الأعلى هو 52 ألف جنية عن عام 1999 – وجاء رأي المستشار القانوني للهيئة المصرية العامة لمشروعات الصرف المرفوع الى نائب رئيس الهيئة والذي قرر منه المستشار المذكور أن الحد الأقصى للدخل هو 52 ألف جنية ( حافظة المستندات المقدمة من الطاعنة/ ألهام يوسف صلاح الدين المقدمة بجلسة 1/ 10/ 2003 وحافظة مستندات الطاعن/ محمود محمد صديق المقدمة بجلسة 15/ 10/ 2005 ) وهذا الرأي الأخير هو الأقرب للصواب حيث صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 234/ 2000 بتعديل بعض أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615/ 1986 حيث قرر أن يكون الحد الأقصى للأجور هو أربعة وخمسين ألف جنية.
ومن حيث انه كذلك فإن الاتهام المنسوب إلي بعض الطاعنين وهم/ محمود محمد صديق علوي – وإلهام يوسف صلاح الدين بكتابته مذكرة بتحديد الحد الأقصى للدخل بمبلغ 52 ألف جنية بالمخالفة للحقيقة هذا الاتهام ينتفي في حقهما من واقع تضارب الفتاوى والآراء في هذا الخصوص ولا يعدو اجتهادهما سوي الإدلاء برأي فني في مسألة تنازع فيها الآراء القانونية فلا يجوز محاسبتهما عنها ويتعين تبرئتهما من هذا الاتهام.
ومن حيث انه وعن الاتهام الموجة للطاعنة/ سناء جمال الدين السيد والطاعن/ شكري زكي عبد المقصود والطاعن محمود عثمان بيومي بالحصول علي مكافآت عن أعمال لجان صرفت بالمخالفة للقرارات الوزارية المنظمة فالثابت أن سند هذا الاتهام هو عدم وجود موافقة من وزير المالية لهؤلاء الطاعنين بالقيام بأعمال هذه اللجان والخاصة بالإمتحانات ومسائل اخرى وذلك بوصفهم ممثلي وزارة المالية حيث يحظر قرار وزير المالية رقم 199/ 1992 علي مندوبي المالية تقاضي أية مبالغ من هذه الجهات.
والثابت من كتاب ووزارة المالية المرسل للمديرية المالية بالقليوبية بان موافقة الدكتور/ وزير المالية في 1/ 1/ 1997 علي استثناء ممثلي وزارة المالية المنتدبين لمديرية التعليم بالقليوبية من هذا القرار عند قيامهم بأعمال اللجان أو الامتحانات أو تقاضيهم مبالغ من الجهات المنتدبين للعمل فيها علي ألا يصرفوا أية مكافآت أو حوافز من وزارة المالية وجاء بكتاب رئيس الإدارة المركزية لشئون قطاع الحسابات والمديريات المالية الموجة إلي مدير المديرية المالية للمحافظة أن موافقة الوزير علي هذا الاستثناء تسري من تاريخ تحرير الكتاب المذكور في 25/ 5/ 2004 ( حافظة مستندات الطاعنين/ سناء جمال الدين السيد وشكري زكي عبد المقصود المقدمة بجلسة 22/ 12/ 2004) وعلي ذلك فإن هذا الاتهام لا يجد له سند من الواقع ويتعين الالتفات عنه وتبرئة الطاعنين منه.
ومن حيث أنه وعن الاتهام الأخير للطاعنين الأخيرين بعدم قيامهم برد المبالغ التي صرفت لهما بالتجاوز عن الحد الأقصى فالثابت مما تقدم ان هذا الاتهام لا يصلح سندا لاعتباره مخالفة تأديبية كما سبق البيان ذلك ان تباين الآراء حول هذا الحد الأقصى والمنازعة في قيمة المبالغ التي يتعين علي الطاعنين ردها يجعل من واجب الجهة الإدارية ان رأت لها حقا في استرداد هذه المبالغ أن تستخدم طريق التنفيذ المباشر أو الطريق القضائي لاقتضاء هذه المبالغ حتى يكفل للطاعنين منازعة الجهة الإدارية في حقها في الاسترداد وإذا كان اصل هذا القرار الذي تناول الحد الاقصي للدخل ووفقا لما انتهت إليه الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في فتاواها هذا القرار مشكوك في مشروعيته أو دستوريته في الأصل فبالقطع لا يجوز أن يكون سندا لتوقيع جزاء تأديبي علي موظف قام بالعمل المقرر له بمكأفاة أو الأجر فعلا وإنما يقف الأمر عند حد المطالبة القضائية بهذه المبالغ وإذا كان بعض الطاعنين قد سدد بعض هذه المبالغ فإن هذا الأمر تم برضاهم ودون أكراه فلا يجوز استخدام أسلوب التأديب لإكراه العامل علي رد ما يعتقد أنه حق له خاصة وأنه قام بالعمل المطلوب منه المكلف به ويستحق الأجر عن هذا العمل يما يجعل سائر الاتهامات المتعلقة بعدم رد هذه المبالغ لا تجد سندا في الأصول القانونية الصحيحة لردها من خلال استخدام أسلوب التأديب وإلا كان في ذلك انحرافا من الجهة الإدارية والنيابة الإدارية في استخدام إجراء التأديب لتحقيق أغراض عبر المفوضة به حيث يتم استخدام التأديب كوسيلة ضغط لدفع العامل لرد ما يعتقد أنه حق له وفي ذلك مصادرة لحقه في مقاضاة الجهة الإدارية للدفاع عما يعتقده حقا له بالمخالفة للقواعد الدستورية والقانونية التي تكفل له الدفاع عن حقوقه لدي الجهة الإدارية وعلي ذلك يكون الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر جديرا بالإلغاء خاصة وأنه لم يتضح من الأوراق وجود وسيلة فعالة لضمان كشف التجاوز عن صرف المبالغ التي تزيد علي الحد الأقصى إلا بعد صرف هذه المبالغ فعلا وهو أمر معيب في ذاته حيث يكون العامل قام بالعمل وصرف المقابل المقرر له عن هذا العمل فعلا وكان واجبا وضع نظام إداري لوقف صرف المبالغ الزائدة فور وصول المبالغ المنصرفة إلي الحد الأقصى حيث يمتنع العامل عن مباشرة العمل ما دام لم يتقاضى عنه المقابل ويفسح الطريق لغيرة للقيام بهذا العمل أو أن يقوم بالعمل وهو يعلم أنه لن يتقاضى مقابل عنه وقد عبرت الفتاوى عن هذا الفهم حين ذهبت إلي انه لا يجوز وقف مستحقات العامل إذا بلغت خلال جزء من السنة الحد الأقصى للأجور وهو ما أدي إلي حساب هذه المبالغ بعد انتهاء السنة المالية كاملة بما يجعل اتهام الطاعنة/ سناء جمال الدين السيد في هذا الخصوص غير قائم علي أساس.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: – بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعنين والقضاء مجددا ببراءتهم مما هو منسوب إليهم.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم بجلسة يوم السبت الموافق 21من ذو الحجة سنة 1426 الموافق 21/ 1/ 2006 بالهيئة المبينة بصدره.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات