الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن ين رقمي 2175 و 2191 لسنة 40 قع

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق – نائب رئيس مجلس الدولة
/ حسن كمال أبو زيد – نائب رئيس مجلس الدولة
د/ عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر – نائب رئيس مجلس الدولة
د/ حسني درويش عبد الحميد – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ معتز أحمد شعير – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ يحيى سيد علي – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

في الطعنين رقمي 2175 و 2191 لسنة 40 ق.ع

المقامة من

أولهما من: إبراهيم الدسوقي عبد العال سلطان
وثانيهما من: 1) إسماعيل حامد محمد أحمد
2) علاء الدين منصور عبد الحميد
في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة
بجلسة 27/ 2/ 1994 في الدعوى رقم 256 لسنة 20 ق


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 26/ 4/ 1994 أودع الأستاذ/ ناجي رشدي منصور المحامي نائباً عن الأستاذ/ ماهر محمد علي المحامي وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2175لسنة40ق. عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 27/ 2/ 1994 في الدعوى رقم 256/ 20ق المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن وآخرين فيما قضى به من مجازاة كل من المتهمين بخصم شهر من أجره.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً ببراءة الطاعن مما نسب إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت للأسباب فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى رقم 256لسنة20ق إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 26/ 4/ 1994 أودع الأستاذ/ غبريال إبراهيم غبريال المحامي بالنقض نائباً من الأستاذ/ أنور عبد الفتاح المحامي بالنقض بصفته وكيلا عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2191/ 40ق. عليا طعنا على الحكم المشار إليه.
وطلب الطاعنان للأسباب المبينة فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً ببراءة الطاعنين من المخالفة المنسوب إليهما.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه للأسباب المبينة فيه طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعنين بخصم شهر من أجر كل منهما والقضاء بمجازاتهما بالجزاء الذي تقدره المحكمة مناسباً مع ما ثبت في حقهما…
وعين لنظر الطعن رقم 2191لسنة40ق. عليا أمام دائرة فحص الطعون جلسة 10/ 6/ 1998 وبالجلسات التالية، وتم التأجيل لجلسة 9/ 6/ 1999 لنظر الطعن رقم 2175لسنة40ق.عليا مع الطعن رقم 2191لسنة40ق. عليا وبجلسة 12/ 1/ 2000 قررت المحكمة إعادة الطعن رقم 2191لسنة40ق. عليا لهيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه ولنظر الطعنين معاً، ونظر الطعنان بالجلسات التالية، وتم التأجيل أكثر من جلسة لإيداع هيئة مفوضي الدولة تقريرها في الطعن المشار إليه، وبجلسة 26/ 1/ 2005 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى هذه المحكمة "دائرة الموضوع" ونظرته بجلسة 12/ 3/ 2005 وبالجلسات التالية، وبجلسة 15/ 10/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم في جلسة اليوم الموافق 3/ 12/ 2005، وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن الطعنين استوفيا سائر أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 9/ 1/ 1992 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 256/ 20ق أمام المحكمة التأديبية وتقرير اتهام ضد كل من: 1)…………………………………… 2)……………
3) إسماعيل حامد محمد أحمد، فني شبكة المياه بالوحدة المحلية بمشلت وسابقاً بوحدة دموه مركز دكرنس درجة رابعة
4) ………………… 5)……………………… 6)………………………………
7) علاء الدين منصور عبد الحميد مدير الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية بدموه مركز دكرنس درجة ثالثة
8)………………………… …………………………………………………………………
9) إبراهيم الدسوقي عبد العال سلطان، رئيس الوحدة المحلية بمنشأة عبد الرحمن حاليا وسابقاً رئيس وحدة دموه المحلية درجة ثانية
لأنهم خلال الفترة من عام 1982 حتى 1990 بدائرة الوحدة المحلية بدموه مركز دكرنس بمحافظة الدقهلية لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة ولم يحافظوا على أموال وممتلكات الجهة التي يعملون بها، وأتو ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن: من الأول حتى السابع خلال فترة عمل كل منهم بالقسم الهندسي بوحدة دموه المحلية مركز دكرنس لم يقوموا باتخاذ الإجراءات المقررة حيال تعدي المواطنين إبراهيم أحمد باز، ولطفي عبد الرازق الغريب على أملاك الدولة العامة بناحية كفر عبد المؤمن بمساحة إجمالية 208.90متر لعدم قيامهم بحصر هذه التعديات وربطها بالريع المستحق حسب تقدير اللجنة المشكلة بالقرار رقم 149لسنة1990 مما ترتب عليه عدم تحصيل مبلغ 200.756جنيهاً المستحق عن تعدي المواطن/ لطفي عبد الرازق على مساحة 12 متر وعدم تحصيل مبلغ 3293.471 جنيهاً المستحق عن تعدي المواطن/ إبراهيم أحمد باز على مساحة 196.90متر على النحو المبين بالأوراق.
الثامن والتاسع أهملا في الإشراف على المخالفين من الأول حتى السابع مما يترتب عليه حدوث المخالفات محل التحقيق وعدم تداركها في حينه.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المتهمين تأديبياً طبقاً للمواد الواردة بتقرير الاتهام وبجلسة 27/ 2/ 1994 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بمجازاة كل من المتهمين بخصم شهر من أجره، وأقامت قضاءها على أساس أن ما نسب إلى المتهمين ثابت في حقهم أخذا بما ورد بالتحقيقات ثبوتاً كافياً على النحو الوارد بمذكرة الاتهام، وعلى ضوء ما شهد به وقرره كل من المهندس سعد فرج أبو المعاطي رئيس لجنة المتابعة التي عاينت الواقعة محل الاتهام، وفتوح النقراشى مفتش الأملاك بمديرية الإسكان بالدقهلية، وأنه بمواجهة المخالفين بما هو منسوب إليهم لم يفكر أحد منهم وجود تعديات على أملاك الدولة من المواطنين المذكورين بالتحقيقات وأنه لم يقم أي منهم باتخاذ الإجراءات المقررة قانوناً لإزالة التعديات الواقعة على أملاك الدولة وهذا يشكل في حقهم جميعاً مخالفة إدارية ومالية تستوجب مجازاتهم عنها تأديبياً وانتهت المحكمة إلى قضائها المشار إليه أنفاً.
وحيث إن مبني الطعن رقم 2715/ 40ق.عليا أن الحكم المطعون فيه شابه عيب مخالفة القانون على سند من القول بأنه جاء خالياً من الأسباب التي بنى عليها النتيجة التي انتهى إليها ولم يوضح عناصر الإدانة الصادرة في منطوق الحكم مما يعيب الحكم ويبطله فضلاً عن أن الثابت من المستندات المقدمة من الطاعن والمرفقة بصحيفة الطعن الماثل أن الواجب الذي زعمت سلطة الاتهام عدم قيام الطاعن به كان في غير اختصاصه في المدى الزمني الذي حدده قرار الاتهام.
ومن حيث إنه عن مبنى الطعن رقم 2191/ 40ق.عليا أن الحكم المطعون فيه خلف القانون وأخطأ في تطبيقه على أساس أن أوراق الدعوى التأديبية الصادر فيها الحكم المطعون فيه قد خلت تماما مما يفيد قيام أي جهة سواء أكانت الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة أو مديرية الإسكان والمرافق بالدقهلية بتسليم الوحدة المحلية لقرية دموه أراضي الدولة الواقعة في نطاقها الجغرافي وبالتالي فإنه لا يجوز مساءلة الطاعنين عن واقعة لم يفصل علمهما بها، يضاف إلى ذلك أن الطاعن الثاني استلم عمله بالوحدة المحلية لقرية دموه مركز دكرنس بتاريخ 26/ 9/ 19990 كمهندس مرافق وليس كمهندس تنظيم كما هو ثابت بقرار تعيينه وأخلى طرفه من الوحدة المذكورة لنقله إلى رئاسة مركز دكرنس بتاريخ 24/ 11/ 1990 أي أنه لم يمكث بالوحدة المحلية لقرية دموه المذكورة سوى شهرين فقط إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بمجازاة كلا من الطاعنين بخصم شهر من أجر كل منهما وهو بذلك قد أقسم بعدم الملائمة الظاهرة في الجزاء مما يخرجه عن حد المشروعية وبالتالي يبطله.
ومن حيث إن وقائع الموضوع تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن النيابة الإدارية تولت التحقيق في الشكوى المقدمة من المواطن/ لطفي عبد الرازق المقيم بكفر عبد المؤمن مركز دكرنس والتي يتضرر فيها من تقاعس المختصين بالإدارة الهندسية بمجلس مديرة دكرنس والوحدة المحلية بدموه عن اتخاذ الإجراءات القانونية حيال تعدي المواطن أحمد باز يوسف ووالده بالبناء على أملاك الدولة. وقد نسبت النيابة الإدارية للطاعنين على النحو الموضح بتقرير الاتهام أنهم خلال فترة عملهم بالقسم الهندسي بوحدة دموه المحلية مركز دكرنس لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة ولم يحافظوا على أموال وممتلكات الجهة التي يعملون بها وأتوا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة لعدم قيامهم مع باقي المحالين باتخاذ الإجراءات المقررة حيال تعدي المواطنين/ إبراهيم محمد باز ولطفي عبد الرازق الغريب على أملاك الدولة العامة بناحية كفر عن المؤمن بمساحة إجمالية 208.90متر لعدم قيامهم بحصر هذه التعديات وربطها بالريع المستحق حسب تقدير اللجنة المشكلة بالقرار 149لسنة1990 مما ترتب عليه عدم تحصيل مبلغ 200.756جنيهاً قيمة المستحق عن تعدي المواطن/ لطفي عبد الرازق على مساحة 12 متر وعدم تحصيل مبلغ 3292.471جنيهاً قيمة المستحق عن تعدي المواطن/ إبراهيم أحمد باز على مساحة 90س 169م وأنه بسؤال سعيد فرج أبو المعاطي المهندس بمكتب المراجعة والمسائل بمديرية المساحة بالدقهلية قرر أنه كان عضواً باللجنة المشكلة التي انتقلت يوم 14/ 7/ 1990 إلى قرية كفر عبد المؤمن لمعاينة المباني محل التحقيق على الطبيعة وقد تم عمل المقاسات وتبين وجود تعدي بالمباني المقامة بمعرفة المواطن لطفي عبد الرازق الغريب ويوجد تعدي على القطعة بحوض داير الناحية رقم بمسطح مقداره متر تقريباً، كما يوجد تعدي بالمباني المقامة بمعرفة المواطن/ إبراهيم أحمد باز على القطعة بحوض داير الناحية رقم بمسطح مقداره 196.90متراً مربعاً تقريباً، وأضاف أن المعاينة استقرت عن أن المنزلين المقامين بمعرفة كلاً من الشاكي والمشكو في حقه بهما تعدي كما هو موضح بالرسم الكروكي والذي قدمه للنيابة دليلاً على صحة أقواله في هذا الشأن.
وبسؤال سلامة السيد سلامة مدير التنظيم بمجلس مدينة دكرنس قرر أنه لم يتم حصر التعديات بدائرة الوحدة المحلية بدموه وبالتالي لم يتم ربط الربع على المساحة محل التعدي في هذه القضية إذ أن اللجنة مشكلة بقرار المحافظ رقم 149/ 1980 وتختص بحصر أملاك الدولة الخاصة على مستوى المحافظة وحصر جميع الأراضي المملوكة للدولة في القرى والمدن وبالتالي لم يتم اتخاذ أي إجراءات تنفيذية طبقاً لما نص عليه القرار الجمهوري رقم 529لسنة1976 أو عمل اللجنة المشار إليها، كما أضاف أن المختصين بالوحدات المحلية التي تقع بها الأملاك هم المنوط بهم تنفيذ تلك الإجراءات وهم رؤساء الأقسام الهندسية بالوحدات المحلية ورؤساء الوحدات المحلية الواقع بدائرتها التعدي.
وبسؤال فتوح القراشي، مفتش الأملاك بمديرية الإسكان بالدقهلية قرر أن المعاينة التي قام بإجرائها المختصين بالإدارة الهندسية بالوحدة المحلية رئاسة مركز دكرنس تتفق مع ما انتهت إليه مديرية المساحة من وجود تعدي من كلا من الشاكي لطفي عبد الرازق الغريب والمشكو في حقه إبراهيم أحمد علي باز على أملاك الدولة بناحية كفر عبدالمؤمن، وأضاف أنه من حق الوحدة المحلية الواقع في دائرتها الأرض مباشرة اختصاصها في المحافظة عليها وعدم تمكين أي مواطن من التعدي أو استكمال التعدي إذ أنها المختصة باتخاذ إجراءات حصر تلك الأراضي وأخطار لجان التقدير بغية تقدير ثمن المتر وتحصيل الربع المستحق للحكومة عن المدة السابقة وأنه كان يتعين على رئيس قسم الشئون الهندسية فور علمه بوجود التعدي على أملاك الدولة العامة، اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ عليها، وأن الوحدة المحلية هي المنوط بها اتخاذ إجراءات الاتصال بمديرية المساحة لاحتمال وجود أكثر تعدي على الأرض الواقع فيها التعدي، مشيراً إلى أن الواضح من حافظة مستندات التي قدمها طلعت الدسوقي على رئيس الوحدة المحلية بدموه أنها مجرد مكاتبات صادرة من والي الوحدة لا تجزم بأي إجراء من شأنه أن يكون قد اتخذ على النحو الذي نص عليه القرار الجمهوري رقم 541لسنة1976 بما تضمنه من عملية بيع أو تنفيذ الإزالة، كما أضاف أن المختصين بالوحدة بدموه مسئولين مسئولية كاملة عن الإجراءات التي تتخذ فور اكتشاف وجود تعدي على أملاك الدولة سواء كان هذا التعدي حديثاً أو أقيم منذ عدة سنوات.
ومن حيث إنه بسؤال الطاعن الأول عما هو منسوب إليه قرر أنه تسلم العمل خلفا لمحمود فوزي حافظ (أحد المحالين معه) واستلم العمل بعده (رجب محمد أحمد، أحد المحالين معه أيضاً) وإنه لم يكن يعرف أنه يوجد تعديات على أملاك الدولة من المواطنين المذكورين وأنه طلب منهم اللجوء للمساحة. وبسؤال الطاعن الثاني عما هو سند إليه قرر أنه تسلم العمل مديراً للإدارة الهندسية ورئيساً لقسم المرافق بالوحدة اعتباراً من 26/ 9/ 1990 خلفاً لرئيس القسم السابق السعيد محمد السعيد فياض (أحد المحالين منه)، وأضاف أنه/ توجد إدارة أو قسم للأملاك بالوحدة، وأن الأملاك تتبع القسم الهندسي، وأنه لم يتم عرض تلك المشكلة عليه، وأختتم أقواله مقرراً أنه كان يتعين على كل من السعيد محمد السعيد فياض رئيس القسم الهندسي الأسبق وطلعت الدسوقي علي رئيس الوحدة المحلية بدموه اتخاذ الإجراءات.
ومن حيث إن ما نسب إلى الطاعنين قد ثبت في حقهم من التحقيقات التي أجرتها النيابة الإدارية، بما يشكل مخالفة إدارية ومالية تستوجب بمجازاتهم عنها تأديبياً.
ولا ينال مما تقدم، ما آثاره الطاعن علاء الدين منصور عبد الحميد في الطعن رقم 2191/ 40ق.عليا من أنه لم تعرض عليه تلك المشكلة وأنه تسلم عمله في 26/ 9/ 1990، وأنه كان يتعين على سلطة اتخاذ الإجراءات المقررة قانوناً لإزالة التعديات الواقعة على أملاك الدولة، فإنه ولئن صح ذلك إلا أن واجبه الوظيفي كان يحكم عليه عندما يتصل علمه بواقعة التعدي أن يبادر إلى اتخاذ تلك الإجراءات لإزالة تعدي المواطنين المذكورين على أملاك الدولة، باعتبار أن حمايتها واجب على كل مواطن، فمن باب أولى، المنوط بهم قانوناً هذه الحماية.
وأنه ليس صحيحاً ما آثاره الطاعن المذكور من قصور الحكم الطعين في التسبيب، وأنه جاء خالياً من الأسباب التي بنى عليه النتيجة التي انتهى إليها، ذلك أنه طبقاً للثابت من الحكم المطعون فيه أنه قد استعرض الأسباب المتعلقة باستخلاص الوقائع المكونة للمخالفة ثم للأسباب المتعلقة بأدلة ثبوت تلك الوقائع وأوردت المحكمة أدلة الثبوت والأقوال والشهادات الواردة بالتحقيقات التي تثبت إدانة الطاعن وانتهى التكييف القانوني للوقائع الثابتة أنها تشكل مخالفة مالية وإدارية ومجازاة الطاعن عنها، وبالتالي يكون الحكم جاء سليما ولا غبار عليه، ويكون النعي على الوجه المتقدم في غير محله جدير بالرفض.
ومن حيث إنه عن النعي على الحكم المطعون فيه بعدم الملاءمة الظاهرة في الجزاء مما يخرجه عن حد المشروعية، فمن المستقر عليه أن الأصل في تقدير الجزاء أنه يقوم على أساس التدرج تبعاً لدرجة جسامة الذنب المرتكب، وإذا كان للسلطة التأديبية تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء، فإن مناط المشروعية ألا يشوب استعمالها غلو، ومن صور هذا الغلو عدم الملاءمة الظاهرة بين خطورة الذنب وبين نوع الجزاء والتناسب بين المخالفة التأديبية وبين الجزاء يوقع عنها إنما يكون في ضوء التحديد الدقيق لوصف المخالفة في ضوء الظروف والملابسات المشكلة لأبعادها، وأن مؤدى ذلك أن جسامة العمل المادي المشكل للمخالفة التأديبية إنما يرتبط بالاعتبار المعنوي المصاحب لارتكابها بحيث لا تتساوى المخالفة القائمة عن نقله أو استهتار بتلك القائمة على العمد والهادفة إلى غاية غير مشروعة، إذ لا شك أن الأولى أقل جسامة من الثانية وهو ما يجب أن يدخل في تقدير من يقوم بتوقيع الجزاء التأديبي في ضوء ما يستخلصه استخلاصاً سائغاً من جماع أوراق الموضوع.
ومن حيث إن للسلطات التأديبية ومن بينها المحاكم التأديبية سلطة تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء ومناط مشروعية هذه السلطة شأنها شأن أي سلطة تقديرية أخرى هو ألا يشوب استعمالها غلو ومن صور الغلو عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداري وبين نوع الجزاء ومقداره وفي هذه الحالة يخرج التقدير من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن ثم يخضع رقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم، وإذ كانت المخالفة المنسوبة إلى الطاعنين ثابتة في حقهم. إلا أنه نظراً للظروف والملابسات التي أحاطت بالواقعة من عدم وجود بيانات أو سجلات لأملاك الدولة بالوحدة المحلية لقرية دموه، وكذلك عدم إيفاد من يتوافر له الخبرة الكافية للاشتراك مع الوحدة في فتح السجلات الخاصة بالأملاك وتدريب العمالة اللازمة حتى يمكن للوحدة المحلية السيطرة على تلك الأملاك ومنع وقوع أي تعديات عليها وهو ما لم تنكره الجهة الإدارية، ومن ثم فإنه في ضوء هذه الاعتبارات كلها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خرج من المشروعية إلى عدم المشروعية بتقدير الجزاء الموقع على الطاعنين بخصم شهر من أجر كل منهم، مما يتعين معه إعادة التوازن في اختيار العضوية المناسبة بإلغاء العقوبة المقضي بها، ومجازاة الطاعنين بخصم عشرة أيام من أجر كل منهم.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعنين بخصم شهر من أجر كل منهم، والقضاء بمجازاتهم بخصم عشرة من أجر كل منهم، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم السبت الموافق 1 من ذو القعدة1426هجرية والموافق 3/ 12/ 2005 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات