الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 11996 لسنة 49 ق عليا

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة

بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عصام الدين عبد العزيز جاد الحق – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / حسن كمال أبو زيد – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار د/ عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار د/ حسني درويش عبد الحميد – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / معتز أحمد شعير – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / محمد حسن أحمد – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 11996 لسنة 49 ق. عليا

المقام من

دعاء إبراهيم محمد أنيس

ضد

النيابة الإدارية
طعنا في حكم المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها الصادر بجلسة 26/ 5/ 2003، في الدعوى رقم 75 لسنة 44 ق


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 15/ 7/ 2003، أودع الأستاذ/ أحمد فؤاد السيد المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 11996 لسنة 49 ق. عليا، في الحكم المشار إليه، وذلك فيما قضى به من مجازاة الطاعنة بخصم شهر من راتبها.
وطلبت الطاعنة للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار والقضاء ببراءة الطاعنة مما هو منسوب إليها، وإلزام الجهة الإدارية المصاريف وأتعاب المحاماة.
وجرى إعلان الطاعن على النحو الموضح بالأوراق.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني، طلبت للأسباب المبينة فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 22/ 12/ 2004 وبالجلسات التالية على النحو الموضح بمحاضر جلساتها، وبجلسة 22/ 6/ 2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 1/ 10/ 2005 ونظر أمام المحكمة بالجلسات التالية، وبجلسة 17/ 12/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيه صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وإتمام المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر الموضوع، تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 9/ 3/ 2002 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 75 لسنة 44 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها، وتقرير اتهام ضد:
دعاء إبراهيم محمد أنيس أمينة مكتبة بمدرسة ناصر الثانوية بنات التابعة لمديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة الدرجة الثالثة.
وقد نسبت النيابة الإدارية إليها أنها اعتباراً من 17/ 9/ 2001:
1- انقطعت عن العمل في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
2- احتفظت لنفسها بأصول الأوراق والتأشيرات الخاصة بطب الأجازة المقدم منها دون مسوغ قانوني.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المتهمة طبقاً للمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 26/ 5/ 2003 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيدته أساس أن المخالفة الأولى المنسوبة للمحالة والمتمثلة في انقطاعها عن العمل اعتباراً من 17/ 9/ 2001 قد جاءت ثابتة في جانبها على النحو الوارد بأوراق التحقيق وما جاء ببلاغ الجهة الإدارية إلى النيابة الإدارية بتاريخ 14/ 11/ 2001 من انقطاع المحالة عن العمل اعتبارا من 17/ 9/ 2001 وما شهد به فتح الله على السيد وكيل مدرسة ناصر الثانوية من انقطاع المحالة عن العمل اعتباراً من التاريخ المذكور، وعدم تقديمها بما يفيد حصولها على أجازة وهو انقطاع يشكل في حقها مخالفة تأديبية تستوجب مؤاخذتها عنها كما خلصت المحكمة إلى ثبوت المخالفة الثانية المنسوبة للمحالة، والمتمثلة في احتفاظها بأصول الأوراق والتأشيرات الخاصة بطلب الأجازة المقدم منها دون مسوغ قانوني، على أساس الثابت بالتحقيقات من قيام المحالة بتقديم صور ضوئية إلى جهة الإدارة من الأوراق الخاصة بطلب الحصول على أجازة خاصة لرعاية الطفل وهو ما تأكد يقينياً بقيام المحالة بتقديم أصول هذه المستندات ضمن حوافظ المستندات المقدمة منها إلى المحكمة مما يشكل في جانبها ذنباً إدارياً، وقد خلت الأوراق من وجود ثمة مبرر يسوغ للمحالة احتفاظها بأصول الأوراق الأمر الذي يستوجب مجازاتها تأديبياً.
وانتهت المحكمة إلى قضائها سالف البيان.
ومن حيث إن مبنى الطعن على هذا الحكم، يقوم على أسباب حاصلها:
أولاً: مخالفة الحكم للقانون والخطأ في تطبيقه عندما أدان الطاعنة على المخالفة الأولى سالفة الذكر، لمخالفة ذلك للثابت من الأوراق من حصولها على أجازة قانونية وجوبية مصرح بها من وكيل أول وزارة التربية والتعليم وإخلاء طرفها من الأقسام المعنية، ومن ثم تكون المخالفة قد قامت على غير أساس من القانون.
الثانية: الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب تأسيساً على أن الحكم الطعين قد أدان الطاعنة من المخالفة الثانية المنسوبة إليها رغم ما ورد بمذكرة الطاعنة من أن جهة الإدارة هي التي تعسفت في قبول أوراق الأجازة ورفضت استلامها بحجة أنها ما زالت في فترة الاختبار مما حدا بها إلى تحرير محضر بقسم الشرطة لإثبات الحالة وإرسال الأوراق في إنذار رسمي على يد محضر، فضلا عن أن تقديم الطاعنة لتلك المستندات أمام المحكمة يحسب لها وليس عليها، وإذ طرح الحكم هذه الوقائع المدعمة بالمستندات، فإنه يكون قد أخل بحق الدفاع وجاء قاصراً في التسبيب مما يؤدي إلى بطلانه.
ثالثاُ: بطلان قرار إحالة الطاعنة للمحاكمة التأديبية لعدم سابقة إنذارها طبقاً للمادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تأسيساً على أن الثابت بملف الدعوى أن كلا العنوانين للطاعنة مدون خطأ بما يجعل الحكم الطعين مخالفا للقانون.
رابعاً: عدم التناسب بين المخالفة المنسوبة إلى الطاعنة والجزاء الموقع عليها، مما يشوب الجزاء بعدم المشروعية.
خامساً: إن الحكم الطعين قد أخطأ عندما قرر اختصاص محافظ الجيزة بمنح الطاعنة الأجازة لتبعيتها لإدارة الساحل التعليمية شمال القاهرة، وعدم وجود علاقة لها بمديرية التربية والتعليم بالجيزة أو محافظة الجيزة.
سادساً: الإخلال بمبدأ المساواة بين الأفراد للتفرقة بين حالة الطاعنة وحالة أخرى مماثلة قضي فيها بالبراءة.
ومن حيث إنه عن الموضوع، فيخلص فيما تضمنه بلاغ الشئون القانونية بإدارة الساحل التعليمية للنيابة الإدارية المؤرخ 14/ 11/ 2001 بشأن طلب تحديد مسئولية الطاعنة لانقطاعها عن العمل اعتباراً من 17/ 9/ 2001 وقد باشرت النيابة الإدارية تحقيقاتها في الواقعة بالقضية رقم 316 لسنة 2001 وانتهت إلى ثبوت المخالفتين للطاعنة في حقها ورأت إحالتها للمحاكمة التأديبية، حيث أصدرت المحكمة حكمها الطعين بمجازاتها على النحو السالف بيانه.
ومن حيث إنه عن المخالفة الأولى المنسوبة للطاعنة فهي ثابتة في حقها ثبوتاً يقينياً من واقع الأوراق والتحقيقات، وما جاء ببلاغ الجهة الإدارية إلى النيابة الإدارية بتاريخ 14/ 11/ 2001 من انقطاعها عن العمل اعتباراً من 17/ 9/ 2001 وبما شهد به فتح الله على السيد وكيل مدرسة ناصر الثانوية بنات من انقطاع الطاعنة عن العمل اعتبارا من 17/ 9/ 2001 وعدم تقديمها مما يفيد حصولها على أجازة، وبشهادة سهام حسين السيد وكيل قسم الشئون القانونية بإدارة الساحل التعليمية والتي أفادت بأن التأشيرات التي تم منحها للطاعنة للموافقة على منحها الأجازة لم يتم تنفيذها نظراً لاحتفاظها بأصول الأوراق فضلا عن كونها لا تزال في فترة الاختبار، وأن مدير عام الإدارة التعليمية قد وافق على منحها تلك الأجازة دون علمه بأنها لا تزال في فترة الاختبار، وأنه عند علمه بذلك طلب عرض عليه للبت فيه مرة أخرى، وبشهادة محمد الجميل إبراهيم إبراهيم مدير عام إدارة الساحل التعليمية والذي أفاد بأن موافقته على منح الطاعنة أجازة تمت بناء على تأشيرة وكيل أول الوزارة بالموافقة وإخطار شئون العاملين بالإدارة (قسم الأجازات الداخلية) لإجراء اللازم في ضوء هذه التأشيرة ولا تعتبر موافقته المؤرخة في 15/ 9/ 2001 في طلب الطاعنة نهائية إلا بعد أن تقوم شئون العاملين قسم الأجازات بفحص ملف المذكورة والوقوف في مدى أحقيتها في منحها أجازة من عدمه، ثم يعاد عرض طلب الأجازة عليه مرة أخرى، ومرفق به مذكرة بما انتهت إليه شئون العاملين.
ولما كان الثابت من كل ما تقدم، أن الطاعنة انقطعت عن العمل دون انتظار بت جهة الإدارة في طلب الأجازة، ودون استكمال الإجراءات المقررة في هذا الشأن، وكان الثابت أن الجهة الإدارية لم تنتهي بصورة قاطعة في طلبها، حيث طلبت إعادة عرضه مرة أخرى للنظر فيه، بعدما تبين أن الطاعنة في فترة الاختبار ولا يحق لها الحصول على أجازة طبقاً لنص المادة 70 مكرراً من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وذلك لتسلمها العمل في 28/ 5/ 2001 وفقاً للثابت ببياناتها بصحيفة حالتها الوظيفية وذلك على نحو ما انتهت إليه الشئون القانونية بإدارة الساحل التعليمية في مذكرتها المؤرخة 17/ 10/ 2001 وموافقة المدير العام على ذلك في 30/ 10/ 2001، ومن ثم يكون انقطاعها عن العمل قد جاء بدون أذن أو عذر وفي غير الأحوال المرخص بها قانونا.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم، تمسك الطاعنة بحصولها على أجازة من وكيل أول الوزارة وإخلاء طرفها ومن ثم تكون المخالفة المسندة إليها وهي انقطاعها عن العمل في غير الأحوال المرخص بها قانونا لا تقوم على سند سليم، ذلك أنه ولئن كانت الطاعنة قد حصلت على تأشيرة من وكيل أول الوزير المشرف على مكتب الوزير بمنحها أجازة بدون مرتب عام لرعاية الطفل بالداخل، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال انقطاعها عن العمل مباشرة دون إتباع باقي الإجراءات القانونية وانتظار البت في طلبها، ومن ثم يكون انقطاعها جاء على خلاف حكم القانون، ويكون ما تتمسك به في هذا الصدد لا يقوم على سند صحيح من الواقع أو القانون جدير بالالتفات عنه.
ومن حيث إنه لا ينال من سلامة ما تقدم، ما تتمسك به الطاعنة من صدور فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلسة 16/ 2/ 1983 من أن قيد عدم الترخيص للعامل بأجازة خلال الستة أشهر الأولى من خدمته لم يرد إلا بشأن الأجازة الاعتيادية، وجواز إيقاف فترة الاختبار وقطعها والترخيص للعامل بالأجازة الوجوبية أو الأجازة التي تقتضيها الضرورة مع استكمال فترة الاختبار عند عودته وذلك أنه مع التسليم بما تقدم، وكونه حقاً دستورياً، إلا أن ذلك لا يعني عدم مراعاة القواعد المنظمة أو الضابطة للعمل، ومن موافقة السلطة المختصة على الترخيص بالأجازة، والقول بغير ذلك مدعاة للفوضى وعدم الانضباط، وهو ما يتعارض مع مبدأ سير المرفق بانتظام وإطراد، وذلك ضمانا لأداء المرفق العام لما يناط به من واجبات على أكمل وجه دون اضطراب أو عدم استقرار.
كما أنه لا ينال مما تقدم من تمسك الطاعنة بصدور حكم في حالة مشابهة قضت فيها المحكمة بالبراءة، فذلك مردود عليه بأن لكل دعوى ظروفها وملابساتها، والحكم الصادر بها يأتي متفقاً مع ذلك، وبالتالي لا وجه للقياس على ذلك في الحالة المعروضة ومن ثم يكون هذا الوجه من الطعن غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون، أما ما تتمسك به الطاعنة من أن الحكم المطعون فيه شابه خطأ من ذكر تبعية الطاعنة لمحافظة الجيزة حال تبعيتها لمحافظة القاهرة، فذلك لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا يؤثر في الحكم ولا يشوبه بالبطلان، وبالتالي فإن هذا الوجه لا سند له من القانون جدير بالالتفات عنه.
ومن حيث إنه عن المخالفة الثانية المنسوبة للطاعنة والسالفة ذكرها، فقد جاءت ثابتة في حقها ثبوتا يقينيا على المسطر بأوراق التحقيق وشهادة فتح الله على السيد وسهام حسين السيد أنفة البيان، حيث أفاد الأول بأنها لم تقدم ما يفيد حصولها على أجازة وشهدت الثانية باحتفاظ الطاعنة بأصول الأوراق على النحو سالف الذكر، كما ثبت من الأوراق قيام الطاعنة بتقديم صور ضوئية إلى جهة الإدارة من الأوراق الخاصة بطلب الحصول على أجازة خاصة لرعاية الطفل حال وجوب تقديم أصول تلك الأوراق لشئون العاملين لإعداد مذكرة برأيها في منحها الأجازة وعرضها على السلطة المختصة، ومما يقطع في ذلك أن الطاعنة قدمت أصول هذه الأوراق ضمن حوافظ المستندات المقدمة منها أمام المحكمة التأديبية، الأمر الذي يشكل في جانبها ذنباً إداريا لمخالفتها ما استقر عليه العمل من تقديم أصول طلب الحصول على أجازة إلى الجهة لاتخاذ ما يلزم قانونا في شأنها، وقد خلت الأوراق من وجود ثمة مسوغ يبرر لها احتفاظها بأصول الأوراق، الأمر الذي يستوجب مجازاتها تأديبياً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى هذا المذهب وقضى بمجازاة الطاعنة بخصم شهر من راتبها، بمراعاة ما ثبت في حقها، لا يشوبه غلو يستلزم تعديله، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ويكون الطعن الماثل على غير أساس سليم من الواقع والقانون جدير بالرفض.
ومن حيث إن الفصل في موضوع الطعن يغني عن التصدي للشق العاجل.
ومن حيث إن هذا الطعن معفى من الرسوم تطبيقاً لنص المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم السبت 19 من المحرم لسنة 1427ه الموافق 18/ 2/ 2006

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات