المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 3036 لسنة 39ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل
صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق/ حسن كمال أبو
زيد، د/ عبد الفتاح عبدا لحليم عبد البر/ د/ حسنى درويش عبد الحميد – نواب رئيس مجلس
الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / معتز أحمد شعير – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / يحيى سيد على – أمين سر المحكمة
أسباب ومنطوق الحكم
في الطعن رقم 3036 لسنة 39ق. عليا
المقام من
محمد علي داود داود
ضد
النيابة الإدارية
طعناً في حكم المحكمة التأديبية بالمنصورة الصادر بجلسة16/11/2003في الدعوى رقم 465
لسنة 27 ق
الإجراءات
في يوم الاثنين الموافق 13/1/2003 أودع الأستاذ حلمي نصر الله يوسف
المحامي نائباً عن الأستاذ/ العدل محمد الغندور المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن،
قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3036 لسنة 49ق. عليا،
طعناً علي الحكم المشار إليه، فيما قضي به من مجازاة الطاعن بخصم شهر من أجره.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من مجازاة الطاعن بخصم شهر من أجره، والقضاء
ببراءته مما نسب إليه.
وجري إعلان الطعن علي النحو الموضح بالأوراق.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني، انتهت فيه للأسباب المبينة فيه-
إلي طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً , وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي
به من مجازاة الطاعن بخصم شهر من أجره، وببراءته مما هو منسوب إليه.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 8/12/2004 وبجلسة 23/3/2005 قررت الدائرة
إحالة الطعن إلي هذه المحكمة لنظره بجلسة 21/5/2005، وتدوول نظر بجلسات المحكمة علي
النحو الموضح بمحاضرها، وبجلسة 17/12/2005 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها
صدر وأودعت مسودته مشتملة علي أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات وإتمام المداولة.
وحيث إن الطعن استوفي سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر الموضوع، تتحصل – حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 4/9/99 أقامت
النيابة
الإدارية الدعوى رقم 465 لسنة 27 ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة وتقرير أتهام
ضد كل من :
1- 2- 3- 4-
5- محمد علي داود ، المحقق القانوني بإدارة غرب المنصورة – بالدرجة الثالثة
6- ………………………………………7-……………………………….
ونسبت إليهم فيه أتهم في 29/6/1997 بوصفهم السابق وبمقر عملهم المشار إليه بدائرة محافظة
الدقهلية لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وأمانة وخالفوا القواعد والتعليمات المعمول
بها وأتو ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة وخرجوا علي مقتضى الواجب الوظيفي وذلك
بأن :
الأول و الثاني و الثالث:…………
من الرابع حتي السابع: لم يقوموا باتخاذ الإجراءات اللازمة بوصفهم أعضاء لجنة المشتريات
بالإدارة للمشاركة في شراء الأصناف محل التحقيق بالرغم من علمهم من ضمن أعضاء لجنة
المشتريات عما أدي إلي ارتكاب المخالفين الثلاثة سالفي الذكر للواقعة محل التحقيق وذلك
علي النحو الموضح بالأوراق.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المتهمين تأديبياً طبقا للمواد الواردة بتقرير الإتهام
وبجلسة 16/11/2002 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم
شهر من أجره، وأقامت قضاءها علي أساس بالنسبة للمخالفة المنسوبة للطاعن وأخري – فإنها
ثابتة في حقهم ثبوتا كافياً من الأوراق علي نحو ما شهد به/ أحمد محمد سليم – بأن المذكورين
ضمن أعضاء اللجنة الدائمة لشراء احتياجات الإدارة ، وأنهم لم يشتركوا في شراء الأصناف
محل التحقيق وإنفراد المتهمين الأول والثاني والثالث بتنفيذ العملية بمفردهم دون إخطار
لجنة المشتريات بميعاد الشراء، ومن ثم يكون المذكورين قد أرتكبوا ذنباً إدارياً قوامه
عدم أداء العمل المنوط به بدقة وأمانه مما يستوجب مساءلتهم عنه تأديبياً.
ومن حيث إن مبني الطعن علي هذا الحكم حاصلة الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والقصور
في التسبيب والإخلال بحق الدفاع علي سند من القول بعدم مسئولية الطاعن عن المخالفة
المسندة إليه بتقرير الإتهام، إذ انه لم يخل بواجبات وظيفته تأسيساً علي أنه لم يعلم
بموعد المناقصة وأن المتهم الأول حتي الثالث هم الذين اختلسوا المبالغ المالية محل
الإتهام دون علم بقية أعضاء اللجنة المشكلة من الطاعن وآخرين، كما أن المتهمين المذكورين
هم الذين قاموا بسداد المبالغ التي اختلسوها لأنفسهم بعد اكتشاف الجريمة، كما أن النيابة
العامة قد استبعدت الإتهام بالنسبة للطاعن وقصرته علي المتهمين السالف ذكرهم، فضلا
عن أن المحكمة التأديبية التفتت عن أوجه دفاع الطاعن الجوهرية وما قدمه من مذكرات ومستندات
كان من شأنها تغير وجه الرأي في الدعوى، وم ثم يكون الحكم المطعون فيه مخالفا للقانون
مما يستوجب إلغاؤه.
ومن حيث إنه عن الموضوع، فتخلص وقائعه فيم أبلغت به إدارة غرب المنصورة التعليمية بكتابها
رقم 1074 في 16/11/1998 النيابة الإدارية من طلب التحقيق وتحديد المسئولية التأديبية
للمتهمين المذكورين سلفا، وذلك لمسئوليتهم التضامنية من شراء أصناف الإدارة الفصل الواحد
بإدارة غرب المنصورة التعليمية بالمستندين رقمي 16924 ، 16925 في 30/6/1997 والتي تم
بحثها بمعرفة الجهاز المركزي للمحاسبات والذي انتهي إلي وجود فرق في الأسعار بالزيادة
عن سعر السوق قدرت بمبلغ 8465.60 جنيه.
وقد أجرت النيابة العامة تحقيقا في الواقعة في المحضر رقم 10023 لسنة 1999 قسم أول
المنصورة انتهت فيه إلي ارتكاب المتهمين من الأول حتي الثالث لجريمة الاستيلاء علي
المال العام والتزوير وطلبت النيابة العامة إرسال الأوراق للجهة الإدارية التابع لها
عمل المتهمين لتوقيع الجزاء الإداري المناسب عليهم، مما أسند إليهم وذلك لسدادهم جملة
المبالغ المختلسة، واكتفاء بما لا قوة من إجراءات ضبط وحبس وتحقيق ومراعاة لأسرهم.
وقد أجرت النيابة الإدارية تحقيقاً أيضاً في الموضوع بالقضية رقم 564 لسنة 1999 المنصورة
ثالث ، خلصت فيه إلي ثبوت مسئولية الطاعن وآخرين عن المخالفات المنسوبة إليهم وطالبت
بمحاكمتهم تأديبياً طبقاً للقيد والوصف الوارد بتقرير الإتهام المشار إليه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد أستقر علي أنه من المبادئ الأساسية في المسئولية القضائية
سواء أكانت الجهة جنائية أم تأديبية مبدأ الثبوت اليقيني لوقوع الفعل المؤثم من المتهم
وأن يقوم هذا الثبوت علي أساس توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها في ارتكاب
المتهم للفعل المنسوب إليه ولا يسوغ قانونا أن تقوم الإدانة تأسيساً علي أدلة شكوك
في صحتها أوفي دلالتها وإلا كانت مزعزعة الأساس ذلك أن المقرر إعمالا لنص المادة من الدستور أن الأصل في الإنسان البراءة وأنه يتعين علي سلطة الاتهام بيان الدليل علي
الإدانة، وبهذه المثابة ، فإنه في مجال المسئولية التأديبية يتعين علي النيابة الإدارية
بيان الدليل علي إدانة المتهم، فإذا اثبت أن هذا الدليل لا يقطع في ثبوت مسئولية العامل
يتعين القضاء ببراءته لإنتفاء السبب المشروع الذي تقوم عليه مسئوليته التأديبية المستوجبة
لمؤاخذته تأديبياً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والتحقيقات ، أنه ولئن كان الطاعن عضوا بلجنة المشتريات
بالإدارة، إلا أنه لم يعلم بالممارسة ولم يشترك في أية مرحلة من مراحلها حتي انتهائها،
وأنه لم يخطر بميعاد الممارسة التي تمت في يوم 29/6/1997 الأمر الذي مؤداه ولازمه انقضاء
هذه المخالفة في حق الطاعن، ومن ثم فإنه لا يكون هناك سبب سائغ ومشروع ينهض لقيام المخالفة
التي تبرر مؤاخذته وعقابه تأديبيا ومقتضى ذلك أن الاتهام المسند إليه في هذا الشأن
غير قائم علي أساس سليم من الواقع وصحيح حكم القانون.
ولا ينال مما تقدم، ما جاء بأقوال الشاهد/ احمد محمد سليم من أن كل عضو من أعضاء لجنة
المشتريات تم اختياره بمعرفة رئيسه المباشر وأنه لم يتم تحديد ميعاد معين لإجراء عملية
الشراء، فذلك مردود عليه أن اختيار الرئيس المباشر لا يكفي دليلا لمعرفته بعضويته في
اللجنة، ما دام لم يتصل علمه بهذا الاختيار، كما أنه كيف يتسنى للطاعن القيام بدوره
في عملية الممارسة دون إخطار بميعادها، هذا فضلاً عن أن الثابت من الأوراق والتحقيقات
إنفراد المتهمين من الأول إلي الثالث بتنفيذ العملية بمفردهم، وأنهم تعمدوا عدم إخطار
باقي أعضاء لجنة المشتريات بميعاد الممارسة لتحقيق تأديبهم.
ومن حيث إن الاتهام الذي وجهته المحكمة للطاعن من عدم قيامه باتخاذ الإجراءات اللازمة
بوضعه أحد أعضاء لجنة المشتريات بالإدارة للمشاركة في شراء الأصناف محل التحقيق بالرغم
من علمه بأنه ضمن أعضاء اللجنة مما أدى إلي ارتكاب المخالفين الثلاثة المشار إليهم
آنفاً للواقعة محل التحقيق إنما يتناقض تماما مع ما أورده الحكم المطعون فيه في حيثياته
من أن الطاعن لم يشترك في شراء الأصناف محل التحقيق وأنفراد المتهمين الأول والثاني
والثالث بتنفيذ العملية بمفردهم دون إخطار لجنة المشتريات بميعاد الشراء.
ومن حيث إنه لما تقدم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اخذ بغير هذا النظر، فإنه يكون
قد تنكب طريق الصواب، ولم يقم علي سند صحيح من الواقع والقانون، ويكون الطعن – والحال
كذلك- قائما علي حكمه، مما يتعين معه إلغائه فيما قضي به من مجازاة الطاعن بخصم شهر
من أجره، والقضاء مجدداً ببراءته مما نسب إليه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه فيما قضي به من مجازاة الطاعن بخصم شهر من أجره، والقضاء مجدداً ببراءته
مما اسند إليه.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم السبت الموافق 27 من محرم سنه 1427 هجرية الموافق
25/2/2006 بالهيئة المبينة بصدره
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
