المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 9284 لسنه 46 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة موضوع
بالجلسة المنعقدة علنا
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي – نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ محمود إبراهيم محمود علي – نائب رئيس
مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ منير صدقي يوسف خليل – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عمر ضاحي عمر ضاحي – نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد إبراهيم عبد الصمد – مفوض الدولة
وحضور السيد / محمد عويس عوض الله – أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 9284 لسنه 46 قضائية عليا
المقام من
أحمد حماد محمد صاحب شركة حماد للنقل والمقاولات بصفته
ضد
رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للاتصالات بصفته
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى- دائرة العقودالادارية والتعويضات – بجلسة18/
6/ 2000 في الدعوى رقم9313 لسنة 47 ق.
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق الخامس والعشرين من يوليو عام ألفين أودعت
وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر
من محكمة القضاء الإداري – دائرة العقود الإدارية والتعويضات – بجلسة 18/ 6/ 2000 في
الدعوى رقم 9313 لسنة 47 ق القاضي: أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر
الدعوى وباختصاصها بنظرها.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلزام الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية [
التي حلت محلها الشركة المطعون ضدها] بسداد مبلغ 526900 جنيهاً المستحقة له والفوائد
القانونية من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد والتعويض المناسب وإلزامها المصروفات
عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً
بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت بجلسة 7/ 8/
2002 إحالته إلى الدائرة الثالثة عليا – موضوع. لنظره جلسة 28/ 1/ 2003 ومن ثم نظرته
المحكمة بالجلسة المذكورة وما تلاها من جلسات على النحو المبين بمحاضرها حيث تم تصحيح
شكل الطعن باختصام المطعون ضده وقرر الحاضر عنه بجلسة 3/ 5/ 2005 أن المستندات مودعة
بملف الدعوى محل الطعن، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 28/ 6/ 2005 وفيها قررت مد
أجل النطق به لجلسة اليوم لإتمام المداولة حيث صدر وودعت مسودته المشتملة على أسبابه
عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة
من حيث إن الطعن استوفي أوضاعة الشكلية
ومن حيث أن عناصر النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن أقام الدعوى
رقم 9313 لسنة 47 ق بصحيفة أودعت بتاريخ 29/ 9/ 1993 قلم كتاب محكمة القضاء الإداري
– دائرة العقود الإدارية والتعويضات وقد اختصم فيها رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية
للاتصالات السلكية واللاسلكية بصفته. وطب الحكم بإلزام الهيئة بأن تؤدي له مبلغ 526900
جنيها قيمة مستحقاته والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد والتعويض
المناسب، والمصروفات القضائية وأتعاب المحاماة.
وذكر المدعي – الطاعن – شرحا للدعوى أنه تعاقد بتاريخ 26/ 4/ 1989 مع الهيئة المدعي
عليها على تنفيذ الأعمال المدنية والتركيبات واللحامات لشبكة كوابل مشروعات سنترالات:
بلبيس- فاقوس – أبو كبير وذلك بناء على مناقصة عامة رست عليه بمبلغ 960645700 جنيهاً
وقد أسندت الهيئة إليه بعد ذلك بعض الأعمال الإضافية، وأنه قام بإنشاء غرف التفتيش
الخاصة بالعملية طبقا للمواصفات الثابتة بالمقايسة ولم تقم الهيئة بتوريد الحلوق والأغطية
اللازمة لغرف التفتيش والتي تلتزم بتوريدها طبقاً لشروط المقايسة [صفحة رقم 21منها]
ومن ثم أرس خطاباً بتاريخ 2/ 5/ 1989 إلى مدير عام شبكات أقاليم وجه بحري آنذاك أشار
فيه إلى أنه توجه إلى ورش الهيئة لاستلام الحلوق والأغطية اللازمة فلم يجد الكمية المطلوبة
وطلب منه اتخاذ ما يلزم نظراً لخطورة ترك الغرف بذلك الوضع، وفي 5/ 5/ 1989 تأشر من
المدير العام على خطابه المشار إليه بأنه [ لا مانع من التوريد بمعرفتكم ومرفق نموذج
للتصنيع على أن تقوم الهيئة بممارستكم على السعر طبقاً لمواصفات الهيئة] وطلب منه تقديم
عينة للمهندس المختص لمعاينتها واعتمادها قبل التركيب، وأضاف المدعي أنه تقدم بعينة
من الحلوق والأغطية بتاريخ 27/ 5/ 1989 إلى المهندس الذي حدده المدير العام فقام بفحصها
وتأكد من مطابقتها للمواصفات، وعلى الرغم من قيامه بتوريد الكميات المطلوبة فإن الهيئة
رفضت صرف مستحقاته عنها مع أنها تلتزم أصلاً بتوريدها ولم يقم هو بذلك إلا بعد صدور
موافقة الموظف المسئول بالهيئة وطبقاً للإجراءات اللازمة لفحص واعتماد العينة وقد بلغت
قيمة ما ورده مبلغ 526900 جنيه مما اضطره إلى رفع الدعوى للمطالبة به والفوائد القانونية
عنه والتعويض المناسب عن الأضرار التي حاقت به من تأخر صرف هذا المبلغ له.
وبعد أن تدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أصدرت بجلسة 18/ 6/ 2000 الحكم المطعون
فيه وشيدته على أسباب حاصلها فيما يتعلق برفض الدعوى بعدم الاختصاص المحلي مركز إدارة
الهيئة المدعي عليها هو مدينة القاهرة ومن ثم تكون المحكمة مختصة محليا بنظر الدعوى
وأن نفذت المشروعات محل التعاقد في مدن أخرى، أما فيما يتعلق بموضوع الدعوى فقد خلصت
المحكمة إلى أن الثابت من الأوراق أن شركة المدعي – الطاعن – تلتزم بإنشاء غرف التفتيش
شاملة الحلوق والأغطية وذلك طبقاً لشروط العقد ومن ثم تتحمل بأسعارها ولا ينال من ذلك
أن أحد المسئولين بالهيئة طلب من الشركة توريدها على أن تتم ممارستها في السعر وقامت
الهيئة ببحث ذلك إذ أن ذلك لا يعني أحقيته في قيمة الأصناف المذكورة حيث يعد هذا التصرف
مخالفة للعقد ولا يملك أي موظف بالهيئة إعفاء الشركة من هذا الالتزام.
ومن حيث إن الطاعن لم يرفض ذلك الحكم فطعن عليه بالطعن الماثل مؤسسا إياه على أسباب
تخلص في أن الحكم المطعون فيه مخالف للواقع وللقانون وأخل بحقه في الدفاع إذ أن العقد
المبرم بينه وبين الهيئة تم تعديله بإتفاقهما بحيث أصبحت الهيئة ملتزمة بتوريد الأغطية
والحلوق لغرف التفتيش وذلك ثابت بالصفحة رقم 21 من مقايسة الأعمال والأغطية والحلوق
طبقاً للنموذج المعتمد من الهيئة بل إنها اعتمدت ما تم توريده في 28/ 9/ 1989 وناقشته
في السعر حيث اتفق على أن يكون بواقع 350 جنيهاً للوحدة، وقد تقدم لمحكمة القضاء الإداري
بمذكرة طلب فيها إحالة الدعوى للخبرة وأبدى فيها العديد من أوجه دفاعه ومع ذلك لم ترد
المحكمة على ما أورده بدفاعه وخلص الطاعن إلى طلباته السالف بيانها.
ومن حيث إنه من المقرر قضاء هذه المحكمة أن العقود الإدارية شأنها شأن العقود المدنية
تخضع للأصل العام المقرر في القانون المدني وهو أن العقد شريعة المتعاقدين ويجب تنفيذها
بما اشتملت عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية في تفسير هذه العقود، ومؤدى قاعدة
أن العقد شريعة المتعاقدين أن قواعد العقد هي الشريعة التي تحكم المتعاقدين ويتحدد
عن طريقها حقوق والتزامات كلاهما باعتبارها تقوم مقام قواعد القانون فيما بينهما، كما
جرى قضاء هذه المحكمة أيضا على أن العقد الإداري لا ينشأ ولا يتم تعديله إلا بإرادة
صحيحة من جهة الإدارة يعبر عنها من يملك ذلك قانوناً ومؤدي ذلك أنه وأن كان حق الإدارة
في تعديل العقد الإداري جائزاً قانوناً ولا سبيل لإنكاره عليها تسليماً بما لهذا العقد
من خصائص ذاتية وما تتمتع به الإدارة في نطاقه من إمتيازات السلطة العامة التي ترعى
بها المصلحة العامة وتحقق دوام المرافق العامة وحسن سيرها وانتظامها، فإن هذه الاعتبارات
هي ذاتها التي توجب أن يتم تعديل العقد الإداري من السلطة المختصة بذلك، وهي السلطة
الإدارية التي أبرمت العقد بحيث لا يعتد بأي تعديل في الحقوق أو الالتزامات الثابتة
بالعقد وما أبرم على أساسه من شروط ومواصفات إذ أصدرت من غير هذه السلطة حيث لا يكون
لها ثمة أثر في تحوير آثار العقد أو تغيير مقتضاه.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن العقد رقم 7/ 89/ 9 محل النزاع
الماثل قد نص في البند ثالثا منه على التزام الطاعن بتنفيذه طبقا للشروط العامة للمباني
الخاصة بالهيئة وطبقاً لمواصفات الأعمال التي تم الإشهار عنها في المناقصة ومقايسة
الأعمال وإذ يبين من مطالعة الشروط الخاصة بهذه المناقصة أن البند الخامس منها قد نص
على أن"تقوم الشركة بجميع أعمال الحفر لرمي الكوابل الرئيسية والفرعية ولحاماتها وتركيب
المواسير وإنشاء غرف التفتيش شاملة الحلق والغطاء ين وسحب الكوابل والمواسير وتوصيلها
حسب مواصفات الهيئة." ومؤدي ذلك أن نصوص العقد والشروط التي أبرم على أساسها واضحة
وقاطعة في أن توريد الحلوق والأغطية اللازمة لغرف التفتيش الخاصة بمشروع الكوابل في
مناطق تنفيذ عقد النزاع هو التزام أصيل يقع على عاتق الطاعن عبء تنفيذه باعتباره جزءاً
من التزامه الأساسي بإنشاء هذه الغرف حيث يشمل إنشاؤها وضع الحلوق والأغطية اللازمة
لها عليها، وإرادة الطرفين في هذا الشأن واضحة لا تحتاج إلى تفسير ولا يجوز الانحراف
عنها أو تأويلها بغير ما تؤدي إليه وهو ما أكدت عليه الهيئة في كتابها المؤرخ 14/ 3/
1993 المودع بحافظة مستنداتها أمام هيئة مفوضي الدولة بجلسة 7/ 4/ 1994 وفيه أشارت
إلى أن الطاعن وقع على الشروط المشار إليها وهو ما لم ينكره، وليس صحيحاً ما ذهب إليه
الطاعن من أن الهيئة هي التي تلتزم بتوريد هذه الأغطية والحلوق وأنه قام بتوريدها خشية
ترك الغرف دون أغطية مما قد يؤدي إلى المسئولية الجنائية والمدنية ومن ثم يستحق ثمن
توريدها فذلك القول لا سند له من العقد المبرم بين الطرفين أو من الشروط التي أبرم
طبقا لها وأحال عليها وهي قانون التعاقد الحاكم للعلاقة بينهما وعلى سند منه تتحدد
حقوق والتزامات كل منهما، وليس صحيحاً أنه تم تعديل شروط العقد بحيث صار توريد هذه
الأغطية والحلوق التزاماً على الهيئة فإن ما قام به الطاعن استحق المقابل المالي عنه
استناداً على أن أحد موظفي الهيئة – مدير عام شبكات الأقاليم بالوجه البحري- قد أشر
للطاعن بأن يتم توريد الأغطية والحلوق بمعرفته على أن تتم ممارسته على السعر فالموظف
المذكور لا يملك تعديل العقد أو نقل عبء تنفيذ التزام معين من الطاعن إلى الهيئة فليس
هو السلطة المختصة التي تملك ذلك وحدها وفقا لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة كما تقدم
بيانه، والثابت أن السلطة المختصة المنوط بها إجراء ذلك التعديل هو رئيس قطاع المخازن
والمشتريات بالهيئة الذي أبرم العقد مع الطاعن وبالتالي فإن تأشيرة مدير عام شبكات
الأقاليم على طلب الطاعن توريد هذه الأصناف بمقابل وما اتخذ بناء عليها من إجراءات
لا أثر لها ولا ترتب حقا للطاعن فيما يطالب به من ثمن لها إذ هي كما سلف جزء من التزامه
بإنشاء غرف التفتيش المتعاقد عليها، ولا تعول المحكمة أيضاً على ما ذكره الطاعن بتقرير
الطعن من أن توريد هذه الأغطية والحلوق تلتزم به الهيئة طبقاً للعبارة المدونة على
الصفحة رقم 21 من مقايسة الأعمال التي تفيد ذلك والمرفقة صورتها بحافظته المودعة أمام
محكمة القضاء الإداري إذ يبين من مطالعتها أنه لم يثبت منها الموظف الذي صدرت عنه وصفته
ومن ثم لا يكون لها ثمة أثر في تعديل المقايسة أو التزامات الطرفين استنادا إلى ما
سلف بيانه من أن ذلك لا يكون إلا للسلطة المنوط بها ذلك وهو ما لا دليل عليه بالأوراق،
وبالبناء على ما تقدم فقد أصاب الحكم المطعون فيه صحيح حكم القانون برفضه مطالبة المدعي
– الطاعن – بقيمة الحلوق والأغطية التي وردها لغرف التفتيش ولا وجه للنعي عليه بعدم
ندب خبير في الدعوى فمن المقرر أن ذلك الإجراء لا يعدو أن يكون من إجراءات الإثبات
في الدعوى التي تخضع للسلطة التقديرية للمحكمة ولا تثريب عليها إن التفتت عن طلب الخصوم
ندب خبير متى قدرت أن أوراق الدعوى كافية للفصل في موضوع النزاع المثار فيها وكان ما
خلصت إليه مستمداً من أصول ثابتة بها. أما بالنسبة لطلب التعويض فمتى لم يثبت ثمة خطأ
عقدي في جانب الهيئة فلا وجه لإلزامها بثمة تعويض وهو ما انتهى إليه صائباً الحكم المطعون
فيه الأمر الذي يكون معه الطعن الماثل مفتقراً لما يسانده ويتعين لذلك الحكم برفضه.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن الطاعن يلتزم بها عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: – بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً وألزمت
الطاعن المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علنا يوم الثلاثاء الموافق 20 من جماد الثاني سنه 1426 هجرية والموافق
26 من يوليو سنه 2005 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
