السيد الأستاذ الدكتور / وزير التربية والتعليم
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم 86/ 4/ 1543
جلسة 17 من مايو 2006
السيد الأستاذ الدكتور / وزير التربية والتعليم
تحية طيبة وبعد،،،،،،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم [ 6723+1 ] المؤرخ 12/6/2005 بشأن طلب إبداء الرأى فى مدى جواز التجاوز عن استرداد مكافأة الامتحانات التى صرفت للسيد / ممتاز شوقى النجار فى ضوء القانون رقم 4 لسنة 2000.وحاصل الوقائع _ حسبما يبين من الأوراق _ أن السيد / ممتاز شوقى النجار من العاملين بإدارة سمنود التعليمية قد انتخب عضواً بمجلس الشعب/ فتفرغ لعضويته بمجلس الشعب واحتفظ له بوظيفته وتقاضى مرتبه وبدلاته والعلاوات المقررة لوظيفته طوال فترة العضوية، وأثناء ذلك قام بصرف مكافأة الإمتحانات المستحقة عن أعوام 1999 و 2000 و 2001، بموافقة السيد وزير التربية والتعليم، إلا أن الجهاز المركزى للمحاسبات اعترض على صرف تلك المكافآت له وطلب استردادها، فقامت الإدارة التعليمية بالإسترداد وذلك بخصم 85 جنيهاً شهرياً، فتقدم السيد المذكور بطلب فى 22/3/2005 يلتمس فيه وقف الخصم إستناداً إلى ما يقضى به القانون رقم 4 لسنة 2000 بالتجاوز عما صُرف بغير وجه حق، فأحيل طلبه إلى الإدارة العامة للشئون القانونية التى إرتأت عدم احقيته فيما يطلبه تأسيساً إلى أن مكافآت الامتحانات ليست من المبالغ التى نصت عليها المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 2000،لذا فقد طلبتم الرأى.
ونفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة فى 17 من مايو سنة 2006م الموافق 19 من ربيع الآخر سنة 1427هـ فاستعرضت إفتاءها الصادر بجلسة 5 من مايو سنة 1999 والذى شيدته على أساس أنه فى مجال علاقة الدولة بالعاملين
بمرافقها العامة المتعددة، فقد بات الرأى مستقراً على أنها علاقة تنظيمية من روابط القانون العام تدور فى فلكه وتخضع لأحكامه، وثار بشأن هذه العلاقة أمر الموازنة بين الشرعية والاستقرار، فالشرعية تتطلب تصحيح كل ما هو معيب بغض النظر عما مضى عليه من الزمن، بينما من دواعى الاستقرار الاعتداد بما صدر معيباً متى مضت عليه مدة معينة، حفظاً لاستقرار المراكز القانونية من الزعزعة والخلخلة، وقد ثقلت موازين ودواعى الاستقرار، فنشأت قاعدة التحصن، والتى يغدو بموجبها القرار المعيب بمنأى عن السحب والتعديل بمرور ستين يوماً، والعامل وهو ينخرط فى خدمة أحد مرافق الدولة نظير أجر، فإنه يعتمد _ بحسب الغالب الأعم _ على هذا الأجر، فإذا ما قامت جهة الإدارة بتسوية حالته على نحو زاد فى أجره بما ليس من حقه، ولم تقترف هذه التسوية بسعى غير مشروع من العامل أو بما يدخل به الغش على الجهة الإدارية، فإن دواعى الاستقرار التى ثقلت موازينها فى القانون الإدارى، وقواعد العدالة التى تمثل شأواً عظيماً فى فروع القانون عامة والقانون الإدارى خاصة، والمبادئ العامة التى تمليها ضرورات سير المرافق العامة وما تقتضيه من رعاية عمال المرافق العامة وتأمينهم ضد المفاجآت التى تضطرب بها حياتهم، حتى ينخرطوا فى خدمة المرفق آمنين مطمئنين يعطون افضل ما عندهم، فكل أولئك يقتضى القول بألا يسترد من العامل ما سبق صرفه إليه بغير وجه حق إثر تسوية تبين خطؤها كلها أو فى جزء منها على نحو ما سلف بيانه، حتى لا تضطرب حياة هذا العامل ويختل أمر معيشته وأسرته اختلالاً شديداً، دون أن يكون له شأن بالخطأ الذى وقعت فيه جهة الإدارة. ولا جرم أن ذلك كله منوط بتوافر حسن النية لدى العامل والقائمين على أمره بالجهة الإدارية، سداً لكل ذريعة نحو التحايل أو المجاملة، فإذا أفصحت الأوراق عن غش أو تواطؤ أو مجاملة، ينهض حق الجهة الإدارية فى الاسترداد من العامل لرد قصده عليه وتفويتاً لباطل مسعاه، فضلاً عن المساءلة التأديبية للعامل ولمن شاركوه هذا الأثم، قطعاً للسبيل أمام كل من تسول له نفسه أن يعطى أو يأخذ غير المستحق من أموال المرفق الذى يعمل به غشاً أو مجاملة، ومرد الأمر فى ذلك انما يكون فى كل حالة واقعية وفقاً لظروفها وملابساتها.
ولا يحاج فى ذلك بأن أحكام القانون المدنى تقضى بالتزام من أخذ مبالغ بغير حق بردها، ذلك أن علاقة الدولة بالعاملين بها _ كما سبق القول _ علاقة تنظيمية تدور فى فلك القانون العام وتخضع لأحكامه، ولا يسرى عليها بالضرورة كل ما يسرى على روابط القانون الخاص.
والحاصل فى الحالة المعروضة أنه وأياً ما كان الرأى فى مدى مشروعية صرف مكافأة الإمتحانات للسيد المعروضة حالته أثناء تفرغه لعضويته بمجلس الشعب فان المبالغ المطلوب الرأى بشأنها قد صرفت دون ان يكون هناك غش أو سعى غير مشروع من جانبه أو تواطؤ معه من جهة الإدارة، فمن ثم فلا يجوز إسترداد ما سبق صرفه للسيد المذكور إعمالاً لما استقر عليه إفتاء الجمعية العمومية فى هذا الشأن.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى عدم جواز استرداد مكافأة الامتحانات التى صرفت للمعروضة حالته خلال الفترة من عام 1999 وحتى عام 2001، وذلك على النحو المبين بالأسباب.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/ جمال دحروج
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة
