السيد المهندس/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للبترول
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم 32/ 2/ 3714
جلسة الأول من مارس 2006
السيد المهندس/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للبترول
تحية طيبة وبعد،،،،،،
فقد اطلعنا على كتابكم المؤرخ 10/8/2005 بشأن النزاع القائم بين الهيئة المصرية العامة للبترول ومصلحة الضرائب ( مأمورية ضرائب شركات المساهمة بالقاهرة) حول مدى أحقية مؤسسة التمويل الدولية فى الإعفاء من ضريبة الدخل ورسم تنمية الموارد عن الأعوام من عام 1987 حتى 2000.وحاصل وقائع الموضوع ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن مؤسسة التمويل الدولية وهى منظمة دولية تتبع البنك الدولى للإنشاء والتعمير أنشئت بموجب اتفاق دولى بين بعض الحكومات ومن بينها حكومة جمهورية مصر العربية، وصدر بها القانون رقم 460 لسنة 1955، بغرض زيادة التنمية الاقتصادية بتشجيع المشروعات الإنتاجية الخاصة فى الدول الأعضاء، وقد تضمنت بنود الاتفاق المشار إليه نصوصاً صريحة بإعفاء المؤسسة وموجوداتها ودخلها وعملياتها ومعاملاتها من جميع الضرائب والرسوم الجمركية فضلاً عن إعفائها من مسئولية دفع أية ضرائب أو رسم، وقد شاركت مؤسسة التمويل الدولية الشركة الدولية للزيوت ( ايوك) كمقاول رئيسى فى بعض اتفاقيات البحث والتنقيب عن البترول مع الهيئة المصرية العامة للبترول، وقد تضمنت الاتفاقيات المشار إليها نصوصاً تفيد أن تتحمل الهيئة المصرية العامة للبترول الضريبة على الأرباح وأن تدفعها نيابة عن المقاول( شركة ايوك بمشاركة مؤسسة التمويل الدولية)، فقامت مأمورية ضرائب شركات المساهمة بالقاهرة بمحاسبة الهيئة عن ضريبة الدخل ورسم تنمية موارد الدولة المستحقة على نصيب مؤسسة التمويل الدولية لدى اشتراكها فى أعمال البحث والتنقيب عن البترول وذلك عن السنوات من عام 1987 حتى عام 2000، واستندت المأمورية فى ذلك إلى أن غرض المؤسسة ـ وفقاً لاتفاقية إنشائها ـ لا يشمل نشاط البحث والتنقيب عن البترول، وينحصر نشاطها فى تشجيع المشروعات الإنتاجية الخاصة فى الدول الأعضاء، بما يمكن معه القول بأن غرض المؤسسة هو غرض تنمية وليس غرض استثمار وتحقيق أرباح، فإذا ما تحققت هذه الأرباح فإنها تشكل الواقعة المنشئة للضريبة، وعلى ذلك الأساس أخضعت المأمورية حصة مساهمة مؤسسة التمويل الدولية فى الاتفاقيات البترولية المبرمة بين الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة الدولية ( ايوك) لضريبة الدخل ورسم التنمية.
ولما سايرت الإدارة العامة لمكافحة التهرب الضريبى ما انتهت إليه مأمورية ضرائب شركات المساهمة من عدم شمول الإعفاء الضريبى المنصوص عليه فى القانون رقم 460 لسنة 1955 لأنشطة البحث عن البترول واستغلاله وقامت بعمل عدة محاضر للهيئة المصرية العامة للبترول باعتبارها ممتنعة عن دفع الضريبة المشار إليها؛ فقد اضطرت الهيئة إلى سداد مبلغ ( مائة وخمسة وتسعين مليون جنيه تقريباً) للتصالح مع الإدارة العامة لمكافحة التهرب الضريبى، ثم طلبت عرض الموضوع على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع.
ونفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة فى 1 من مارس سنة 2006م الموافق 1 من صفر سنة 1427هـ فتبين لها أن الاتفاقية الخاصة بمؤسسة التمويل الدولية الصادر بها القانون رقم 460 لسنة 1955 تنص فى المادة على أن " غرض المؤسسة زيادة التنمية الاقتصادية وذلك بتشجيع المشروعات الإنتاجية الخاصة فى الدول الأعضاء وخصوصاً فى الأقطار الأقل نموا على النمو المطرد، وبذلك تكمل المؤسسة أوجه نشاط البنك الدولى للإنشاء والتعمير( الذى يدعى فيما يلى بالبنك) ولتحقيق هذا الغرض تقوم المؤسسة بما يلى :
أولا: المساعدة، بالتعاون من أصحاب الاستثمارات الخاصة، على تمويل إنشاء وتحسين وتوسيع المشروعات الانتاجية الخاصة التى تساهم فى إنماء الدول الأعضاء ـ فى الحالات التى يتعذر فيها الحصول على رؤوس الأموال الخاصة الكافية بشروط معقولة ـ وذلك بتوظيف الأموال دون ضمان لتسديدها من الحكومة المختصة.
ثانيا: السعى إلى الجمع بين فرص التوظيف ورؤوس الأموال الخاصة ـ الخارجية والداخلية ـ والإدارة ذات الخبرة.
ثالثا: العمـل علـى جـذب رؤوس الأمـوال الخاصة ـ الخارجية والداخلية ـ
لاستثمارها فى المشروعات الإنتاجية فى الدول الأعضاء وعلى تمهيد الظروف المواتية لهذا الغرض. تسترشد المؤسسة فى جميع قراراتها بأحكام هذه المادة". وأن المادة ( 3/ القسم1) بشأن عمليات التمويل تنص على أن " يجوز للمؤسسة أن توظف أموالها فى المشروعات الإنتاجية الخاصة فى أراضى أعضائها، وإذا كانت للحكومة أو لمؤسسة عامة أخرى مصلحة فى احد هذه المشاريع فإن ذلك لا يقتضى بالضرورة حرمان المؤسسة من توظيف أموالها فى ذلك المشروع ". وفى القسم 2 من ذات المادة بشأن طرق التمويل على أن " يجوز للمؤسسة أن توظف أموالها بالشكل أو الأشكال التى تراها ملائمة بحسب الظروف". وأن المادة (6/ القسم 9 ) بشأن إعفاءات المؤسسة تنص على أن " تعفى المؤسسة وموجوداتها وأموالها ودخلها وعملياتها ومعاملاتها المخولة لها بموجب هذه الاتفاقية من جميع الضرائب والرسوم الجمركية. وتعفى المؤسسة أيضاً من جباية ودفع أية ضريبة أو رسم ."
واستظهرت الجمعية العمومية من النصوص المتقدمة وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لمواد مشروع الاتفاقية الخاصة بمؤسسة التمويل الدولية أن الوظيفة الأساسية لمؤسسة التمويل الدولية والغرض من إنشائها هو المساعدة على الإنماء الاقتصادى بتشجيع القطاع الخاص فى اقتصاديات الدول الأعضاء، والعمل على جذب رؤوس الأموال الخاصة ( الخارجية والداخلية ) لاستثمارها فى المشروعات الإنتاجية، وأن المؤسسة إذ تقوم بوظيفتها تلك فإنها لا تنافس رؤوس الأموال خاصة فى تلك الدول؛ بل تكمل وتساعد فى استثمارها، وإذا كان الأصل أن تحصر المؤسسة اهتمامها الأكبر فى تمويل المشروعات الصناعية إلا انه أجيز لها أن تستثمر أموالها فى المشروعات المالية والتجارية أو فى المشروعات الاقتصادية الأخرى، بالشكل أو الأشكال التى تراها مناسبة بحسب الظروف، كما أجازت لها الاتفاقية أن توظف أموالها فى المشروعات الإنتاجية فى الدول الأعضاء بحيث لا يؤدى وجود مصلحة حكومية أو مؤسسة أخرى فى احد هذه المشاريع إلى حرمان المؤسسة من توظيف أموالها فى هذا المشروع، وتيسراً على المؤسسة فى أدائها لمهمتها فقد أعفت الاتفاقية موجوداتها وأموالها ودخلها وعملياتها ومعاملاتها المخولة لها بموجب نصوص الاتفاقية من جميع الضرائب والرسوم الجمركية فضلاً عن إعفائها من جباية أو دفع أية ضريبة أو رسم .وجاءت عبارة النص فى هذا الشأن صريحة جليه فى الإعفاء وعامة لتشمل جميع الضرائب أو الرسوم، ومطلقة مـن أى قيد يحد من الإعفاء.
ولماكان ما تقدم وكان الثابت، أن مؤسسة التمويل الدولية تشارك الشركة الدولية للزيوت (ايوك) المقاول الرئيسى فى الاتفاقيات البترولية الآتية :
1ـ اتفاقية الالتزام للبحث عن البترول واستغلاله فى منطقة مليحة الصادر بها القانون رقم 5 لسنة 1978 ( بنسبة 10%)
2ـ فى اتفاقية الالتزام للبحث عن البترول فى منطقة غرب الرازق الصادر بها القانون رقم 20 لسنة 1978( بنسبة 20%)
3ـ اتفاقية للبحث عن الغاز واستغلاله فى منطقة مليحة ديب ـ حفر عميق ـ الصادر بها القانون رقم 74 لسنة 1996.
وقد تضمنت الاتفاقيات البترولية المشار إليها نصوصاً تفيد تحميل الهيئة المصرية العامة للبترول ضريبة الدخل المستحقة على المقاول( شركة ايوك بمشاركة مؤسسة التمويل الدولية) لذا فإنه إذا كانت مؤسسة التمويل الدولية ـ طبقاً لنصوص اتفاقية إنشائها ـ تتمتع بالإعفاء من أية ضريبة أو رسم، فإن الهيئة المصرية العامة للبترول تستفيد من هذا الإعفاء بمقدار حصة مشاركة مؤسسة التمويل الدولية فى تلك الاتفاقيات، ومن ثم فهى فير ملزمة بدفع أية ضريبة أو رسم عن حصة المؤسسة المذكورة، ويكون ما قامت به مأمورية ضرائب الشركات المساهمة من إخضاع حصة المؤسسة لضريبة الدخل قد وقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 460 لسنة 1955 بشأن الاتفاقية الخاصة بمؤسسة التمويل الدولية.
والقول بغير ذلك فيه مخالفة لصريح نصوص الاتفاقية الخاصة بإنشاء المؤسسة المذكورة، دون أن يحاج بأن غرض الاتفاقية لا يشمل نشاط البحث والتنقيب عن البترول وان غرضها يقتصر
على زيادة التنمية الاقتصادية بالمشاركة فى المشروعات الخاصة غير الحكومية، إذ الثابت أن الاتفاقية المنشئة لمؤسسة التمويل الدولية قد خولتها سلطة توظيف أموالها بالشكل أو الأشكال التى تراها ملائمة بحسب الأحوال وهو نص من العموم والشمول بحيث يستوعب نشاط البحث عن البترول واستغلاله، فلا يستساغ تخصيصه دون مخصص، وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية للاتفاقية المشار إليها إذ رخُص فيها للمؤسسة أن تستثمر أموالها فى كل من المشاريع الصناعية والمالية أو فى المشاريع
الاقتصادية الأخرى، فضلاً عن أن صريح نصوص الاتفاقية وأن أعطت الأولوية فى توظيف المؤسسة لأموالها فى المشروعات الإنتاجية الخاصة ( أى غير الحكومية )، إلا أنها عادت لتؤكد على حــق
المؤسسة فى توظيف أموالها فى المشروعات التى للحكومة أو لاحدى المؤسسات العامة فيها مصلحة، الأمر الذى يتأكد به إعفاء نصيب مؤسسة التمويل الدولية من أرباح نشاطها فى البحث والتنقيب عن البترول من ضريبة الدخل ورسم تنمية موارد الدولة.
أما فيما يتعلق بطلب الهيئة المصرية العامة للبترول رد ما حصلته مصلحة الضرائب منها عن نصيب مؤسسة التمويل الدولية من أرباح مشاركتها فى الاتفاقيات البترولية المشار إليها، فإن المستقر عليه فى هذا الخصوص أن المشرع فى القانون المدنى قد ألزم كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقاً له برد ما أخذه بدون حق إلى الموفى تطبيقاً للقاعدة العامة فى الإثراء بلا سبب، وكان الثابت أن مصلحة الضرائب قامت بتحصيل ضريبة غير واجبة من الهيئة المصرية العامة للبترول على نصيب المؤسسة الدولية للتمويل المعفاة طبقاً لصريح نصوص الاتفاقية المنشئة لها من كافة الضرائب والرسوم، فإنها تكون قد قامت بتحصيل ما ليس مستحقاً لها أصلاً ويتعين عليها والحالة هذه رد ما حصلته إلى الهيئة.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى:أولا: إعفاء نصيب مؤسسة التمويل الدولية من أرباح نشاطها فى البحث والتنقيب عن البترول من ضريبة الدخل ورسم التنمية وفقاً لصريح نصوص الاتفاقيات المشار إليها.
ثانيا: إلزام مصلحة الضرائب برد ما حصلته من الهيئة المصرية العامة للبترول من ضرائب ورسوم عن نصيب المؤسسة المذكورة من أرباح المشروع. وذلك على النحو المبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/ جمال السيد دحروج
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة
