المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 1431 لسنة 38 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة (موضوع)
بالجلسة المنعقدة علنًا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي
عبد الرحمن اللمعي – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / يحيى خضري نوبي محمد، منير صدقي يوسف خليل/ عبد
المجيد أحمد حسن المقنن, عمر ضاحي عمر ضاحي (نواب رئيس مجلس الدولة)
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد إبراهيم عبد الصمد – مفوض الدولة
وحضور السيد / محمد عويس عوض الله – أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 1431 لسنة 38 ق. عليا
المقام من
رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون
ضد
ورثة ليلي عبد العال سيد – صاحبة ومديرة شركة المتحدة للمقاولات
وهم:
1- أحمد فؤاد عليوه.
2- خالد أحمد فؤاد عليوه.
3- لندا أحمد فؤاد عليوه
4- عبير أحمد فؤاد عليوه.
5- رضا أنور عواد.
وفي الطعن رقم 2303 لسنة 39 ق. عليا
المقامة من
ورثة ليلي عبد العال سيد – صاحبة ومديرة شركة المتحدة للمقاولات
وهم:
أحمد فؤاد عليوه، خالد، لندا، وعبير أحمد فؤاد، ورضا أنور عواد
ضد
1- رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون.
2- رئيس قطاع الهندسة الإذاعية.
طعنًا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – دائرة العقود الإدارية والتعويضات
بجلسة 1/ 3/ 1992 في الدعوى رقم 4735 لسنة 36 ق والدعوى رقم 2858 لسنة 40 ق.
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق 28/ 4/ 1992 أودعت وكيلة الطاعن في الطعن
الأول رقم 1431 لسنة 38ق.ع تقرير هذا الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا في الحكم
الصادر من محكمة القضاء الإداري – دائرة العقود الإدارية والتعويضات – في الدعويين
رقم 4735 لسنة 36ق ورقم 2858 لسنة 40 ق بجلسة 1/ 3/ 1992 القاضي أولاً: بقبول الدعوى
رقم 4735 لسنة 36ق شكلاً وفي الموضوع بإلزام اتحاد الإذاعة والتليفزيون بأن يؤدي للشركة
المدعية مبلغ 62597.500 جنيهًا (اثنان وستون ألفا وخمسمائة وسبعة وتسعون جنيهًا وخمسمائة
مليمًا) ورفض ماعدا ذلك من طلبات على النحو الوارد بالأسباب وإلزام طرفي الدعوى المصروفات
مناصفة.
ثانيًا: بقبول الدعوى رقم 2858 لسنة 40ق شكلاً ورفضهما موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية
المصروفات، وطلب الطاعن بصفته للأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم
المطعون فيه فيما قضي به من إلزام الجهة الطاعنة بمبلغ 1259.75 جنيهًا للمطعون ضدهم
وإلغاء الحكم الصادر في الدعوى رقم 2858 لسنة 40ق والحكم بالطلبات الواردة بها.
وفي يوم 15/ 2/ 1993 أودع وكيل الطاعنة – مورثة الطاعنين – في الطعن الثاني رقم 2303
لسنة 39ق.ع تقرير هذا الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا في ذات الحكم المطعون
فيه بالطعن الأول، وطلبت الطاعنة للأسباب المبينة بتقرير الطعن إلغاء الحكم المطعون
فيه فيما تضمنه من إلزام المطعون ضده بأن يؤدي لها مبلغ المقضي به وهو 2597.500 جنيهًا
وإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 170967.5 جنيهًا وفوائده القانونية من تاريخ المطالبة حتى
تمام السداد.
وقد أعلن الطعنان على النحو الثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي
القانوني في الطعنين كما نظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا
حسبما ورد تفصيلاً بالحكم التمهيدي الصادر من هذه المحكمة بجلسة 15/ 6/ 1999 والذي
يحتل إليه المحكمة منعًا للتكرار، وقد قررت الدائرة ضم الطعنين معًا ليصدر فيهما حكم
واحد وأحالتهما إلي هذه المحكمة لنظرهما حيث تدوولا بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها
وسبق بيانه بالحكم المشار إليه، وبجلسة 15/ 6/ 1999 حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً
وتمهيديًا وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لأداء المأمورية
المبينة بأسباب ذلك الحكم وخلاصتها بيان ما نفذته الشركة من أعمال وتحديد مستحقاتها
قبل الجهة الإدارية وما صرف لها وما تستحقه من تعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي
أصابتها وتحديد ما أصاب اتحاد الإذاعة والتليفزيون عن أضرار بسبب أعمال التفجير تحت
الهوائيات وتكاليف إصلاح ذلك وتحديد التعويض المناسب لكل طاعن من تصرفات الآخر ومستحقات
كل منهما قبل الآخر.
وقد أودعت إدارة الخبراء التقرير رقم 9 لسنة 2003 المؤرخ 27/ 12/ 2003 وبعد إيداعه
حضر الطرفان كل بوكيل وتأجل نظر الطعن للإطلاع علي التقرير لأكثر من جلسة، إلي أن قررت
المحكمة إصدار الحكم بجلسة 5/ 9/ 2005 وصرحت بإيداع مذكرات خلال شهر، فأودع وكيل الورثة
مذكرة أشار في ختامها إلي أن ما انتهي إليه تقرير الخبرة واضح والتمس الحكم للورثة
بحقوقهم ورفض طلبات اتحاد الإذاعة والتليفزيون لأنها لا تقوم على سند صحيح من الواقع
أو القانون، كما أودع اتحاد الإذاعة والتليفزيون مذكرة خلال ذلك الأجل أبان فيها أوجه
اعتراضه على تقرير الخبرة وطلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من إلزام
الاتحاد مبلغ 62597.5 جنيهًا وإلغاء الحكم الصادر في الدعوى 2858 لسنة 40ق والحكم للاتحاد
بالطلبات المبينة بصحيفتها، واحتياطيا إعادة الأوراق للخبرة، وأرفق بالمذكرة حافظة
مستندات.
وبجلسة 5/ 9/ 2005 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 25/ 10/ 2005 لإتمام المداولة
ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند
النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة بعد المداولة.
من حيث إن عناصر النزاع في الطعنين سبق ذكرها بالحكم التمهيدي الصادر عن هذه المحكمة
بجلسة 15/ 6/ 1999 ومن ثم تميل المحكمة في شأن تفصيلاتها إليه لتجنب الإطالة أو التكرار،
ولكن تجدد الإشارة إلي وجيزها الكافي لحمل هذا الحكم ويخلص في أن السيدة/ ليلي عبد
العال سيد صاحبة ومديرة شركة المتحدة للمقاولات (مورثة المطعون ضدهم بالطعن الأول وهم
الطاعنون في الطعن الثاني) كانت قد أقامت الدعوى رقم 4735 لسنة 36ق أمام محكمة القضاء
الإداري – دائرة العقود والتعويضات بتاريخ 20/ 7/ 1982 وطلبت في ختام صحيفتها الحكم
أولاً: بصفة مستعجلة بإعادة خطاب الضمان النهائي الصادر من بنط الدلتا الدولي لصالح
اتحاد الإذاعة والتليفزيون عند بدء التعاقد في شهر يوليه 1979، ثانيًا وفي الموضوع
بإنهاء العقد المؤرخ 22/ 5/ 1979 وإلزام الاتحاد بأن يؤدي لها مبلغًا مقداره مائة واثنان
وثمانون ألفا وتسعمائة وأربعة وأربعون جنيهًا (182944جنيه) قيمة التعويض المستحق لها
حتى 30/ 6/ 1982 بخلاف ما يستجد من تعويضات أخرى من 1/ 7/ 1982 حتى تاريخ الحكم في
الدعوى وتمام السداد وبخلاف مستحقاتها عما تم تنفيذه في العملية والتأمينات الابتدائية
وخطاب الضمان والمصاريف، وذكرت شرحًا للدعوى أنها تعاقدت مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون
بتاريخ 22/ 5/ 1979 على تنفيذ عملية قواعد الصواري وقواعد الهوائيات لمحطة التغذية
بمركز الإرسال الإذاعي بأبي زعبل، وكانت أعمال الحفر تتطلب بعض التفجيرات لتكسير بعض
القواعد الصخرية والخرسانية فحصلت على الموافقة اللازمة لذلك من الإدارة العامة للأمن
بالهندسة الإذاعية والإدارة العامة لمشروعات المباني، وقامت بإسناد هذه الأعمال لشركة
العامة للثروة المعدنية وهي إحدى شركات القطاع العام ومتخصصة في تلك الأعمال، وأضافت
المدعية أنها والاتحاد توقعًا حدوث قطع لبعض الأسلاك فوضعا بالعقد القواعد التي تعالج
ذلك وهو أن تكلف الشركة (المدعية) بإصلاح ما يتلف من معدات على نفقتها الخاصة، وأثناء
قيام الشركة التي أسندت إليها أعمال التفجير بعملها بتاريخ 11/ 9/ 1981 أصابت بعض الشظايا
وما ينتج عن الانفجار بعض أسلاك شبكة هوائيات الموجه القصيرة ومن ثم طلبت من الاتحاد
أن تقوم بإصلاحها لكنها فوجئت به يقوم بإزالة الشبكة ملكها وقطع كل الخطوط المؤدية
إليها والأعمدة الحاملة لخطوط التغذية وبتاريخ 23/ 11/ 1981 أخطرها بفسخ العقد وسحب
العمل منها فأقامت الدعوى رقم 447 لسنة 36ق أمام محكمة القضاء الإداري حيث قضت بجلسة
31/ 1/ 1982 بوقف تنفيذ قراري بفسخ العقد وسحب العملية ثم قضت بجلسة 16/ 5/ 1982 بإلغائهما.
واستطردت المدعية أنها عقب صدور حكم وقف تنفيذ قراري فسخ العقد وسحب الأعمال طلبت من
الاتحاد تنفيذه منها مد مدة العقد حتى 30/ 6/ 1982 على أن يسلم لها الموقع والخطط عن
باقي الأعمال قبل نهاية المدة بثلاثة أسابيع، وقد انتهت مدة المد ولم يسلم الموقع فضلاً
عن أن الاتحاد تسبب في إفساد 65 طنًا من الأسمنت بسبب سوء تخزينها، وخلصت المدعية إلي
أن ذلك يجعل عن حقها استلام خطاب الضمان والمعدات والأدوات والتأمين وتعويضها عن الأضرار
التي أصابتها من تعطيلها عن أداء العمل من 11/ 9/ 1981 حتى انتهاء مدة العقد دون استكمال
فضلاً عما أصاب معداتها وخاماتها من أضرار وذلك على النحو المبني بحصيفة تلك الدعوى
وخلصت إلي طلباتها سالفة البيان.
وبصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 26/ 3/ 1986 أقام اتحاد الإذاعة
والتليفزيون الدعوى رقم 2858 لسنة 40ق ضد المدعية في الدعوى الأولي وطلب في ختام صحيفتها
الحكم بإلزام المدعي عليها بأن تدفع للاتحاد مبلغ 103836.500 جنيهًا استنادًا إلي أن
التفجيرات التي قامت بها الشركة أسفرت عن تلفيات الشبكة الموجه القصيرة ظل بسببها الإرسال
الموجه إلي العالم الخارجي معطلاً لساعات طويلة إلي أن تم تحميل البرامج المذاعة عليها
على شبكات أخرى الأمر الذي يعد مخالفة من المدعي عليها للشروط المتفق عليها ويؤكد مسئولتها
عن التلفيات وبالتالي يستحق الاتحاد مبلغ التعويض سالف الذكر عن الأضرار المادية والأدبية
التي أصابته من جراء خطأ المدعي عليها.
وقد تدوولت الدعوى بأن أمام محكمة القضاء الإداري حيث ضمنتها معًا ليصدر فيهما حكم
واحد وبجلسة 15/ 2/ 1987 أصدرت حكمًا تمهيديًا قبل الفصل في موضوع النزاع بندب خبير
لبيان ما إذا كانت المدعية – ليلي عبد العال صاحبة الشركة المذكورة قد تقاعست عن إنجاز
الأعمال المسندة إليها من عدمه وما نفذته من هذه الأعمال وما لم تنفذه ومدى إتباعها
للأصول الفنية الواجبة في تنفيذ الأعمال المسندة إليها وبيان الخطأ الذي ارتكبته إن
كان والضرر الذي يكون قد لحق الاتحاد من جرابه وعناصر هذا الضرر وتقدير التعويض عنه
إن أمكن، وبيان ما إذا كان هذا الاتحاد تقاعس عن تسليم المواقع والخطط للشركة من عدمه
ومدة التأخير إن حدث وجدية الأضرار التي أصابت الشركة إن كانت والتعويض المناسب عنها،
وبعد أن باشر الخبير هذه المأمورية وأودع تقريره أصدرت المحكمة بجلسة 1/ 3/ 1992 الحكم
المطعون فيه وشيدته – بالنسبة للدعوى رقم 4735 لسنة 36ق المرفوعة من ليلي عبد العال
سيد – على أسباب حاصلها أن الثابت من الأوراق أنها لم تنه أعمال العقد المبرم بينها
وبين الاتحاد لأسباب ترجع إليها حيث طالبت بزيادة الأسعار قبل البدء في استكمال الأعمال
بعد صدور حكم وقف تنفيذ قرار الفسخ وسحب الأعمال، ومن ثم يكون إليها إنهاء العقد غير
قائم على سند يبرره وبالتالي لا يحق لها الحصول على خطاب الضمان المقدم منها لأنها
لم تسلم الأعمال تسليمًا نهائيًا، أما بالنسبة للتعويض المادي والأدبي الذي تطالب به
عما أصابها من أضرار نتيجة قرار فسخ العقد وسحب الأعمال منها فإن خطأ الاتحاد ثابت
من الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بإلغاء هذا القرار وبالتالي تستحق تعويضًا
مقداره 62597.5 جنيهًا – عن العناصر التي أوردها الحكم – أما بالنسبة للدعوى رقم 2858
لسنة 40ق المقامة من الاتحاد فإنه قد عجز عن تقديم ما يؤيدها قلم يقدم محضر إثبات الحالة
الذي حرر بشأن واقعة إتلاف الشبكة أو ما يفيد رسميًا هذه التلفيات التي أحدثتها التفجيرات.
ومن حيث إن اتحاد الإذاعة والتليفزيون لم يرفض ذلك الحكم فطعن عليه بالطعن الأول رقم
1431 لسنة 38 ق. ع وأسس طعنه على أسباب خلاصتها أنه أخطأ في تطبيق القانون بعدم استظهاره
عنصري الخطأ والضرر الذين رتب عليهما قضاءه وأكتفي بالإحالة إلي الحكم الصادر من ذات
المحكمة بإلغاء قرار فسخ العقد وسحب الأعمال ولم يتطرق الحكم إلي ما في الأوراق من
أن المطعون ضدها امتنعت عن تنفيذ مقتضى الحكم وأصرت علي زيادة الأسعار قبل البدء في
استكمال الأعمال وبذلك تسببت في تأخير تنفيذها بالمخالفة لشروط العقد وما ثم الاتفاق
عليه عند تحرير محضري استلام موقع الأعمال المتبقية تنفيذ الحكم وقف تنفيذ قرار فسخ
العقد وسحب العمل منها، وبالإضافة إلي ذلك فقد أهدر الحكم المطعون فيه حجية الحكم الجنائي
الصادر في الجنحة رقم 1612 لسنة 1984 وسط القاهرة بجلسة 23/ 12/ 1984 ببراءة رئيس قطاع
الهندسة الإذاعية حيث أسس البراءة على أن الشركة هي التي وضعت العراقيل أمام استمرار
تنفيذ عقد العملية بمطالبتها بزيادة الأسعار وإصرارها على ذلك قبل البدء في تنفيذ ما
تبقي من الأعمال أي أن الحكم الجنائي فصل في مسألة جوهرية حيث نفي الخطأ عن اتحاد الإذاعة
والتليفزيون وكان حريًا بالحكم المطعون فيه أن يحترم تلك الحجية.
واستطرد اتحاد الإذاعة والتليفزيون في سرد أسباب طعنه مشيرًا إلي أن الحكم المطعون
فيه قصر عن إفساح المجال لكافة وسائل الإثبات المقررة قانونًا لحصر الضرر حيث عول فقط
في هذا الشأن على ما أورده الخبير من أن الاتحاد لم يقدم محضر إثبات الحالة الخاص بالتلفيات
التي لحقت بالشبكة مع أن الأضرار التي لحقت بالإرسال الإذاعي هي مسائل فنية بحتة ما
كان يمكن حصرها أو إثباتها إلا بواسطة لجنة فنية هندسية متخصصة في هذا المجال، وبالإضافة
لما تقدم فقد أخل الحكم بحق الدفاع حيث التفت عن الطاعن التي وجهت إلي تقرير الخبير
المودع في الدعوى ولم يستجب إلي طلب إعادتها إلي الخبرة لتحقيق الاعتراضات الموضحة
بمذكرة الدفاع على ما ورد بذلك التقرير.
ومن حيث إن صاحبة الشركة المذكورة لم ترفض الحكم المطعون فيه كذلك فطعنت عليه بالطعن
الثاني رقم 2303 لسنة 39ق. ع استنادًا لأسباب حاصلها أنها قد حدوث طلباتها أمام محكمة
القضاء الإداري في التعويض والمستحقات المالية، وأنه بالنسبة للتعويض فقد ألتفت الحكم
عن منحها التعويض الأدبي الذي قدرته بستين ألف جنيه عن الأضرار التي أصابتها مما أتخذ
ضدها من إجراءات مادية وقانونية مخالفة للقانون، كما ألتفت عن تعويضها بمبلغ ثلاثين
ألف جنيه عن مد مدة العملية من ثمانية أشهر إلي ستة وثلاثين شهرًا، وبالنسبة للمستحقات
المالية التي طالبت بها فلم يمنحها الحكم قيمة خطاب الضمان وهي 13582.375 جنيهًا بمقولة
أنها لم تستكمل تنفيذ العقد مع أن كافة وقائع النزاع تثبت أن المطعون ضده هو الذي جعل
من المستحيل إتمام الأعمال بسبب ما وضعه من عراقيل مادية وقانونية وبالتالي فإن جملة
ما تستحقه من مبالغ هو 170967.500 جنيهًا والفوائد القانونية عن هذا المبلغ من تاريخ
المطالبة القضائية حتى تمام السداد.
من حيث إنه من المقرر أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم فيها من الأدلة
والبيانات واستخلاص ما يتفق وحقيقة واقعها هو من شأن المحكمة وتصريفها وحسبها أن تبين
الحقيقة الثابتة من الأوراق والمستندات المقدمة في الدعوى وتعمل في شأنها حكم القانون،
وتقرير الخبير المقدم في الدعوى لا يعدو أن يكون عنصرًا من عناصر الإثبات فيها، وللمحكمة
وفقًا لسلطتها التقديرية إن تأخذ بما انتهي إليه مادامت قد اطمأنت إلي سلامة الأسس
والأبحاث التي قام عليها وبني عليها الخبير النتيجة التي خلص إليها، وفي أخذها به محمولاً
على أسبابه ما يدل على أنها لم تجد في الطاعن التي وجهت إليه ما يستحق الرد عليه بأكثر
مما ورد بالتقرير ذاته.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان تقرير الخبرة الذي أعد بناء على المأمورية التي حددتها
هذه المحكمة بحكمها التمهيدي الصادر بجلسة 15/ 6/ 1999- قد انتهي إلي أن ليلي عبد العال
سيد صاحبة ومديرة الشركة التي تعاقدت مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون للقيام بالأعمال
محل عقد النزاع تستحق مبلغًا مقداره 266710.58 جنيهًا شاملاً قيمة الأعمال التي قامت
بتنفيذها وقيمة المهمات والمواد التي كانت بالموقع وقيمة الإيجار الذي تكبدته للمعدات
والآلات التي احتجزت بالموقع دون استخدام بسبب الاتحاد وقيمة أجره الحراسة بالإضافة
إلي قيمة التعويض الذي تستحقه عن زيادة مدة العملية من ثمانية أشهر إلي ست وثلاثين
شهرًا وما فاتها من كسب نتيجة عدم تنفيذها للأعمال بسبب يرجع إلي الاتحاد، كما انتهي
إلي أنه يخصم من هذه المستحقات مبلغًا مقداره 186801.830 جنيهًا ويشمل قيمة ما سبق
صرفه للمذكورة وقيمة غرامة مستحقة عليها لعدم تواجد مهندس بالموقع وقيمة تأمينات اجتماعية
مستحقة عن الأعمال وقيمة دمغات ومقابل استهلاك مياه، وخلص التقرير مما تقدم إلي أنه
يتبقى للمذكورة من مستحقاتها عن هذا العقد مبلغًا مقداره 77908.75 جنيهًا مازالت ذمة
الاتحاد المذكورة مشغولة به ويلتزم بأدائه للمذكورة ولما كان هذا التقرير قد قام على
أسس وأبحاث مقبولة واستمد من أصول تؤدي إليه بالأوراق فإن المحكمة تطمئن إليه وتأخذ
بما أورده وما انتهي إليه محمولاً على أسبابه وتعتبره جزءًا مكملاً للأسباب حكمها وتري
فيه الرد الكافي لما أثاره الطرفان بدفاعهما خاصة وأن الثابت من الأوراق أن اتحاد الإذاعة
والتليفزيون قد خالف أحكام العقد المبرم مع المذكورة ولم يمكنها من إصلاح ما ذكره من
أضرار لحقت بشبكة هوائيات الموجه القصيرة نتيجة قيامها ببعض التفجيرات اللازمة للعمل
رغم أنها طلبت منه القيام بذلك طبقًا لأحكام العقد بل أنه قرر سحب الأعمال منها وفسخ
العقد، ولما صدر حكم محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ هذين الإجراءين بجلسة 31/ 1/
1982 ووافقت المذكورة على مد مدة العقد حتى 30/ 6/ 1982 لإنهاء الأعمال وفق اتفاق معين
بين الطرفيين لم يلتزم الاتحاد بما اتفق عليه حيث يبين من الأوراق أنه لم يسلمها الأعمال
المتبقية لتقوم بالتنفيذ ولم يخطرها بالجدول الزمني اللازم لاستلامها أو يحدد لها مواقع
الصواري أو الوصلة الأولي لها حسب الاتفاق، ولم يوفر كمية الأسمنت اللازمة طبقًا للعقد
بدلاً من الكمية التي تلفت بسبب سوء تخزين الاتحاد لها بعد سحب الأعمال على اعتبار
أن الأسمنت المتفق علي استخدامه غير متوافر بالسوق ولا يصرف إلا بتصريح من وزارة الإسكان
بناء على طلب الاتحاد.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الطاعنين في الطعن الثاني رقم 2303 لسنة 39ق.ع وهم ورثة المتعاقدة
المذكورة يستحقون المبلغ المشار إليه وهو 77908.75 جنيهًا ويتعين إلزام المطعون ضده
بصفته في الطعن المذكور بأدائه لهم وتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضي به بالنسبة للدعوى
رقم 4735 لسنة 36ق ليكون وفقًا لما تقدم، أما بالنسبة لما قضي به في ذات الدعوى بالنسبة
لخطاب الضمان المقدم في العملية فالثابت أنه أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق
حيث سلف بيان خطأ الاتحاد المذكور فيما اتخذه عن إجراءات سحب الأعمال وفسخ العقد وأنه
الذي تسبب في عدم تمكين المذكورة من إتمام تنفيذ الأعمال وبالتالي فلا يكون من حقه
احتجاز خطاب الضمان رقم 1089/ 79 الصادر من بنك الدلتا الدولي بتاريخ 22/ 5/ 1979 والمقدم
من المقاول في العملية محل النزاع وبالتالي فإنه يتعين إلغاء الحكم فيما قضي به في
الدعوى المذكورة من رفض طلب الإفراج عن خطاب الضمان المشار إليه وإلزام الاتحاد بالإفراج
عنه خاصة وأن الأوراق خلت من دليل على أن الاتحاد قام بتسبيل هذا الخطاب وضم قيمته
إلي حسابه وذمته.
وليس صحيحًا ما ذهب إليه الاتحاد المذكور من أن المقاول هو الذي تسبب في عدم استكمال
تنفيذ الأعمال حتى انتهت مدة مد العقد بعد صدور حكم محكمة القضاء الإداري بوقف إجراءي
السحب والفسخ للعقد زعمًا بأن المقاول تمسكت بزيادة الأسعار كشرط لقبولها إتمام تنفيذ
الأعمال فذلك مردود عليه بما هو ثابت من مطالعة تقرير الإدارة العامة لخبراء شرق القاهرة
في القضية رقم 1036 لسنة 1982 جنح بولاق المقامة عن النيابة العامة ضد رئيس مجلس أمناء
الاتحاد المذكور حيث انتهي من بين ما خلص إليه بذلك التقرير إلي أن المذكورة بعد أن
ربطت البدء في التنفيذ على الموافقة على زيادة الأسعار وذلك في كتابها المرسل للاتحاد
بتاريخ 9/ 3/ 1982 عادت بعد أن رفض طلبها وتراجعت عن ذلك وقبلت الاستمرار في العمل
على أن يبت في هذه الزيادة فيما يعد وأخطرت الاتحاد بذلك في 17/ 3/ 1982 وفي 24/ 3/
1982 وبإنذار رسمي بتاريخ 8/ 5/ 1982 كما لا ينال من ذلك ما ورد بالحكم الجنائي الصادر
في الجنحة رقم 1612 لسنة 1984 ببراءة رئيس قطاع الهندسة الإذاعية من تهمة عدم تنفيذ
حكم محكمة القضاء الإداري الذي أورد بأسبابه أن المقاول هو الذي تسبب في عدم استكمال
الأعمال باشتراطه زيادة الأسعار أولاً فذلك مردود عليه بأنه من المقرر أن حجية الحكم
الجنائي أمام المحاكم المدنية تقتصر على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة وعلى
أسبابه المؤدية إليها بالنسبة لما كان موضوع المحاكمة ودون أن تلحق الحجية بالأسباب
التي لم تكن ضرورية لهذه البراءة أو تلك الإدانة، وعلى ذلك فإن حجية الحكم ببراءة رئيس
القطاع المذكور من تهمة عدم تنفيذ الحكم المشار إليه لا علاقة لها بالمستحقات التي
يستحقها المقاول والتي تحد مصدرها أساسًا في العلاقة العقدية التي تربط الطرفين وما
تخضع له من قواعد قانونية سواء تلك الواردة بالعقد أو بالقانون الذي ارتضاه الطرفان.
ومن حيث إنه عما قضي به الحكم المطعون فيه بالنسبة للدعوى رقم 2858 لسنة 40ق المقامة
من رئيس اتحاد أمناء الإذاعة ضد المقاول المذكور فإن الحكم المطعون فيه في محله لما
قام عليه من أسباب تأخذ بها هذه المحكمة وتضيف إليها دعمًا لها وردًا على ما ورد بتقرير
الطعن أنه من المقرر أنه يشترط للحكم بالتعويض في نطاق العقد الإداري أن يثبت الخطأ
في جانب المتعاقد بإخلاله بالتزاماته العقدية وأن يرتب هذا الخطأ أضرارًا للطرف الآخر
تكون نتيجة مباشر له…، والثابت من تقرير الخبرة المشار إليه أن الاتحاد المذكور قد
عجز عن إثبات الأضرار التي لحقت بشبكة الهوائيات التابعة له بسبب فعل المقاول المتعاقد
معه ولم يقدم ما يفيد تكبده ثمة مبالغ لإصلاحها رغم تداول الدعوى أمام محكمة القضاء
الإداري وأمام الخبرة تم أمام هذه المحكمة حيث اكتفي بمجرد أقوال مرسلة على وقوع الضرر
وقيمته وهو ما تراه المحكمة غير كاف للحكم بالتعويض خاصة وأن الخبير المنتدب في هذه
الدعوى قد أثبت بتقريره أنه طلب من الاتحاد تقديم محضر إثبات الحالة الذي يفيد وجود
تلفيات بالشبكة أو ما يفيد إصلاحها وإجمالي تكلفة هذا الإصلاح ولكنه لم يقدم شيئًا،
وإذ انتهي الحكم المطعون فيه إلي رفض الدعوى رقم 2858 لسنة 40ق المشار إليها فإنه يكون
موافقًا لصحيح حكم القانون وينعقد لذلك رفض الطعن رقم 1431 لسنة 38ق.ع المقام من الاتحاد
طعنًا عليه.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن من يخسر الطعن يلزم بها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً: برفض الطعن رقم 1431 لسنة 38ق.ع وألزمت الطاعن بصفته مصروفاته.
ثانيًا: وبالنسبة للطعن رقم 2303 لسنة 39ق.ع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون
بقبول الدعوى شكلاً وبإلزام اتحاد الإذاعة والتليفزيون بأن يؤدي للمدعين – الطاعنين
– مبلغًا مقداره 79908.75 جنيهًا (تسعة وسبعون ألفا وتسعمائة وثمانية جنيهات وخمسة
وسبعون قرش) وبالإفراج عن خطاب الضمان رقم 1089/ 79 المقدم في العملية محل النزاع وألزمته
المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علنًا في يوم الثلاثاء الموافق 25 من ذي القعدة لسنة 1426 ه والموافق
27/ 12/ 2005 بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
