أصدرت الحكم الآتىلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
الجريدة الرسمية – العدد 50 مكرر(هـ) – السنة
الثامنة والخمسون
5 ربيع الأول سنة 1437هـ، الموافق 16 ديسمبر سنة 2015م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من ديسمبر سنة 2015م،
الموافق الثالث والعشرين من صفر سنة 1437هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور – رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش سعيد مرعى
عمرو ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار – نواب رئيس
المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان – رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع – أمين السر.
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 5 لسنة 37 قضائية "منازعة تنفيذ".
المقامة من
السيد/ جورج ميخائيل سليمان – الممثل القانونى للشركة الاقتصادية للتوريدات الكهربائية.
ضـد
1 – السيد وزير المالية.
2 – السيد رئيس مصلحة الجمارك
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشر من يناير سنة 2015، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب
المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة
الإدارية العليا، فى الطعن رقم 15026 لسنة 56 قضائية عليا، وفى الموضوع بالاستمرار
فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"،
وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 15026 لسنة 56
قضائية. عليا.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فى ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير لدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما بتين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن الشركة المدعية
كانت قد أقامت الدعوى رقم 3923 لسنة 61 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى ضد المدعى
عليهما، طلبًا للحكم بإلزامهما برد المبالغ التى سبق تحصيلها منها كرسوم خدمت والفوائد
القانونية، تأسيسًا على أن الشركة قامت باستيراد رسائل من الخارج، وقامت مصلحة الجمارك
بتحصيل رسوم خدمات عنها عن الفترة من 1/ 1/ 1996 حتى 6/ 5/ 2004 استنادًا لنص المادة
من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963 والقرارات
المنفذة له، وبجلسة 26/ 1/ 2010 قضت المحكمة برفض الدعوى، فطعن المحكوم ضده على هذا
الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 15026 لسنة 56 قضائية عليا، وبجلسة
22/ 3/ 2014 قضت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبأحقية الطاعن فى استرداد
ما تم تحصيله منه كرسوم خدمات ورسوم إضافى خلال الفترة من 15/ 10/ 2001 حى 6/ 5/ 2004،
وسقوط ما عدا ذلك بالتقادم الخمسى، وإذ ارتأت الشركة المدعية أن حكم المحكمة الإدارية
العليا المنازع فى تنفيذه يشكل عقبة فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر
فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية", فقد أقامت دعواها الماثلة.
وحيث إن الشركة المدعية تهدف بدعواها الماثلة القضائية بالاستمرار فى تنفيذ حكم المحكمة
الدستورية العليا الصادر فى الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد
بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 15026 لسنة 56 قضائية عليا،
باعتباره عقبة تحول دون تنفيذ مقتضى ذلك الحكم، وهو الأمر الذى تختص به هذه المحكمة
وفقًا لقانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والذى خوّلها بنص المادة منه
التدخل لإزاحة ما يعترض تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها من عوائق، والعودة بالتنفيذ
على الحالة السابقة على نشئوها، وسبيلها فى ذلك الأمر بالمضى فى تنفيذ حكمها أو القرار
الصادر منها، وعدم الاعتداد بذلك العائق الذى عطل مجراه؛ لأنه لا يعدو – وإن كان حكمًا
قضائيًا باتًا – أن يكون عقبة مادية هى والعدم سواء.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائى
لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا – بمضمونها
أو بأبعادها – دون اكتمال مداه، وتعطل تبعًا لذلك؛ أو تقيد اتصال حلقاته وتضمامها بما
يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها
موضوع منازعة التنفيذ، تلك الخصومة التى تتوخى فى غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية
المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط
مسبباتها وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ على حالته السابقة على نشوئها. وكلما
كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدور عن المحكمة الدستورية العليا فإن حقيقة مضمونه، ونطاق
القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها فى سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية
التى تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية, وما يكون لازمًا
لضمان فعاليته، بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض
أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم ودون
تمييز، يفترض أمرين: (أولهما) أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها
– حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. (ثانيهما) أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام
وربطها منطقيًا بها، ممكنًا فإذا لم تكن لها به من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم
بتلك العوائق, بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة، استنادًا إلى أن الحكم الصادر
من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، يختلف فى
موضوعه عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 15026 لسنة 56 قضائية
"عليا" ذلك أن الحكم الأول قضى بعدم دستورية الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، وسقوط الفقرة
الثانية من المادة من قانون الجمارك المذكور، وسقوط قرار وزير الخزنة رقم 58
لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمى 100 لسنة 1965، 255 لسنة 1993، وكذا قرار وزير
المالية رقم 123 لسنة 1994، والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1996، 752 لسنة 1997،
حال أن الحكم الثانى قضى بسقوط حق الشركة المدعية فى استرداد الرسوم التى قضى بعدم
دستورية سند تحصيلها، والمسددة قبل 15/ 10/ 2001 بالتقادم الخمسى.
وحيث إن هذا الدفع مردود، بأن شرط الارتباط المنطقى فى مجال عقبات التنفيذ المقامة
طبقًا لنص المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا، يكون متحققًا متى كان تنفيذ
الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا لم يتم وفقًا لطبيعته بل اعترضه عائق حال
دون اكتمال مداه أو عطل جريان آثاره كاملة دون نقصان، متى كان ذلك، وكان الحكم الصادر
من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 22/ 3/ 2014 فى الطعن رقم 15026 لسنة 56 قضائية "عليا"
قد حال دون إعمال الأثر الرجعى للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/
9/ 2004 فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، فإن الرابطة والصلة الحتمية بين
الحكمين تكون متحققة، ويضحى الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة فى غير محله متعينًا
الالتفات عنه.
وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون
رقم 48 لسنة 1979 والمستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 تنص
على أن: "ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة، عدم جواز تطبيقه من
اليوم التالى لنشر الحكم، ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر، على أن الحكم بعدم دستورية
نص ضريبى، لا يكون له فى جميع الأحوال، إلا أثر مباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المدعى
من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص".
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع أكد على الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية، بمفهومه
الصحيح الذى سبق أن استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، باعتباره الأصل فى تحديد
أثر الحكم الصادر بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة، غير أنه استحدث بهذا التعديل
أمرين، كلاهما يعتبر استثناءً من الأثر الرجعى، أولهما: تخويل المحكمة الدستورية العليا
رخصة تحديد تاريخ آخر لبدء إعمال أثر حكمها، وثانيهما: أن الأحكام الصادرة بعدم دستورية
نصوص ضريبية لا يكون لها فى جميع الأحوال إلا أثر مباشر. متى كان ذلك وكانت النصوص
الضريبية هى تلك التى تتعلق بالضريبة باعتبارها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا وبصفة
نهائية من المكلفين بها، لا يملكون التنصل من أدائها، ولا تقابلها تبعًا لذلك خدمة
بذاتها أدتها مباشرة لأحدهم، وذلك على نقيض الرسوم التى لا تقتضيها من أيهم إلا بمناسبة
عمل أو أعمال محددة بذاتها أدتها بعد طلبها منها، فلا يكون حصولها على مقابل يناسبها
إلا جزاءً عادلاً عنها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 5/ 9/ 2004 فى القضية رقم 175 لسنة 22
قضائية "دستورية" بعدم دستورية نصوص غير ضريبية تتعلق برسوم تجبيها الدولة من شخص معين
مقابل خدمة تؤديها، ولم تحدد تاريخًا آخر لإعمال آثر حكمها، ومن ثم لزم إعمال الأثر
الرجعى لهذا الحكم، وما يستوجبه ذلك من ارتداد أثره إلى تاريخ صدور النص التشريعى المقرر
لهذه الرسوم، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التى ترتبط قد استقر أمرها بناء
على حكم قضائى بات، أو بانقضاء مدة التقادم وصدور حكم بذلك وفقًا لنص المادة (387/
1) من القانون المدنى، متى كان ذلك، وكان بحث اكتمال مدة التقادم وبيان مدى توافر شرائطه
يعد مسألة موضوعية تستقل بها محاكم الموضوع، إلا أن إعمال قيد التقادم الذى يحد من
الأثر الرجعى لأحكام المحكمة الدستورية العليا يعد أمرًا يتعلق بإعمال آثار أحكامها
التى تلتزم بها محاكم الموضوع، ومن ثم فإن قيام تلك المحاكم بتطبيق هذا القيد على نحو
يعوق المضى فى تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا تنفيذًا صحيحًا ومكتملاً، يخول
هذه المحكمة التدخل للقضاء بالمضى فى تنفيذ أحكامها، وعدم الاعتداد بالعائق الذى أقام
سريانها.
وحيث إن التطبيق السليم لقيد التقادم – سالف الذكر – الذى يحد من الأثر الرجعى لأحكام
المحكمة الدستورية العليا فى غير النصوص الضريبية، يقتضى أن يكون سداد الرسوم تم إعمالاً
لنص قانونى نافذ، ثم قضى بعدم دستورية ذلك النص، مما يعنى زوال سبب الالتزام بالسداد،
وصيرورة المبلغ الذى تم سداده دينًا عاديًا يخضع للتقادم المنصوص عليه بالمادة من القانون المدنى، ذلك أن أثر الحكم بعدم الدستورية لا يسرى على الوقائع المستقبلية
فحسب، وإنما ينسحب إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم.
وحيث إنه ترتيبًا على ما تقدم، فإن حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 22/ 3/
2014 فى الطعن رقم 15026 لسنة 56 قضائية، والذى قضى بسقوط حق الشركة التى يمثلها المدعى
فى المطالبة باسترداد قيمة بعض الرسوم بالتقادم الخمسى، يكون قد خالف مقتضى الحكم الصادر
من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/ 9/ 2004 فى الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية دستورية،
ومن ثم فإنه يعد عقبة فى تنفيذ هذا الحكم، مما يتعين معه القضاء بإزالتها، والمضى فى
تنفيذ حكمها الآنف البيان.
وحيث إن طلب الشركة المدعية وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى
الطعن رقم 15026 لسنة 56 قضائية عليا، يعد فرعًا من أصل النزاع منازعة التنفيذ الماثلة،
وإذ قضت هذه المحكمة فى موضوع النزاع، فإن مباشرتها اختصاص البت فى طلب وقف تنفيذ ذلك
الحكم قد بات غير ذى موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/ 9/ 2004 فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 22/ 2/ 2014 فى الطعن رقم 15026 لسنة 56 قضائية عليا. وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
| أمين السر | رئيس المحكمة |
