الرئيسية الاقسام القوائم البحث

أصدرت الحكم الآتىلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة

الجريدة الرسمية – العدد 50 مكرر(هـ) – السنة الثامنة والخمسون
5 ربيع الأول سنة 1437هـ، الموافق 16 ديسمبر سنة 2015م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من ديسمبر سنة 2015م، الموافق الثالث والعشرين من صفر سنة 1437هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور – رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو – نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان – رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع – أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 2 لسنة 37 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من

السيد/ أحمد السيد أحمد سويفى – صاحب شركة سويفى للتجارة

ضـد

1 – السيد وزير المالية.
2 – السيد رئيس مصلحة الجمارك


الإجراءات

بتاريخ الثالث عشر من يناير سنة 2015، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم: أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ، وعدم الإعداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 17641 لسنة 53 قضائية عليا. ثانيًا: بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية" بجلسة 5/ 9/ 2004، والحكم الصادر فى القضية رقم 205 لسنة 19 قضائية "دستورية".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فى ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 19453 لسنة 59 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، طلبًا للحكم باسترداد ما سبق سداده لمصلحة الجمارك كرسوم خدمات استنادًا لقرارى وزير المالية رقمى 255 لسنة 1993 و123 لسنة 1994، والمعدلين بالقرارين رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997، الصادرين إعمالاً لنص المادة من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963، وذلك بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/ 9/ 2004، فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية" بعدم دستورية نص المادة من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963، وسقوط قرارات وزير المالية سالف الذكر. وبجلسة 10/ 5/ 2007، قضت محكمة القضاء الإدارى بأحقية المدعى فى استرداد ما سبق سداده تحت مسمى "رسوم خدمات" بعد أن زال سند تحصيلها إعمالاً لحكم المحكمة الدستورية العليا، فطعن المدعى عليه بصفته فى هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 17641 لسنة 53 قضائية عليا، وبجلسة 28/ 12/ 2013، قضت المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبسقوط حق الشركة المدعية فى استرداد الرسوم محل المطالبة بالتقادم الخمسى، وإذ ارتأى المدعى أن حكم المحكمة الإدارية العليا المنازع فى تنفيذه يشكل عقبة فى تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا فى القضيتين رقمى 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، و205 لسنة 19 قضائية "دستورية", فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إن المدعى يهدف بدعواه المضى فى تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا الصادرين فى القضيتين رقمى 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، 205 لسنة 19 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 17641 لسنة 53ق عليا، باعتباره عقبة تحول دون تنفيذ مقتضى الحكمين الصادرين فى القضيتين الآنفتى الذكر، الأمر الذى تختص به هذه المحكمة وفقًا لقانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والذى خولها بنص المادة منه التدخل لإزاحة ما يعترض تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة عنها من عوائق، سواء كان العائق تشريعًا أو حكمًا قضائيًا، والعودة بالتنفيذ على الحالة السابقة على نشوئه، وسبيلها فى ذلك، الأمر بالمضى فى تنفيذ الحكم أو القرار الصادر منها وعدم الاعتداد بذلك العائق الذى عطل مجراه؛ لأنه لا يعدو – وإن كان حكمًا قضائيًا باتًا – أن يكون عقبة مادية هى والعدم سواء.
وحيث إنه عن طلب المدعى الاستمرار فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 29/ 8/ 2004 فى القضية رقم 205 لسنة 19 قضائية "دستورية"، فإنه لا يجد له محلاً فى هذه المنازعة، ذلك أن الحكم المذكور قد انصب على حالة سداد الضرائب أو الرسوم ابتداء بغير حق، وهو ما لا صلة له بالنزاع القائم والذى يتعلق بمطالبة المدعى استرداد رسوم الخدمات التى قام بسدادها، على سند من نص المادة من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963، والذى قُضى بعدم دستوريته.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائى لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا – بمضمونها أو بأبعادها – دون اكتمال مداه، وتعطل تبعًا لذلك؛ أو تقيد اتصال حلقاته وتضمامها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، تلك الخصومة التى تتوخى فى غاياتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعداد وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها والآثار المتولدة عنها فى سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم ودن تمييز، يفترض أمرين: (أولهما) أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو بالنظر على نتائجها – حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. (ثانيهما) أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًا بها، ممكنًا. فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غربية عنها, منافية لحقيقتها وموضوعها.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة، استنادًا إلى أن المدعى لم يكن طرفًا فى الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، ومن ثم لا يفيد من أثر الحكم الصادر فيها، فضلاً عن سقوط حقه فى استرداد المبالغ المطالب بها بالتقادم، على النحو الذى سطرته المحكمة الإدارية العليا فى حكمها الصادر فى الطعن رقم 11820 لسنة 53ق عليا.
وحيث إن هذا الدفع مردود، بأن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية" قضى بعدم دستورية الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963، وسقوط الفقرة الثانية من المادة من قانون الجمارك المذكور، وسقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963، والقرارين المعدلين له رقمى 100 لسنة 1965، 255 لسنة 1993، وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994، والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1996، 752 لسنة 1997، وكانت هذه النصوص تنظيم استحقاق رسوم الخدمات التى تحصلها مصلحة الجمارك عن البضائع التى تودع فى الساحات والمخازن والمستودعات التى تديرها، ومن ثم فهى لا تعد نصوصًا ضريبية مما ورد النص عليها بالفقرة الثالثة من المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979
وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والمستبدلة بالقرار بقانون رقم 168 لسنة 1998 تنص على أن: "ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة، عدم جواز تطبقه من اليوم التالى لنشر الحكم، ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبى، لا يكون له فى جميع الأحوال، إلا أثر مباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المدعى من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص"، ومؤدى ذلك أن المشرع أكد، من ناحية المفهوم الصحيح لأثر الحكم بعدم الدستورية، الذى سبق أن استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، وهو الأثر الرجعى، ومن ناحية أخرى استحدث بهذا التعديل أمرين، كلاهما يعتبر استثناءً من الأثر الرجعى، الأول: ترك للمحكمة الدستورية العليا ذاتها، أن تحدد فى حكمها، تاريخًا لبدء إعمال أثره، والثانى: حدده حصرًا فى النصوص الضريبية، فلم يجعل لها إلا أثرًا مباشرًا فى جميع الأحوال، وكانت النصوص الضريبية هى التى تتعلق بالضريبة باعتبارها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا وبصفة نهائية من المكلفين بها، لا يملكون التنصل من أدائها، ولا تقابلها تبعًا لذلك خدمة بذاتها أدتها مباشرة لأحدهم. وذلك على نقيض الرسوم التى لا تقتضيها من أيهم إلا بمناسبة عمل أو أعمال محددة بذاتها أدتها بعد طلبها منها، فلا يكون حصولها على مقابل يناسبها إلا جزاءً عادلاً عنها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 5/ 9/ 2004 فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية" بعدم دستورية نصوص غير ضريبية تتعلق برسوم تجبيها الدولة من شخص معين مقابل خدمة تؤديها، ولم تحدد تاريخًا آخر لعدم جواز تطبيق النص المقضى بعدم دستوريته، ومن ثم يغدو إعمال القواعد العامة مستوجبًا ارتداد أثر الحكم بعدم الدستورية إلى تاريخ صدور النص التشريعى المقرر لهذه الرسوم، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التى ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائى بات، أو بانقضاء مدة التقادم وصدور حكم بذلك وفقًا لنص المادة (387/ 1) من القانون المدنى. متى كان ما تقدم، وكان بحث اكتمال مدة التقادم وبيان مدى توافر شرائطه يعد مسألة موضوعية تستقل بها محاكم الموضوع، إلا أن إعمال قيد التقادم الذى يحد من الأثر الرجعى لأحكام المحكمة الدستورية العليا، يعد أمرًا يتعلق بإعمال آثار حكمها التى تلتزم بها محاكم الموضوع، ومن ثم فإن قيام تلك المحاكم بتطبيق هذا القيد على نحو يعوض المضى فى تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا تنفيذًا صحيحًا ومكتملاً، يخول هذه المحكمة التدخل للأمر بالمضى فى تنفيذ أحكامها، وعدم الاعتداد بالعائق الذى أعاق سريانها.
وحيث إن التطبيق السليم لقيد التقادم – سالف الذكر – الذى يحد من الأثر الرجعى لأحكام المحكمة الدستورية العليا فى غير النصوص الضريبية – ينطوى على أنه إذا كان سداد الرسوم تم إعمالاً لنص قانونى نافذ، ثم قضى بعدم دستورية ذلك النص، مما يعنى زوال سبب الالتزام بالسداد، صار المبلغ الذى تم سداده دينًا عاديًا يخضع للتقادم المنصوص عليه بالمادة من القانون المدنى ومقداره خمس عشرة سنة؛ لأن أثر الحكم بعدم الدستورية لا يسرى على الوقائع المستقبلة فحسب، وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور هذا الحكم.
وحيث إنه، ترتيبًا على ما تقدم فإن قضاء المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 17641 لسنة 43 قضائية، والذى قضى بسقوط حق الشركة التى يمثلها المدعى فى المطالبة باسترداد قيمة الرسوم محل التداعى بالتقادم الخمسى، يكون قد خالف مقتضى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، مما يصير معه ذلك الحكم عقبة فى تنفيذه، تستنهض ولاية هذه المحكمة لإزالتها، والمضى فى تنفيذ حكمها الآنف البيان.
وحيث إن طلب المدعى وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 17641 لسنة 53 قضائية، يعد فرعًا من أصل النزاع، وإذ تهيأ النزاع للفصل فى موضوعه فإن مباشرة هذه المحكمة اختصاص البت فى هذا الطلب يضحى غير ذى محل.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/ 9/ 2004 فى القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 28/ 12/ 2013 فى الطعن رقم 17641 لسنة 53 قضائية عليا، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات