المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 9689 لسنة 49 ق 0 عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة – موضوع
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي
عبد الرحمن اللمعي ( نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة )
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيي عبد الرحمن يوسف, يحيي خضري نوبي محمد/ منير
صدقي يوسف خليل, عبد المجيد أحمد حسن المقنن ( نواب رئيس مجلس الدولة )
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين محمد صابر – مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله – أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 9689 لسنة 49 ق 0 عليا
المقام من
رئيس مجلس إدارة شركة المحاريث والهندسة " بصفته "
ضد
وزير الداخلية " بصفته "
مدير مصلحة السجون " بصفته "
عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري " الدائرة الخامسة " بجلسة 8/ 4/ 203 في الدعوى
رقم 8929 لسنة 52 ق
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق 3/ 6/ 2003 أودع الأستاذ/ مجدي زيدان عباس
المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد
بجدولها العمومي تحت رقم 9689 لسنة 49 ق 0 عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري
" الدائرة الخامسة " في الدعوى رقم 8929 لسنة 52 ق بجلسة 8/ 4/ 2003 والقاضي منطوقة:
( بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا وإلزام الشركة المدعية المصروفات ).
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم – بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه, مع ما يترتب على ذلك من آثار وفي جميع الأحوال إلزام المطعون
ضده بالمصروفات.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول
الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 19/ 5/ 2004.
وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 20/ 1/ 2004 قررت تلك الدائرة إحالة
الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثالثة – موضوع.
وحددت لنظره أمامها جلسة 18/ 81/ 25 ونظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية
لها وذلك على النحو المبين بمحاضرها.
وبجلسة 22/ 11/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 27/ 12/ 2005 وفيها قررت
مد أجل النطق بالحكم لجلسة 17/ 6/ 2006 لاستكمال المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته
المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة سبق وأحاط بها الحكم الطعين وهو ما تحيل إليه المحكمة
بشأن هذه الوقائع تفاديا للتكرار فيما عدا ما يقتضيه حكمها من بيان موجز حاصلة أن الشركة
الطاعنة أقامت الدعوى رقم 8929 لسنة 52 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بموجب
عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 17/ 8/ 1998 بطلب الحكم بإلزام الجهة الإدارية المدعي
عليها الثانية بأن تدفع لها مبلغ وقدره 17769.85 وهو عبارة عن 3191 غرامة تأخير احتسبتها
جهة الإدارة بدون وجه حق, 4488.850 خصمتها جهة الإدارة من مستحقاتها بدون وجه حق, 10090
جنيها تحملتها الشركة وتمثل مصروفات أرضيات وإشغالات وحراسة خلال الفترة من 20/ 11/
1993 حتى 17/ 9/ 1996 بالإضافة إلى الفوائد القانونية المقررة من تاريخ الاستحقاق وحتى
تمام السداد والمصروفات والأتعاب على سند من القول أن جهة الإدارة أسندت إليها عمليه
إصلاح سيارة شرطة لوري بمبلغ جنيها وأن تتم الإصلاحات في مدة أقصاها شهرين
من دخول السيارة للورشة وقد ورد إليها أمر الشغل والإسناد في 11/ 5/ 1993 وتم عمل تصريح
دخول للسيارة في 12/ 5/ 1993 وتبين أن السيارة تحتاج إلى إصلاحات أضافية لم ترد عند
التعاقد فتم مخاطبة جهة الإدارة بتاريخ 25/ 5/ 1993 بتلك الإضافات والمصنفات بمبلغ
قدره ( 6525 ) جنيه ثم تم استعجالها في 25/ 8/ 1993 ثم في 6/ 9/ 1993 لموافاتها بأمر
التوريد الإضافي بمبلغ ( 6525 ) جنيه وإفادتها بزيادة أسعار شركة النصر بنسبة 100%
لأسعار قطع الغيار وهي الشركة الوحيدة المنتجة لهذه السيارات وقطع غيارها إلا أن جهة
الإدارة أرسلت إليها أمر التوريد الإضافي في 26/ 9/ 1993 ولم توافيها بموافقتها على
قبول لائحة أسعار شركة النصر رغم مطالبتها بالرد الفوري خلال أسبوع بموجب كتابها المؤرخ
في 29/ 10/ 1993 وألا اعتبر عدم الرد موافقة صريحة على أسعار شركة النصر ثم أرسلت إليها
خطابا كاستعجال أخير مؤرخ في 20/ 11/ 1993 للإفادة بموافقتها على أسعار شركة النصر
وألا ستضطر إلي فرض رسوم أرضيات بواقع 10 جنيهات عن كل يوم تأخير اعتبارا من هذا التاريخ
ثم خاطبتها بكتابها المحرر في 27/ 8/ 1994 وذلك لاستلام السيارة وقامت اللجنة بمعاينة
السيارة ولم تبد أية ملاحظات على الإصلاح وقامت بسداد مبلغ 14306.150 من إجمالي المبلغ
المطلوب وتبقي للشركة المدعية مبلغ 17769.850 جنيها محل المطالبة الماثلة على النحو
الوارد بطلباتها المتقدمة.
وبجلسة 8/ 4/ 2003 أصدرت محكمة القضاء الإدارية " الدائرة الخامسة " حكمها المطعون
فيه وشيدت المحكمة قضاءها – بعد استعراض نص المادة من اللائحة التنفيذية لقانون
تنظيم المناقصات والمزايدات رقم لسنة 1983 – على أن الثابت أن الشركة المدعية تقاعست
عن إصلاح السيارة وتسليمها في الميعاد المحدد إلا بعد موافقة جهة الإدارة على زيادة
أسعار قطع الغيار بنسبة 100% وهو ما يعتبر أخلالا منها بالتزاماتها التعاقدية ويعتبر
دفعا بعدم التنفيذ مما لا يجوز لها التمسك به في مجال العقود الإدارية وعلى ذلك تكون
طلباتها على غير سند على نحو ما جاء تفصيلا بأسباب الحكم الطعين.
وإذ لم يلق الحكم المشار إليه قبولا لدى الطاعن فقد أقام الطعن الماثل ناعيا على الحكم
المطعون فيه للأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن وتوجز في الآتي:
1 – مخالفة الحكم الطعين للقانون وفي بيان ذلك ذكرته الشركة الطاعنة أن التأخير في
أصلاح السيارة يرجع إلى جهة الإدارة لتأخرها في أخطار الشركة الطاعن بالأمر الإضافي
بما يزيد عن الأربع شهور من ميعاد التسليم في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار قطع الغيار
بنسبة 100% ومن ثم فإن الخطأ يرجع إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها وحدها.
2 – أن الحكم الطعين اخطأ في تطبيق القانون وتأويله بدعوى أن الأساس الذي أقامت عليه
المحكمة حكمها وهو عدم التزام الشركة الطاعنة بالتسليم في المواعيد لا يتفق والواقع
ويبدو من ذلك أن المحكمة لم يتبين لها أن جهة الإدارة لم تكلف نفسها عناء الرد على
الخطابات والاستعجالات المتعددة للشركة الطاعنة لتحصل على موافقتها لإتمام الإصلاحات
في السيارة محل الاتفاق وعلى ذلك فإن وقف تنفيذ الشركة الطاعنة الأعمال لحين موافاتها
بإيجاب المطعون ضده عن الأعمال المطلوبة والضرورية وهو ما يتفق مع الفكرة التي بني
عليها الدفع بعدم التنفيذ وهي عين الفكرة التي بني عليها فسخ العقد, مما يجعل التنفيذ
من جهة مقابلا للتنفيذ من جهة أخرى وعلى هذا الأساس يتعين أن تنفذ الالتزامات المتقابلة
في وقت واحد, فلكل من المتعاقدين أن يحتبس ما يجب أن يوفى به حتى يؤدي ليه ما هو مستحق
له وهو باعتصامه بهذا الحق أو الدفع إنما يوقف أحكام العقد لا أكثر إعمالا لأحكام المادة
من القانون المدني إلا أن المحكمة أغفلت إعمال إحكام هذه المادة.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة أوراق الطعن أن جهة الإدارة المطعون ضدها أخطرت الشركة
الطاعنة بكتابها رقم 1388 في 29/ 4/ 1993 بقبول عطائها في الممارسة المنعقدة بتاريخ
4/ 4/ 1993 عن عملية إصلاح السيارة رقم 20154 شرطة/ لوري نصر وأبرم عقد بين الطرفين
عن توريد قطع غيار وإصلاح خلال عام 92/ 1993 التزم بمقتضاه الطرف الثاني ( المتعهد
) بتوريد وتسليم جميع الأصناف بالكميات والأسعار المنوه عنها بعطائه في خلال شهرين
من تاريخ استلام أمر الشغل الصادر برقم 1388 بتاريخ 29/ 4/ 1993 واستلام السيارة ودخولها
الورشة بالشركة الطاعنة الحاصل في 12/ 5/ 1993.
ومن ثم يكون ميعاد النهر المقرر لهذه العملية هو 11/ 7/ 1993 والقيمة الإجمالية للعقد
بلغت جنيها – وعند فك الموتور اكتشفت الشركة الطاعنة حاجة السيارة إلى قطع
غيار أخرى غير واردة بالمقايسة الأصلية بخاطبة جهة الإدارة بكتابها المؤرخ في 25/ 5/
1993 للحصول على موافقتها على طلب أمر توريد أضافي بمبلغ ( 6525 ) جنيه باعتبار هذه
الإضافات خارجة عن نطاق العمرة النمطية المتفق عليها طبقا للهارسة ثم استعجلتها بخطابها
المؤرخ في 25/ 8/ 1993 بسرعة موافاتها بأمر التوريد الإضافي المشار إليه بخطابها السابق
وأفادتها بأن العمل متوقف حتى يتم اعتماد أمر التوريد الإضافي ثم استعجال أخر بكتابها
المؤرخ 6/ 9/ 1993 كسرعة إرسال الموافقة بالسعر الجديد لشركة النصر لصناعة السيارات
والتي تم رفعها أكثر من 100% بالنسبة لأسعار قطع الغيار وذلك دون الالتزام بالأسعار
السابقة نظرا لتأخر الموافقة أكثر من أربعة أشهر وأجابت جهة الإدارة على خطابات الشركة
الطاعنة سالفة الذكر بكتابها المؤرخ في 21/ 9/ 1993 متضمنا موافقتها على أمر التوريد
الإضافي بالسعر الذي حددته الشركة بمبلغ ( 6525 ) جنيه وردا على ذلك خاطبت الشركة الجهة
الإدارية بكتبها المؤرخة في 29/ 9/, 23/ 10, 20/ 11/ 1993 ثم بمطالبتها – حتى يمكن
الانتهاء من سرعة إصلاح السيارة في أسرع وقت – وموافاتها بموافقتها على مبدأ المحاسبة
طبقا لأسعار شركة النصر لصناعة السيارات السارية حاليا من حيث بلغت قيمة قطع الغيار
الإضافية بالأسعار الجديدة (11462 ) جنيه مع إعفائها من الالتزام بشرط المدة المحددة
للإصلاح وحتى لا تضطر إلى توقيع غرامة تأخير وأرضيه عليها بواقع 10 جنيه عن اليوم الواحد.
وحيث إنه تم تبادل عدة خطابات واستعجالات بين الطرفين حيث أفادت فيها الشركة الطاعنة
بأنه قد تم الانتهاء من أصلاح السيارة منذ أكثر من ستة أشهر وتعليق إجراءات تسليمها
على موافاتها بشيك بقيمة مستحقاتها وقدرها (21986 ) جنيه في حين أشارت جهة الإدارة
المطعون ضدها برفض المحاسبة على الأسعار الجديدة لأن القرار الخاص بزيادة أسعار قطع
الغيار بنسبة 100% لا يعد من قبيل القرارات الجبرية التي يسوغ معها صرف الزيادة في
الأسعار مع عدم الإخلال بحق جهة الإدارة في التعويض نتيجة امتناع الشركة عن تسليم السيارة
بعد تمام إصلاحها وكذا حقها في توقيع غرامة التخير المستحقة على الشركة.
وبتاريخ 16/ 9/ 1996 قامت لجنة الفحص والاستلام المشكلة بمعرفة الجهة الإدارية باستلام
السيارة بعد تأكدها من تمام الإصلاح وصلاحية السيارة من الناحية الفنية.
( حافظتي المستندات المودعتين من الشركة الطاعنة وهيئة قضايا الدولة أمام محكمة أول
درجة – الأولى بجلسة 26/ 11/ 1998 والأخرى بجلسة 11/ 2/ 1999 ).
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه يجب تنفيذ العقد الإداري طبقا لما اشتملت
عليه شروطه وبما يتفق ومبدأ حسن النية وفقا للأصل العام – والمقرر في الالتزامات عموما
ومقتضي ذلك أن حقوق المتعاقد مع الإدارة والتزاماته إنما تتحدد طبقا لشروط العقد الذي
يربطه بجهة الإدارة والنص الذي يتحدد باتفاق المتعاقدين في العقد الإدارية يقيد طرفيه
كأصل عام ويصبح واجب التنفيذ ويمتنع الخروج عليه – ومرد ذلك أن ما اتفق عليه طرفا التعاقد
هو شريعتهما التي تلاقت عندها أرادتهما ورتب على أساسها كل منهم حقوقه والتزاماته,
ويعتبر حق المتعاقد في الحصول على المقابل المالي لالتزاماته التعاقدية من أهم حقوق
المتعاقد والباعث إليه إلي أبرام العقد, وتلتزم جهة الإدارة بالوفاء به ومن المسلم
به أن الشروط التي تتعلق بتحديد المقابل النقدي في العقد سواء تعلقت بتحديد هذا المقابل
في أي صورة تم الاتفاق عليها وفقا لطبيعة العقد أو أساليب الوفاء بهذا المقابل ومواعيد
وإجراءات وحالات الوفاء بالثمن – تعتبر كصفة عامة شروطا تعاقدية وتتحد باتفاق الطرفين
ولا يملك أي طرف التحلل منها أو تعديلها بإرادته المنفردة دون موافقة الطرف الأخر نفاذا
لمبدأ ثبات أو جمود تلك الشروط التعاقدية.
ومن حيث إن العقد مثار النزاع الماثل ينص على أنه ينطبق على هذا التعاقد أحكام اللائحة
التنفيذية للقانون رقم لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات.
ومن حيث إن المادة من قرار وزير المالية رقم لسنة 1983 بإصدار اللائحة التنفيذية
للقانون رقم لسنة 1983 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات تنص على أنه:
" يلتزم المقاول بإنهاء الأعمال موضوع التعاقد بحيث تكون صالحة تماما للتسليم المؤقت
في المواعيد المحددة. فإذا تأخر جاز للسلطة المختصة بالاعتماد إذا اقتضت المصلحة العامة
إعطائه مهلة إضافية لإتمام التنفيذ على أن توقع عليه غرامة…… ويكون توقيع الغرامة
بالنسب والأوضاع التالية: ……………."
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن هناك التزاما عقديا وقانونيا على المقاول المتعاقد مع
الجهة الإدارية أن ينفذ الالتزامات الموكول إليه تنفيذها بموجب العقد وما يطرأ عليها
من زيادات في الحدود المنصوص عليها قانونا خلال الميعاد المتفق عليه, فإذا أخل بالتزاماته
المقررة كان مسئولا عن ذلك وصار تحميله بما رتبه العقد من جزاءات كغرامة التأخير أمر
واجبا قانونا.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الطاعن بصفته من أنه يحق للمتعاقد الدفع بعدم التنفيذ
حتى يؤدي له ما هو مستحق له تأسيسا على أنه يتعين أن تنفذ الالتزامات المتقابلة في
وقت واحد إعمالا لحكم المادة مدني ذلك أن هذا النص لا يتلاءم مع طبيعة العقد
الإداري حيث إن الأصل في تنفيذ العقود الإدارية أنه لا يسوغ للمتعاقد مع جهة الإدارة
أن يتمسك بالامتناع عن تنفيذ التزاماته العقدية بحجة أن ثمة إجراءات إدارية قد أدت
إلى أخلال الجهة الإدارية المتعاقدة بأحد التزاماتها قبله وإنما يتعين عليه أن يستمر
في التنفيذ ثم يطالب الإدارة بالتعويض أن كان له محل وذلك لأنه يرتبط بعقد إداري يسهم
في تسيير أحد المرافق العامة وهو ما يتجافى بطبيعته مع الدفع بعدم التنفيذ من جنب المتعاقد
مع الإدارة.
ومن حيث إنه – بإنزال ما تقدم على واقعات النزاع الماثل فإنه لما كان الثابت من مطالعة
العقد المبرم بين الطرفين عن عملية إصلاح السيارة موضوع النزاع فقد نص على أن تتعهد
الشركة الطاعنة بأن تقوم بتنفيذ الأعمال اللازمة لتنفيذ العملية حسب شروط المناقصة
وملحقاتها المشتملة على بيان الأثمان والأصناف وتتعهد كذلك بتنفيذ شروط هذا العقد وكذلك
أحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم لسنة 1983.
ومن حيث إنه متى ثبت مما تقدم أن الشركة الطاعنة أقرت بتوقفها عن العمل وامتناعها عن
التنفيذ لعدم موافقة الجهة الإدارية المتعاقدة على مبدأ المحاسبة بالنسبة لقطع الغيار
الإضافية على أساس الزيادة في أسعارها بنسبة 100% ولما كان الثابت أن جهة الإدارة صدرت
لها أمر الشغل الإضافي بتاريخ 21/ 9/ 1993 وكانت مدة تنفيذ العقد شهرين ومن ثم يكون
ميعاد النهر المقرر 20/ 11/ 1993 إلا أن الشركة قامت بتسليم السيارة بعد إصلاحها لجهة
الإدارة بتاريخ 16/ 9/ 1996 أي بمدة تأخير مقدارها 26 يوم 9 شهر 2 سنة.
وفيما يتعلق بما أثارته الشركة الطاعنة من زيادة أسعار قطع الغيار بنسبة 100% أثناء
تنفيذ العقد على نحو ما ذهبت ليه في تقرير طعنها ومذكرات دفاعها, فإنها لم تقدم ثمة
دليل على حدوث هذه الزيادة في الأسعار خلال مدة تنفيذ العقد وأن ما أثارته في هذا الشأن
مجرد أقوال مرسله غير مؤيدة بأي دليل, ومع ذلك فإنه بالنسبة لقطع الغيار التي تحتكر
صناعتها شركة النصر لصناعة السيارات وتتولي تحديد أسعار بيعها كما ذكرت الشركة الطاعنة
فإنه إذا نشأت زيادة في أسعار قطع الغيار المذكورة أثناء مدة تنفيذ العقد بمقتضي قرارات
صدرت من الشركة المنتجة, فإن هذه القرارات لا تعد من قبيل القرارات السيادية أو الجبرية
أو الرسمية التي يسوغ لها الاستناد إليها لاستحقاق الزيادة في الأسعار ومن ثم فلا يحق
لها المطالبة بصرف قيمة هذه الزيادة في الأسعار طالما لم تشترط ذلك في العقد المبرم
بينها وبين جهة الإدارة وقد خلت الأوراق من ثمة دليل على اقتران عطائها بتحفظ بأحقيتها
في أي زيادة تطرأ على أسعار قطع الغيار بعد تاريخ العطاء ثم مفاوضتها فيه ووافقت عليه
جهة الإدارة وصار جزءً من العقد, وذلك على أساس أن المادة 54/ 6 من اللائحة التنفيذية
للقانون رقم لسنة 1983 تنص على أن الفئات التي حددها مقدم العطاء بجدول الفئات
تشمل وتغطي جميع المصروفات والالتزامات أيا كان نوعها التي يتكبدها بالنسبة إلى كل
بند من البنود وكذلك تشمل القيام بإتمام جميع الأعمال وتسليمها لجهة الإدارة والمحافظة
عليها أثناء مدة الضمان طبقا لشروط العقد ويعمل الحساب الختامي بالتطبيق لهذه الفئات
بصرف النظر عن تقلبات السوق والعملة والتعريفة الجمركية ورسوم الإنتاج وغيرها من الرسوم
الأخرى… ومن ثم فإن أسعار قطع الغيار المتفق عليها في العقد تقيد طرفيه كأصل عام
ومن ثم لا يجوز للشركة الطاعنة أن تطالب بزيادتها على أساس ما يطرأ على أسعارها من
زيادة بموجب قرارات من الشركة المصنعة لها لتعارض ذلك مع نص المادة 54/ 6 من اللائحة
التنفيذية للقانون رقم لسنة 1983 سالف الذكر ولخلو العقد من شرط بأحقيتها في أي
زيادة تطرأ على الأسعار كما تفتقر إلى سند من القانون كما هو الشأن في إحكام المرسوم
بقانون رقم لسنة 1950 الخاص بشئون التسعير الجبري وتحديد الأرباح المعدل بالقانون
رقم لسنة 1959.
ومن حيث إنه – بالبناء على ما تقدم – تكون مطالبة الشركة الطاعنة بعدم توقيع غرامة
تأخير عليها وصرف فروق الأسعار التي تدعي استحقاقها لا سند لها من الواقع أو القانون.
كما أنه لا وجه لاحابتها لمطالبتها بالتعويض بمبلغ 10090 جنيه تحملتها وتمثل مصروفات
وأرضيات وإشغالات وحراسات خلال الفترة من 20/ 11/ 1993 حتى 17/ 9/ 1996 تكون زمن حدوث
معظم عناصر الضرر المطالب بالتعويض عنها كان خلال فترة توقف الشركة الطاعنة عن العمل
بغير مبرر فضلا عن أنه لا يجوز أن تستفيد الشركة الطاعنة من خطئها بعدم تنفيذ التزاماتها
التعاقدية بغير مسوغ قانوني.
الأمر الذي ترتب عليه استطالة أمد تنفيذ العقد بغير مبرر وظلت السيارة بعد إصلاحها
في حيازتها بغير سند من العقد على النحو سالف البيان.
ومن حيث إنه لما تقدم جميعه يبين أن دعوى الشركة الطاعنة غير قائمة على سند صحيح من
القانون جديرة بالرفض.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب, فإنه يكون قد واكب صحيح حكم القانون ويكون الطعن
عليه قد جاء على غير سند صحيح من الواقع أو القانون, جديرا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا, وبرفضه موضوعا وألزمت الشركة
الطاعنة المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علنا في يوم الثلاثاء لسنة 1426 هجرية والموافق 17/ 1/ 2006 وذلك
بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
