الرئيسية الاقسام القوائم البحث

أصدرت الحكم الآتى:لم يتم التعرف على تاريخ الجلسة

الجريدة الرسمية – العدد 46 مكرر(د) – السنة الثامنة والخمسون
6 صفر سنة 1437هـ، الموافق 18 نوفمبر سنة 2015م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من نوفمبر سنة 2015م، الموافق الخامس والعشرين من المحرم سنة 1437هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور – رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر، وحاتم حمد بجاتو – نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع – أمين السر.

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 50 لسنة 33 قضائية "دستورية".

المقامة من

السيد/ أحمد عبد الحافظ أحمد عبد الحافظ.

ضـد

1 – السيد رئيس الجمهورية.
2 – السيد رئيس مجلس الوزراء.
3 – السيد المستشار وزير العدل.
4 – السيد وزير المالية.
5 – السيد محافظ أسوان.
6 – السيد رئيس الوحدة المحلية لمدينة ومركز أسوان.


الإجراءات

بتاريخ الثانى والعشرين من شهر مارس سنة 2011، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة؛ طالبًا للحكم: بعدم دستورية المادة من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات، الصادرة بقرار وزير المالية رقم 1376 لسنة 1998، وذلك فيما تضمنه من تحديد سعر الفائدة بالنسبة للبيوع التى تتم على أملاك الدولة بما يعادل سعر الفائدة المعلن من البنك المركزى المصرى وقت السداد، وذلك للمدة من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ السداد.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن الوحدة المحلية لمدينة أسوان كانت قد أعلنت فى عام 2005 عن بيع بعض قطع الأراضى المملوكة لها، عن طريق المزايدة العلنية، ونصت كراسة الشروط على اعتبار قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998، وقرار محافظ أسوان رقم 52 لسنة 1985، مكملين لأحكامها، ومع جواز تقسيط الثمن على عشر سنوات يضاف إليه الفوائد المقررة قانونًا، وإذ حصل المدعى على إحدى قطع الأراضى المطروحة للبيع لقاء ثمن مقداره 94.000 جنيه، فقد تم الاتفاق على سداد ربع الثمن عند رسو المزاد، مع تقسيط باقى الثمن على أقساط سنوية لمدة عشر سنوات، وأثناء سداد الأقساط تمت مطالبته بفائدة مقدارها (10%) من قيمة القسط، تطبيقًا لنص المادة من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات، فأقام المدعى الدعوى رقم 244 لسنة 2008 مدنى كلى، أمام محكمة أسوان الابتدائية؛ طلبًا للحكم باحتساب الفوائد بنسبة (3%) من قيمة القسط، وليس (10%) على نحو ما أجرته الجهة الإدارية، وبجلسة 28/ 6/ 2010 قضت المحكمة بأحقية المدعى فى طلباته، فطعنت الجهة الإدارية على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 1093 لسنة 29 قضائية استئناف قنا "مأمورية أسوان"، وأثناء نظر الاستئناف دفع محامى المستأنف ضده بعدم دستورية المادة من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات، فقدت المحكمة جدية الدفع، وصرحت بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام المدعى دعواه الماثلة.
وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 89 لسنة 1998 بإصدار قانون المناقصات والمزايدات والمعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 82 لسنة 2013 تنص على أن "يُعمل بأحكام القانون المرافق فى شأن تنظيم المناقصات والمزايدات، وتسرى أحكامه على وحدات الجهاز الإدارى للدولة من وزارات، ومصالح، وأجهزة لها موازنات خاصة، وعلى وحدات الإدارة المحلية، وعلى الهيئات العامة، خدمية كانت أو اقتصادية، وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى القوانين أو القرارات الصادرة بإنشائها، أو بتنظيمها، أو فى لوائحها الصادرة بناء على تلك القوانين والقرارات……..".
وتنص المادة من قانون المناقصات المزايدات على أن: "يكون بيع وتأجير العقارات والمنقولات والمشروعات التى ليس لها الشخصية الاعتبارية، والترخيص بالانتفاع أو باستغلال العقارات بما فى ذلك المنشآت السياحية والمقاصف، عن طريق مزايدة علنية عامة أو محلية أو بالمظاريف المغلقة.
ومع ذلك يجوز استثناء، وبقرار مسبب من السلطة المختصة، التعاقد بطريق الممارسة المحدودة فيما يلى: ………..
ويتم ذلك كله وفقًا للشروط والأوضاع التى تبينها اللائحة التنفيذية".
وتنص المادة على أن "تتولى الإجراءات فى الحالات المنصوص عليها فى هذا الباب لجان تشكل على النحو المقرر بالنسبة للجان فتح المظاريف ولجان البت فى المناقصات, ……………".
وتنص المادة على أن "شكل بقرار من السلطة المختصة لجنة تضم الخبرات والتخصصات النوعية اللازمة، تكون مهمتها تحديد الثمن أو القيمة الأساسية لمحل التعاقد وفقا للمعايير والضوابط التى تنص عليها اللائحة التنفيذية، على أن يكون الثمن – أو القيمة الأساسية – سريا.
وتنص المادة من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998 (النص المطعون فيه) على أن "تحدد السلطة المختصة قيمة التأمين المؤقت لدخول المزاد بالنسبة لبيع العقارات والمشروعات التى ليس لها الشخصية الاعتبارية.
وعلى من يرسو عليه المزاد سداد (10%) من القيمة الراسى بها عملية البيع فور الرسو عليه، ويستكمل باقى الثمن خلال فترة لا تجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ إخطاره باعتماد البيع.
ويجوز استثناء وبموافقة السلطة المختصة بالنسبة للعقارات والمشروعات الكبرى أن تتضمن شروط الطرح سداد باقى الثمن على دفعات يتم تحديدها وفى هذه الحالة يستحق عنها عائد يعادل سعر الفائدة المعلن من البنك المركزى وقت السداد وذلك عن المدة من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ السداد مع مراعاة عدم اتخاذ إجراءات نقل الملكية إلا بعد سداد كافة مستحقات الجهة الإدارية.
………………….".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسائل الدستورية التى تُدعى هذه المحكمة الفصل فيها لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعى الذى انبثقت منه الدعوى الدستورية الماثلة يدور حول تحديد نسبة الفوائد الواجب احتسابها على باقى الثمن المؤجل سداده، ومن ثم فإن الفصل فى دستورية النص المطعون فيه، سوف يكون له انعكاس على الفصل فى الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، وهو ما تتوافر به المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الماثلة، ويتحدد نطاقها بنص المادة من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات فيما تضمنه من استحقاق عائد يعادل سعر الفائدة المعلن من البنك المركزى، وذلك فى تاريخ سداد باقى الثمن المؤجل على دفعات.
وحيث إن من المقرر أن الرقابة الدستورية على القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلاً صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، باعتبار أن نصوص هذا الدستور تمثل القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. وترتيبًا على ما تقدم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون فيه على ضوء أحكام الدستور القائم الصادر فى سنة 2014
وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه – محددًا نطاقًا على النحو المتقدم – إخلاله بمبدأ المساواة المقرر بالمادة من دستور سنة 1971 – التى تقابل المادة من دستور سنة 2014 – إذ أقام تمييزًا غير مبرر بين المشترى لأملاك الدولة الخاصة بنظام التقسيط، وبين المشترى من غيره من الأفراد بالطريقة ذاتها، حيث ألزم النص المطعون فيه الطائفة الأولى بسداد فائدة تعادل السعر المحدد من البنك المركزى، فى حين تخضع الطائفة الثانية لفائدة حدد نص المادة من القانون المدنى حدها الأقصى بـ (7%) الأمر الذى يفصح عن المغايرة فى مسلك المشرع، وهو ما يتنافى مع مبدأ المساواة المقرر دستوريًا.
وحيث إن المقرر أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يعنى أن تعامل فئاتهم – على تباين مراكزهم القانونية – معاملة قانونية متكافئة، ولا معارضة صور التمييز على اختلافها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى علاقة منطقية بين النصوص القانونية التى تبناها المشرع لتنظيم موضوع معين، والنتائج التى رتبها عليها ليكون التمييز بالتالى موافقًا لأحكام الدستور، وكلما كان القانون مغايرًا بين أوضاع أو مراكز أو أشخاص لا تتحد واقعًا فيما بينها، وكان تقديره فى ذلك قائمًا على أسس موضوعية، مستهدفًا غايات لا نزاع فى مشروعيتها، وكافلاً وحدة القاعدة القانونية فى شأن أشخاص تتماثل ظروفهم بما لا يجاوز متطلبات هذه الغايات، كان واقعًا فى إطار السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق ولو تضمن تمييزًا.
وحيث إن تمييز الأموال المملوكة للدولة من زاوية الحماية عما سواها من أنواع الملكية، أمر فرضه الدستور بحكم اختلاف المركز القانونى لهذه الأموال عن الأموال الخاصة المملوكة للأفراد؛ فقد صرح الدستور بأن للأولى حرمة، ومن ثم، فهى تتأبى على الاستئثار والانفراد، وفرض على السلطات – فضلاً عن كل مواطن – حمايتها ودعمها وفقًا للقانون؛
والأمران كلاهما يشكلان طبيعة ذاتية متفردة للأموال المملوكة للدولة، تجعل الملكية الخاصة عصية على التكافؤ معها، فلا تطاولها ولا ترقى إلى حرمتها؛ مما اقتضى المشرع – فى مجال سلطته التقديرية فى تنظيم الحقوق – حظر تملكها أو كسب أى حق عليها بالتقادم؛ كما قرر المشرع خضوع البيوع التى تتم على أملاك الدولة الخاصة لأحكام قانون المناقصات والمزايدات، وما يتضمنه من قواعد وإجراءات ملزمة، بقصد الحفاظ على أملاك الدولة، وكلما تعلق الأمر بهذه الأموال، فإن إدارتها واستغلالها واستثمارها والتصرف فيها، تغاير أوضاع التصرفات التى تتم بين الأفراد، وطرق تنظيمها، ذلك أن أموال الدولة تضبطها معايير خاصة، تحول دون إهدارها، أو استخدامها فى غير الأغراض المرصودة لها، أو التصرف فيها بغير الطرق القانونية التى حددها المشرع لإجراء تلك التصرفات. متى كان ما تقدم فإن الاحتجاج بمخالفة النص المطعون فيه لمبدأ المساواة يغدو فاقدًا لأساسه جديرًا بالالتفات عنه.
وحيث إنه لا ينال مما تقدم القول بأن النص المطعون فيه يخالف نص المادة من الدستور القائم والتى تنص على أن "……….. يحدد القانون أحكام التصرف فى أملاك الدولة الخاصة، والقواعد والإجراءات المنظمة لذلك"، ذلك أن البين من أحكام قانون المناقصات والمزايدات، أنه نظم فى الباب الثالث (المواد من 30 حتى 35) الأحكام والقواعد والإجراءات التى يتعين اتباعها عند التصرف فى الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة بدءًا من طرق التصرف فى هذه الأموال، وكيفية إجراءات تلك التصرفات، وتشكيل اللجان التى تتولى تحديد الثمن، أو القيمة الأساسية للمال محل التعاقد، ويتم ذلك كله فى ضوء اعتبارات موضوعية، حماية للمصلحة العامة ورعاية لحقوق الدولة التى لا يجوز إهدارها أو الانتقاص منها، وبثًا للثقة المشروعة التى ينبغى أن تحاط تعاملات الجهات الإدارية بها، وقمعًا لكل صور الانحراف التى تُفسد المعاملات وتنال منها، وذلك كله صونًا للمصلحة العليا للدولة.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يتعارض مع حكم آخر فى الدستور، فإن الحكم برفض الدعوى يكون متعينًا.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات