المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 4708 لسنة 47 قعليا – جلسة 27/ 6/ 2006
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة موضوع
بالجلسة المنعقدة علنا يوم الثلاثاء 2 من جماد أخر سنة 1427 هجرية
الموافق 27/ 6/ 2006
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / كمال زكي عبد الرحمن اللمعي – نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود على عطا الله/ يحيى خضري نوبي
محمد/ منير صدقي يوسف خليل/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن/ عمر ضاحي عمر ضاحي – ( نواب
رئيس مجلس الدولة )
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد إبراهيم عبد الصمد – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة
أصدرت المحكمة الحكم الآتي
في الطعن رقم 4708 لسنة 47 ق.عليا
المقام من
1- جميل عبده حامد الفخراني – بصفته
رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الإنتاجية لتجهيز وتوريد المواد الغذائية
ضد
1- وكيل وزارة التربية والتعليم بالفيوم. بصفته
2- محافظ الفيوم بصفته
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة العقود الإدارية والتعويضات
بجلسة 9/ 7/ 2000 في الدعوى رقم 2957 لسنة 49 ق
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق الثالث عشر من فبراير سنة 2001 أودع وكيل
الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من محكمة
القضاء الإداري – دائرة العقود الإدارية والتعويضات بجلسة 9/ 7/ 2000 في الدعوى رقم
2957 ق المقامة من الطاعن على المطعون ضدهما، والذي قضي بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا
وإلزام الجمعية المدعية المصروفات.
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء
مجددا بطلبات المدعى الواردة تفصيلا بعريضة الدعوى وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها
المصروفات.
وأعلن الطعن إلى المطعون ضدهما على الوجه الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله
شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإلزام جهة الإدارة فأن تؤدي
للطاهن بصفته تعويضا مناسبا حسبما تقرره المحكمة عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب
لعدم ترسيه مناقصة توريد البسكويت لمديرية التربية والتعليم بالفيوم عليه، وإلزام الجهة
الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (
الدائرة الثالثة) وعينت لنظره أمامها جلسة 9/ 3/ 2004 حيث تدوول بالجلسات على النحو
الثابت بمحاضرها وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 26/ 4/ 2005 وبتلك الجلسة قررت
إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 28/ 6/ 2005 للسبب المبين بمحضر الجلسة، واستمر تداول الطعن
حيث أودع الطاعن خمس حوافظ مستندات وكما أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع طلبت فيها
الحكم برفض الطعن وبجلسة 13/ 12/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 24/ 1/ 2006
وبتلك الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة 4/ 4/ 2006 ثم لجلسة اليوم لإتمام المداولة،
وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة:
من حيث إنه عن شكل الطعن فإن الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 9/
7/ 2000 وأن المطعون ضده تقدم بتاريخ 4/ 9/ 2000 بطلب إلى لجنة المساعدة القضائية أمام
المحكمة الإدارية العليا لإعفائه من مصروفات الطعن قيد برقم 535 لسنة 46 ق. عليا. وبجلسة
16/ 12/ 2000 قررت اللجنة رفض الطلب، فأقام الطعن الماثل بتاريخ 13/ 2/ 2001 فمن ثم
فإنه يكون أقامها خلال المواعيد المقررة بنص المادة 44 من قانون مجلس الدولة الصادر
بالقانون رقم 47 لسنة 1972، وإذ استوفي الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم يكون
مقبولا شكلا.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 18/ 1/ 1995
أقامت الجمعية الطاعنة الدعوى رقم 2957 لسنة 49ق. أمام محكمة القضاء الإداري طلبت في
ختامها الحكم بإلزام جهة الإدارة المدعى عليها بأن تؤدي لها مبلغ مليوني جنيه – قيمة
ما لحقها من خسارة وما فاتها من كسب مع إلزامها المصروفات.
وذكرت شرحا لدعواها أنها تقدمت في مناقصة توريد بسكويت زى مواصفات فنية وصحية خاصة
لتلاميذ مدارس مديرية التربية والتعليم بالفيوم، وأنه كان من شروط هذه المناقصة ألا
يكون هناك وسيط بين الشركة المنتجة والجهة المتعاقدة، وقد قبل العطاء المقدم من الجمعية
وقامت باستئجار مصنعين لإنتاج البسكويت حتى لا تخالف شروط المناقصة مما حملها مبالغ
طائلة تمثلت في دفع مقدمات الإيجار وأجور العمال بما يزيد على مليون جنيه، كما قامت
بشراء مصنع لإنتاج البسكويت بمبلغ مليوني جنيه، وأنه تقديم كافة الأصول والصور الخاصة
بالكيان القانوني للجمعية ومستندات المصانع، ودخلت في مفاوضات مع الجهة الإدارية لوضع
للمسات النهائية لإبرام العقد حيث تم الاتفاق على النزول بجميع الأسعار، وأنه لضيق
الفترة من تاريخ ترسية العطاء وحتي تاريخ بدء الدراسة، قامت بتصنيع كميات كبيرة من
البسكويت تبلغ قيمتها أكثر من البسكويت تكفي لمدة أسبوعين.. كما قامت الجمعية بشراء
خمس سيارات نقل قيمتها نصف مليون جنيه، وظلت متأهبة لصدور أمر التوريد إلا أنها فوجئت
بقيام جهة الإدارة بالتعاقد مع شركة مطاحن الإسكندرية رغم أن ترتيبها الثاني، وأدخلت
وسيطا هو فاروق البرقي، وبشكل هذا قرار إداريا نهائيا يجوز التعويض عنه، وخلص المدعى
إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 9/ 7/ 2000 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه والذي قضي بقبول الدعوى
شكلا ورفضها موضوعا وإلزام الجمعية المدعية المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن
المستفاد من نص المادتين 16، 18 من القانون رقم 9 لسنة 1983 بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات
والمادة 21 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون أنه لا يجوز بعد فتح المظاريف الدخول
في مفاوضات مع أحد مقدمي العطاءات في شأن تعديل عطائه، إلا إذا كانت المفاوضة مع صاحب
العطاء الأقل للنزول عن تحفظاته أو النزول بسعره إلى مستوى أسعار السوق، وأنه يتعين
ترسية المناقصة على صاحب العطاء الأفضل شروطا والأقل سعرا، وأنه لا يلتفت إلى أي عطاء
أو تعديل فيه برد بعد الموعد المحدد لفتح المظاريف، إلا أن المشرع لم يقصد من ذلك كف
يد جهة الإدارة والحيلولة بينها وبين الحصول على أفضل العطاءات بأقل الأسعار، إذ أجاز
في المادة التعاقد بطريق الممارسة في الحالات التي حددتها هذه المادة، ومن هذه
الحالات – التوريدات التي تتصف بالاستعجال أو التي تقضي طبيعتها أو الغرض المرغوب الحصول
عليها من أجله أن يكون اختيارها وشراؤها من أماكن إنتاجها، أو التي لم تقدم عنها عطاءات
في لمناقصة، أو قدمت عنها عطاءات بأسعار تزيد على بأسعار تزيد على أسعار السوق وكانت
جهة الإدارة في حاجة عاجلة لا يسمح بإعادة طرحها في المناقصة، كما أجاز المشرع في المادة
17 من ذلك القانون إلغاء المناقصة بعد النشر عنها أو الدعوة إليها وقبل البت فيها من
السلطة المختصة إذا استغني عنها نهائيا، أو اقتضت المصلحة العامة ذلك.
ورتبت المحكمة على ما تقدم أن الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة المدعى عليها قامت
بطرح مناقصة لتوريد البسكويت لتلاميذ بعض المدارس بمديرية التربية والتعليم بالفيوم،
وأنها اشترطت فيمن يتقدم للمناقصة أن يكون منتجا للبسكويت وألا يكون هناك وسيط بين
الشركة المنتجة وبين جهة الإدارة، وقد تقدمت الجمعية المدعية في المناقصة رغم أنها
لم تكن من منتجي البسكويت، وأنه نظرا إلى أن الأسعار المقدمة منها كانت أقل الأسعار
في المناقصة، فقد دخلت جهة الإدارة معها في مفاوضات لتقديم المستندات التي تثبت وجود
مصانع إنتاج البسكويت بحوزتها والسجل التجاري ورخصه التشغيل، فقامت الجمعية باستئجار
مصنعين لمدة سنة قابلة للتجديد وتنازلت عن تحفظاتها.
وأنه في نفس الوقت لم تغلق جهة الإدارة الباب أمام بقية المتنافسين، فقدمت شركة مطاحن
شمال الإسكندرية صاحبه الترتيب الثاني في المناقصة عرضا للنزول بأسعارها لتكون أقل
الأسعار، فضلا عن التنازل عن كل تحفظاتها. مما حدا بالسلطة المختصة بالاعتماد الترجيح
عطاء الشركة والتعاقد معها.
واستخلصت المحكمة مما تقدم أن ما قامت به جهة الإدارة من إجراءات تاليه لفتح المظاريف
لا يمكن أن يعد من إجراءات المناقصة أو مفاوضة مع الجمعية صاحبة أقل الأسعار، إذ أنه
طبقا لقواعد المناقصة يعد عرض الجمعية المدعية غير مقبول إذ لم ترفق بعطائها المستندات
التي تثبت قيامها بإنتاج البسكويت، ولم تكن تمتلك أو تستأجر عند فتح المظاريف مصانع
لإنتاجه، ومن ثم فإن التكييف الصحيح لما قامت به جهة الإدارة من مفاوضه الجمعية أنه
إلغاء للمناقصة والدخول في ممارسة مع الجمعية وغيرها من مقدمي العطاءات تحقيقا للمصلحة
العامة وللحصول على أفضل العروض وأقل الأسعار لمصلحة الخزانة العامة وكان من نتيجة
الممارسة استكمال الجمعية للمستندات المطلوبة منها وقيامها باستئجار المصانع والتنازل
عن تحفظاتها والنزول بأسعارها، وفي نفس الوقت فإن الشركة الأخرى قدمت عرضا جديدا تنازلت
فيه عن تحفظاتها ونزلت بأسعارها لتكون أقل من الأسعار المقدمة من الجمعية، مما حدا
بالسلطة المختصة إلى تفضيل العرض المقدم من شركة مطاحن الإسكندرية والتعاقد معها نظرا
لبدء العام الدراسي وضيق الوقت لطرح المناقصة من جديد.
وأضافت المحكمة أنه في ضوء ما تقدم لا تكون جهة الإدارة قد خالفت أحكام القانون، إذ
أن العرض المقدم من الجمعية في المناقصة لا يعد مقبولا على التفصيل السابق إيضاحه،
كما أن جهة الإدارة لم تخطر الجمعية بترسية العطاء عليها، فضلا عن أن العطاءات المقدمة
في المناقصة، بما فيها العطاء المقدم من الجمعية كانت كلها مقترنة بتحفظات، وتزيد أسعارها
على أسعار السوق، ولذا فإن ما قامت به جهة الإدارة مع الجمعية والشركة المشار إليها
بعد ممارسة وليس مفاوضة حيث تسترد جهة الإدارة سلطتها في ممارسة الجميع والحصول على
أفضل العطاءات لمصلحة الخزانة العامة، وقد وافقت على ذلك السلطة المختصة بالاعتماد.
ومن ثم ينتفي الخطاء عن جهة الإدارة. وأنه لا يغير من ذلك قيام الجمعية المدعية باستئجار
مصنعين وشراء ثالث وانتاج بعض البسكويت. ذلك أن ما قامت به في هذا الشأن كان يعد أمرا
أوليا وبيديها حتى يمكنها الاشتراك في المناقصة أو الممارسة إلا أنه كان يتعين عليها
أن تقوم بذلك قبل التقدم إلى المناقصة ابتداءا وقبل فتح المظاريف وهو ما لم يتحقق في
شأنها وذلك فأن عدم ترسية المناقصة عليها أو التعاقد معها لا يعد خطأ من جهة الإدارة
على النحو السابق الإشارة إليه، غذ للجهة الإدارية سلطة تقديرية في اختيار أفضل العروض
في ضوء ما تسفر عنه الممارسة بعد أن امتنعت عن ترسية المناقصة على أي من المتقدمين
بسبب عدم صلاحية عرض الجمعية لأنها غير منتجة للبسكويت ولارتفاع أسعار العروض الأخرى.
ومن ثم يكون طلب الجمعية المدعية بالتعويض غير قائم على سند صحيح لانتفاء ركن الخطأ
في جانب جهة الإدارة.
ومن حيث إن مبني الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وصدر مشوبا بالفساد
في الاستدلال تأسيسا على أنه أعطي لجهة الإدارة الحرية المطلقة في التعاقد بطريق الممارسة،
في حين أن ذلك مشروط – طبقا للمادة الخامسة من القانون رقم 9/ 1983 بتوافر إحدى الحالات
المحددة حصرا في تلك المادة وإلا تكون الجهة الإدارية قد لجأت إلى التعاقد بطريق المناقصة
– كما هو الشأن بالنسبة للحالة المعروضة إذ قامت لجنة البت بدراسة العطاءات المقدمة
في المناقصة واختارت الجمعية الطاعنة باعتبار أن عطاءها مقبول فنيا، وأنه الأقل سعرا
بما لا يجوز معه العدول عن السير في الترسية عليها والتعاقد مع الشركة الأخرى بطريق
الممارسة مما يكون معه الحكم المطعون فيه مخالفا للقانون.
كما أنه لم تتوافر إحدى الحالات المحددة بنص المادة 17 من ذلك القانون التي تجيز إلغاء
المناقصة – كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه. وأن الجهة الإدارية لم تلغ المناقصة
بدليل أنها تعاقدت مع من يلي عرض الجمعية الطاعنة من خلال عطائه المقدم بذات المناقصة
وبشروطها وقواعدها وذلك بالمخالفة لنص المادتين 16، 18 من القانون رقم 9/ 1983 ولائحته
التنفيذية. فضلا عن ذلك فقد بني الحكم المطعون فيه قضاءه على أن دخول الجهة الإدارية
في مفاوضات مع شركة مطاحن الإسكندرية يعد دليلا على إلغاء المناقصة كلية وأنها انتهجت
أسلوبا أخر هو الممارسة وذلك دون دليل من الواقع أو القانون مما يوضح فساد الحكم في
الاستدلال الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية المطعون ضدها أعلنت عن عدة مناقصات
لتوريد وجبات البسكويت المخصص لتلاميذ المدارس ببعض الإدارات التعليمية بمحافظة الفيوم
وتحدد لفتح مظاريف هذه المناقصات جلسات 28/ 8، 29/ 8، 1/ 9/ 1994. تقدمت شروط كل مناقصة
في البند منها أن المناقصة عامة وقاصرة على الشركات المنتجة للبسكويت فقط، ومن
النوع المخصص لتلاميذ المدارس طبقا لمواصفات وزارة التربية والتعليم، حيث تقدمت الجمعية
الطاعنة بعروضها في هذا المناقصات، ولم تتضمن مستندات هذه العروض ما يثبت أنها تقوم
بإنتاج البسكويت المطلوب وبالنظر إلى ما تبين للجهة الإدارية أن العطاءات المقدمة منها
تعتبر أرخص العروض، فقد طلبت منها تقديم بعض المستندات بما يفيد قيامها بإنتاج البسكويت
المطلوب حيث قدمت بتاريخ 18/ 10/ 1994 عقد استئجار مصنع نيو كليوباترا للبسكويت مؤرخ
1/ 8/ 1994 ومصدق عليه بالشهر العقاري بدمنهور بتاريخ 14/ 9/ 1994، وعقد استئجار مصنع
دهب للبسكويت مؤرخ 1/ 8/ 1994 ومصدق عليه بالشهر العقاري بتاريخ 22/ 9/ 1994، وأقرت
بتنازلها عن تحفظاتها والنزول بأسعارها على النحو المبين بالأوراق، ثم تقدمت شركة مطاحن
شمال الإسكندرية – والتي كانت مستوفية لكافة الشروط منذ بداية طرح المناقصات – بطلب
قبلت فيه خفض أسعارها إلى الحد الذي بلغته أسعار الجمعية الطاعنة، وبتاريخ 26/ 10/
1994 رافقت السلطة المختصة على قبول العرض المقدم من شركة مطاحن شمال الإسكندرية وأبرمت
العقد معها.
ومن حيث أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إعلان الجهة الإدارية عن مناقصة ومزايدة
أو ممارسة لتوريد بعض الأصناف عن طريق التقدم بعطاءات ليس إلا دعوة للتعاقد، وأن التقدم
بالعطاء وفقا للمواصفات والاشتراطات المعلن عنها هو الإيجاب الذي ينبغي أن يلتقى عنده
قبول جهة الإدارة لينعقد العقد، وأنه لكي ينتج القبول أثره، وبالتالي يعتبر التعاقد
قاما، يتعين أن يعلم الموجب بقبول إيجابه باعتبار أن القبول بوصفه تعبيرا عن الإرادة
لا يتحقق وجوده القانوني ولا ينتج أثره إلا إذا اتصل بعلم من وجه له.
ومن حيث أنه متي استبان مما تقدم، وكان الثابت من الاشتراطات التي تضمنتها المناقصات
المعلن عنها أن يكون مقدم العرض منتجا للبسكويت المخصص لتلاميذ المدارس في تاريخ الإعلان
عن هذه المناقصات في غضون شهر أغسطس 1994، وأنه في هذا التاريخ لم تكن الجمعية الطاعنة
تنتج هذا الصنف من المواد الغذائية وأية ذلك أنه ولئن كان الثابت من السجل التجارى
للجمعية الطاعنة أنه تضمن أن الغرض من تأسيس الجمعية هو تجهيز وتصنيع المواد الغذائية
إلا أن الثابت أيضا – ومن واقع صورة البطاقة الضريبية للجمعية المذكورة المقدمة رفق
حافظة مستنداتها بجلسة 28/ 6/ 2005 – أنه بتاريخ 12/ 9/ 1994 تم إضافة نشاط مصنع بسكويت
لإنتاج البسكويت باسم الجمعية التعاونية الإنتاجية لتجهيز وتوريد المواد الغذائية والتوريدات
بدمنهور، وهو ما يتضح معه أنه قبل هذا التاريخ (12/ 9/ 1994) لم تكن الجمعية المذكورة
تمارس نشاط إنتاج البسكويت، وأنها كانت تعتمد في تعاقداتها السابقة على الحصول عليه
من منتجيه وتكتفي بتوريده إلى الجهات التي تتقاعد معها.
وغني عن البيان أنه ولئن كانت الجمعية الطاعنة قدمت عقدى استئجار مصنعى بسكويت نيو
كليوباترا ودهب المؤرخين 1/ 8/ 1994 وهو في تاريخ سابق على طرح عمليات مناقصات البسكويت
موضوع النزاع – إلا أن الثابت أيضا أن هذين العقدين قد ثبت تاريخهما في 14/ 9/ 1994،
22/ 9/ 1994 على التوالي، وهو تاريخ معاصر لتاريخ إضافة هذا النشاط إلى البطاقة الضريبية
للجمعية على ما سلف بيانه، وهو ما تطمئن معه المحكمة إلى أن إبرام هذين العقدين تم
بمناسبة طلب الجهة الإدارية في 5/ 9/ 1994 المستندات الدالة على ممارسة الجمعية نشاط
إنتاجه البسكويت، وفي تاريخ لاحق على طرح المناقصات.
ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم، وإذ ثبت عدم استيفاء الجمعية لشرط إنتاج البسكويت
في تاريخ طرح المناقصات المشار إليها على ما سلف بيانه، فمن ثم فإن العرض المقدم منها
في هذه المناقصات، وبالصورة التي قدم بها، استجابة لدعوة الجهة الإدارية لا يعتبر إيجابا
يتعين أن يلتقي عنده قبول الجهة الإدارية ليتعقد به العقد، وأن ما تم من مكاتبات واتصالات
بينها وبين الجهة الإدارية كان الغرض منه في الأصل الاستيثاق من توافر شروط المناقصة
بقيامها بإنتاج البسكويت فعلا في ضوء خلو العرض المقدم منها من هذه البيانات، ومتي
كان ذلك، وإذ قدرت الجهة الإدارية استبعاد العطاءات المقدمة من الجمعية المذكورة، والتعاقد
مع شركة مطاحن شمال الإسكندرية المستوفية للشروط المعلن عنها فمن ثم فإن لا يمكن نسبه
أي خطأ إلى تلك الجهة يستوجب مسئوليتها عن تعويض الجمعية الطاعنة عما تدعيه من أضرار،
وإذ انتهي الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة برفض الدعوى فإنه يكون قد أصاب الحق فيما
انتهي إليه ويكون النعي عليه بمخالفة القانون قائما على غير أساس سليم خليقا بالرفض،
مع إلزام الطاعن بصفته المصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن
بصفته المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علنا في جلسة الثلاثاء من جماد أخر سنة 1427 هجرية الموافق 27/
6/ 2006 ونطقت به الهيئة المبنية بصدوره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
