المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 4204 لسنة 46 قعليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثالثة – موضوع
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي
عبد الرحمن اللمعي – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ يحيى خضري نوبي محمد – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ منير صدقي يوسف خليل- نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن – نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عمر ضاحى عمر ضاحى – نائب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمد إبراهيم عبد الصمد – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 4204 لسنة 46 ق.عليا.
المقام من
وزير الدفاع بصفته.
ضد
الممثل القانوني لشركة اردمان آيس الهندسية لدرجة التربة واختبار
المواد والتثقيب.
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة العقود الإدارية والتعويضات بجلسة
23/ 1/ 2000 في الدعوى رقم 716 لسنة 48ق.
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق الرابع عشر من مارس سنة 2000 أودعت هيئة
قضايا الدولة نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن
الماثل في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري – دائرة العقود الإدارية والتعويضات
بجلسة 23/ 1/ 2000 في الدعوى رقم 761 لسنة 48 ق المقامة من الطاعن على المطعون ضده
والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء
مجددا بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن بصفته مبلغاً مقداره 134401.26 جنيهاً
والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة
في 7/ 11/ 1993 وحتى تمام السداد والمصروفات.
وأعلن الطعن إلى المطعون ضده على الوجه الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله
شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 1/ 1/ 2003 إحالته إلى المحكمة الإدارية
العليا (الدائرة الثالثة) وعينت لنظره أمامها جلسة 29/ 7/ 2003 حيث تدوول بالجلسات
على النحو الثابت بمحاضرها وفيها أودع الحاضر عن الجهة الإدارية حافظتي مستندات ومذكرة
بدفاعه طلب فيها الحكم بالطلبات الواردة بعريضة الطعن وبجلسة 13/ 12/ 2005 قررت المحكمة
إصدار الحكم بجلسة 21/ 2/ 2006 وبتلك الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة 11/ 4/
2006 ثم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه
لدى النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 7/ 11/ 1993 أقام الطاعن الدعوى رقم
716/ 48ق. أمام محكمة القضاء الإداري طلب في ختامها الحكم بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي
له بصفته مبلغاً مقداره 134401.26 جنيهاً والفوائد القانونية المستحقة عن هذا المبلغ
بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد والمصروفات.
وذكر المدعي شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 9/ 6/ 1990 تعاقدت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة
بوزارة الدفاع مع الشركة المدعي عليها لتنفيذ أعمال " الجسات والأبحاث اللازمة لمواقع
المشروع الرقمي الإستراتيجي" بمناطق مختلفة لعدد 21 موقعاً طبقاً للشروط والمواصفات
المعلن عنها نظير مبلغ 72000 جنيه. وقامت الشركة بتنفيذ أعمال الجسات المتعاقد عليها
وقدمت تقريرها. بيد أنه أثناء تنفيذ الأعمال بالمواقع أتضح خطأ وعدم صحة الأبحاث والجسات
لعدد أربعة مواقع مشار إليها تفصيلاً بعريضة الدعوى. وأن ذلك يعني اختلاف تقارير أبحاث
الشرطة عن الطبيعة الحقيقية للتربة عند الحفر من تلك المناطق. وأنه ترتب على ذلك أن
طالبت الشركات المنفذة لعمليات الحفر بزيادة القيمة التعاقدية على أعمال البنود التي
استجدت ولم تكن في الحسبان طبقاً لتقارير الجسات المقدمة من الشركة المدعي عليها، والتي
قامت بتنفيذ أعمالها بطريقة غير مطابقة للمواصفات ولم تراع في تنفيذها الأصول الفنية
المتعارف عليها مما ترتب عليه تحمل جهة الإدارة مبلغ 103050 جنيهاً كفروق أسعار الحفر
بالإضافة إلى مبلغ 15457.500 جنيهاً قيمة غرامة تأخير بواقع 15% من إجمالي ما تحملته
في سبيل إصلاح الخطأ في نتيجة الجسات المقدمة من الشركة المدعي عليها فضلاً عن حق الجهة
الإدارية في استعادة تكاليف الجسات الخاطئة التي قامت بتنفيذها والتي تقدر بمبلغ 15833.76
جنيهاً. وخلص المدعي بصفته إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 23/ 1/ 2000حكمت المحكمة القضاء الإداري – دائرة العقود الإدارية والتعويضات
بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً. وإلزام المدعي بصفته المصروفات. وأقامت قضاءها
بالنسبة لموضوع الدعوى – على أنه بالرجوع إلى عقد المقاولة رقم 21/ أعمال/ 1990 المؤرخ
9/ 6/ 1990 المبرم بين الطرفين يبين أنه يقضي في بنده الأول بأن يعتبر التمهيد السابق
والعرض المقدم من الطرف الثاني (الشركة المطعون ضدها) ومحاضر لجنة البت والمفاوضة وكراسة
الشروط والمواصفات الخاصة بالمشروع وجميع الرسوم والملاحق المرفقة جزءا لا يتجزأ من
هذا العقد. ونص البند السادس من هذا العقد على أن على أن يضمن الطرف الثاني سلامة الأعمال
موضوع هذا العقد وحسن تنفيذه على الوجه الأكمل لمدة سنة.. والطرف الثاني مسئول عن بقاء
جميع الأعمال سليمة أثناء مدة الضمان فإذا ظهر بها خلل أو عيب يقوم بإصلاحه على نفقته.
وإذا قصر في إجراء ذلك فللطرف الأول أن يجريه على نفقته وتحت مسئوليته مع خصم كافة
الضمانات والغرامات منه" كما ينص البند الخامس من كراسة الشروط والمواصفات المعنون"
مسئولية المكتب الاستشاري " في فقرته – وصحتها – على أنه في حالة ظهور اختلاف
في طبيعة التربة أثناء التنفيذ عن ما جاء بتقرير الجسات، فعلى المكتب الاستشاري القيام
بعمل جسات جديدة وإعداد التوصيات المناسبة على حسابه وبدون المطالبة بأية تكاليف أو
أعباء مالية" وتنص الفقرة من ذات البند – وصحتها – على أنه " يحق لإدارة المهندسين
مراجعة المكتب الاستشاري في التوصيات المقدمة منه. وفي جميع الأحوال لا يخل هذا بالمسئولية
الكاملة للمكتب الاستشاري عن التوصيات الصادرة منه".
واستخلصت المحكمة من النصوص المتقدمة أن موضوع العقد المبرم بين الطرفين هو تنفيذ أعمال
جسات وأبحاث تربة في 21 موقع في المشروع الرقمي الإستراتيجي أي أن موضوعه هو تقديم
خدمة فنية استشارية يجرى تنفيذها وفقاً لنصوص العقد والعرض المقدم من المتعاقد ومحاضر
لجنة البت والمفاوضة والمواصفات الخاصة بالمشروع وجميع الرسوم والملاحق المرفقة بالعقد.
ويضمن المتعاقد مع جهة الإدارة سلامة الأعمال وحسن تنفيذها على الوجه الأكمل المدة
المقررة قانوناً. وأنه إذا ظهر خلل أو عيب يقوم بإصلاحه على نفقته، فإذا قصر في ذلك
فللطرف الأول أن يجربه على نفقته وتحت مسئوليته مع خصم كافة الضمانات والغرامات منه.
وأنه نظرا للطبيعة الفنية الاستشارية للخدمة موضوع العقد، فقد قضت كراسة الاشتراطات
بأنه في حالة ظهور اختلاف في طبيعة التربة أثناء التنفيذ عما جاء بتقرير الجسات فعلى
المكتب الاستشاري المتعاقد القيام بعمل جسات جديدة وإعداد التوصيات المناسبة على حسابه،
كما يحق لإدارة المهندسين بالجهة المتعاقدة مراجعة هذا المكتب في التوصيات المقدمة
منه وفي جميع الأحوال لا يخل هذا بالمسئولية الكاملة للمكتب الاستشاري عن التوصيات
الصادرة منه.
وأوضحت المحكمة أنه لما كانت مطالبة الجهة الإدارية في هذه الدعوى مستندة إلى نص البند
السادس من العقد – والذي يكمله نص البند الخامس سالف الذكر من الشروط العامة، وكان
النصان قد واجها الحالة التي يظهر فيها اختلاف طبيعة التربة أثناء التنفيذ عما جاء
بتقرير الجسات، وحددا التزامات المكتب الاستشاري في هذه الحالة، بأن يقوم بعمل جسات
جديدة وإعداد التوصيات المناسبة على حسابه، على أن يكون لإدارة المهندسين بالجهة المتعاقدة
مراجعة المكتب في توصياته. وأنه ولئن قضى بعجز الفقرة من البند من الشروط العامة
بالمسئولية الكاملة للمكتب الاستشاري عن التوصيات الصادرة منه فإن هذه المسئولية هي
بطبيعة الحال مسئولية عقدية، وهي تختلف عن المسئولية التقصيرية في أنها تكون محصورة
في الأضرار المباشرة المتوقعة دون غيرها، إذ تنص المادة 251/ 2 من القانون المدني على
أنه "ومع ذلك إذا كان الالتزام مصدره العقد فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا أو
خطأ جسيماً إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد". ويكون الضرر كذلك
بطبيعة الحال عندما يتناوله المتعاقدان بالتحديد والتنظيم في صلب العقد وأشارت المحكمة
إلى أنه في خصوصية النزاع الماثل وقد ظهر للجهة الإدارية أثناء التنفيذ اختلاف في طبيعة
التربة عما جاء بتقرير الجسات وذلك بالنسبة للمواقع الأربع المشار إليها بعريضة الدعوى
فإن التزام المكتب الاستشاري المدعي عليه يكون محصوراً فيما حددته الفقرتان 1، 2 من
البند من الشروط العامة سالفة الذكر، أما مسئولية المكتب عن غير ذلك من الأضرار
فلا تتعدى ما كان فيها مباشر أو محتملاً، والضرر المباشر المحتمل هو ما حددته المادة
221 من القانون المدني بان يكون نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو التأخر في الوفاء
به، طالما لم يرتكب غشاً أو خطأ جسيماً.
وأضافت المحكمة أنه تطبيقاً لذلك، وإذ لم تقدم الجهة الإدارية المدعية الدليل على خروج
المكتب الاستشاري المدعي عليه على الأصول العلمية والفنية المرعية في إعداده لتوصياته
بالنسبة لجسات التربة في المواقع الأربع موضوع النزاع. كما لم يثبت إخلال هذا المكتب
بالالتزامات التي رتبها عليه العقد في حالة ظهور اختلاف في طبقة التربة أثناء التنفيذ
عما جاء بتوصياته بتقديم المشورة اللازمة، ولم يثبت امتناعه عن القيام بعمل جسات جديدة
على حسابه وفقاً لما تقضي به الفقرة من البند من الشروط العامة. وأنه لما كان
ما تدعيه الجهة الإدارية من زيادة في أسعار عمليات تنفيذ الحفر لا يعد ضرراً مباشراً
محتملاً مرتبطاً برابطة السببية المباشرة بهذا الاختلاف الذي ظهر في طبقة الأرض عما
ورد بتوصيات المكتب الاستشاري، وذلك لأنه بغض النظر عن تفصيلات تحديد أسعار عمليات
تنفيذ الحفر التي لم تضم إلى ملف هذه الدعوى، فإن الزيادة من هذه الأسعار لا يعد ضرراً
مباشراً محتملاً لظهور الاختلاف في طبيعة الأرض عما ورد بتوصيات المكتب الهندسي، لأنها
ليست نتيجة طبيعية لظهور هذا الاختلاف من ناحية أولى، ومن ناحية ثانية فقد انتفت علاقة
السببية المباشرة بينهما باعتبار أن هذه الأسعار هي التي كانت ستفرض نفسها حتى ولو
كان المكتب الاستشاري قد ضمن توصياته الحالة التي ظهرت عليها التربة فعلاً وتحددت بناء
عليها الأسعار. ورتبت المحكمة على ما تقدم أن تكون مطالبة الجهة الإدارية للمكتب الاستشاري
بأن يؤدي لها تعويضا عما تكبدته من تكاليف لتنفيذ عمليات الحفر غير قائمة على سبب صحيح.
وكذلك الشأن بالنسبة للمطالبة بتكاليف الجسات في المواقع الأربع المذكورة طالما لم
يثبت عدم وفاء المكتب الاستشاري بالتزامه المنبثق عن البند من الشروط العامة في
عمل جسات جديدة على حسابه في هذه المواقع وتقديم المشورة اللازمة لدى مراجعة الجهة
الإدارية له بخصوص توصيات المكتب وبذلك تكون مطالبة تلك الجهة بالتعويض غير مستندة
إلى سببها الصحيح من الواقع والقانون حرية بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله
تأسيساً على أن قضاء المحكمة الإدارية العليا استقر على أنه طبقاً لما تقضي به المادة
148 من القانون المدني ينبغي تنفيذا لعقد طبقاً لما أشتمل عليه. وأن هذا المبدأ مسلم
به في مجال روابط القانون العام، كما هو الشأن في مجال روابط القانون الخاص، وبمقتضاه
يلتزم كل طرف من طرفي العقد بتنفيذ ما اتفقا عليه، فإذا حاد أحدهما عن هذا السبيل كان
مسئولا عن إخلاله بالتزامه العقدي. وأن الثابت من مستندات الدعوى تعاقد الجهة الإدارية
الطاعنة مع الشركة المطعون ضدها بالعقد رقم 21/ أعمال/ 90 لتنفيذ أعمال الجسات وأبحاث
التربة للمشروع الرقمي الإستراتيجي. وقد ثبت لإدارة المهندسين اختلاف تقارير أبحاث
التربة المقدمة من الشركة المطعون ضدها عن طبيعة التربة بالموقع عند الحفر وذلك ثابت
في ثلث المواقع المنفذة. كما تلاحظ لتلك الإدارة أن الشركة تخضع تصنيف نوع التربة للاستكشاف
الميداني أثناء إجراء المقاول للحفر وترتب على ذلك مطالبة بعض الشركات المنفذة بالممارسة
على البنود المستجدة من أعمال الإحلال والحفر في أراضي صخرية وزيادة كميات العمل في
الحفر لإحلال وتوريد رمال نظيفة للردم داخل الموقع ونقل ناتج حفر الصخر إلى خارج الموقع
وأن هذا يتطلب زيادة في القيمة التعاقدية وما ترتب على ذلك من زيادة مدة التنفيذ مما
يخالف مطالب الهيئة الهندسية في أسلوب التعاقد. ومن ثم يتضح بجلاء خطأ الشركة المطعون
ضدها في تنفيذ العقد حيث لم تراع الأصول الفنية في تنفيذ أعمال الجسات وأبحاث التربة
بالنسبة للمواقع الأربع مخالفة بذلك أحكام العقد والقانون مما ترتب عليه إلحاق خسائر
بجهة الإدارة، عبارة عن فروق الأسعار، وغرامة 15% من إجمالي ما تحملته الجهة الإدارية
فضلاً عن أحقية تلك الجهة في المطالبة برد قيمة الجسات والأبحاث الخاطئة الخاصة بتلك
المواقع والتي سبق أن حصلت عليها الشركة المطعون ضدها. وأنه لما كان الحكم المطعون
فيه قد ذهب على خلاف ذلك فإنه يكون قد خالف أحكام القانون مما يتعين الحكم بإلغائه
والقضاء بطلبات الطاعن الواردة بعريضة الطعن.
ومن حيث إن المادة 148 من القانون المدني تنص على أنه يجب تنفيذ العقد طبقاً لما أشتمل
عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية. وأنه من الأمور المسلحة في العقود كافة،
سواء كانت عقوداً مدنية أو إدارية أن الخطأ العقدي هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته
الناشئة عن العقد أياً كان السبب في ذلك، يستوي في ذلك أن يكون عدم التنفيذ ناشئاً
عن عمده، أو عن إهماله، أو عن فعله دون عمد أو إهمال كما أنه من المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن العقد الإداري شأنه في ذلك شأن سائر العقود يتم بتوافق إرادتين تتجهان إلى
إحداث أثر قانوني معين، وليس عملاً شرطياً يتضمن إسناد مراكز قانونية عامة وموضوعية
إلى أشخاص بذواتهم. فإذا ما توقع المتعاقدان في العقد الإداري خطأ معيناً ووضعا له
جزاء بعينه فإنه يتعين أن تتقيد جهة الإدارة والمتعاقد معها بما جاء في العقد ولا يجوز
لأيهما مخالفته، كما لا يصح في القانون القضاء على غير مقتضاه.
ومن حيث أنه متى استبان ما تقدم، وكان البند الأول من العقد المؤرخ 9/ 6/ 1990 المبرم
بين الطرفين تضمن اعتبار كراسة الشروط والمواصفات الخاصة بالمشروع جزءا لا يتجزأ من
العقد. وأن البند الخامس من هذه الشروط نظم حالة ظهور اختلاف في طبيعة التربة أثناء
التنفيذ عما جاء بتقرير الجسات الذي تعده الشركة المطعون ضدها بأن إلزام تلك الشركة
بعمل جسات جديدة وإعداد التوصيات المنسابة على حسابها وبدون المطالبة بأية تكاليف أو
أعباء مالية. وقد تضمن البند السادس من العقد النص على مسئولية الشركة عن سلامة الأعمال
طوال فترة الضمان، فإذا ظهر بها خلل أو عيب يقوم بإصلاحه على نفقته فإذا قصر في إجراء
ذلك كان للجهة الإدارية أن تجربة على نفقته وتحت مسئوليته… ومتى كان ذلك وإذ ثبت
ظهور اختلاف في طبيعة التربة أثناء التنفيذ عما جاء بتقرير الجسات في أربعة موقع على
النحو الذي استظهره الحكم المطعون فيه. فمن ثم فإنه طبقاً لأحكام العقد، وما ذهبت إليه
إرادة طرفيه فإن الشركة المطعون ضدها تلتزم بعمل جسات جديدة وإعداد التوصيات المناسبة
على حسابهما، وإذا كان الثابت أن الجهة الإدارية – واختصار للوقت – طلبت إلى الشركات
المنفذة للأعمال التعامل مع التربة بالحالة التي وجدت عليها على الطبيعة، وما صاحب
ذلك من ظهور بنود مستجدة لم تكن موجودة بالمقايسة المعدة طبقاً لتقرير الجسات فمن ثم
– وحتى لا تثرى الشركة المطعون ضدها على حساب الجهة الإدارية بدون وجه حق – فإنها تلتزم
برد قيمة ما تقاضته من تلك الجهة نظير تنفيذها الجسات الأربعة سالفة البيان – والبالغ
مقداره 15833.76 جنيهاً والفوائد القانونية المستحقة عن هذا المبلغ بواقع 5% سنوياً
من تاريخ المطالبة القضائية عملاً بحكم المادة 226 من القانون المدني ولا وجه لتحميلها
بأية مبالغ أخرى مما تطالب به الجهة الإدارية لذات الأسباب التي قام عليها الحكم المطعون
فيه في هذا الشأن والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتجعلها أسباباً لحكمها في هذه الخصوصية.
ومن حيث إنه عن المصروفات، فإن المحكمة تلزم طرفي الخصومة بها مناصفة عملاً بحكم المادة
186 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم
المطعون فيه ليكون بإلزام المدعي عليه بصفته (المطعون ضده) بأن يؤدي للمدعي بصفه (الطاعن)
مبلغاً مقداره 15833.76 جنيهاً (خمسة عشر ألفاً وثمانمائة وثلاثة وثلاثون جنيهاً وستة
وسبعون قرشاً) والفوائد القانونية المستحقة عن هذا المبلغ بواقع 5% سنوياً اعتباراً
من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 7/ 11/ 1993 وحتى تمام السداد وألزمت الطرفين
المصروفات مناصفة عن درجتي التقاضي.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم الثلاثاء الموافق 24 من جماد أول سنة 1427 هجرية
الموافق 20 من يونيه سنة 2006 ميلادية.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
