المحكمة الادارية العليا – الطعن ين رقم 5434 لسنة 49 ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثالثة " موضوع "
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة
السيد الأستاذ المستشار/ يحي عبد الرحمن أبو يوسف – نائب رئيس مجلس
الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحي خضري نوبي احمد، منير صدقي يوسف خليل، عبد
المجيد احمد حسن المقنن،
عمر ضاحى عمر ضاحى " نواب رئيس مجلس الدولة "
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد إبراهيم عبد الصمد – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الاتى:
في الطعنين رقم 5434 لسنة 49 ق عليا
المقام من
احمد أنيس على حسن وصفى
ضد
1 – محافظ القاهرة " بصفته "
2 – رئيس حي غرب القاهرة " بصفته "
3 – رئيس الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة " بصفته "
والطعن رقم 6574لسنة49ق عليا
المقام من
1 – محافظ القاهرة " بصفته "
2 – رئيس حي غرب القاهرة " بصفته "
ضد
احمد أنيس على حسن وصفى
طعنا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى "الدائرة السادسة" بجلسة 2/ 2/ 2003
في الدعوى رقم 6078لسنة51ق
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق الحادي عشر من مارس عام الفين وثلاثة أودع
وكيل الطاعن في الطعن الأول رقم 5434لسنة49ق.ع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير
الطعن المذكور طعنا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى الدائرة السادسة بجلسة
2/ 2/ 2003 في الدعوى رقم 6078لسنة51ق القاضي بإلزام محافظ القاهرة بصفته بأن يؤدى
للمدعي الطاعن مبلغا مقداره 1067364 جنيها " مليون وسبعة وستون ألف وثلاثمائة وأربعة
وستون جنيها " والمصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بندب لجنة
من خبراء وزارة العدل لإعادة وتقدير وتنفيذ المهام السابق إسنادها إلى الخبير الأول
وتقدير كافة الخسائر والأضرار التي لحقت بالطاعن وما فاته من كسب تمهيدا للحكم بتعديل
الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بطلباته الواردة بصحيفة الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم
المصروفات عن درجتي التقاضي 0
وفى يوم السبت الموافق التاسع والعشرين من مارس عام الفين وثلاثة أودعت هيئة قضايا
الدولة بصفتها نائبة عن محافظ القاهرة ورئيس حي غرب القاهرة بصفتيهما قلم كتاب المحكمة
الإدارية العليا تقرير الطعن الثاني رقم 6574لسنة49ق.ع طعنا على ذات الحكم سالف الذكر
المطعون فيه بالطعن الأول، وطلب الطاعنان بصفتيهما الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات
0وقد أعلن الطعنان على النحو المبين بالأوراق، واعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي
القانوني في الطعنين ارتأت فيه الحكم بندب مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة القاهرة
ليندب خبيرا تكون مهمته الانتقال لعين النزاع ومعاينتها ووصفها وصفا دقيقا لبيان قيمة
ما أنفقه المضرور في تطوير الكازينو والمطعم الذي كان مرخصا له باستغلاله وبيان الأجهزة
والمعدات والمنقولات التي تم إتلافها عند تنفيذ قرار الإزالة وتقدير قيمتها وبيان المستندات
المؤيدة لذلك إن وجدت وما لحق المذكور من خسارة بصفة عامة وما فاته من كسب وتقدير قيمة
الأضرار الناشئة عن الإساءة لسمعته الأدبية 0
وقد نظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا طبقا للثابت بمحاضر
الجلسات حيث قررت ضمهما معا ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 20/ 7/ 2005 قررت الدائرة
إحالة الطعنين إلى الدائرة الثالثة- موضوع – بالمحكمة الإدارية العليا لنظرهما بجلسة
3/ 1/ 2006 ثم تحدد لنظرهما جلسة 8/ 11/ 2005 بناء على طلب الطاعن في الطعن الأول ثم
جرى تداولهما أمام المحكمة حتى جلسة 20/ 12/ 2005 وفيها حضر الطرفان كل بوكيل عنه وقدم
الحاضر عن الطاعن في الطعن الأول رقم 5434لسنة47ق.ع مذكرة تمسك في ختامها بإحالة النزاع
إلى الخبرة على أن تشتمل المهمة على تلافى القصور الذي شاب التقرير السابق، وقد قررت
المحكمة إصدار الحكم بجلسة 31/ 1/ 2006
وفيها تقرر مد اجل النطق به إداريا لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على
أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث أن الطعنين استوفيا اوضاعهما الشكلية.
ومن حيث أن عناصر النزاع في الطعنين تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن احمد أنيس على
حسن وصفى – الطاعن في الطعن الأول ومطعون ضده في الطعن الثاني – أقام الدعوى رقم 6078لسنة51
بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى بتاريخ 22/ 5/ 1997 وطلب في ختامها الحكم
بقبولها شكلا وفى الموضوع بإلزام محافظ القاهرة بصفته بأن يؤدي له مبلغا مقداره خمسة
عشر مليون جنية عوضا له عما لحقه من أضرار مادية وأدبية، وذكر شرحا للدعوى أن حي غرب
بمحافظة القاهرة أعلن عام 1984 عن مزايدة لاستغلال كازينو النهر السياحي وأوضح بشروطها
أن جميع مباني ومنشأت الكازينو غير صالحة للاستعمال سواء دورات المياه أو المطبخ أو
التراسات والأشجار والحدائق وان الأمر يتطلب إعادة إنشائها مرة أخرى حسب التعديل الجديد
في منشآت الكازينو ولذلك فانه يجب على المستغل أن يتقدم بمشروع متكامل للمساحة المقررة
يحقق أغراض الاستغلال ويتم اعتماده من ألحى على أن يقوم بإعادة إنشاء المباني وصيانة
الحدائق وإنشاء شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي وجميع أعمال التشجير، وانه حال
قيام من رسا عليه المزاد بهذه الأعمال على الوجه الأكمل يحق له تجديد عقد الاستغلال
مرة أخرى، وأضاف المدعى أن مزاد استغلال هذا الكازينو رسا عليه وتسلم موقعه بتاريخ
24/ 12/ 1984 وتم إثبات حالة الكازينو بذلك المحضر وكانت مبانيه خربة مهدومة وكافة
مرافقه وأحاله غير صالحة فقام بعمل التطوير المطلوب للكازينو حتى يكون واجهته سياحية
مشرفة لمصر في موقعه المتميز على النيل واستمر في أتمام الأعمال حتى أن الجهة الإدارية
قدرت تكلفة ما أنفقه على الأعمال الصحية والاعتيادية والكهربائية وأعمال تجميل الزراعات
والرصف بمبلغ مقداره مليون وسبعة وأربعون ألف وثلاثمائة وأربعة وستون جنيها وثمانون
قرشا وأفادت هيئة نظافة وتجميل القاهرة في كتابها للمحافظة بأن حالة الكازينو الخربة
والسيئة التي كانت عند استلامه تغيرت وصار منشأة سياحية من الدرجة الأولى بسبب جهد
مواطن مصري يستحق الثناء والتقدير لأنه أعاد إنشاء الكازينو كله من جديد، وعند انتهاء
مدة الاستغلال عرضت إدارة أملاك الدولة مذكرة على المستشار القانوني لمحافظة القاهرة
بما تم بشأن الكازينو فأعد مذكرة ارتأى فيها تجديد مدة الاستغلال نظرا لما هو ثابت
بالأوراق من أن المستغل أنشأ الكازينو من العدم بتكاليف مالية عالية وجهد متواصل للارتقاء
بذلك المكان حتى صار على مستوى رفيع في الإدارة والخدمة، وقد وافق محافظ القاهرة على
تجديد الترخيص بالاستغلال مرة أخرى تبدأ من 2/ 6/ 1995 بزيادة قدرها 20% في القيمة
الايجارية، وبتاريخ 1/ 7/ 1995 ابرم مع المحافظة عقد الاستغلال اللازم ونصت مادته الثانية
والعشرون على الأحوال التي يحق للمحافظة إلغاء هذا الترخيص وهى: – إذا اخل المرخص له
بأي شرط من شروط الترخيص.
2 – إذا استعمل المبنى في غير الغرض المخصص له.
3 – إذا تأخر المرخص له في أداء مقابل الانتفاع عن الميعاد المحدد لذلك، كما نصت المادة
26 على أن يلتزم المرخص له عند انتهاء المدة المحددة في الترخيص أو عند إلغائه بأن
يسلم المحل المرخص به للمحافظة، والا كان لها أن تخليه بالطريق الادارى على حسابه دون
أن تكون مسئولة عما قد يلحق بمنقولاته الخاصة به من تلف ويلتزم باستلام هذه الأشياء
خلال أسبوع من تاريخ إخطار المحافظة له بذلك.
ومضى المدعى مشيرا إلى انه بتاريخ 5/ 1/ 1997 فوجئ بأجهزة ومعدات محافظة القاهرة ممثلة
في هيئة النظافة والإنقاذ المركزي تقوم بإزالة كازينو ومطعم النهر بما فيه من أجهزة
ومعدات وكراسى ومناضد وحديقة الأطفال وقاعة البلياردو وقاعات الطعام وأصبح المكان السياحي
الذي انفق عليه الملايين من الجنيهات خرابا رغم أن مدة الاستغلال كانت ممتدة حتى عام
2000 بترخيص من الجهة الإدارية اى أن المكان لم يكن عشوائيا أو يدار دون ترخيص، وقد
قامت الجهة الإدارية بهذه الإزالة دون إتباع الطرق القانونية المقررة للإزالة بل أن
هذا الأمر يؤكد وجود سوء نية وإساءة استعمال السلطة لدى الإدارة وهو ما عبرت عنه الصحف
في اليوم التالي ولذلك قام بعمل محضر أدارى بقسم قصر النيل بتاريخ 5/ 1/ 1997 أورد
به حصرا مبدئيا لقيمة الخسارة التي تقدر بحوالى أربعة عشر مليونا من الجنيهات منها
الكراسي والمناضد والحدائق والملاهي والقاعات والمسارح والمطابخ والثلاجات والماكينات
والأفران وغرف التبريد والتجميد ومعداتها وغرفة الكهرباء وأجهزتها والمكاتب الإدارية
بمستنداتها وأجهزة التكييف ومواتير المياه والسخانات وغير ذلك مما أشار إليه بصحيفة
الدعوى، ثم أضاف المدعى انه مما يثبت سوء نية الإدارة أن الإزالة تمت دون إخطار مسبق
ولم تمنحه الأجهزة القائمة بالإزالة إلا ساعتين كمهلة لإخراج ما بداخله من معدات وأجهزة
رغم أن مساحة الكازينو حوالي 3500 متر مربع وبه قاعة شتوية مجهزة سياحيا ومطبخ ومخازن
وغرف تبريد وتجميد ومسارح وحدائق وغيرها، وكل ذلك يؤكد أن الإدارة لم تكن تهدف إلا
إلى التدمير والتخريب فقط ولم تستهدف بالإزالة وجه المصلحة العامة خاصة وانه لم يتعد
على أملاك الدولة، كما أن الأمر العسكري رقم 1لسنة1996 لا يسرى على حالته ولم يصدر
ضده حكم قضائي ومن ثم يكون قرار الإزالة خاطئا وإذ ترتب عليه ضرر مادي وادبى جسيم لحق
بالكازينو الذي انفق عليه الملايين ودمرته الإزالة حتى سطح الأرض فضلا عما أصابه في
سمعته وشرفه ونزاهته والاسم التجاري للكازينو من أضرار أخرى ومن ثم أقام الدعوى للحكم
له بالطلبات السالف بيانها.
وقد تدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الادارى حيث قضت بجلسة 24/ 5/ 1998 تمهيديا وقبل
الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بجنوب القاهرة ليندب احد خبرائه المختصين
لأداء المأمورية المبينة بأسباب الحكم ونفاذا له أوع الخبير المنتدب التقرير المرفق
بالأوراق وفيه انتهى إلى نتيجة حاصلها انه بالإطلاع على أوراق الدعوى ومستنداتها لم
يتبين له قيمة ما أنفقه المدعى في تطوير الكازينو والمطعم الذي كان مرخصا له باستغلاله
لأنه تم هدم الكازينو والمطعم بالكامل وان المحافظة قدرت لهما مبلغا مقداره 1047364
جنيها وان الأجهزة والمعدات والمنقولات التي أتلفت غير موجودة وبالتالي لم يستطع تقدير
قيمتها والمستندات المقدمة في هذا الشأن عبارة عن صور ضوئية للفواتير، وأضاف الخبير
أن الطرفين لم يقدما له ما يفيد قيام الجهة الإدارية باتخاذ أية إجراءات قبل المدعى
قبل تنفيذ قرار الإزالة وان مديرة الشئون القانونية بالحي قررت بأن المحافظة هي المسئولة
عن ذلك.
وبعد ورود التقرير المشار إليه وتعقيب الطرفين عليه أصدرت محكمة القضاء الادارى الحكم
المطعون فيه وشيدته على أسباب خلاصتها أن الأوراق خلت مما يثبت أن المدعى اخل بأي شرط
عن شروط الترخيص الممنوح له أو انه استعمل مبنى الكازينو في غير الغرض المخصص له أو
تأخر في أداء مقابل الانتفاع عن الميعاد المحدد له أو أن الجهة الإدارية كانت في حاجة
ماسة لتحويله إلى مشروع ذي نفع عام لأنها لو كانت كذلك ما جددت له الترخيص خمس سنوات
أخرى اعتبارا من 2/ 6/ 1995 مما يؤكد أن قرارها بفسخ العقد قبل انتهاء مدته وإزالة
المباني والمنشآت قد صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون ويتوافر بذلك ركن الخطأ في جانبها
وقد ترتب على خطئها أضرار مادية للمدعى تتمثل في إزالة كافة المباني والمنشآت الخاصة
بالكازينو وإتلاف ما بها من معدات وأجهزة كهربائي كان قد أعدها على نفقته وتكبد في
سبيل ذلك مبالغ مالية كبيرة قدرها الخبير المنتدب بمبلغ 1047364 جنيها وهو ما تطمئن
إليه المحكمة وتقضى به للمدعى بالإضافة إلى مبلغ مقداره عشرون ألف جنية كتعويض ادبى
عما أصابه في سمعته وأساء إليه في شعوره واسمه التجاري.
ومن حيث أن هذا الحكم لم يلق قبولا لدى مستغل الكازينو المشار إليه فطعن عليه بالطعن
الأول رقم 5434لسنة49ق.ع وشيده على أسباب خلاصتها أن الحكم المطعون فيه اعتمد على تقرير
الخبير رغم ما به من عوار حيث لم يؤد الخبير المنتدب المهمة التي كلفته بها المحكمة
ولم يكلف نفسه مشقة بحث مستندات الدعوى واعتمد على مستند واحد صادر عن الجهة الإدارية
رغم وجود محضر رسمي ثابت به حجم المعدات والآلات والأجهزة والأدوات والمنقولات التي
أتلفت حال قيام الجهة الإدارية بعملية الإزالة ومع ذلك أهدر الخبير كل مستندات الدعوى
التي تثبت الضرر الذي لحق به وكان يجب على المحكمة أن تتأثر من أن الخبير قام بالمأمورية
المكلف بها على الوجه الأكمل وهو ما لم تقم به، فضلا عن خلو التقرير من بيان ما فاته
من كسب جراء تنفيذ قرار الإدارة الخاطئ بالإزالة ولم يبين الخبير الإجراءات التي اتخذتها
الإدارة قبل تنفيذ الإزالة، وبالتالي ما كان يجب على المحكمة الارتكان إلى هذا التقرير
وبالتالي يكون حكمها معيبا يستوجب التعديل.
وأضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه أهدر حقوقه وكان يجب على المحكمة تدارك العوار الذي
لحق بتقرير الخبير إما بإعادة الأوراق إلى لجنة من الخبراء أو أن تتعرض هي لذلك باعتبارها
الخبير الأعلى، وأخيرا فان هناك عدم تناسب بين حجم الضرر الادبى الذي لحق به والمبلغ
الذي قدرته المحكمة له عنه وبذلك جاء الحكم غير متفق مع الأوراق بل ومخالفا لها مما
يتعين معه تعديله ليتناسب التعويض مع الأضرار التي أصابته من قرار الجهة الإدارية.
ومن حيث أن الجهة الإدارية كذلك لم ترتض الحكم المطعون فيه فطعنت عليه بالطعن الثاني
رقم 6574لسنة49ق.ع استنادا إلى أسباب حاصلها أن هذا الحكم خالف القانون إذ أن الهدف
من إنهاء ترخيص المطعون ضده للكازينو المشار إليه كان وجه المصلحة العامة وتحويل الموقع
إلى حديقة عامة لتحقيق أغراض التخطيط العمراني والمحافظة على البيئة وكل ذلك يبيح للإدارة
إنهاء الترخيص قبل حلول اجله وقد تمت الإزالة استنادا إلى قرار محافظ القاهرة بإخلاء
المنشآت المقامة على حديقتي النهر والمسلة وتخصيص أماكنها للنفع العام ومن ثم فان ركن
الخطأ غير متوافر في حق الجهة الإدارية لأنها استهدفت به وجه المصلحة العامة وبالتالي
لا يوجد مبرر للحكم عليها بالتعويض عن هذا القرار، كما أن الحكم إذ اعتمد على تقرير
الخبير رغم انه مخالف للواقع ومبنى على أسس لا اصل لها بالأوراق فانه يكون معيبا خاصة
وان الخبير اغفل أن الإدارة حين تعاقدت مع المطعون ضده على استغلال الكازينو راعت ما
سينفقه عليه وعلى منشآته فقدرت له مقابلا منخفضا لهذا الاستغلال.
وفضلا عن ذلك فقد استمر ثلاث عشرة سنة يحصل على أرباح هذا الكازينو وكان يدر عليه دخلا
كبيرا، كما خالف الخبير ما هو ثابت من أن الإدارة منحت المذكور المهلة اللازمة لسحب
أدواته ومعداته الموجودة بالكازينو وانه قام بذلك بالفعل ولم تلحقه ثمة أضرار من قرار
الإدارة ومن تنفيذه.
وخلصت الجهة الإدارية أن الحكم بذلك يكون مخالفا للقانون واخطأ في تطبيقه وتأويله وشابه
الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ويغدو حريا بالإلغاء والقضاء مجددا برفض الدعوى.
ومن حيث انه لما كانت المادة الثالثة من مواد إصدار قانون مجلس الدولة رقم 47لسنة1972
تنص على أن تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتطبق أحكام قانون المرافعات
فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي، وإذ
تنص المادة 43 من قانون مجلس المشار إليه على انه "…….. وتصدر الأحكام مسببة ويوقعها
الرئيس والأعضاء ". وهو ما تضمنه نص المادة 175 من قانون المرافعات حيث نصت على انه
" يجب في جميع الأحوال أو تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن
المقضاة 00 عند النطق بالحكم والا كان الحكم باطلا ".
ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة انه إذا كان تسبيب الأحكام يقصد به حمل القضاة
على إلا يحكموا على أساس فكرة مبهمة لم تستبين معالمها وان يكون الحكم دائما نتيجة
أسباب معينة محددة مفاهيمها وجرت على أساسها المداولة بين القضاة قبل النطق به، وهذا
الأمر لا يدل عليه ولا يقطع به سوى توقيع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على مسودته
المشتملة على أسبابه فمن هذا التوقيع يبين أنهم طالعوا الأسباب وتناقشوا فيها واقروها
على الوضع الذي أثبتت به في المسودة، ولا يغنى عن هذا الأجراء توقيعهم على الورقة المتضمنة
منطوق الحكم وحده متى كانت منفصلة عن الورقة المشتملة على أسبابه، وعلى ذلك فان مسودة
الحكم المشتملة على منطوقه إذا لم توقع إلا من اثنين من أعضاء الدائرة الثلاثية التي
أصدرته فان الحكم يكون قد صدر باطلا طبقا لحكم المادة 175 من قانون المرافعات سالفة
الذكر، والبطلان في هذه الحالة بطلان لا يقبل التصحيح لانطوائه على إهدار لضمانات جوهرية
لذوى الشأن من المتقاضين ولذلك فانه يتعلق بالنظام العام ويكون واجبا على محكمة الطعن
التي طرح عليها الحكم أن تقضى بذلك البطلان من تلقاء نفسها دون توقف على رفع احد الخصوم
أو تمسكه به أو إيراده كوجه من أوجه النعي على الحكم المطعون فيه.
ومن حيث انه لما كان ذلك وكان مؤدى نص ما ورد بنص المادة الرابعة من قانون مجلس الدولة
رقم 47/ 1972 أن محكمة القضاء الادارى تصدر أحكامها من دوائر تشكل كل منها من ثلاثة
مستشارين طبقا للاختصاص المحدد لكل دائرة ومن ثم فانه لا يجوز الخروج على تشكيل كل
دائرة زيادة أو نفعا لاى سبب من الأسباب، وإذ يبين من الإطلاع على مسودة الحكم المطعون
فيه المشتملة على أسبابه ومنطوقه أنها لم توقع إلا من عضوين اثنين فقط من أعضاء الدائرة
الثلاثية التي أصدرت الحكم فانه لذلك يكون حكما باطلا ويتعين الحكم بإلغائه لهذا السبب
وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الادارى
الطعنين رقم 5434لسنة49ق عليا والطعن رقم 6574لسنة49ق عليا
للفصل فيها مجددا بهيئة أخرى خاصة وأنها غير مهيأة للفصل في موضوعها إذ ما يزال كل
من طرفيها معترضا على تقرير الخبرة المودع فيها ويرى أن لديه المستندات المؤيدة لموقفه
مما يتعين معه أن تقول محكمة القضاء الادارى كلمتها في موضوع الدعوى وتعمل حكم القانون
فيه وفقا لما تراه فيما يقدمه الطرفان من مستندات وأوجه دفاع، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
" فلهذه الأسباب "
حكمت المحكمة.. بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الادارى للفصل فيها مجددا بهيئة أخرى وأبقت
الفصل في المصروفات 0
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم الثلاثاء الموافق من محرم سنة 1427 هجرية. والموافق
14/ 2/ 2006 بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
