المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 131-47ق عليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الادارية العليا – الدائرة الثالثة " موضوع "
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة
السيد الاستاذ المستشار / كمال زكى عبد الرحمن اللمعى – نائب رئيس
مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الاستاذة المستشارين/ محمود ابراهيم محمود
على عطا الله، يحي خضرى نوبى محمد، عبد المجيد احمد حسن المقنن، عمر ضاحى عمر ضاحى
– " نواب رئيس مجلس الدولة "
وحضور السيد الاستاذ المستشار/ حسين محمد صابر – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / محمد عويس عوض الله – سكرتير المحكمة
اصدرت الحكم الاتى
فى الطعن رقم 131-47ق عليا
المقام من
وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية " بصفته "
ضد
ورثة محمد عبده عاشور سلامة وهم: حورية محمد قطب " والدته "
2 – مايسة محمد عشرى " زوجة " عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها القصر احمد ويسرا محمد
عبده عاشور
وفى الطعن رقم 1346/ 47ق عليا
المقام من
ورثة محمد عبده عاشور سلامة وهم:
1 – حورية محمد قطب " والدته "
2 – مايسة محمد عشرى " زوجة " عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها القصر احمد ويسرا وحمد
عبده عاشور
ضد
وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية "بصفته "
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى – الدائرة العاشرة – فى الدعوى رقم 2999/
52ق بجلسة 27/ 8/ 2000.
الاجراءات
فى يوم الاربعاء الموافق الرابع من اكتوبر عام الفين اودعت هيئة
قضايا الدولة بصفتها نائبة عن وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بصفته قلم كتاب المحكمة
الادارية العليا تقرير طعن قيد برقم 131/ 47ق ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى
– الدائرة العاشرة – فى الدعوى رقم 2999/ 52ق بجلسة 27/ 8/ 2000 القاضى اولا: برفض
الدفع بسقوط الحق فى التعويض بالتقادم الثلاثى، ثانيا: بقبول الدعوى شكلا فى الموضوع
بالزام المدعى عليه بصفته " وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بأن يؤدى للمدعين " الورثة
المطعون ضدهم " مبلغا مقداره خمسمائة الف جنية والمصروفات.
وطلب الطاعن بصفته للاسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا و بالغاء الحكم
المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى والزام المطعون ضده بصفته المصروفات عن درجتى
التقاضى.
وفى يوم الاربعاء الموافق الخامس والعشرين من اكتوبر عام الفين اودع ياسين احمد جمال
بصفته وكيلا عن ورثة محمد عبده عاشور " المذكورين بصدر الحكم " قلم كتاب المحكمة الادارية
العليا تقرير طعن قيد برقم 1346/ 47ق ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى –
الدائرة العاشرة – فى الدعوى رقم 2999/ 52ق بجلسة 27/ 8/ 2000 " المطعون فيه بالطعن
الاول " وطلب الطاعنون " الورثة – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم
المطعون فيه ليكون بالزام المطعون ضده بصفته " وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية " بأن
يؤدى لهم عشرة ملايين جنية تعويضا شاملا عن الاضرار المادية والادبية التى لحقت بمورثهم
وامتد اثرها اليهم من جراء القرار الادارى الباطل الصادر من المطعون ضده بصفته والزام
الجهة الادارية المصروفات.
وقد اعلن الطعنان على النحو الثابت بالاوراق، واعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى
القانونى فيهما ارتأت فيه الحكم بقبولهما شكلا ورفضهما موضوعا.
وقد نظر الطعنان امام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الادارية العليا على النحو المبين
بمحاضر الجلسات، واودع الحاضر عن الورثة حافظة مستندات، كما اودع الحاضر عن الجهة الادارية
مذكرة بدفاعها وبجلسة 19/ 2/ 2003 قررت الدائرة احالة الطعن الى الدائرة الثانية عليا
– موضوع – لنظره بجلسة 2/ 9/ 2003 حيث نظرتهما المحكمة بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها
ثم قررت ضمهما معا ليصدر فيهما حكم واحد ثم قررت بجلسة 23/ 11/ 2004 بناء على طلب الطرفين
اصدار الحكم فيهما بجلسة 11/ 1/ 2005 وفيها قررت مد اجل النطق بالحكم لجلسة اليوم حيث
صدر واودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات والمداولة قانونا.
من حيث ان الطعنين استوفيا اوضاعهما الشكلية.
ومن حيث ان عناصر النزاع فى الطعنين نخلص – حسبما يبين من الاوراق فى ان المرحوم/ محمد
عبده عاشور سلامة – مورث المطعون ضدهم فى الطعن الاول وهم الطاعنون فى الطعن الثانى
– اقام الدعوى رقم 2345/ 1992 مدنى امام محكمة الاسكندرية الابتدائية بصحيفة اودعت
قلم كتابها بتاريخ 17/ 3/ 1992 طللبا الحكم بالزام وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية
بأن يؤدى له مبلغا مقداره خمسة ملايين جنية تعويضا شاملا والمصروفات.
وذكر شرحا للدعوى انه يعمل بالتجارة منذ سنوات ويتمتع بسمعة طيبة وحسن التعامل وله انشطة
واعمال تجارية واستيرادية مع شركات القطاع العام – عمر افندى وبيع المصنوعات وشيكوريل
– فضلا عن تعاملاته مع القوات المسلحة وانه يعتبر من كبار المستوردين فى الدولة – وبتاريخ
3/ 5/ 1987 اصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية موافقة استيرادية له لاستيراد اطقم
مائدة من زجاج وبورسلين صينى مشمول الفاتورة رقم 320/ 1986 المؤرخة 16/ 7/ 1986 وقيمتها
اربعة ملايين دولار امريكى بعد ان يقوم بسداد التعويض المقرر بحكم المادة 15 من القانون
رقم 118/ 1975 وهو يعادل 100% من القيمة حسب تثمين مصلحة الجمارك بالاضافة الى 5% مصاريف
ادارية مع اشتراط تسليم البضاعة الى محلات عمر افندى أو شركة بيع المصنوعات لتتولى
توزيعها على الشركات الاستهلاكية الاخرى، وانه رغم قسوة شروط هذه الموافقة مضى فى تنفيذها
لانه دفع ثمن البضاعة وارتبط مع بلد المنشأ ومن ثم قدم بيانات عن ثلاث رسائل مصنوعات
زجاجية واردة اليه عن طريق جمرك بورسعيد طبقا لشهادات الاجراءات ارقام 4476ر4480ر4481
بتاريخ 11/ 10/ 1987 وبعد اتمام المعاينة على هذه الرسائل جمركيا والتصريح بالافراج
صحيا تمهيدا لتقدير الرسوم المستحقة لسدادها والافراج عنها فوجئ بالتأشير على الشهادات
بأن هناك اشارة تليفونية وردت لجمرك بورسعيد من الوزارة فى 6/ 9/ 1987 متضمنة قرار
وزير الاقتصاد بوقف تنفيذ الموافقة الاستيرادية المشار اليها وتم تعزيز ذلك بكتاب صادر
من الوزارة برقم 66 فى 6/ 9/ 1987، وبناء على ذلك رفضت مصلحة الجمارك الافراج عن الرسائل
الثلاثة حيث اصبحت بدون موافقة استيرادية.
واضاف المدعى ان قرار الغاء هذه الموافقة مخالف للقانون وينطوى على اساءة استعمال للسلطة
ونتجت عنه اضرار مادية وادبية بالغة تمثلت فى عجزه عن الوفاء بالتزاماته لعملائه وتوقفه
عن سداد ديونه ومن ثم اتهم فى اكثر من ستين جنحة اصدار شيكات بدون رصيد وكان قد اقترض
مبالغ كبيرة من البنوك لاتمام استرداد هذه البضاعة، ولذلك صدرت ضده احكام بالحبس، وتسبب
القرار ايضا فى اشهار افلاسه بالقضية رقم 132/ 1987 افلاس اسكندرية بسبب عجزه عن سداج
ديونه التى اقترضها لاتمام الاستيراد الامر الذى اصابه بأضرار معنوية بالغة واساء لسمعته
وحط من كرامته واثر على تعاملاته وصدر امر من النائب العام بمنعه من السفر وحقق معه
بجهاز المدعى الاشتراكى اثر من مرة فضلا عما انفقه من مبالغ للحفاظ على البضاعة فى
الجمرك سواء كانت غرامات او ايجار مكان لها ورسوم ارضيات وخلافه، كما انفق مبالغ كثيرة
للحصول على حقه واثبات بطلان ذلك القرار حيث اقام الدعوى رقم 342/ 42ق امام محكمة القضاء
الاداى طالبا الغاؤه وبالفعل صدر حكم فيها بجلسة 5/ 4/ 1988 بوقف تنفيذه استنادا الى
ان قرار الموافقة صدر بتاريخ 3/ 5/ 1987 ولم تنشط الادارة لسحبه الا بتاريخ 3/ 9/ 1987
اى بعد ان صار حصينا ضد الالغاء او السحب وصار فى حكم القرار المشروع ويعتد به كسبب
للمراكز القانونية والحقوق المكتسبة، ونظرا لكل هذه الاضرار اقام الدعوى للمطالبة بالتعويض
المشار اليه.
وبعد ان تدوولت دعوى التعويض امام محكمة الاسكندرية الابتدائية اصدرت بجلسة 28/ 10/
1993 حكما بعدم اختصاصها ولائيا بنظرها واحالتها الى محكمة القضاء الادارى بمجلس الدولة
باعتبارها دعوى تعويض عن اضرار سببها قرار ادارى، وقد احيلت الدعوى الى محكمة القضاء
الادارى بالاسكندرية وقيدت بجدولها برقم 988/ 48ق ونظرتها بجلساتها حيث عدل المدعى
" المورث " طلباته الى الزام وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بصفته بأن يؤدى له مبلغا
مقداره عشرة ملايين جنية، وبجلسة 22/ 12/ 1997 قررت المحكمة المذكورة احالة الدعوى
الى محكمة القضاء الادارى بالقاهرة حيث قيدت بجدولها برقم 2999/ 52ق – الدائرة العاشرة،
وبعد ان تدوولت امامها اصدرت الحكم المطعون فيه وشيدته على اسباب حاصلها ان ركن الخطأ
ثابت فى حق الجهة الادارية حيث قضت المحكمة بوقف تنفيذ قرارها المطعون فيه بالغاء الموافقة
الاستيرادية الصادرة للمورث ثم قضت بالغائه بجلسة 25/ 10/ 1997 ولم يتم الطعن على ذلك
الحكم وفقا للشهادة المقدمة والصادرة من جدول المحكمة فى 17/ 4/ 2000 وقد ترتب اضرار
عن هذا القرار الخاطئ ويستحق الورثة التعويض عن الاضرار المباشرة فقط وهى الناتجة عن
التأخير فى الافراج عن الرسائل من تاريخ وصولها الى ميناء بورسعيد فى 11/ 10/ 1987
حتى صدور حكم الغاء القرار المشار اليه وما تبع ذلك من سداد مصاريف تواجد البضاعة بالميناء
فضلا عن الفوائد البنكية عن المبلغ قيمة هذه الرسائل وما انفقه المورث فى سبيل الوصول
الى حقه والغاء قرار سحب هذه الموافقة.
ومن حيث ان الجهة الادارية لم ترتض ذلك الحكم فطعنت عليه بالطعن رقم 131/ 47ق استنادا
الى اسباب حاصلها ان الحكم خالف القانون واخطأ فى تطبيقه وتأويله اذ ان الحكم الصادر
بالغاء قرار سحب الموافقة الاستيرادية استند الى عيب شكلى شاب قرار الادارة وهو ان
السحب تم بعد مضى اكثر من ستين يوما على صدور الموافقة الاستيرادية ولم تقطع المحكمة
بعدم مشروعية القرار الساحب ومن ثم لا يصلح ذلك سندا للحكم بالتعويض، ومن ناحية اخرى
فان الحكم خالف قواعد تحديد الضرر وعناصر تقديره حيث افترض تعويضا دون مقتضى مثل التأخير
فى الافراج عن الرسائل والفوائد البنكية من المبلغ قيمتها والمصروفات القضائية ثم قدر
التعويض جزافيا دون بيان للمبالغ التى تكبدها مورث الطاعنين بسبب ذلك التأخير او قيمة
الفوائد او ماسدده عن تواجد البضاعة بالميناء خلال المدة من صدور قرار سحب الموافقة
الاستيرادية الخاصة بها حتى صدور الحكم وتنفيذه.
وحيث ان الطاعنين لم يرتضوا ذلك الحكم ايضا فطعنوا عليه بالطعن الثانى رقم 1346/ 47ق
استنادا الى اسباب تخلص فى ان التعويض الذى قضى به غير جابر للاضرار المادية التى لحقت
بمورثهم وهى اضرار خطيرة وجسيمة حيث تسبب القرار الساحب المشار اليه فى وقف نشاطه لمدة
عشر سنوات نظرا لتجميد المبالغ التى دفعها فى قيمة الرسالة " اربعة ملايين دولار امريكى
" مما ادى الى تعثره وتراكم الديون عليه مع عملائه وعجزه عن سدادها وصدور احكام جنائية
ضده وشهر افلاسه فضلا عن الاضرار الادبية التى لحقت به من ضياع سمعته التجارية والالام
النفسية التى تعرض لها بسبب هذا القرار..
ومن حيث انه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة ان مناط مطالبة الادارة بالتعويض عما تصدره
من قرارات ادارية ان تتوافر العناصر الثلاثة للمسئولية بأن يثبت الخطأ فى جانبها باصدارها
القرار غير المشروع وانه يحيق بصاحب الشأن ضرر بسبب هذا القرار وان تقوم علاقة السببية
بين هذا الخطأ وذلك الضرر، وتقدير التعويض عن الضرر الناتج عن القرار الادارى الخاطئ
يعد من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع بشرط ان يكون ذلك مستمدا من اصول
ثابتة بالاوراق نتتجه وتؤدى اليه بحيث يكون مبلغ التعويض جابرا للضرر اى متكافئا معه
ليس دونه او زائدا عليه.
وحيث ان اوراق الطعن غير كافية لتحديد عناصر الضرر الذى اصاب مورث الطاعنين من جراء
قرار سحب الموافقة الاستيرادية محل النزاع مما ترى معه المحكمة ندب مكتب خبراء وزارة
العدل ليندب بدوره احد خبرائه المختصين للاطلاع على ملف الطعن وما به من اوراث ومستندات
وما عسى ان يقدمه الخصوم امامه وذلك لتحديد الاضرار التى اصابت مورث الطاعنين من جراء
صدور قرار الجهة الادارية بسحب الموافقة الاستيرادية المشار اليها وبيان عناصر هذه
الاضرار وادلتها وعلى الاخص تاريخ وصول البضاعة محل هذه الموافقة على ميناء بورسعيد
ومدة بقائها بالجمارك حتى التصرف فيها، وتحديد كافة النفقات التى قد يكون مورث الطاعنين
تكبدها فى سبيل حراستها بالميناء او تخزينها او المحافظة عليها او غير ذلك بسبب عدم
الافراج عنها لسحب الموافقة الاستيرادية الصادرة عنها، وعلى الخبير كذلك بيان ما تم
بشأن هذه البضاعة وهل افرج عنها الى داخل البلاد وباعها مورث الطاعنين لشركات القطاع
العام ام اعيد تصديرها وتاريخ حدوث ذلك ان امكن، وما اذا كان قد تحمل فوائد بنكية عن
المبالغ التى دفعها ثمنا لاستيرادها وقيمة هذه الفوائد، وللخبير فى سبيل اداء هذه المأمورية
الانتقال الى الجهات الادارية ذات الصلة بالنزاع الماثل سواء كانت وزارة الاقتصاد والتجارة
الخارجية او هيئة ميناء بورسعيد والجمارك بها او اية جهة اخرى والاطلاع على ما لديها
من مستندات او سجلات متى كان من شأن ذلك معاونته فى اداء هذه المهمة، وله سماع اقوال
من يرى لزوما لسماعها دون حلف يمين.
" فلهذه الاسباب "
حكمت المحكمة.. بقبول الطعنين شكلا وتمهيديا وقبل الفصل
فى الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة بورسعيد ليندب احد خبرائه المختصين
لمباشرة المأمورية المبينة بأسباب هذا الحكم، وعلى الطاعنين ايداع مبلغ مائتى جنية
بخزينة المحكمة على ذمة اتعاب ومصاريف مكتب الخبراء تصرف دون اجراءات وعينت جلسة 29/
3/ 2005 لنظر الطعن فى حالة عدم اداء الامانة تصرف دون اجراءات وعينت جلسة 29/ 3/ 2005
لنظر الطعن فى حالة عدم اداء الامانة وجلسة 26/ 4/ 2005 فى حالة ايداعها وابقت الفصل
فى المصروفات وعلى قلم كتاب المحكمة ارسال ملف الطعن الى مكتب الخبراء فور سداد الامانة
وابقت الفصل فى المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلى علنا بجلسة يوم الثلاثاء الموافق 8 من ذى الحجة 1425ه.
والموافق 18/ 1/ 2005 بالهيئة المبينة بصدره.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
